من طرف اسرة التحرير الثلاثاء نوفمبر 11, 2014 5:58 am
بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة علوم القرآن أسباب نزول القرآن من سورة التحريم وحتى سورة والليل
● [ سورة التحريم ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (يا أَيُّها النَبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) الآية. أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر، أخبرنا جعفر بن الحسن الفريابي، أخبرنا منجاب بن الحارث، أخبرنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فدخل على حفصة بنت عمر واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فعرفت فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت منه النبي صلى الله عليه وسلم شربة، قلت: أما والله لنحتال له، فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، إذا دخل عليك فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير، فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل، فقولي: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذلك، قالت تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فكدت أن أبادئه بما أمرتني به، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله أكلت مغافير، قال لا، قالت: فما هذه الريح التي أجد منك، قال: سقتني حفصة شربة عسل، فقالت: جرست نحله العرفط، قالت: فلما دخل علي قلت له مثل ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلما دار إلى حفصة قالت: يا رسول الله أسقيك منه، قال: لا حاجة لي فيه، تقول سودة: سبحان الله لقد حرمناه، قالت لها: اسكتي. رواه البخاري عن فرقد، ورواه مسلم عن سويد بن سعيد، كلاهما عن علي بن مسهر. أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب، أخبرنا يحيى بن حكيم، أخبرنا أبو داود، أخبرنا عامر الجزاز، عن ابن أبي مليكة، أن سودة بنت زمعة كانت لها خؤولة باليمن، وكان يهدى إليها العسل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل، وكانت حفصة وعائشة متواخيتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت إحداهما للأخرى: ما ترين إلى هذا، قد اعتاد هذه يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل، فإذا دخل فخذي بأنفك، فإذا قال ما لك، قولي: أجد منك ريحاً لا أدري ما هي، فإنه إذا دخل علي قلت مثل ذلك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بأنفها فقال: ما لك، قالت: ريحاً أجد منك وما أراه إلا مغافير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يأخذ من الريح الطيبة إذ وجدها، ثم إذ دخل على الأخرى فقالت له مثل ذلك، فقال: لقد قالت لي هذا فلانة، وما هذا إلا من شيء أصبته في بيت سودة، ووالله لا أذوقه أبداً. قال ابن أبي مليكة: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في هذا (يا أَيُّها النَبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحلَّ اللهُ لَكَ تَبتَغي مَرضاةَ أَزواجِكَ). ● قوله تعالى (إِن تَتوبا إِلى اللهِ) الآية. أخبرنا أبو منصور المنصوري، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، أخبرنا الحسن بن إسماعيل، أخبرنا عبد الله بن شبيب قال: حدثني أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: وجدت حفصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة فقالت: لأخبرنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي علي حرام إن قربتها فأخبرت عائشة بذلك، فأعلم الله رسوله ذلك، فعرف حفصة بعض ما قالت، فقالت له: من أخبرك، قال: نبأني العليم الخبير، فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهراً، فأنزل الله تبارك وتعالى (إِن تَتوبا إِلى اللهِ فَقَد صَغَت قُلوبُكُما) الآية.
● [ سورة الملك ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَأَسِرّوا قَولَكُم أَو اِجهَروا بِهِ) الآية. قال ابن عباس: نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخبره جبريل عليه السلام بما قالوا فيه ونالوا منه، فيقول بعضهم لبعض: أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد.
● [ سورة القلم ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ) أخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان، أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر الحمال، أخبرنا جرير بن يحيى، أخبرنا حسين بن علوان الكوفي، أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك، ولذلك أنزل الله عز وجل (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ). ● قوله تعالى (وَإِن يَكادُ الَّذينَ كَفَروا) الآية: نزلت حين أراد الكفار أن يعينوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصبوه بالعين، فنظر إليه قوم من قريش، فقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه، وكانت العين في بني أسد، حتى إن كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعينها ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر. وقال الكلبي: كان رجل يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة، ثم يرفع جانب خبائه فتمر به النعم فيقول: ما رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه، فما تذهب إلا قريباً حتى يسقط منها طائفة وعدة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك، فعصم الله تعالى نبيه وأنزل هذه الآية.
● [ سورة الحاقة ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) حدثنا أبو بكر التميمي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا الوليد بن أبان، أخبرنا العباس الدوري، أخبرنا بشر بن آدم، أخبرنا عبد الله بن الزبير قال: سمعت صالح بن هشيم يقول: سمعت بريدة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وتعي، وحق على الله أن تعي، فنزلت (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ).
● [ سورة المعارج ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِع) الآيات. نزلت في النضر بن الحارث حين قال (اللَّهُمَّ إِن كانَ هَذا هُوَ الحَقَّ مِن عِندِكَ) الآية، فدعا على نفسه وسأل العذاب، فنزل به ما سأل يوم بدر فقتل صبراً، ونزل فيه (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) الآية. ● قوله تعالى (أَيَطمَعُ كُلُّ اِمريءٍ مِّنهُم أَن يُدخَلَ جَنَّةَ نَعيمٍ كَلا) قال المفسرون: كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون كلامه ولا ينتفعون به، بل يكذبون به ويستهزئون ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلنها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● [ سورة المدثر ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقرئ، أخبرنا عبد الملك بن الوليد قال: أخبرني أبي، أخبرنا الأوزاعي، أخبرنا يحيى بن أبي كثير قال: سمعت أبا سلمة عن جابر قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحداً، ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء، يعني جبريل عليه السلام، فقلت: دثروني دثروني، فصبوا علي ماء، فأنزل الله عز وجل (يا أَيُّها المُدَّثِّرُ قُم فَأَنذِر وَرَبَّكَ فَكَبِّر وَثِيابَكَ فَطَهِّر) رواه زهير بن حرب، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. ● قوله تعالى (ذَرنِي وَمَن خَلَقتُ وَحيداً). أخبرنا أبو القاسم الجذامي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نعيم، أخبرنا محمد بن علي الصغاني، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم اللزبري، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن وكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فقال له: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله، فقال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول، فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزها وبقصيدها مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يُعلى، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه، فقال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره، فنزلت (فَذَرني وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا) الآيات كلها. وقال مجاهد: إن الوليد بن المغيرة كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه حتى حسبت قريش أنه يسلم، فقال له أبو جهل: إن قريشاً تزعم أنك إنما تأتي محمداً وابن أبي قحافة تصيب من طعامهما، فقال الوليد لقريش: إنكم ذوو أحساب وذوو أحلام، وإنكم تزعمون أن محمداً مجنون، وهل رأيتموه يتكهن قط? قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه شاعر هل رأيتموه ينطق بشعر قط، قالوا: لا، قال: فتزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب، قالوا: لا، قالت قريش للوليد: فما هو، قال: فما هو إلا ساحر، وما بقوله سحر، فذلك قوله (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) إلى قوله (إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ).
● [ سورة القيامة ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (أَيَحسَبُ الإِنسانُ أَلَّن نَّجمَعَ عِظامَهُ) نزلت في عمر بن ربيعة، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمرها وحالها? فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أومن به، أويجمع الله هذه العظام? فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● [ سورة الإنسان ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَيُطعِمونَ الطَعامَ عَلى حُبِّهِ مِسكيناً) قال عطاء عن ابن عباس: وذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نوبة أجر نفسه يسقي نخلاً بشيء من شعير ليلة حتى أصبح وقبض الشعير وطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوا يقال له الخزيرة، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه وطووا يومهم ذلك، فأنزلت فيه هذه الآية.
● [ سورة عبس ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جاءَهُ الَأعمى) وهو ابن أم مكتوم، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وعباس بن عبد المطلب وأبياً وأمية ابني خلف ويدعوهم إلى الله تعالى ويرجو إسلامهم، فقام ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله، علمني مما علمك الله، وجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقطعه كلامه، قال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم، فأنزل الله تعالى هذه الآيات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه وإذا رآه يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي. أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المصاحفي، أخبرنا أبو نجم ومحمد بن أحمد بن حمدان أخبرنا أبو يعلى، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد، حدثنا أبي قال: هذا ما قرأنا على هشام بن عروة، عن عائشة قالت: أنزلت عبس وتولى في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله رجال من عظماء المشركين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخرين، ففي هذا نزلت عبس وتولى، رواه الحاكم في صحيحه عن علي بن عيسى الحيري، عن العتابي، عن سعد بن يحيى. ● قوله تعالى (لِكُلِّ اِمرِيءٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيِهِ). أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني، حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سنان، حدثنا إبراهيم بن هراسة، حدثنا عائذ بن شريح الكندي قال: سمعت أنس بن مالك قال: قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: أنحشر عراة، قال: نعم، قالت: واسوأتاه، فأنزل الله تعالى (لِكُلِّ اِمرِيءٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ).
● [ سورة التكوير ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَما تَشاءُونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللهُ رَبُّ العالَمينَ) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا أبو بكر بن عبدوس، أخبرنا أبو حامد بن بلال، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن سلمان بن موسى قال: لما أنزل الله عز وجل (لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ) قال: ذلك إلينا إن شئنا استقمنا وإن لم نشأ لم نستقم، فأنزل الله تعالى (وَما تَشاءُونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللهُ رَبُّ العالَمينَ).
● [ سورة المطففين ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَيلٌ لِّلمُطَفِّفينَ) أخبرنا إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين النقيب قال: أخبرنا جدي محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي، أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً، فأنزل الله تعالى (وَيلٌ لِّلمُطَفِّفينَ) فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قال القرطبي: كان بالمدينة تجار يطففون، وكانت بياعاتهم كشبه القمار المنابذة والملامسة والمخاطرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق وقرأها. وقال السدي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● [ سورة والطارق ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَالسَماءِ وَالطارِقِ وَما أَدراكَ ما الطارِقُ النَجمُ الثاقِبُ) نزلت في أبي طالب، وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز ولبن، فبينما هو جالس إذ انحط نجم فامتلأ ما ثم ناراً، ففزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا، فقال: هذا نجم رمي به وهو آية من آيات الله، فعجب أبو طالب، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● [ سورة والليل ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. حدثنا أبو معمر بن إسماعيل الإسماعيلي إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، أخبرنا علي بن الحسن بن هارون، أخبرنا العباس بن عبد الله الترقفي، أخبرنا حفص بن عمر، أخبرنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، وكان الرجل إذا جاء ودخل الدار فصعد النخلة ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذ التمرة من فمهم، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرج التمرة من فيه، فشكا الرجل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب، ولقي صاحب النخلة وقال: تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة، فقال له الرجل: إن لي نخلاً كثيراً وما فيها نخلة أعجب إلي ثمرة منها، ثم ذهب الرجل فلقي رجلاً هو ابن الدحداح كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتعطيني ما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إن أنا أخذتها، قال: نعم، فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة فساومها منه فقال له: أشعرت أن محمداً أعطاني بها نخلة في الجنة، فقلت: يعجبني ثمرها، فقال له الآخر: أتريد بيعها، قال: لا إلا أن أعطى بها ما لا أظنه أعطي، قال: فما مناك، قال: أربعون نخلة، قال له الرجل: لقد جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة، ثم سكت عنه، فقال له: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: أشهد لي إن كنت صادقاً، فمر ناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن النخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار فقال: إن النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَالَليلِ إِذا يَغشى وَالنَهارِ إِذا تَجَلّى وَما خَلَقَ الذَكَرَ وَالأُنثى إِنَّ سَعيَكُم لَشَتّى). أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا الوليد بن أبان، أخبرنا محمد بن إدريس، أخبرنا منصور بن مزاحم، أخبرنا ابن أبي الوضاح، عن يونس، عن ابن إسحاق، عن عبد الله، أن أبا بكر اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق، فأعتقه، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَالَليلِ إِذا يَغشى) إلى قوله (إِنَّ سَعيَكُم لَشَتّى) سعي أبي بكر وأمية وأبي بن خلف. ● قوله تعالى (فَأَمّا مَن أَعطى وَاِتَّقى وَصَدَقَ بِالحُسنى) الآيات. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري، أخبرنا جعفر بن محمد بن شاكر، أخبرنا قبيصة، أخبرنا سفيان الثوري، عن منصور والأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل، قال: اعملوا فكل ميسر. ثم قرأ (فَأَمّا مَن أَعطى وَاِتَّقى وَصَدَّقَ بِالحُسنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرى) رواه البخاري عن أبي نعيم عن الأعمش، ورواه مسلم عن أبي زهير بن حرب عن جرير عن منصور، أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، أخبرنا أحمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله، عن ابن أبي عتيق، عن عامر بن عبد الله، عن بعض أهله، قال أبو قحافة لابنه أبي بكر: يا بني أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلو أنك إذا فعلت ما فعلت أعتقت رجالاً جلدة يمنعونك ويقومون دونك، فقال أبو بكر: يا أبت إني إنما أريد ما أريد، قال: فتحدث ما أنزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قاله أبوه (فَأَمّا مَن أَعطى وَاِتَّقى وَصَدَّقَ بِالحُسنى) إلى آخر السورة. وذكر من سمع ابن الزبير وهو على المنبر يقول: كان أبو بكر يبتاع الضعفة من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال: ما منع ظهري أريد، فنزلت فيه (وَسَيُجَنَّبُها الأَتقى الَّذي يُؤتي مالَهُ يَتَزَكّى) إلى آخر السورة. وقال عطاء عن ابن عباس: إن بلالاً لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها وكان عبداً لعبد الله بن جدعان، فشكا إليه المشركون ما فعل، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء وهو يقول: أحد أحد، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ينجيك أحد أحد، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن بلالاً يعذب في الله، فحمل أبو بكر رطلاً من ذهب فابتاعه به، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى (وَما لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعمَةٍ تُجزى إِلّا اِبتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلى).
أسباب نزول القرآن . تأليف : الواحدي منتديات الرسالة الخاتمة