من طرف اسرة التحرير الأربعاء أكتوبر 07, 2015 9:18 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم رقم الفتوى: ( 1131 ) الموضوع: قضاء الفوائت وبيع المؤمم وتحديد الأرباح التجارية المفتى: فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 9صفر 1402 هجرية المبادئ : 1 - من ترك صلاة لزمه قضاءها عمدا كان الترك أو سهوا ، ويجب ترتيب قضاءها عند التعدد مالم تزد على صلاة يوم وليلة عند الحنفية والمالكية. بينما لا يجب الترتيب عند الشافعية ولكنه مستحب عندهم. ويرى الحنابلة وزفر من الحنفية أنه واجب قلت الصلاة أو كثرت. 2 - لا تسقط الصلاة عن المسلمة إلا إذا كانت حائضا أو نفساء ولا قضاء عليها لما تركته. 3 - من اقتدى بإمام يرى بطلان صلاته حسب مذهبه فصلاته هو صحيحة باعتبار صحة صلاة إمامه فى ذاتها. 4 - التأميم شبيه بالوقف فى الإسلام، وقد وقع عملا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بعنوان ( الحمى ) فقد حمى أرضا بالمدينة يقال لها ( النقيع ) لترعى فيها خيل المسلمين. 5 - التأميم من ولى الأمر لمصلحة عامة تدخل فى نطاق المشروع منه صحيح شرعا ، ويجوز بيع العين المؤممة شرعا كما يجوز لكل مسلم شراؤها. 6 - التأميم إذا كان بغير وجه حق مشروع بأن كان مصادرة بدون عوض يكون من باب غصب الأموال وهو محرم شرعا. 7 - بيع الغاصب ما غصبه وإن نفذ شكلا باعتبار ضمانه على الغاصب إلا أن الأولى ألا يقدم شخص على تملك أموال الغير المغتصبة مادام يعلم ذلك. 8 - المغالاة فى الربح قصد الإضرار بالناس محرمة شرعا. 9 - حبس البضائع والأقوات عند التداول احتكارا لها محرم شرعا. 10 - إضافة التاجر ما أنفقه على نقل السلعة إلى أصل الثمن دون شطط وتقديره ربحا بعد ذلك لنفسه بالمعروف وبما لا يضر بالمصلحة العامة للناس جائز شرعا. سُئل : بالطلب المقدم المرسل من السيد / م س م من مسلمى جزيرة موزمبيق المرسل من إدارة العلاقات الثقافية قسم أفريقيا بوزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمحال إلينا من مجلة منبر الإسلام وقد جاء فيه أولا : إن السائل قرأ فى كتاب السنن والمبتدعات للسيد / محمد خضر القشيرى فى حكم قضاء المكتوبات الفائتة طول العمر، أن أقوال الفقهاء فى وجوب قضائها ليس عليه دليل يعول عليه، بل التوبة من ترك الصلاة ومداومة أدائها كافية دون حرج. وفيه أيضا أن من أئتم بمن يرى بطلان صلاة إمامة حسب مذهبه هو فصلاته صحيحة ما دامت صلاة الإمام صحيحة فى مذهبه. فهل هذا صحيح. ثانيا : ما الحكم إذا اشترى المواطن منزلا مؤمما مع وجود صاحبه أو ورثته فهل هذا البيع صحيح أم لا ثالثا : يشترى شخص أشياء متنوعة فيبيعها فى بلد آخر، فهل له حد لا يتعداه فى كسب الأرباح أوله البيع كيفما تطاوعه نفسه طمعا فى استرجاع مؤن الرحلة مادام المشترى راضيا بذلك. أجاب : عن السؤال الأول : الصلاة من فروض الإسلام وهى أحد أركانه الخمسة. ففى القرآن الكريم { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } النساء 103 ، وفى السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ) رواه مالك وأبو داود وابن حيان فى صحيحة ( الترغيب والترهيب ج 6 ص 161، 162 ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( نيل الأوطار ج 1 ص 291 ) ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) رواه الجماعة إلا البخارى. وقد أجمع العلماء الذين يعتد بهم على أن من ترك صلاة عمدا لزمه قضاءها. وخالف فى هذا أبو محمد على بن حزم من الظاهرية وقال : لا يقضى بل يكثر من فعل الخير وصلاة التطوع، وقوله هذا باطل لأنه مخالف للإجماع، كما نقل الإمام النووى الشافعى فى كتابه المجموع. والدليل على ذلك الحديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكر. قال النووى وإذا وجب القضاء على التارك ناسيا ، فالعامد أولى، ويؤيد هذا ما ورد فى حديث الخثعمية حيث قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فدين الله أحق أن يقضى ) وهو حديث صحيح وفيه من العموم ما يشمل هذا الباب. ( الروضة الندية شرح الدرر البهية ج 1 ص 130 و 131 ) وبعد اتفاق الفقهاء على العمل بهذا ووجوب قضاء الفوائت عمدا أو سهوا أو بعذر اختلفوا فى ترتيب أدائها. فقال الإمام أبو حنيفة ومالك يجب الترتيب ما لم تزد الفوائت على لوات يوم وليلة، وقال الإمام الشافعى لا يجب الترتيب ولكن يستحب وبه قال طاووس والحسن البصرى ومحمد بن الحسن وأبو ثور وأبو داود ، وقال الإمام أحمد وزفر إن الترتيب واجب قلت الفوائت أو كثرت. ولكل قول أدلته المبسوطة فى كتب فقه المذاهب. لما كان ذلك فإذا كان ما جاء فى الكتاب المشار إليه فى السؤال صحيحا. يكون جاريا فيما قال على مذهب داود الظاهرى وهو مالا يفتى به فى هذا الموضع باعتبار أن الصلاة من الفرائض التى لا تسقط عن المسلمة والمسلم البالغ العاقل إلا إذا كانت المسلمة حائضا أو نفساء فلا صلاة عليها مدة الحيض والنفاس ولا قضاء عليها كذلك. وهذا ثابت بالنصوص الشرعية ، أما من أئتم فى الصلاة بإمام يرى بطلان صلاته حسب مذهبه فصلاته المأموم صحيحة باعتبار صحة صلاة الإمام فى ذاتها، فقد أخرج البخارى وغيره من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم. وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) وأخرج ابن ماجه نحوه من حديث سهل بن ساعدة. وعن السؤال الثانى فإن التأميم وقع فى الإسلام لا بهذا العنوان ففى أحكام الإسلام جواز الوقف وهو شبيه بالتأميم. ووقع عملا من الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه بعنوان ( الحمى ) إذ أن من المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عله وسلم حمى أرضا بالمدينة يقال لها ( النقيع ) لترعى فيها خيل المسلمين. وحمى عمر أيضا بالربدة وجعلها مرعى لجميع المسلمين فجاء أهلها يقولون يا أمير المؤمنين إنها بلادنا قاتلنا عليها فى الجاهلية وأسلمنا عليها فى الإسلام علام تحميها فأطرق عمر ثم قال المال مال الله. والعباد عباد الله والله لولا ما احمل عليه فى سبيل الله ما حميت من الأرض شبرا فى شبرا ( أبو عبيد فى الأموال ص 268 و 299 وبحث الحمى فى كتاب الأحكام السلطانية للماوردى ص 164 وللقاضى أبى يعلى ص 206 ) وظاهر أن ( الحمى ) هو اقتطاع جزء من الأرض لتكون مرعى عاما لا يملكه أحد، بل ينتفع به سواد الشعب، وقد روى أيضا ( أنه كان لسمرة بن جندب نخلا فى بستان لرجل من الأنصار، فكان يدخل هو وأهله إلى هذا البستان فيؤذى صاحبه، فشكا الأنصارى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلقاه من سمرة فقال الرسول لسمرة : بعه ، فأبى، قال فاقلعه، فأبى. قال هبه ولك مثله فى الجنة فأبى، ظنا منه أن الرسول يقول له ذلك على سبيل النصح لا على سبيل القضاء والإلزام، عندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمرة، أنت مضار، وقال للأنصارى أذهب فاقلع نخله. ( رواه أبو داود وذكره أبو بعلى فى الأحكام السلطانية ص 285 ) لما كان ذلك وكان المستفاد من هذه الآثار وغيرها أن التأميم قد وقع فى الإسلام تشريعا وعملا وقضاء لرفع الظلم ودفع الضرر كما فى قضية سمرة، فإذا كان المنزل المسئول عنه قد أممه ولى الأمر صاحب السلطة الشرعية فى ذلك لمصلحة عامة تدخل فى النطاق المشروع الوارد بتلك الآثار، كان التأميم صحيحا شرعا، وجاز لولى الأمر بيعه كما يجوز لأى مسلم شراؤه، أما إذا كان التأميم بغير وجه شرعى، بأن كان مصادرة لأموال الناس بدون عوض فإنه يقع فى باب غضب الأموال وذلك أمر محرم شرعا. وبيع الغاصب للمال المغضوب وإن نفذ شكلا باعتبار أنه مضمون على الغاصب، إلا أن الأولى بالمسلم ألا يقدم على تملك أموال الغير المغتصبة ما دام يعلم بذلك، غير أنه إذا أقر البيع المالك أو ورثته وأجازه فعندئذ يصح البيع شرعا وبدون إثم. وعن السؤال الثالث فقد اختلفت كلمة فقهاء المذاهب فى قدر الربح الذى يحل للبائع اقتضاؤه من المشترى، كما اختلفوا فى جواز إضافة ما تكلفه من مؤنة رحله التجارة وأجور النقل للبضائع وغيرها، والذى يستخلص من أقوالهم أن المغالاه فى تقدير الربح إضرارا بالناس أمر محرم منهى عنه شرعا فى كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثله حبس البضائع والأقوات عن التداول فى الأسواق احتكارا لها، لكن لا بأس من أن يضيف التاجر إلى أصل الثمن ما أنفقه على جلب السلعة مما جرت به عادة التجار وعرفهم دون شطط كأمور الحمل والخزن السمسار، ثم يقدر ربحه فوق ذلك بالمعروف، وبما لا يضر بالمصلحة العامة للناس، أو يؤذى إلى احتكار وحبس ما يحتاج إليه الناس فى معاشهم، ففى الحديث الصحيح الذى أخرجه الإمام مسلم من حديث معمر بن عبد الله مرفوعا ( لا يحتكر إلا خاطىء ) والمحرم هو الاحتكار بقصد إغلاء الإسعار على الناس كما ورد فى حديث أبى هريرة الذى رواه أحمد والحاكم ، لما كان ذلك كان الشخص الذى اشترى أشياء متنوعة من بلد، ليبيعها فى بلد آخر أن يضيف على الثمن الأصلى ما تحمله من نفقات فى جلب هذه السلع حسب عرف التجار المشروع ويضيفه فوق الثمن. ثم يحدد ربحه حسبما يقضى به العرف والسعر المتداول فى الأسواق دون شطط أو احتكار بقصد إغلاء الأسعار. والله سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الفتوى: ( 1130 ) الموضوع: فوائد البنوك وسن الأضحية وأوقات الصلاة. المفتى: فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 12صفر 1402 المبادئ : 1 - نقود العمال التى تستبقيها الشركات لديها مودعة فى البنوك. إن كانت بفائدة محدودة زمنا ومقدارا. كانت هذه الفائدة داخلة فى الربا المحرم شرعا. وإن كان استثمارها عاديا دون تحديد لقدر الفائدة وزمنها كانت مباحة ويطيب للعامل الانتفاع بهذا العائد. 2 - أقل ما يجزىء فى الأضحية من البقر الثنية منها. وهى ما كان لها سنتان ودخلت فى الثالثة. وتحديد سن الأضحية توقيفى ولا عبرة لكثرة اللحم لأن الاعتبار لبلوغ سن التلقيح. 3 - حديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا سفر ومن غير خوف ولا مطر. يرد عليه التأويل ولا يعمل به بإطلاق. 4 - فى أقوال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد السعة للجمع بين الصلاتين فى اليوم المطير وفى الليلة الباردة مع مراعاة الشروط التى اشترطوها فى كل عذر. 5 - التراويح التى جمع الناس عليها عمر بن الخطاب سنة مؤكدة فى قول فقهاء المذاهب عدا مالك، وهى أولى وأحق بالاتباع. 6 - أوقات الصلوات بدءا ونهاية حددتها أحاديث المواقيت بعلامات طبيعية هى الأساس فى تحديد هذه الأوقات الآن بالدقائق والساعات حسابيا. 7 - تختلف مدة وقت المغرب بدءا ونهاية حسابيا من بلد لآخر تبعا لاختلاف خطوط الطول والعرض. مضمون سُئل : بالطلب المقدم من السيد / س د ص إمام قرية كفر كنا - قضاء الناصرة فى إسرائيل - المتضمن طلب بيان الحكم الشرعى والإجابة عن الأسئلة الآتية. 1 - بعض العمال عندنا يشتغلون فى بعض الشركات، وعند قبض النقود آخر الشهر تبقى الشركة قسما من المال لهذا العامل أو لجميع العمال عندها فى البنوك، وبعد خمس سنوات تبلغ الشركة كل عامل أنه يوجد لك عندنا ثمانية آلاف شيكل، وبعد خمس سنوات أخرى تسلم كل عامل ستة عشر ألف شيكل. فهل يطيب للمسلم أخذ هذا المال ولا يعد ربا، أم كيف يكون الحكم فى هذه القضية. 2 - بعض الناس عندنا يعتنون بتربية البقر عربا ويهودا من الجنس الهولندى. وبعد مضى عشرة أشهر على ولادة رأس البقر من هذا النوع ، يبلغ وزنه ( 230 ). كيلو فإذا بقى رأس البقر بعد هذه المدة لا يزيد وزنه شيئا ، ويخسر صاحبه علفه وتربيته بدون فائدة على رأى أهل المعرفة بتربية الأبقار. فهل تجوز الأضحية برأس البقر الذى هذا وزنه وسنه كما ذكرنا بخلاف السن المقررة للأضحية فى كتب الفقه مع العلم بأن البقر البلدى بعد تمام السن المقررة لا يصل إلى هذا الوزن. والناس عندنا يسألون عن حكم الأضحية من هذا النوع من البقر بهذه السن. ولم نر قولا للفقهاء يرشد إلى الحكم فى مثل هذه القضية. 3 - نحن نجمع بين الصلاتين فى اليوم المطير بين الظهر والعصر جمع تقديم. وفى الليلة المطيرة أو الباردة تجمع بين المغرب والعشاء بدون نزول المطر ولكن الجو يكون باردا - وهذا ما درج عليه الإمام السابق الشيخ م م ع الذى سكن فى بلدنا سبع عشرة سنة. وقد سرنا على عمله هذا. وكان يأخذ بحديث ابن عباس رضى الله عنه الذى رواه خمسة من حفاظ الحديث كما ذكر صاحب كتاب التاج فى المجلد الأول أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا سفر، ومن غير خوف ولا مطر رواية الإمام مسلم. 4 - نحن نقوم بصلاة التراويح بثمان ركعات لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على ثمان ركعات، وإذا قمنا بصلاة عشرين ركعة فإن المصلين يطلبون التخفيف كل التخفيف، والنفس لا تطمئن إلى هذا التخفيف الذى يطلبونه ولا تتم الأركان به. ونحن نرى أن صلاة التراويح بثمان ركعات بالاطمئنان أولى من التخفيف الذى يطلبونه فما رأيكم. 5 - كم الوقت بين المغرب والعشاء - أن صاحب كتاب روضة المحتاجين فى الفقه الشافعى يقول : لقد قدروا الوقت بين المغرب والعشاء من ساعة واحدة إلى ساعة وأربع دقائق. وقد قرأنا فى رسالة حجمها صغير فى الفقه المالكى يقول المؤلف ساعة وثمان دقائق - وأنا رأيت الشفق الأحمر قد غاب فى بلدنا بعد ساعة وعشر دقائق. السؤال : 1 - استبقاء الشركة لجزء من مرتب العامل وإيداعه بالبنوك ومضاعفته له بعد خمس سنوات، وبعد خمس سنوات أخرى تضاعفه له أكثر - هل يعتبر هذا من باب الربا، أم لا يعتبر ربا. وهل يحل للمسلم الانتفاع به أم لا. 2 - هل المعتبر فى الأضحية كثرة لحمها، أم المعتبر هو سنها الذى حدده الفقهاء، بحيث إذا نقصت عن السن لا تجوز التضحية بها. 3 - هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم فى اليوم المطير وفى الليلة المطيرة أو الباردة هل يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء حتى ولو لم ينزل مطر ما هى أقوال الفقه فى هذا الموضع. 4 - كم عدد ركعات صلاة التراويح. 5 - كم من الوقت بين المغرب والعشاء هل هو ساعة وأربع دقائق، أم ساعة وثمان دقائق، أم ساعة وعشر دقائق. أجاب : عن السؤال الأول : إن الله سبحانه وتعالى دعا إلى العمل وكسب الرزق فقال فى القرآن الكريم { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } الجمعة 10 ، وأمر بالإنفاق من طيب الكسب فقال { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } البقرة 267 ، ونهى عن أكل المال بالباطل فقال { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } البقرة 188 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، ومن أكل الأموال بالباطل الربا. وقد نهى الله عنه فى آيات كثيرة منها قوله سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون } آل عمران 130 ، وقال تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 75 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 278 ، 279 ،قال أبو بكر الجصاص الحنفى فى كتابه ( ج 1 ص 551 وما بعدها ط. المطبعة البهية بالقاهرة سنة 1347 هجرية ) أحكام القرآن فى تفسير قول الله سبحانه : { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس }. ( أصل الربا فى اللغة هو الزيادة، وهو فى الشرع يقع على التفاضل وعلى النسيئة فيكون كل من ربا الزيادة وربا النسيئة محرما ، ولا خلاف فى هذا بين فقهاء مذاهب الأئمة الأربعة، باعتبار أن آيات تحريم الربا فى سورة البقرة هى آخر مانزل فى شأنه من القرآن، كما روى ذلك عن عمر وابن عباس، وسعيد بن جبير رضى الله عنهم ( الدر المنثور فى التفسير بالمأثور السيوطى ج1 ص 365 وعلى هامشه التفسير المنسوب لابن عباس ). وجاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة ومصدقة. من هذا ما روى عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو أستزاد فقد أربى )( رواه البخارى وأحمد - كتاب نيل ألأوطار ج 5 - ص 190 ) لما كان ذلك : فإذا كانت نقود العمال التى تستبقيها الشركات لديهما مودعة فى البنوك للاستثمار بفائدة مقدرة مقدما زمنا ومقدارا ، كأن تكون بواقع كذا فى المائة سنويا ، كانت هذه الفائدة داخلة فى نطاق ربا الزيادة المحرم شرعا ، لأن ربا الزيادة فى عرف الفقهاء : هو زيادة مال فى معارضة مال بمال دون مقابل، وإيداع الأموال لدى البنوك بفائدة محددة مقدما زمنا ومقدارا من باب القرض بفائدة ، أما إذا كانت هذه الأموال مودعة من الشركة فى البنوك للاستثمار العادى، دون تحديد لقدر الفائدة وزمنها كانت مباحة ، لأنها تدخل فى نطاق الاستثمار المشروع، وعندئذ يطيب للعامل الانتفاع بهذا العائد من أمواله المدخرة والمستثمرة بطريق مشروع فى الإسلام. عن السؤال الثانى : جرى فقه أئمة المسلمين على أنه لا يجرىء فى الأضحية إلا الأنعام، وهى الإبل والبقر والغنم ، لقوله تعالى { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } الحج 28 ، وأقل ما يجزىء من هذه الأنواع فى الأضحية الجذع من الضأن، والثنية من المعز وغيرها. لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تذبحوا إلا مسنة، إلا إن تعسر عليكم ، فاذبحوا جذعة من الضأن ) وروى عن على رضى الله عنه قال : ( ولا يجوز فى الضحايا إلا الثنى من المعز والجذعة من الضأن ) وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : ( لا تضحوا بالجذع من المعز والإبل والبقر ) والثنى من البقر والمعز ما كان لها سنتان ودخلت فى الثالثة، ومن الإبل ما كان لها خمس سنوات ودخلت فى السادسة ، وقد جزم الثقات من أهل اللغة بأن الجذع من الضأن والماعز والظباء والبقر ما أتم عاما كاملا ودخل فى الثانى من أعوامه فلا يزال جذعا حتى يتم عامين ويدخل فى الثالث فيكون ثنيا وتحديد سن الأضحية توقيفى، بمعنى أنه ثابت بالسنة الصحيحة أن الجذع من الضأن كاف تجوز به الأضحية، أما من غيره فلا تجزىء وليست الحكمة فى هذا - والله أعلم - كثرة اللحم مع تلك السن أو قلته مع هذه، وإنما الحكمة كما نقل بعض الفقهاء أن الجذع من الضأن يلقح أنثاه، ولا يلقح الجذع من غير الضأن أنثاه ( المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى الشافعى ج 8 ص 392 - 394 - مع فتح العزيز للرافعى ج 3 ص 238 وما بعدها ومواهب الجليل مع التاج والأكليل شرح مختصر خليل والمغنى لابن قدامة الحنبلى مع الشرح الكبير ج 11 ص 99 وما بعدها والروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير ج 3 و 143 والفتح الربانى لترتيب مسند الامام أحمد مع شرح بلوغ الأمانى ج 11 ص 71 وما بعدها باب السن الذى يجزىء فى الأضحية والاختبار شرح المختار فى الفقه الحنفى ج 1 ص 171، وكتاب جواهر الكلام فى شرح شرائع الإسلام لقاضى محمد حسن باقر فى أحكام الهدى والأضحية من كتاب الحج، وهو الذى نقل بعض الآثار التى تشير إلى أن تحديد سن الأضحية توقيفى، وأن ذلك مراعى فيه من التلقيح فى كل نوع سن الأنعام). لما كان ذلك : لم تجزىء الأضحية من البقر المسئول عنه مادام سنه منذ ولادته عشرة أشهر، ولابد لجوازه أضحية مشروعة أن يكون له عامان ودخل فى الثالث على ما تقدم بيانه لأن الاعتبار لبلوغ سن التلقيح لا لكثرة اللحم. وعن السؤال الثالث : اتفق الفقهاء بوجه عام على أن الحجاج يجمعون بعرفات بين الظهر والعصر فى وقت الظهر، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة فى وقت العشاء هذا ثابت بالإجماع، ولا يجوز جمع صلاة الصبح إلى غيرها، ولاصلاة المغرب إلى العصر بالإجماع كذلك. أما فى غير هذا - فقد اختلفت كلمة الفقهاء بما موجزة : فى فقه مذهب الامام أبى حنيفة : لا يجوز الجمع بين صلاتين فى وقت واحد، لا فى السفر ولا فى الحضر. وللجمع فى عرفات شروط موضحة فى كتب فقه هذا المذهب. وفى فقه مذهب الإمام مالك : أن السفر والمرض والمطر والطين مع الظلمة فى آخر الشهر ووجود الحاج بعرفة وبالمزدلفة، كل أولئك أسباب للجمع فيما أجيز الجمع فيه. أى فيما عدا صلاة الصبح، فلا تجمع إلى غيرها وصلاة المغرب، فلا تجمع إلى العصر، والمقصود بالمطر، الغزير الذى يحمل أواسط الناس على تغطية الرؤوس، أو وجد وحل كبير، يتعذر معه على أواسط الناس السير فيه بالحذاء، فى هذه الحالة يجوز جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم محافظة على صلاة العشاء فى جماعة من غير مشقة، وهو خلاف الأولى، وجوازه على هذا الوجه عند المالكية خاص بالمسجد ولا يمتد الجواز إلى المصلى فى غير الجماعة، وفى غير المسجد. وفى فقه مذهب الإمام الشافعى : يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر بشروط السفر ، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر للمقيم غير المسافر ، بشرط أن يكون المطر بحيث يبل أعلى الثوب أو أسفل النعل، ومثل المطر الثلج والبرد الذائبان ومن الشروط التى شرطها فقهاء المذهب فى هذه الحالة أن يكون المطر ونحوه موجودا عند تكبيرة الإحرام. وفى فقه مذهب الإمام أحمد : يسن الجمع بين الظهر والعصر تقديما للحاج بعرفات، والمغرب والعشاء تأخيرا بالمزدلفة. وقد قال ابن قدامة الحنبلى فى المغنى : إن جملة القول فى الجمع بين الصلاتين فى السفر فى وقت إحداهما جائز فى قول أكثر أهل العلم، وفى موضع آخر قال : ويجوز الجمع لأجل المطر بين المغرب والعشاء، وكذلك بسبب البرد والثلج والوحل والريح الشديدة الباردة، ويشترط لجمع التقديم استمرار العذر المبيح للجمع إلى فراغ وقت الثانية، ولجمع التأخير بقاء العذر المبيح للجمع من حين نية الجمع وقت الإحرام للدخول فى الاولى الى دخول وقت الثانية. أما عن الحديث المشار إليه فى السؤال. فقد قال ابن قدامة إنه لا يجوز الجمع لغير من ذكرنا ( يعنى أصحاب الأعذار ومنها المطر ) وقال ابن شبرمة يجوز إذا كانت حاجة أو شىء ما لم يتخذه عادة. لحديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. فقيل لابن عباس - لم فعل ذلك. قال : أراد ألا يحرج أمته. ثم قال ابن قدامة : ولنا عموم أخبار التوقيت وحديث ابن عباس حملناه على حالة المرض، ويجوز أن يتناول من عليه مشقة كالمرضع والشيخ الضعيف، وأشباههما ممن عليه مشقة فى ترك الجمع، ويحتمل أنه صلى الأولى فى آخر وقتها والثانية فى أول وقتها، فإن عمرو بن دينار روى هذا الحديث عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال عمرو : قلت لجابر : أبا الشعثاء : أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء. قال : وأنا أظن ذلك. وبهذا القول يظهر أن التأويل وارد على الحديث الذى أشار إليه السؤال وأنه لا يعمل به بإطلاق. هذا : وفى أقوال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد السعة لهذا العذر الوارد فى السؤال وغيره مع الشروط التى اشترطوها لكل عذر والأقوال فى جملتها تسرى على تلك الحالة الموصوفة فى السؤال، وإن كنت أميل إلى القول بأن الأولى مراعاة المواقيت لكل صلاة، أخذا بعموم الأدلة وعلى المسلم أن يتحرى وقت العبادة ولو أصابته بعض المشقة، إلا إذا كانت مشقة معجزة، فعندئذ تكون الرخصة. عن السؤال الرابع : الإجماع منعقد منذ عصر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن قيام شهر رمضان مرغوب فيه أكثر من سواه من الأشهر. لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخارى عن أبى هريرة أما التراويح التى جمع الناس عليها عمر بن الخطاب، فهى سنة مؤكدة فى قول فقهاء المذاهب عدا مالك وقد اختلف الفقهاء فى المختار من عدد ركعاتها، فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك فى أحد قوليه والشافعى وأحمد وداود هى عشرون ركعة سوى الوتر وروى عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلاثين ركعة ، والوتر ثلاث. وسبب اختلاف الفقهاء فى عدد الركعات، اختلاف الرواية فى ذلك، وقد روى عن أبى حنيفة فى هذا قوله ( الاختيار شرح المختار ج 1 ص 67 ) التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه ( جاء فى القاموس تخرصه، افترى عليه ) عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد سن عمر ( يعنى عشرين ركعة للتراويح عدا ركعات الوتر الثلاث ) هذا والصحابة متوافرون، وما رد عليه واحد منهم ووافقوه وأمروا بذلك وعند مالك التراويح مندوبه ندبا أكيدا لكل مصلى من الرجال والنساء. هذا ويسن إقامتها فى جماعة سنة كفاية، لو تركها أهل مسجد أثموا، وإن تخلف عن الجماعة أفراد وصلوا فى منازلهم لم يكونوا مسيئين والجماعة مندوبة فيها عند الإمام مالك. أما حديث عائشة الذى رواه البخارى والمشار إليه فى السؤال، فليس نصا فى عدد ركعات صلاة التراويح، وإلا لما احتج الإمام أبو حنيفة على أنها عشرون ركعة بما سنه عمر، ولما خفى عن عمر أيضا والصحابة متوافرون موافقون على ما سن للناس. لما كان ذلك : كان ما سنة عمر بن الخطاب رضى الله عنه أولى وأحق بالأتباع. هذا : والتخفيف فى الصلاة. لاسيما فى الجماعة مطلوب لحديث معاذ المشهور فى هذا الموضع، لكن ليس معنى التخفيف أن لا يحسن الإمام القراءة ولا أن يتمها، بل يتحرى أقل ما تجوز به صلاة الجماعة مع الاطمئنان والخشوع ، الذى هو الفرض الأصلى فى الصلاة، ومن شقت عليه الجماعة فلينفرد، لكن لا يخلو مسجد من الجماعة فى التراويح. عن السؤال الخامس : أوقات الصلوات بدءا ونهاية حددتها أحاديث المواقيت بعلامات طبيعية هذه العلامات هى الأساس فى تحديد هذه الأوقات الآن بالدقائق والساعات حسابيا. ووقت المغرب يبدأ من غروب الشمس، وينتهى بمغيب الشفق الأحمر الذى يظهر فى الأفق الغربى بعد غروب الشمس، وهذا قول الأئمة مالك والشافعى وأحمد وأبى يوسف ومحمد صاحبى الأمام أبى حنيفة، أما الأمام أبو حنيفة فقال إن وقت العشاء يدخل بانتهاء وقت المغرب ، وهذا إنما ينتهى بدخول الظلمة والسواد فى الأفق بحيث لا يكون به بياض. وتختلف مدة وقت المغرب بدءا ونهاية حسابيا من بلد لآخر تبعا لاختلاف خطوط الطول والعرض وهذه حقيقة علمية لم تعد موضع جدل. لما كانت ذلك : كان لكل بلد موقته الحسابى، ولعل ما جاء فى الكتب التى قرأها السائل، كان بيانا للوقت فى بلد المؤلف للكتاب، ولا يصلح أن يكون وقتا لكل البلاد لما تقدم من اختلاف التوقيت الحسابى تبعا لموقع البلد على أرض الله، فالعلم الذى علمه الله الإنسان آية على امتداد أحكام الإسلام وشمولها لكل زمان ومكان. ولنقرأ قول الله سبحانه لرسول صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم فى مواقيت الصلاة { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } الإسراء 78 ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
رقم الفتوى: ( 1201 ) الموضوع: تنظيم النسل وفوائد البنوك المحددة. المفتى: فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق.22 صفر 1401 هجرية. المبادئ : 1- العزل مباح باتفاق الزوجين أما تنظيم النسل فأمر لا تأباه الشريعة قياسا على العزل، ويقصد بالتنظيم المباعدة بين فترات الحمل. 2- منع الحمل نهائيا غير جائز شرعا. 3- فوائد البنوك محرمة شرعا ما دامت محددة المقدار. سُئل : بالطلب المقيد برقم 182 سنة 1980 وقد رغب فيه السائل بيانحكم الشرع فى الأمور الآتية : 1 - مسألة تحديد النسل. وهل هناك نص فى كتاب الله يبيحها من حيث إنه المصدر الرئيسى للتشريع لأن كل من يتصدى للكلام فى هذا الموضوع يأتى مستندا إلى حديث شريف فقط - وأيضا موقف الآية الكريمة، وهى قوله الله تعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } من مسألة تحديد النسل. 2- مكان تواجد الوادى المقدس طوى حيث اختلفت الآراء فيه أهو بسيناء أم بفلسطين. 3- مسألة الفوائد التى تعطيها أو تدفعها البنوك أو الشركات على المبالغ المدفوعة لديها أو المستثمرة بمعرفتها - هل تلك الفوائد تعد ربا أم لا. أجاب : عن السؤال الأول إن مصدر الأحكام فى الإسلام أصلان أساسيان. هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، يدل على هذا القول الرسول صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) - أخرجه الحاكم عن أبى هريرة رضى الله عنه ( كتاب البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث الشريف ج - 2 ص 248 و 249 ) وباستقراء آيات القرآن الكريم، نرى أنه لم يرد فيها نص صريح يحرم الإقلال من النسل، أو منعه وإنما جاء فيه ما جعل المحافظة على النسل من المقاصد الضرورية للأحكام الشرعية ( الموافقات للشاطبى ج - 2 ص 8 وما بعدها فى مقاصد الشريعة ) لكن ورد فى كتاب السنة الشريعة أحاديث فى الصحيح وغيره تجيز العزل عن النساء، بمعنى أن يقذف الرجل ماءه خارج مكان التناسل من زوجته، بعد كمال اتصالهم جنسيا وقبل تمامه. من هذه الأحاديث ما رواه جابر قال (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل) متفق عليه - وروى مسلم (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فلم ينهنا). (منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 6 ص 195 و 196 ) وقد اختلف الفقهاء فى إباحة العزل - بذلك المعنى - كوسيلة لمنع الحمل والإقلال من النسل أو كراهيته، وفى هذا يقول الإمام الغزالى فى كتاب إحياء علوم الدين فى آداب النكاح فى حكم العزل ما موجزه إن العلماء اختلفوا فى إباحة العزل وكراهيته على أربعة أقوال فمنهم من أباح العزل بكل حال، ومنهم من حرمه بكل حال ، وقائل منهم أحل ذلك برضاء الزوجة، ولا يحل بدون رضائها، وآخر يقول إن العزل مباح فى الإماء (المملوكات) دون الحرائر (الزوجات) - ثم قال الغزالى إن الصحيح عندنا - يعنى مذهب الشافعى - أن ذلك مباح. ويكاد فقهاء المذاهب يتفقون على أن العزل - أى محاولة منع التقاء منى الزوج ببويضة الزوجة - مباح فى حالة إتفاق الزوجين على ذلك، ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر، والدليل على هذه الإباحة ما جاء فى كتب السنة من أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وأن ذلك بلغه ولم ينه عنه، كما جاء فى رواية مسلم عن جابر. وإذ كان ذلك كانت إباحة تنظيم النسل أمرا لا تأباه نصوص السنة الشريفة قياسا على العزل الذى كان معمولا به وجائزا فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء فى رواية الإمام مسلم فى صحيحه عن جابر قال (كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل) كما جاء فى رواية الإمام البخارى فى صحيحه - والمقصود بتنظيم النسل بهذا المفهوم هو المباعدة بين فترات الحمل، محافظة على صحة الأم وحفظا لها من أضرار كثرة الحمل والولاده المتتالية أو لتفرغها لتربية من لديها من أولاد بل وكما جاء فى إحياء علوم الدين للغزالى ونيل الاوطار للشوكانى : أن من الامور التى تحمل على العزل الاشفاق على الولد الرضيع خشية الحمل مدة الرضاع أو الفرار من كثرة العيال والفرار من حصولهم من الأصل ، أما إذا قصد من منع الحمل وقف الصلاحية للإنجاب نهائيا، فإن ذلك أمر يتنافى مع دعوة الإسلام ومقاصده فى المحافظة على إنسال الإنسان إلى ما شاء الله وقول الله سبحانه وتعالى { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } الإسراء 31 ، لا يتنافى مع ما قال به جمهور فقهاء المسملين من إباحة العزل عن الزوجة قصدا لتأخير الحمل، أو وقفه مؤقتا لعذر من الأعذار المقبولة شرعا - ذلك أن هذه الآية جاءت فى النهى عن قتل الأولاد، ومنع حدوث الحمل بمنع التلقيح الذى هو النواة الأولى فى تكوين الجنين لا يعد قتلا لأن الجنين لم يتكون بعد إذا ما تم العزل، ولم يلتق منى الزوج ببويضة الزوجة إذ لم يتخلقا ولم يمرا بمراحل التخلق التى جاءت - والله أعلم - فى قوله تعالى { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطقة فى قرار مكين } المؤمنون 12 ، 13 ، وبينها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين يوما وأربعين ليلة أو أربعين ليلة ثم يكون علقة مثله، ثم يكون مضغة مثله، ثم يبعث الله إليك الملك، فيؤذن بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله ، وشقى أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها) ( كتاب الأحاديث القدسية ج - 1 و 2 ص 107 طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ) أخرجه البخارى مواضع من صحيحه. ومن ثم فلا يعد العزل أو استعمال أى مانع حديث قتلا للولد، وإلا لنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن السؤال الثانى قوله سبحانه وتعالى فى سورة طه { إنك بالواد المقدس طوى } طه 12 ، جاء فى تفسير ابن جرير الطبرى فى رواية ابن وهب ذلك رالوادى هو طوى حيث كان موسى، وحيث كان إليه من الله ما كان. قال وهو نحو الطور وفى تفسير ابن كثير رواية عن ابن عباس رضى الله عنهما أن هذا اسم لهذا الوادى ومثله فى تفسير الألوسى. وفى تفسير فتح القدير للشوكانى وطوى اسم موضع بالشام. وفى لسان العرب فى مادة (ودى) قال ابن سيده الوادى كل مفرج بين الجبال والتلال والآكام، سمى بذلك لسيلانه، يكون مسلكا للسيل ومنفذا. وفيه فى مادة (طوى) طوى جبل بالشام، وقيل هو واد فى أصل الطور ويكون هذا اللفظ اسما لهذه البقعة كما قال تعالى { فى البقعة المباركة من الشجرة } القصص 30 ، ومن قرأ طوى بالكسر، فعلى معنى المقدسة مرة بعد مرة، وقال بعضهم إن كوى بالضم مثل طوى بالكسر وهى الشىء المثنى، وقوله تعالى { إنك بالواد المقدس طوى } طه 12 ، أى طوى مرتين أى قدس، وهذا الوادى غير ذو طوى بالقصر ، لأن هذا واد بمكة، وذو طواء ممدود موضع بطريق الطائف، وقيل واد. وفى مختصر ( مختصر كتاب البلدان لأبى بكر أحمد بن محمد الهمزانى المعروف بابن الفقيه طبع لندن. سنة 1302 هجرية - ص 57 و 99 ) كتاب البلدان وطول مصر من الشجرتين اللتين بين رفح والعريش إلى أسوان، وعرضها من برقة إلى أيلة وفى موضع آخر. والطور الذى كلم الله عز وجل فيه موسى وهو فى صحراء التيه فيما بين القلزم وأيلة ( جاء فى كتاب تاريخ سيناء القديم والحديث لنعوم شقير طبع دار المعارف سنة 1916 م. ص 18 و 20 أن القلزم هى السويس الحالية وأن أيلة هى التى عرفت باسم العقبة على رأس خليج العقبة الحد الفاصل بين مصر والحجاز ( ولعلها ايلات الاسرائيلية الآن )) والظاهر من هذا ومما أورده ابن منظور فى كتاب لسان العرب فى مادتى ودى وطوى - أن المعنى بهذه الآية - والله أعلم - الوادى الذى فى أصل جبل الطور الذى كلم الله عز وجل فيه موسى عليه السلام، فهو فى أرض مصر بسيناء. وكما عبر مختصر كتاب البلدان وهو (فى صحراء التيه بين القلزم وأيلة) وهذا ما قال ابن جرير الطبرى فى تفسيره - حسبما تقدم - وليس صحيحا أنه بالشام أو فلسطين، لأن الوحى لموسى كان فى أرض سيناء بمصر. وعن السؤال الثالث إن الربا فى اصطلاح الفقهاء هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال وبهذا يكون ما يؤديه المدين إلى الدائن زيادة على أصل الدين نظير مدة معلومة من الزمن مع الشرط والتحديد من الربا ، كما تكون الزيادة عند مقايضة شيئين من جنس واحد من الربا أيضا، والربا محرم فى الإسلام بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم، سواء منها ما حكت تحريمه فى الشرائع السابقة أو ما جاء تشريعا للإسلام، وكان من آخر القرآن نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } البقرة 278 ، 279 ، وروى البخارى ومسلم وغيرهما من أصحاب السنن عن أبى سعيد الخدرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى المعطى والآخذ منه سواء) وهذا اللفظ لمسلم. وبهذه النصوص وغيرها فى القرآن والسنة يحرم الربا بكل أنواعه وصوره سواء كان زيادة على أصل الدين، أو زيادة فى نظير تأجيل الدين وتأخير سداده، أو اشتراط ضمان هذه الزيادة فى التعاقد مع ضمان رأس المال. لما كان ذلك. وكانت الفوائد المسئول عنها التى تقع فى عقود الودائع فى البنوك، وفى صناديق التوفير فى البريد، وفى البنوك، وفى شهادات الاستثمار محددة المقدار بنسبة معينة من رأس المال المودع، وكانت الوديعة على هذا من باب القرض بفائدة، ودخلت فى نطاق ربا الفضل أو ربا الزيادة كما يسميه الفقهاء وهو محرم فى الإسلام بعموم الآيات فى القرآن الكريم وبنص السنة الشريفة وبإجماع المسلمين لا يجوز لمسلم أن يتعامل بها أو يقتضيها، لأنه مسئول أمام الله عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه كما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه الترمذى ونصه (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمله فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) ( صحيح الترمذى ج 9 ص 253 فى أبواب صفة القيامة والرقائق والورع ) والله سبحانه وتعالى أعلم.