منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ Empty من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الخميس فبراير 04, 2021 7:01 am

    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ Cera10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    السيرة النبوية المطهرة
    السيرة النبوية لابن هشام
    المُجلد ألثانى
    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ 1410
    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ
    إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ

    ● [ أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ ]
    وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اسْتَبْطَأَ النّاسَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَهُوَ فِي وَجَعِهِ فَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَدْ كَانَ النّاسُ قَالُوا فِي إمْرَةِ أُسَامَةَ : أَمّرَ غُلَامًا حَدَثًا عَلَى جِلّةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ ، فَلِعَمْرِي لَئِنْ قُلْتُمْ فِي إمَارَتِهِ لَقَدْ قُلْتُمْ فِي إمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَإِنّهُ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَخَلِيقًا لَهَا قَالَ ثُمّ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَانْكَمَشَ النّاسُ فِي جَهَازِهِمْ اسْتَعَزّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجَعُهُ فَخَرَجَ أُسَامَةُ وَخَرَجَ جَيْشُهُ مَعَهُ حَتّى نَزَلُوا الْجُرْفَ ، مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى فَرْسَخٍ فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ وَتَتَامّ إلَيْهِ النّاسُ وَثَقُلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَقَامَ أُسَامَةُ وَالنّاسُ لِيَنْظُرُوا مَا اللّهُ قَاضٍ فِي رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .

    [ وَصِيّةُ الرّسُولِ بِالْأَنْصَارِ ]
    وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ : وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يَوْمَ صَلّى وَاسْتَغْفَرَ لِأَصْحَابِ أُحُدٍ ، وَذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرَ مَعَ مَقَالَتِهِ يَوْمئِذٍ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، اسْتَوْصُوا بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا ، فَإِنّ النّاسَ يَزِيدُونَ وَإِنّ الْأَنْصَارَ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا تَزِيدُ وَإِنّهُمْ كَانُوا عَيْبَتِي الّتِي أَوَيْت إلَيْهَا ، فَأَحْسِنُوا إلَى مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ [ ص 651 ] قَالَ عَبْدُ اللّهِ ثُمّ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَتَتَامّ بِهِ وَجَعُهُ حَتّى غُمِرَ .

    [ شَأْنُ اللّدُودِ ]
    قَالَ عَبْدُ اللّهِ : فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ نِسَاءٌ مِنْ نِسَائِهِ أُمّ سَلَمَةَ ، وَمَيْمُونَةُ ، وَنِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُنّ أَسَمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ ، وَعِنْدَهُ الْعَبّاسُ عَمّهُ فَأَجْمَعُوا أَنْ يَلُدّوهُ وَقَالَ الْعَبّاسُ : لَأَلُدّنّهُ . قَالَ فَلَدّوهُ فَلَمّا أَفَاقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مَنْ صَنَعَ هَذَا بِي ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ عَمّك ، قَالَ هَذَا دَوَاءٌ أَتَى بِهِ نِسَاءٌ جِئْنَ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَأَشَارَ نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ؛ قَالَ وَلِمَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ عَمّهُ الْعَبّاسُ : خَشِينَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْ يَكُونَ بِك ذَاتُ الْجَنْبِ فَقَالَ إنّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِيَقْذِفَنِي بِهِ لَا يَبْقَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إلّا لُدّ إلّا عَمّي ، فَلَقَدْ لُدّتْ مَيْمُونَةُ وَإِنّهَا لَصَائِمَةٌ لِقَسَمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عُقُوبَةً لَهُمْ بِمَا صَنَعُوا بِهِ

    [ دُعَاءُ الرّسُولِ لِأُسَامَةَ بِالْإِشَارَةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السّبّاقِ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْد ٍ قَالَ لَمّا ثَقُلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَبَطْتُ وَهَبَطَ النّاسُ مَعِي إلَى الْمَدِينَةِ ، فَدَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ أُصْمِتَ فَلَا يَتَكَلّمُ فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إلَى السّمَاءِ ثُمّ يَضَعُهَا عَلَيّ فَأَعْرِفُ أَنّهُ يَدْعُو لِي قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ : حَدّثَنِي عُبَيْد ُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَثِيرًا مَا أَسْمَعُهُ يَقُولُ إنّ اللّهَ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيّا حَتّى يُخَيّرْهُ . قَالَتْ فَلَمّا حُضِرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا وَهُوَ يَقُولُ بَلْ الرّفِيقُ الْأَعْلَى مِنْ الْجَنّةِ ، قَالَتْ فَقُلْت : [ ص 652 ] كَانَ يَقُولُ لَنَا : إنّ نَبِيّا لَمْ يُقْبَضْ حَتّى يُخَيّرَ

    [ صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ بِالنّاسِ ]
    قَالَ الزّهْرِيّ : وَحَدّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمّا اُسْتُعِزّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ . قَالَتْ قُلْت : يَا نَبِيّ اللّهِ إنّ أَبَا بَكْر ٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ضَعِيفُ الصّوْتِ كَثِيرُ الْبُكَاءِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ . قَالَ مُرُوهُ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ . قَالَتْ فَعُدْت بِمِثْلِ قَوْلِي ، فَقَالَ إنّكُنّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ، فَمُرُوهُ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ قَالَتْ فَوَاَللّهِ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إلّا أَنّي كُنْت أُحِبّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَرَفْت أَنّ النّاسَ لَا يُحِبّونَ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا ، وَأَنّ النّاسَ سَيَتَشَاءَمُونَ بِهِ فِي كُلّ حَدَثٍ كَانَ فَكُنْت أُحِبّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ : حَدّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زَمَعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطّلِبِ بْنِ أَسَدٍ ، قَالَ لَمّا اُسْتُعِزّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ دَعَاهُ بَلَالٌ إلَى الصّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا مَنْ يُصَلّي بِالنّاسِ . قَالَ فَخَرَجْت فَإِذَا عُمَرُ فِي النّاسِ . وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا ؛ فَقُلْت : قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلّ بِالنّاسِ قَالَ فَقَامَ فَلَمّا كَبّرَ سَمِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَوْتَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مِجْهَرًا ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ ؟ يَأْبَى اللّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ يَأْبَى اللّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ . قَالَ فَبُعِثَ إلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلّى عُمَرُ تِلْكَ الصّلَاةَ فَصَلّى بِالنّاسِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ زَمَعَةَ قَالَ لِي عُمَرُ : وَيْحَك ، مَاذَا صَنَعْت بِي يَا بْنَ زَمَعَةَ وَاَللّهِ مَا ظَنَنْت حِينَ أَمَرْتنِي إلّا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَك بِذَلِكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلّيْت بِالنّاسِ . قَالَ قُلْتُ وَاَللّهِ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِذَلِكَ وَلَكِنّي حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْر ٍ رَأَيْتُك أَحَقّ مَنْ حَضَرَ بِالصّلَاةِ بِالنّاسِ

    [ الْيَوْمُ الّذِي قَبَضَ اللّهُ فِيهِ نَبِيّهُ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَقَالَ الزّهْرِيّ : حَدّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : أَنّهُ لَمّا كَانَ يَوْمُ [ ص 653 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَرَجَ إلَى النّاسِ وَهُمْ يُصَلّونَ الصّبْحَ فَرَفَعَ السّتْرَ وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَامَ عَلَى بَابِ عَائِشَةَ فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ يُفْتَتَنُونَ فِي صَلَاتِهِمْ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَرَحًا بِهِ وَتَفَرّجُوا ، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اُثْبُتُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ قَالَ فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سُرُورًا لَمّا رَأَى مِنْ هَيْئَتِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحَسَنَ هَيْئَةً مِنْهُ تِلْكَ السّاعَةَ قَالَ ثُمّ رَجَعَ وَانْصَرَفَ النّاسُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ أَفْرَقَ مِنْ وَجَعِهِ فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ بِالسّنْحِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ حِينَ سَمِعَ تَكْبِيرَ عُمَرَ فِي الصّلَاةِ أَيْنَ أَبُو بَكْر ٍ ؟ يَأْبَى اللّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ . فَلَوْلَا مَقَالَةٌ قَالَهَا عُمَرُ عِنْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَشُكّ الْمُسْلِمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَكِنّهُ قَالَ عِنْدَ وَفَاتِهِ إنْ أَسْتَخْلَفَ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنّي ، وَإِنْ أَتَرَكَهُمْ فَقَدْ تَرَكَهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنّي . فَعَرَفَ النّاسُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا ، وَكَانَ عُمَرُ غَيْرَ مَتّهُمْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ لَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَاصِبًا رَأْسَهُ إلَى الصّبْحِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلّي بِالنّاسِ فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَفَرّجَ النّاسُ فَعَرَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنّ النّاسَ لَمْ يَصْنَعُوا ذَلِكَ إلّا لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَنَكَصَ عَنْ مُصَلّاهُ فَدَفَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ظَهْرِهِ وَقَالَ صَلّ بِالنّاسِ ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى جَنْبِهِ فَصَلّى قَاعِدًا عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ الصّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ فَكَلّمَهُمْ رَافِعًا صَوْتَهُ حَتّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ يَقُولُ أَيّهَا النّاسُ سُعّرَتْ النّارُ ، وَأَقْبَلَتْ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللّيْلِ [ ص 654 ] تَمَسّكُونِ عَلَيّ بِشَيْءِ إنّي لَمْ أُحِلّ إلّا مَا أَحَلّ الْقُرْآنُ وَلَمْ أُحَرّمْ إلّا مَا حَرّمَ الْقُرْآنُ قَالَ فَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ كَلَامِهِ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا نَبِيّ اللّهِ إنّي أَرَاك قَدْ أَصْبَحْتَ بِنِعْمَةِ مِنْ اللّهِ وَفَضْلٍ كَمَا نُحِبّ ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ أَفَآتِيهَا ؟ قَالَ نَعَمْ ثُمّ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ بِالسّنْحِ

    [ شَأْنُ الْعَبّاسِ وَعَلِيّ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ : وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ خَرَجَ يَوْمئِذٍ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِ عَلَى النّاسِ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَهُ النّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟ قَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللّهِ بَارِئًا ، قَالَ فَأَخَذَ الْعَبّاسُ بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّ ، أَنْتَ وَاَللّهِ عَبْدُ الْعَصَا بَعْدَ ثَلَاثٍ أَحْلِفُ بِاَللّهِ لَقَدْ عَرَفْت الْمَوْتَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمَا كُنْت أَعْرِفُهُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، فَانْطَلِقْ بِنَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِينَا عَرَفْنَاهُ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا ، أَمَرْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا النّاسَ . قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ : إنّي وَاَللّهِ لَا أَفْعَلُ وَاَللّهِ لَئِنْ مُنِعْنَاهُ لَا يُؤْتِينَاهُ أَحَدٌ بَعْدَهُ . فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ اشْتَدّ الضّحَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ

    [ سِوَاكُ الرّسُولِ قُبَيْلَ الْوَفَاةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ ، عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَة َ قَالَ قَالَتْ رَجَعَ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ دَخَلَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاضْطَجَعَ فِي حِجْرِي ، فَدَخَلَ عَلَيّ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخَضَرَ . قَالَتْ فَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَيْهِ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْت أَنّهُ يُرِيدُهُ قَالَتْ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَتُحِبّ أَنْ أُعْطِيَك هَذَا السّوَاكَ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَأَخَذْته فَمَضَغْته لَهُ حَتّى لَيّنْته ، ثُمّ أَعْطَيْته إيّاهُ قَالَتْ فَاسْتَنّ بِهِ كَأَشَدّ مَا رَأَيْته يَسْتَنّ بِسِوَاكٍ قَطّ ، ثُمّ وَضَعَهُ وَوَجَدْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 655 ] بَلْ الرّفِيقُ الْأَعْلَى مِنْ الْجَنّةِ ، قَالَتْ فَقُلْت : خُيّرْت فَاخْتَرْت وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ قَالَتْ وَقُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبّادٍ قَالَ سَمِعْت عَائِشَة َ تَقُولُ مَاتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَفِي دَوْلَتِي ، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا ، فَمِنْ سَفَهِي وَحَدَاثَةِ سِنّي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قُبِضَ وَهُوَ فِي حِجْرِي ، ثُمّ وَضَعْت رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ وَقُمْت ألْتَدِمُ مَعَ النّسَاءِ وَأَضْرِبُ وَجْهِي

    [ مَقَالَةُ عُمَرَ بَعْدَ وَفَاةِ الرّسُولِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ ، وَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَامَ عُمْرُ بْنُ الْخَطّابِ ، فَقَالَ إنّ رِجَالًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ تُوُفّيَ وَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا مَاتَ وَلَكِنّهُ ذَهَبَ إلَى رَبّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فَقَدْ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمّ رَجَعَ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ قِيلَ قَدْ مَاتَ وَوَاللّهِ لَيَرْجِعَنّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمَا رَجَعَ مُوسَى ، فَلَيَقْطَعَنّ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ زَعَمُوا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَات
    قَالَ وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْر ٍ حَتّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ ، وَعُمَرُ يُكَلّمُ النّاسَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى شَيْءٍ حَتّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُسَجّى فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ عَلَيْهِ بُرْدٌ حِبَرَةٌ فَأَقْبَلَ حَتّى كَشَفَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَبّلَهُ ثُمّ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي ، أَمّا الْمَوْتَةُ الّتِي كَتَبَ اللّهُ عَلَيْك فَقَدْ ذُقْتهَا ، ثُمّ لَنْ تُصِيبَك بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا . قَالَ ثُمّ رَدّ الْبُرْدَ عَلَى وَجْهِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلّمُ النّاسَ فَقَالَ عَلَى رِسْلِك يَا عُمَرُ أَنْصِتْ فَأَبَى إلّا أَنْ يَتَكَلّمَ فَلَمّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ لَا يَنْصِتُ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ فَلَمّا سَمِعَ النّاسُ كَلَامَهُ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّهُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمّدًا فَإِنّ مُحَمّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللّهَ فَإِنّ اللّهَ حَيّ لَا يَمُوتُ . قَالَ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ { وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ } . قَالَ فَوَاَللّهِ لَكَأَنّ النّاسُ لَمْ يَعْلَمُوا أَنّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ حَتّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ يَوْمئِذٍ قَالَ وَأَخَذَهَا النّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنّمَا هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قَالَ عُمَرُ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا ، فَعَقِرْت حَتّى وَقَعْت إلَى الْأَرْضِ مَا تَحْمِلُنِي رِجْلَايَ وَعَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ مَاتَ

    [ أَمْرُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ]
    [ ص 656 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْحَازَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَاعْتَزَلَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ وَانْحَازَ بَقِيّةُ الْمُهَاجِرِينَ إلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَانْحَازَ مَعَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَل ِ فَأَتَى آتٍ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ إنّ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، قَدْ انْحَازُوا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ بِأَمْرِ النّاسِ حَاجَةٌ فَأَدْرِكُوا قَبْلَ أَنْ يَتَفَاقَمَ أَمْرُهُمْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِهِ لَمْ يُفْرَغْ مِنْ أَمْرِهِ قَدْ أَغْلَقَ دُونَهُ الْبَابَ أَهْلُهُ . قَالَ عُمَرُ فَقُلْت لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إلَى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، حَتّى نَنْظُرَ مَا هُمْ عَلَيْهِ

    [ ابْنُ عَوْفٍ وَمَشُورَتُهُ عَلَى عُمَرَ بِشَأْنِ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ ]
    [ ص 657 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ السّقِيفَةِ حِينَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأَنْصَارُ ، أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، حَدّثَنِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزّهْرِي ّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَن عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، قَالَ وَكُنْت فِي مَنْزِلِهِ بِمنَى أَنْتَظِرُهُ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ فِي آخِرِ حِجّةٍ حَجّهَا عُمَرُ قَالَ فَرَجَعَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَوَجَدَنِي فِي مَنْزِلِهِ بِمنَى أَنْتَظِرُهُ وَكُنْت أُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ ، فَقَالَ لِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : لَوْ رَأَيْت رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَك فِي فُلَانٍ يَقُولُ وَاَللّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ لَقَدْ بَايَعْت فُلَانًا ، وَاَللّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ إلّا فَلْتَةٌ فَتَمّتْ . قَالَ فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ إنّي إنْ شَاءَ اللّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيّةَ فِي النّاسِ فَمُحَذّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ فَقُلْت : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رِعَاعَ النّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنّهُمْ هُمْ الّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِك ، حِينَ تَقُومُ فِي النّاسِ وَإِنّي أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولُ مَقَالَةً يَطِيرُ بِهَا أُولَئِكَ عَنْك كُلّ مَطِيرٍ وَلَا يَعُوهَا وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ، فَأَمْهِلْ حَتّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنّهَا دَارُ السّنّةِ وَتَخْلُصُ بِأَهْلِ الثّقَةِ وَأَشْرَافِ النّاسِ فَتَقُولُ مَا قُلْت بِالْمَدِينَةِ مُتَمَكّنًا ، فَيَعِيَ أَهْلُ الْفِقْهِ مَقَالَتَك ، وَيَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ، قَالَ فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاَللّهِ إنّ شَاءَ اللّهُ لَأَقُومَنّ بِذَلِكَ أَوّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ

    [ خُطْبَةُ عُمَرَ عِنْدَ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ ]
    قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحَجّةِ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجّلْت الرّوَاحَ حِينَ زَالَتْ الشّمْسُ فَأَجِدُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ فَجَلَسْت حَذْوَهُ تَمَسّ رُكْبَتَيْ رُكْبَتَهُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ، فَلَمّا رَأَيْته مُقْبِلًا ، قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ لَيَقُولَنّ الْعَشِيّةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتَخْلَفَ قَالَ فَأَنْكَرَ عَلَيّ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ذَلِكَ وَقَالَ مَا عَسَى [ ص 658 ] قَالَ أَمّا بَعْدُ فَإِنّي قَائِلٌ لَكُمْ الْيَوْمَ مَقَالَةً قَدْ قُدّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا ، وَلَا أَدْرِي لَعَلّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي ، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَيَأْخُذَ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا فَلَا يَحِلّ لِأَحَدِ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيّ إنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّدًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمّا أَنَزَلَ عَلَيْهِ آيَةَ الرّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَعُلّمْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا ، وَرَجَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إنْ طَالَ بِالنّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاَللّهِ مَا نَجِدُ الرّجْمَ فِي كِتَابِ اللّهِ فَيَضِلّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنَزَلَهَا اللّهُ وَإِنّ الرّجْمَ فِي كِتَابِ اللّهِ حَقّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أُحْصِنَ مِنْ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبْلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ ثُمّ إنّا قَدْ كُنّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللّهِ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ أَلَا إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ " لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَقُولُوا : عَبْدُ اللّهِ وَرَسُولُهُ " ، ثُمّ إنّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنّ فُلَانًا قَالَ وَاَللّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ لَقَدْ بَايَعْت فُلَانًا ، فَلَا يَغُرّنّ امْرَأً أَنْ يَقُولُ إنّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْر ٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَتَمّتْ وَإِنّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إلّا أَنّ اللّهَ قَدْ وَقَى شَرّهَا ، وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تَنْقَطِعُ الْأَعْنَاقُ إلَيْهِ مِثْلَ أَبِي بَكْر ٍ فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنّهُ لَا بَيْعَةَ لَهُ هُوَ وَلَا الّذِي بَايَعَهُ تَغِرّةً أَنْ يَقْتُلَا ، إنّهُ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفّى اللّهُ نَبِيّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ الْأَنْصَارَ خَالَفُونَا ، فَاجْتَمَعُوا بِأَشْرَافِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَتَخَلّفَ عَنّا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزّبِيرُ بْنُ الْعَوّامِ وَمَنْ مَعَهُمَا ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقُلْت لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إلَى إخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمّهُمْ حَتّى لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ فَذَكَرَا لَنَا مَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ وَقَالَ أَيْنَ [ ص 659 ] قُلْنَا : نُرِيدُ إخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، قَالَا : فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اقْضُوا أَمْرَكُمْ . قَالَ قُلْت : وَاَللّهِ لَنَأْتِيَهُمْ . فَانْطَلَقْنَا حَتّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ رَجُلٌ مُزَمّلٌ فَقُلْت : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَقُلْت : مَا لَهُ ؟ فَقَالُوا : وَجِعَ . فَلَمّا جَلَسْنَا تَشَهّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللّهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنّا ، وَقَدْ دَفّتْ دَافّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ قَالَ وَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْتَازُونَا مِنْ أَصْلِنَا ، وَيَغْصِبُونَا الْأَمْرَ فَلَمّا سَكَتَ أَرَدْت أَنْ أَتَكَلّمَ وَقَدْ زَوّرَتْ فِي نَفْسِي مَقَالَةٌ قَدْ أَعْجَبَتْنِي ، أُرِيدُ أَنْ أُقَدّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْت أَدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِك يَا عُمَرَ فَكَرِهْت أَنْ أُغْضِبَهُ فَتَكَلّمَ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنّي وَأَوْقَرَ فَوَاَللّهِ مَا تَرَك مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي مِنْ تَزْوِيرِي إلّا قَالَهَا فِي بَدِيهَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ حَتّى سَكَتَ قَالَ أَمّا مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إلّا لِهَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْشٍ ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا ، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيّهمَا شِئْتُمْ وَأَخَذَ بِيَدَيْ وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا ، وَلَمْ أَكْرَهْ شَيْئًا مِمّا قَالَهُ غَيْرُهَا ، كَانَ وَاَللّهِ أَنْ أُقَدّمَ فَتُضْرَبُ عُنُقِي ، لَا يُقَرّبُنِي ذَلِكَ إلَى إثْمٍ أَحَبّ إلَيّ مِنْ أَنْ أَتَأَمّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ . قَالَ قَائِلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ : أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكّكُ وَعُذَيْقُهَا [ ص 660 ] قُرَيْشٍ . قَالَ فَكَثُرَ اللّغَطُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ حَتّى تَخَوّفْت الِاخْتِلَافَ فَقُلْت : اُبْسُطْ يَدَك يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْته ، ثُمّ بَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ، ثُمّ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ ، وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ . قَالَ فَقُلْت : قَتَلَ اللّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ .

    [ تَعْرِيفٌ بِالرّجُلَيْنِ اللّذَيْنِ لَقِيَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي طَرِيقِهِمَا إلَى السّقِيفَةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ الزّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزّبَيْرِ أَنّ أَحَدَ الرّجُلَيْنِ اللّذَيْنِ لَقَوْا مِنْ الْأَنْصَارِ حِينَ ذَهَبُوا إلَى السّقِيفَةِ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَالْآخَرُ مَعَنُ بْنُ عَدِيّ أَخُو بَنِي الْعَجْلَانِ . فَأَمّا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ فَهُوَ الّذِي بَلَغَنَا أَنّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ الّذِينَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لَهُمْ { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبّونَ أَنْ يَتَطَهّرُوا وَاللّهُ يُحِبّ الْمُطّهّرِينَ } ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نِعْمَ الْمَرْءُ مِنْهُمْ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ ؛ وَأَمّا مَعْنُ بْنُ عَدِيّ فَبَلَغَنَا أَنّ النّاسَ بَكَوْا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ تَوَفّاهُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ وَقَالُوا : وَاَللّهِ لَوَدِدْنَا أَنّا مُتْنَا قَبْلَهُ إنّا نَخْشَى أَنْ نَفْتَتِنَ بَعْدَهُ . قَالَ مَعَنُ بْنُ عَدِيّ لَكِنّي وَاَللّهِ مَا أُحِبّ أَنّي مُتّ قَبْلَهُ حَتّى أُصَدّقَهُ مَيّتًا كَمَا صَدّقْته حَيّا ؛ فَقُتِلَ مَعَنٌ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ

    [ خُطْبَةُ عُمَرَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الْبَيْعَةِ الْعَامّةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي الزّهْرِيّ ، قَالَ حَدّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ لَمّا بُويِعَ أَبُو بَكْر ٍ فِي السّقِيفَةِ وَكَانَ الْغَدُ جَلَسَ أَبُو بَكْر ٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَامَ عُمَرُ فَتَكَلّمَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّي كُنْت قُلْت لَكُمْ بِالْأَمْسِ مَقَالَةً مَا كَانَتْ مِمّا وَجَدْتهَا فِي كِتَابِ اللّهِ وَلَا كَانَتْ عَهْدًا عَهِدَ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَكِنّي قَدْ كُنْت أَرَى أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَيُدَبّرُ أَمَرْنَا ؛ يَقُولُ يَكُونُ آخِرُنَا وَإِنّ اللّهَ قَدْ أَبْقَى فِيكُمْ كِتَابَهُ الّذِي بِهِ [ ص 661 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ هَدَاكُمْ اللّهُ لِمَا كَانَ هَدَاهُ لَهُ وَإِنّ اللّهَ قَدْ جَمَعَ أَمْرَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ صَاحِبِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَانِي اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِي الْغَارِ فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ فَبَايَعَ النّاسُ أَبَا بَكْرٍ بَيْعَةَ الْعَامّةِ بَعْدَ بَيْعَةِ السّقِيفَة

    [ خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ ]
    فَتَكَلّمَ أَبُو بَكْر ٍ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِاَلّذِي هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعْدُ أَيّهَا النّاسُ فَإِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي ؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي ؛ الصّدْقُ أَمَانَةٌ وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ وَالضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللّهُ وَالْقَوِيّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الْحَقّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللّهُ لَا يَدَعُ قَوْمٌ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا ضَرَبَهُمْ اللّهُ بِالذّلّ وَلَا تَشِيعُ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطّ إلّا عَمّهُمْ اللّهُ بِالْبَلَاءِ أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِذَا عَصَيْتُ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ . قُومُوا إلَى صَلَاتِكُمْ يَرْحَمُكُمْ اللّهُ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ وَاَللّهِ إنّي لَأَمْشِي مَعَ عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ وَهُوَ عَامِدٌ إلَى حَاجَةٍ لَهُ وَفِي يَدِهِ الدّرّةُ وَمَا مَعَهُ غَيْرِي ، قَالَ وَهُوَ يُحَدّثُ نَفْسَهُ وَيَضْرِبُ وَحْشِيّ قَدَمهُ بِدِرّتِهِ . قَالَ إذْ الْتَفَتَ إلَيّ فَقَالَ يَا بْنَ عَبّاسٍ هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ حَمَلَنِي عَلَى مَقَالَتِي الّتِي قُلْتُ حِينَ تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟ قَالَ قُلْت : لَا أَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنّهُ وَاَللّهِ إنْ كَانَ الّذِي حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ إلّا أَنّي كُنْت أَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } ، فَوَاَللّهِ إنْ كُنْت لَأَظُنّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَيَبْقَى فِي أُمّتِهِ حَتّى يَشْهَدَ عَلَيْهَا بِآخِرِ أَعْمَالِهَا ، فَإِنّهُ لِلّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ قُلْت مَا قُلْت

    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ Fasel10

    كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
    المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
    منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
    من أَمْرُ الرّسُولِ بِإِنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ إلى خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ E110


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 4:15 pm