منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ختام الفصل الثانى من الباب الأول

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    ختام الفصل الثانى من الباب الأول Empty ختام الفصل الثانى من الباب الأول

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الأربعاء أبريل 21, 2021 8:20 am

    ختام الفصل الثانى من الباب الأول Akeda_10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة العقيدة
    أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
    ختام الفصل الثانى من الباب الأول
    ختام الفصل الثانى من الباب الأول 1410
    ● [ المبحث الرابع ] ●
    الشرك والكفر وأنواعهما

    ما من ريب أن في معرفة المسلم للشرك والكفر وأسبابهما ووسائلهما وأنواعهما فوائد عظيمة ، إذا عرفها معرفة يقصد من ورائها السلامة من هذه الشرور والنجاة من تلك الآفات ، والله سبحانه يحب أن تعرف سبيل الحق لتحب وتسلك ، ويحب أن تعرف سبل الباطل لتجتنب وتبغض ، والمسلم كما أنه مطالب بمعرفة سبيل الخير ليطبقها ، فهو كذلك مطالب بمعرفة سبل الشر ليحذرها ، ولهذا ثبت في الصحيحين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أنه قال : « كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني » (1) .
    ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية " .
    والقرآن الكريم مليء بالآيات المبينة للشرك والكفر والمحذرة من الوقوع فيهما ، والدالة على سوء عاقبتهما في الدنيا والآخرة ، بل إن ذلك مقصد عظيم من مقاصد القرآن الكريم والسنة المطهرة ، كما قال الله تعالى : { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } (الأنعام : 55).
    وفيما يِلي ذكر لبعض المطالب المهمة المتعلقة بهذا الجانب .
    _________
    (1) صحيح البخاري برقم (7084) ، وصحيح مسلم برقم (1847) .
    [ المطلب الأول ]
    الشرك

    أ - تعريفه : يطلق الشرك في اللغة على التسوية بين الشيئين .
    وله في الشرع معنيان : عام وخاص .
    1 - المعنى العام : تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه سبحانه ، ويندرج تحته ثلاثة أنواع :
    الأول : الشرك في الربوبية ، وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الربوبية ، أو نسبة شيء منها إلى غيره ، كالخلق والرزق والإيجاد والإماتة والتدبير لهذا الكون ونحو ذلك .
    قال تعالى : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } (فاطر : 3) .
    الثاني : الشرك في الأسماء والصفات ، وهو تسوية غير الله بالله في شيء منها ، والله تعالى يقول : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ( الشورى : 11 ) .
    الثالث : الشرك في الألوهية ، وهو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الألوهية ، كالصلاة والصيام والدعاء والاستغاثة والذبح والنذر ونحو ذلك.
    قال الله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } (البقرة : 165) .
    2- المعنى الخاص : وهو أن يتخذ لله ندا يدعوه كما يدعو الله ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ويرجوه كما يرجو الله ، ويحبه كما يحب الله ، وهذا هو المعنى المتبادر من كلمة " الشرك " إذا أطلقت في القرآن أو السنة .
    ب - الأدلة على ذم الشرك وبيان خطره .
    لقد تنوعت دلالة النصوص على ذم الشرك والتحذير منه وبيان خطره وسوء عاقبته على المشركين في الدنيا والآخرة .
    1 - فقد أخبر الله سبحانه أنه الذنب الذي لا يغفره إلا بالتوبة منه قبل الموت ، فقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } (النساء : 48).
    2 - ووصفه بأنه أظلم الظلم ، فقال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ( لقمان : 13 ).
    3 - وأخبر أنه محبط للأعمال ، فقال تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (الزمر : 65) .
    4 - ووصفه بأن فيه تنقصا لرب العالمين ومساواة لغيره به ، فقال تعالى : { قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ }{ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }{ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (الشعراء : 96- 98) .
    5 - وأخبر أن من مات عليه يكون مخلدا في نار جهنم ، فقال تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (المائدة : 72) .
    إلى غير ذلك من أنواع الأدلة ، وهي كثيرة جدا في القرآن الكريم .
    ج - سبب وقوع الشرك :
    إن أصل الشرك وسبب وقوعه في بني آدم هو الغلو في الصالحين المعظمين ، وتجاوز الحد في إطرائهم ومدحهم والثناء عليهم ، قال الله تعالى : { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا }{ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا } (نوح : 23- 24).
    فهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا جعلوا لهم أصناما على صورهم وسموها بأسمائهم قاصدين بذلك تعظيمهم وتخليد ذكرهم وتذكر فضلهم إلى أن آل بهم الأمر إلى عبادتهم .
    ويشهد لهذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ، أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ (ونسخ العلم) (1) العلم عبدت " (2) .
    روى ابن جرير الطبري عن محمد بن قيس عند قوله تعالى : وقالوا لا تذرن آلهتك الآية ، قال : " كانوا قوما صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون هم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم " (3) . فجمعوا بين فتنتين :
    الأولى : العكوف عند قبورهم .
    الثانية : تصوير صورهم ونصبها في مجالسهم والجلوس إليها .
    فبهذا وقع الشرك لأول مرة في تاريخ البشرية فهما أعظم وسائل الشرك في كل زمان ومكان .
    د- أنواع الشرك : ينقسم الشرك إلى قسمين : أكبر وأصغر .
    1 - الشرك الأكبر : هو اتخاذ ند مع الله يعبد كما يعبد الله ، وهو ناقل من ملة الإسلام محبط للأعمال كلها ، وصاحبه إن مات عليه يكون مخلدا في نار جهنم لا يقضى عليه فيموت ولا يخفف عنه من عذابها .
    أنواع الشرك الأكبر : وينقسم الشرك الأكبر إلى أربعة أنواع :
    1 - شرك الدعوة ، أي الدعاء ، وذلك أن الدعاء من أعظم أنواع العبادة ، بل هو لب العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الدعاء هو العبادة » ، رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح (4) ، قال الله تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر : 60) .
    ولما ثبت أن الدعاء عبادة ، فصرفه لغير الله شرك ، فمن دعا نبيا أو ملكا أو وليا أو قبرا أو حجرا أو غير ذلك من المخلوقين فهو مشرك كافر ، كما قال تعالى : { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (المؤمنون : 117).
    ومن الأدلة على أن الدعاء عبادة وأن صرفه لغير الله شرك قوله تعالى : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } (العنكبوت : 65) ، فأخبر عن هؤلاء المشركين بأنهم يشركون بالله في رخائهم ، ويخلصون له في كربهم وشدتهم ، فكيف بمن يشرك بالله في الرخاء والشدة عياذا بالله .
    2 - شرك النية والإرادة والقصد ، وذلك أن ينوي بأعماله الدنيا أو الرياء أو السمعة ، إرادة كلية كأهل النفاق الخلص ، ولم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة ، فهو مشرك الشرك الأكبر ، قال الله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ }{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (هود : 15-16) .
    وهذا النوع من الشرك دقيق الأمر بالغ الخطورة.
    3 - شرك الطاعة ، فمن أطاع المخلوقين في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله ، ويعتقد ذلك بقلبه أي أنه يسوغ لهم أن يحللوا ويحرموا ويسوغ له ولغيره طاعته في ذلك مع علمه بأنه مخالف لدين الإسلام فقد اتخذهم أربابا من دون الله وأشرك بالله الشرك الأكبر .
    قال الله تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (التوبة : 31) .
    وتفسير الآية الذي لا إشكال فيه : طاعة العلماء والعباد في المعصية (أي في تبديل حكم الله) لا دعاؤهم إياهم ، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال : لسنا نعبدهم ؟ فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية (في تبديل حكم الله) ، فقال : « أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه » ، قال : بلى . قال : « فتلك عبادتهم » ، رواه الترمذي وحسنه ، والطبراني في المعجم الكبير (5).
    4 - شرك المحبة ، والمراد محبة العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع التي لا تنبغي إلا لله وحده لا شريك له ، ومتى صرف العبد هذه المحبة لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر ، والدليل قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } (البقرة : 165) .
    2- النوع الثاني من أنواع الشرك ، الشرك الأصغر :
    وهو كل ما كان ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه أو ما جاء في النصوص تسميته شركا ولم يصل إلى حد الأكبر ، وهو يقع في هيئة العمل وأقوال اللسان . وحكمه تحت المشيئة كحكم مرتكب الكبيرة .
    ومن أمثلته ما يلي :
    أ- يسير الرياء ، والدليل ما رواه الإمام أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : (الرياء ، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء » (6).
    ب - قول : " ما شاء الله وشئت " ، روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان » (7).
    ج- قول : " لولا الله وفلان " ، أو قول : " لولا البط لأتانا اللصوص " ، ونحو ذلك ، روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى : { فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } قال : " الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن تقول : والله وحياتك يا فلانة وحياتي ، وتقول : لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل لأصحابه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان ، لا تجعل فيها فلانا ، هذا كله به شرك " (8).
    الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر :
    بين الشرك الأكبر والأصغر فروق عديدة ، أهمها ما يلي :
    1 - أن الشرك الأكبر لا يغفر الله لصاحبه إلا بالتوبة ، وأما الأصغر فتحت المشيئة .
    2- أن الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال ، وأما الأصغر فلا يحبط إلا العمل الذي قارنه.
    3- أن الشرك الأكبر مخرج لصاحبه من ملة الإسلام ، وأما الشرك الأصغر فلا يخرجه منها.
    4- أن الشرك الأكبر صاحبه خالد في النار ومحرمة عليه الجنة ، وأما الأصغر فكغيره من الذنوب.
    _________
    (1) أي علم تلك الصور بخصوصها .
    (2) صحيح البخاري برقم (4920) .
    (3) تفسير الطبري (12 / 254) .
    (4) مسند أحمد (4 / 267) ، وسنن الترمذي برقم (2969) .
    (5) سنن الترمذي برقم (3095) ، والمعجم الكبير للطبراني (17 / 92) .
    (6) مسند أحمد (5 / 428) ، قال المنذري إسناده جيد ، الترغيب والترهيب (1 / 48) ، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ، مجمع (1 / 102).
    (7) سنن أبي داود برقم (4980) ، قال الذهبي في مختصر البيهقي (1 / 140 / 2) إسناده صالح.
    (8) تفسير ابن أبي حاتم (1 / 62) .
    [ المطلب الثاني ]
    الكفر

    أ - تعريفه : الكفر لغة يطلق على الستر والتغطية .
    وشرعا : ضد الإيمان ، وهو : عدم الإيمان بالله ورسوله ، سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب ، بل عن شك وريب ، أو إعراض عن ذلك حسدا وكبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة .
    ب- أنواع الكفر :
    الكفر نوعان : كفر أكبر ، وكفر أصغر .
    فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار ، والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود .
    أولا : الكفر الأكبر .
    وهو خمسة أنواع :
    أ- كفر التكذيب ، وهو اعتقاد كذب الرسل عليهم السلام ، فمن كذبهم فيما جاؤوا به ظاهرا أو باطنا فقد كفر ، والدليل قوله تعالى :
    { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } (العنكبوت : 68).
    2 - كفر الإباء والاستكبار ، وذلك بأن يكون عالما بصدق الرسول ، وأنه جاء بالحق من عند الله ، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره ، استكبارا وعنادا ، والدليل قوله تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (البقرة : 34) .
    3 - كفر الشك ، وهو التردد ، وعدم الجزم بصدق الرسل ، ويقال له كفر الظن ، وهو ضد الجزم واليقين .
    والدليل قوله تعالى : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا }{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا }{ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا } (الكهف : 35- 38).
    4 - كفر الإعراض ، والمراد الإعراض الكلي عن الدين ، بأن يعرض بسمعه وقلبه وعلمه عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والدليل قوله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ } (الأحقاف : 3) .
    5 - كفر النفاق ، والمراد النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر (1) ، والدليل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } (المنافقون : 3) .
    والنفاق على ضربين :
    1 - نفاق اعتقاد وهو كفر أكبر ناقل من الملة وهو ستة أنواع : تكذيب الرسول ، أو تكذيب بعض ما جاء به ، أو بغض الرسول ، أو بغض ما جاء به ، أو المسرة بانخفاض دين الرسول ، أو الكراهية لانتصار دين الرسول .
    2 - ونفاق عملي وهو كفر أصغر لا ينقل من الملة ، إلا أنه جريمة كبيرة وإثم عظيم ، ومنه ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حيث قال : « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر » متفق عليه (2).
    وقال عليه الصلاة والسلام : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان » ، رواه البخاري (3) .
    ثانيا : الكفر الأصغر
    وهو لا يخرج صاحبه من الملة ولا يوجب الخلود في النار وإنما عليه الوعيد الشديد ، وهو كفر النعمة ، وجميع ما ورد في النصوص من ذكر الكفر الذي لا يصل إلى حد الكفر الأكبر . ومن الأمثلة عليه :
    ما ورد في قوله تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ }{ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } (النحل : 112) .
    وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت » ، رواه مسلم (4) .
    وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » ، رواه البخاري ومسلم (5).
    فهذا وأمثاله كفر دون كفر وهو لا يخرج من الملة الإسلامية .
    لقوله تعالى : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (الحجرات : 9 ، 10) ، فسماهم الله عز وجل مؤمنين مع الاقتتال .
    ولقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (النساء : 48) ، فدلت الآية الكريمة على أن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة أي إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة ، إلا الشرك به فإن الله لا يغفره كما هو صريح في الآية وقوله تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (المائدة : 72).
    _________
    (1) مدارج السالكين (1 / 346) .
    (2) صحيح البخاري برقم (34) ، وصحيح مسلم برقم (58) .
    (3) صحيح البخاري برقم (33) .
    (4) صحيح مسلم برقم (67) .
    (5) صحيح البخاري برقم (121) ، وصحيح مسلم برقم (65) .
    ● [ المبحث الخامس ] ●
    ادعاء علم الغيب وما يلحق به

    الغيب هو كل ما غاب عن العقول والأنظار من الأمور الحاضرة والماضية والمستقبلة ، وقد استأثر الله عز وجل بعلمه واختص نفسه سبحانه بذلك .
    قال الله تعالى : { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } (النمل : 65) ، وقال تعالى : { لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } (الكهف : 26) ، وقال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } (الرعد : 9) .
    فلا يعلم الغيب أحد إلا الله ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عمن هو دونهما.
    قال الله تعالى عن نوح عليه السلام : { وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } (هود : 31) ، وقال تعالى عن هود عليه السلام : { قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ } (الأحقاف : 23) ، وقال تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } (الأنعام : 50) ، وقال تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }{ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } (البقرة : 31- 32).
    ثم إنه سبحانه قد يطلع بعض خلقه على بعض الأمور المغيبة عن طريق الوحي ، كما قال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا }{ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا }{ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } (الجن : 26-28) ، وهذا من الغيب النسبي الذي غاب علمه عن بعض المخلوقات دون بعض ، أما الغيب المطلق فلا يعلمه إلا هو سبحانه ، ومن ذا الذي يدعي علمه وقد استأثر الله به .
    ولهذا فإن الواجب على كل مسلم أن يحذر من الدجاجلة والكذابين المدعين لعلم الغيب المفترين على الله ، الذين ضلوا في أنفسهم وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ، كالسحرة والكذابين والمنجمين ، وغيرهم .
    وفيما يلي عرض لجملة من أعمال هؤلاء التي يدعون بها علم الغيب ، ويضلون بها عوام المسلمين وجهالهم ، ويفسدون بها عقيدتهم وإيمانهم.
    1 - السحر : وهو في اللغة ما خفي ولطف سببه .
    وفي الاصطلاح هو عزائم ورقى وعقد يؤثِّر في القلوب والأبدان ، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه بإذن الله ، وهو كفر ، والساحر كافر بالله العظيم ، وما له في الآخرة من خلاق ، قال الله تعالى : { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (البقرة : 102).
    ومنه النفث في العقد ، قال الله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }{ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ }{ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }{ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ }{ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }.
    2 - التنجيم : وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية التي لم تقع ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من اقتبس علما من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد » ، رواه أبو داود (1).
    3 - زجر الطير والخط في الأرض : فعن قطن بن قبيصة عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « العيافة والطيرة والطرق من الجبت » (2) ، أي من السحر ، والعيافة زجر الطير والتفاؤل والتشاؤم بأسمائها وأصواتها وممرها ، والطرق الخط يخط في الأرض ، أو الضرب بالحصى وادعاء علم الغيب .
    4 - الكهانة : وهي ادعاء علم الغيب ، والأصل فيها استراق الجن السمع من كلام الملائكة فتلقيه في أذن الكاهن.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » رواه أبو داود وأحمد والحاكم (3) .
    5 - كتابة حروف أبا جاد : وذلك بأن يجعل لكل حرف منها قدرا معلوما من العدد ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمنة والأمكنة ، ثم يحكم عليها بالسعود أو النحوس ونحو ذلك .
    قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون أبا جاد ، وينظرون في النجوم : ((ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق)) ، رواه عبد الرزاق في المصنف (4) .
    6 - القراءة في الكف والفنجان ونحو ذلك مما يدعي به بعض هؤلاء معرفة الحوادث المستقبلة من موت وحياة وفقر وغنى وصحة ومرض ونحو ذلك .
    7 - تحضر الأرواح : ويزعم أربابه أنهم يستحضرون أرواح الموتى ويسألونها عن أخبار الموتى من نعيم وعذاب وغير ذلك ، وهو نوع من الدجل والشعوذة الشيطانية ، ويراد منها إفساد العقائد والأخلاق والتلبيس على الجهال وأكل أموالهم بالباطل والتوصل إلى دعوى علم الغيب .
    8 - التطير : وهو التشاؤم بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرها ، وهذا باب من الشرك وهو من إلقاء الشيطان وتخويفه.
    فعن عمران بن حصين مرفوعا : « ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » ، رواه البزار (5) .
    والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويعيذهم من خداع المجرمين وتلبيس أولياء الشياطين.
    _________
    (1) سنن أبي داود برقم (3905) .
    (2) سنن أبي داود برقم (3907) ، ومسند أحمد (3 / 477) .
    (3) سنن أبي داود (3904) ، ومسند أحمد (2 / 429) ، المستدرك (1 / 50) قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
    (4) المصنف (11 / 26) .
    (5) مسند البزار (9 / 52) (3578) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 117) رجاله رجال الصحيح.
    ● [ تم الفصل الثانى ] ●

    ختام الفصل الثانى من الباب الأول Fasel10

    كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
    المؤلف : نخبة من العلماء
    منتدى توتة و حدوتة ـ البوابة
    ختام الفصل الثانى من الباب الأول E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:35 pm