اسرة التحرير- Admin
- عدد المساهمات : 3695
تاريخ التسجيل : 23/01/2014
من طرف اسرة التحرير الخميس نوفمبر 12, 2015 7:17 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الإسلامية
روض السائلين لفتاوى سيد المرسلين
● [ فتاوى تتعلق بالموت وبالموتى ] ●
144 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن موت الفجاءة، فقال: «راحة للمؤمن، وأخْذَةُ أسفٍ للفاجر» . ولهذا لم يكره أحمد موت الفجاءة في إحدى الروايتين عنه، وقد روي عنه كراهتها، وروي في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجدار أو حائط مائل، فأسرع المشي، فقيل له في ذلك، فقال: «إني أكره موتَ الفوات» ، ولا تنافي بين الحديثين فتأمله.
145 - وسئل: تمر بنا جنازة الكافر، أفنقوم لها؟ قال: «نعم، إنكم لستم تقومون لها، إنما تقومون إعظاماً للذي يقبض النفوس» ، وقام لجنازة يهودية؛ فسئل عن ذلك، فقال: «إن للموت فزعاً، فإذا رأيتم فقوموا» .
146 - وسئل: عن امرأة أوْصتْ أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فدعا بالرقبة، فقال: «مَنْ ربك» ؟ قالت: الله، قال: «من أنا؟» قالت: رسول الله، قال: «أعتقها فإنه مؤمنة» .
147 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه: هل ترَدُّ إلينا عقولنا في القبر وقت السؤال؟ فقال: «نعم كهيئتكم اليوم» .
148 - وسئل عن عذاب القبر، فقال: «نعم عذاب القبر حق» .
● [ فتاوى عن الصدقة والزكاة ] ●
149 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن صدقة الإبل، فقال: «ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها -ـ ومن حقها حلبها يوم ورودها -ـ إلا إذا كان يوم القيامة بُطحَ لها بقاع قرْقر أوْفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً تَطؤُه بأخفافها وتعَضه بأفواهها، كلما مر عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» .
150 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن البقر، فقال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرْقَر لا يفقد منها شيئاً ليس فيها عَقْصاء ولا جَلحاء ولا عَضْباء، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما مرت أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» .
151 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الخيل فقال: «الخيل ثلاثة: هي لرجل وزْر، ولرجل ستر، ولرجل أجر» . «فأما الذي له أجر، فرجل رَبطها في سبيل الله، فأطال لها في مرْج أو روضة، فما أصابت في طيلها، فاستنَّتْ شرفاً أو شرفين كانت له آثارها وأرواؤها حسنات، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كانت له حسنات؛ فهي لذلك الرجل أجر». «ورجل رَبطها تغنياً وتعففاً، ثم لم يَنْسَ حق الله في رقابها، ولا في ظهورها؛ فهي لذلك الرجل ستر». «ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر».
152 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الخمر؛ فقال: «ما أنزل الله عليَّ فيها شيئاً إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } » (الزلزلة: 7، 8).
153 - وسألته صلى الله عليه وسلم أمُّ سلمة فقالت: إني ألبس أوْضاحاً من ذهب، أكنزٌ هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» .
154 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أفي المال حق سوى الزكاة؟ قال: «نعم» ثم قرأ: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصلاةَ وَءَاتَى الزكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَآءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَائِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } (البقرة: 177).
155 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقال: إن لي حلياً، وإن زوجي خفيف ذات اليد، وإن لي ابن أخ، أفيجزىء عني أن أجعل زكاة الحلي فيهم؟ قال: «نعم» .
156 - وذكر ابن ماجة أن أبا سيارة سأله فقال: إن لي نحلا، فقال: «أدِّ العشر» ، فقلت: يا رسول الله احمها لي، فحماها لي.
157 - وسأله صلى الله عليه وسلم العباس عن تعجيل زكاته قبل أن يحول الحول، فأذن له في ذلك.
158 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن زكاة الفطر، فقال: «هي على كل مسلم، صغيراً أو كبيراً، حراً أو عبداً، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو أقطٍ» .
159 - وسأله صلى الله عليه وسلم أصحاب الأموال فقالوا: إن أصحاب الصدقة يعتدون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ قال: «لا» .
160 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني ذو مال كثير، وذو أهل وولد وحاضرة فأخبرني كيف أنفق؟ وكيف أمنع؟ فقال: «تخرج الزكاة من مالك، فإنها طهْرة تطهرك، وتصلُ بها رحمك وأقاربك، وتعرف حق السائل والجار والمسكين» ، فقال: يا رسول الله أقلل في، قال:{وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } (الإسراء: 26) فقال: حسبي، وقال: يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ قال رسول الله: «نعم، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها، ولك أجرها، وإثمها على من بدَّلها» .
161 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصدقة على أبي رافع مولاه، فقال: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم» .
162 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر عن أرضه بخيبر، واستفتاهُ ما يصنع فيها وقد أراد أن يتقرب بها إلى الله، فقال: «إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها» ففعل. وتصدق عبد الله بن زيد بحائط له، فأتاه أبَواه فقالا: يا رسول الله إنها كانت قيم وجوهنا، ولم يكن لنا مال غيره، فدعا عبد الله فقال: «إن الله قد قبل منك صدقتك، وردّها على أبويك» ، فتوارثاها بعد ذلك.
163 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الصدقة أفضل؟ فقال: «المنيحَة» أن يمنح أحدكم الدرهم أو ظهر الدابة أو لبنَ الشاة أو لبنَ البقرة.
164 - وسئل صلى الله عليه وسلم مرة عن هذه المسألة، فقال: «جهدُ المقِل، وابدأ بمن تعول».
165 - وسئل صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عنها، فقال: «أن تَتصدَّقَ وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى».
166 - وسُئل صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عنها فقال: «سقي الماء» .
167 - وسئل صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عنها، فقال.
168 - وسأله صلى الله عليه وسلم سُراقة بن مالك عن الإبل تَغشى حِياضه: هل له من أجر في سقيها؟ فقال: «نعم، في كل كبدٍ حَرَّى أجر» .
169 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأتان عن الصدقة على أزواجهما، فقال: «لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة» . وعند ابن ماجة: أتجزىء عني من النفقة الصدقة على زوجي وأيتامٍ في حجري؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لها أجران، أجر الصدقة وأجر القرابة» .
170 - وسألته صلى الله عليه وسلم أسماء فقالت: ما لي مال إلا ما أدخل عليّ الزبير، أفأتصدَّق؟ فقال: «تصدقي ولا تُوعي فيوعَى عليك» .
171 - وسأله صلى الله عليه وسلم مملوك: أتصدق من مال مولاي بشيء؟ فقال: «نعم والأجْرُ بينكما نصفان» .
172 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه عن شراء فرس تصدق به، فقال: «لا تشتره ولا تَعُدْ في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالعائد في قيْئِهِ» .
173 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن المعروف، فقال: «لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئاً، ولو أن تُعْطِي صِلَة الحبل، ولو أن تعطى شِسْع النعل، ولو أن تفْرغَ من دَلوك في إناء المستسقي، ولو أن تُنحِّيَ الشيءَ من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تَلقَى أخاك ووجهك إليه طَلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوَحشان في الأرض» . فللَّه ما أجل هذه الفتاوى، وما أحلاها، وما أنفعها، وما أجمعها لكل خير، فوالله لو أن الناس صرفوا همهم إليها لأغنتهم عن فتاوى فلان وفلان، والله المستعان.
174 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني تصدقت على أمي بعبد وإنها ماتت، فقال: «وَجَبَتْ صدقتك، وهو لك بميراثك» .
175 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، فقال: «وَجَبَ أجركِ، وردَّها عليك الميراثُ» .
176 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم» .
177 - وسأله آخر فقال: إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم» .
178 - وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: إن أبي مات ولم يوصِّ، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: «نعم» .
179 - وسأله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام فقال: يا رسول الله أمور كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة؛ هل لي فيها أجر؟ قال: «أسلمْتَ على ما سلف لك من خير» .
180 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن ابن جُدْعَان؛ وأنه كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين؛ فهل ذلك نافعه؟ فقال: «لا ينفعه؛ إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» .
181 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الغنى الذي يحرم المسألة؛ فقال: «خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب» . ولا ينافي هذا جوابه للآخر: ما يغديه أو يعشيه . فإن هذا غناء اليوم، وذاك غناء العام بالنسبة إلى حال ذلك السائل، والله أعلم.
182 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أرسل إليه بعطاء؛ فقال: أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئاً، فقال: «إنما ذلك عن المسألة، فأما ما كان عن غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه الله» فقال عمر: والذي نفسي بيده لا أسأل أحداً شيئاً، ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته.
● [ فتاوى تتعلق بالصوم ] ●
183 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الصوم أفضل؟ فقال: «شعبان لتعظيم رمضان» قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان» . والذي في الصحيح أنه سئل: أي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: «شهر الله الذي تَدْعونه المحرم» قيل: فأي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: «الصلاة في جوْف الليل» . قال شيخنا : ويحتمل أن يريد بشهر الله المحرم أول العام، وأن يريد به الأشهر الحُرم، والله أعلم.
184 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله، دخلت عليَّ وأنتَ صائم، ثم أكلت حَيساً، فقال: «نعم، إنما منزلة مَنْ صام في غير رمضان، أو قَضى رمضان في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة من ماله، فجادَ منها بماء شاء فأمضاه، وبَخل بما شاء فأمسكه» . ودخل صلى الله عليه وسلم على أم هانىء فشرب، ثم ناولها فشربت، فقالت: إني كنت صائمة، فقال: «الصائم المتطوع أميرُ نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر» وذكر الدارقطني أن أبا سعيد صنع طعاماً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَنعَ لك أخوك طعاماً وتكلف لك أخوك أفطِر وصُمْ يوماً آخر مكانه» . وذكر أحمد أن حَفصةَ أُهدِيَتْ لها شاة، فأكلت منها هي وعائشة وكانتا صائمتين، فسألتا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «أبدلا يوماً مكانه» .
185 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: قد اشتكيت عيني، أفأكتحل وأنا صائم، قال: «نعم» وذكر الدارقطني أنه سُئل أفريضةٌ الوضوءَ من القيْء؟ فقال: «لا،» لو كان فريضة لوجدته في القرآن . وفي إسناد الحديثين مَقال.
186 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر بن أبي سلمة، أيقبِّلُ الصائم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سل هذه» لأمِّ سَلمة، فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، قال: يا رسول الله، قد غَفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأتقاكم لله وأخشاكم له» . وعند الإمام أحمد أن رجلاً قبَّلَ امرأته وهو صائم في رمضان، فوجد من ذلك وجْداً شديداً، فأرسل امرأته فسألت أم سلمة عن ذلك، فأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله، فأخبرت زوجها، فزاده ذلك شراً. وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله يحل لرسوله ما شاء، ثم رجعت امرأته إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هذه المرأة،» ؟ فأخبرته أم سلمة، فقال: «ألا أخبرتها أني أفعل ذلك» . قالت: قد أخبرتها، فذهبت إلى زوجها فزاده ذلك شراً وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحل لرسوله ما شاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «والله إني لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده» وذكر أحمد أن شاباً سأله فقال: أُقبِّلِ وأنا صائم؟ قال: «لا،» وسأله شيخ: أقبل وأنا صائم؟ قال: «نعم،» ثم قال: «إن الشيخ يملك نفسه» .
187 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلتُ وشربت ناسياً وأنا صائم، فقال: «أطعمك الله وسقاك» وعند الدراقطني فيه بإسناد صحيح: «أتِمَّ صومك، فإن الله أطعمك وسقاك، ولا قضاء عليك» وكان أول يوم من رمضان .
188 - وسألته صلى الله عليه وسلم عن ذلك امرأة أكلتْ معه فأمسكت، فقال: «ما لَكِ» فقالت: كنت صائمة فنسيت، فقال ذو اليدين: الآن بعد ما شبعت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أتِمِّي صومَكِ؛ فإنما هو رزق ساقه الله إليكِ» .
189 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الخيط الأبيض والخيط الأسود، فقال: «هو بَياضُ النهار وسوادُ الله» .
190 - ونهاهم عن الوصال. ووَاصَلَ، فسألوه عن ذلك؛ فقال: «إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني» .
191 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جُنب فأصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم» ، فقال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؛ فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي» .
192 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر، فقال: «إن شئت صمت وإن شئت أفطرت» .
193 - وسأله صلى الله عليه وسلم حمزةُ بن عمرو فقال: إني أجد فيَّ قوة على الصيام في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال: «هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحب أن يصومَ فلا جُناحَ عليه» .
194 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن تقطيع قضاء رمضان، فقال: «ذلك إليك، أرأيت لو كان على أحدكم دَينٌ قضى الدرهم والدرهمين، ألم يكن ذلك قضاء؟ فالله أحق أن يعفو ويغفر» .
195 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ فقال: «أرأيت لو كان على أمكِ دَين فقضيتِه، أكان يؤدِّي ذلك عنها؟» فقالت: نعم، قال: فصومي عن أمك. وعن أبي داود أن امرأة ركبت البحر، فنذرت إن الله عز وجل نجاها أن تصوم شهراً، فنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت ابنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها.
196 - وسألته صلى الله عليه وسلم حفصة فقالت: إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا طعام فأفطرنا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقضيا مكانه يوماً» ولا ينافي هذا قوله: «الصائم المتطوع أمير نفسه، فإن القضاء أفضل» .
197 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: هلكت، وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال: «هل تجد إطعام ستين مسكيناً؟» قال: لا، قال: «اجلس» ، فبينا نحن على ذلك إذ أتى النبي صلى الله عليه وسلم بفَرقٍ فيه تمر -ـ والفرق: المِكتل الضخم -ـ فقال: «أين السائل؟» قال: أنا، قال: «خُذْ هذا فتصدق به» ، فقال الرجل: أعلَى أفْقَرَ مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابَتَيْها -ـ يريد الحرَّتين -ـ أهلُ بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك» .
198 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: أي شهر تأمرني أن أصوم بعد رمضان؟ فقال: «إن كنت صائماً بعد رمضان فصم المحرم، فإنه شهر فيه تاب الله على قوم، ويتوب فيه على قوم آخرين» .
199 - وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لم نَرَكَ تصوم في شهر من الشهور ما تصوم في شعبان؟ فقال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترْفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» .
200 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أُنزل عليَّ القرآن» .
201 - وسأله صلى الله عليه وسلم أسامة فقال: يا رسول الله إنك تصوم لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم، إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما، قال: «أي يومين؟» قال: يوم الاثنين ويوم الخميس، قال: «ذانِكَ يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» .
202 - وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس، فقال: «إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين» ، يقول: «حتى يصطلحا» .
203 - وسئل صلى الله عليه وسلم يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر؟ قال: «لا صام ولا أفطر» ، أو قال: «لم يصم ولم يفطر» ، قال: كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: «ويطيق ذلك أحد؟» قال: كيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: «ذاك صوم داود عليه السلام» قال: كيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: «وددت أني طوقت ذلك» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، هذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة احتسبُ على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسبُ على الله أن يكفر السنة التي بعده» .
204 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: أصوم يوم الجمعة ولا أُكلم أحداً؟ فقال: «لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها أو في شهر، وأما أن لا تكلم أحداً فلَعمْري أن تكلم بمعروف أو تنهى عن منكر خير من أن تسكت» .
205 - وسأله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه فقال: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوماً في المسجد الحرام، فكيف ترى؟ فقال: «اذهبْ فاعتكف يوماً» .
● [ فتاوى عن ليلة القدر ] ●
206 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، أفي رمضان أو في غيره؟ قال: «بل هي في رمضان» فقيل: تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: «بل هي إلى يوم القيامة» ، فقيل: في أي رمضان هي؟ قال: «التمسوها في العشر الأول» ، أو «في العشر الأواخر» . فقيل: في أي العشرين؟ قال: «ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها» ، فقال: أقسمت عليك بحقِّي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي، فغضب غضباً شديداً وقال: «التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألنَّ عن شيء بعدها» والسائل أبو ذر.
207 - وعند أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ليلة القدر، فقال: «في كل رمضان» .
208 - وسئل عنها أيضاً فقال: «كم الليلة؟» فقال السائل: اثنان وعشرون، فقال «هي الليلة» ثم رجع فقال: «أو القابلة» ، يريد ثلاثاً وعشرين.
209 - وسأله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس: متى نلتمس هذه الليلة المباركة؟ فقال: «التمسوها هذه الليلة» ، وذلك مساء ليلة ثلاث وعشرين.
210 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها: إن وافقتها فيم أدعو؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعْف عني» .
● [ فتاوى تتعلق بالحج ] ●
211 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقالت: نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: «لكن أفضل الجهاد وأجمله حَجٌّ مبرور» . وزاد أحمد: لكن هو جهاد.
212 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة: ما يعدل حجةً معك؟ فقال: «عمرة في رمضان» .
213 - وسألته صلى الله عليه وسلم أم معقل فقالت: يا رسول الله إن عليَّ حجة وإن لأبي معقل بَكْراً، فقال أبو معقل: صدقت قد جعلته في سبيل الله، فقال: «أعطها فلتحجَّ عليه فإنه في سبيل الله» ، فأعطاها البَكْر فقالت: يا رسول الله إني امرأة قد كبرت سني وسقمت، فهل من عمل يجزىء عني من حجتي؟ فقال: «عمرة في رمضان تجزىء حجة» .
214 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أكْرِي في هذا الوجه، وكان الناس يقولون: ليس لك حج، فسكت رسول الله فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ } (البقرة: 198) فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه، وقال: «لك حج» .
215 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الحج أفضل؟ قال: «العَجُّ والثَّجُّ» فقيل: ما الحاج؟ قال: «الشَّعِث والتَّفِل» ، قال: ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة» .
216 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن العُمرة، أواجبة هي؟ فقال: «لا، وأن تعتمر فهو أفضل» . قال الترمذي: صحيح. وعند أحمد أن أعرابياً قال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: «لا، وأن تعتمروا خير لكم» .
217 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرَّحل، والحج مكتوب علينا، أفأحج عنه؟ قال: «أنت أكبر ولدِه» ؟ قال: نعم، قال: «أرأيت لو كان على أبيك دَيْن فقضيته عنه، كان ذلك يجزىء عنه؟» قال: نعم، قال: «فحج عنه» .
218 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر فقال: أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجَّ ولا العمرة ولا الظعن، فقال له: «حجَّ عن أبيك واعتمر» . قال الدارقطني: رجال إسناده كلهم ثقات.
219 - وسأله رجل فقال: إن أبي مات ولم يحجَّ، أفأحج عنه؟ فقال: «أرأيت إن كان على أبيك دَيْنٌ، أكنت قاضية» ؟ قال: نعم، قال: «فديْن الله أحق» .
220 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج،، أفأحج عنها؟ قال: «نعم، حُجِّي عنها» .
221 - وعند الدارقطني أن رجلاً سأله قال: هلك أبي ولم يحجَّ، قال: «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أيقبل منك» ؟ قال: نعم، قال: «فاحْجُجْ عنه» . وهو يدل على أن السؤال والجواب إنما كانا عن القبول والصحة، لا عن الوجوب، والله أعلم.
222 - وأفتى صلى الله عليه وسلم رجلاً سمعه يقول: لبَّيك عن شُبرُمَة، قريب له، فقال: «أحَجَجْتَ عن نفسك» ؟ قال: لا، قال: «حجَّ عن نفسك، ثم حج عن شُبرمة» .
223 - وسألته امرأة عن صبي رفعته إليه فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ، ولك أجرٌ».
224 - وسأله رجل فقال: إن أختي نَذَرَت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كان عليها دَين أكُنت قاضيهُ؟» قال: نعم، (قال:) «فاقض الله فهو أحق بالقضاء» .
225 - وسئل: ما يلبس المحرم في إحرامه؟ فقال: «لا يلبس القَمِيصَ، ولا العمامة، ولا البرْنُسَ، ولا السروايلَ، ولا ثوباً مَسَّه وَرْس ولا زعفران، ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفلَ من الكعبين» .
226 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل عليه جُبَّة وهو متمخِّض بالخلوق، فقال: أحرمْتُ بعمرة وأنا كما ترى، فقال: «انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة» . وفي بعض طرقه: «واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك» .
227 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو قتادة عن الصيد الذي صاده وهو حلال، فأكل أصحابه منه وهم مُحْرمون فقال: «هل معكم منه شيء» ؟ فناوله العضد فأكلها وهو محرم.
228 - وسئل صلى الله عليه وسلم عما يقتل المحرم، فقال: «الحية، والعقرب، والفُوَيْسِقة، والكلب العقور، والسَّبع العادي» زاد أحمد: «ويرمي بالغراب ولا يقتل» .
229 - وسألته صلى الله عليه وسلم ضُباعة بنت الزبير فقالت: إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حُجِّي واشترطي أن محلي حيث حبستني» .
230 - واستفتته أم سلمة في الحج وقالت: إني أشتكي، فقال: «طوفي من رواء الناس وأنت راكبة» .
231 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة، فقالت: يا رسول الله ألا أدخل البيت؟ فقال: «ادخلي الحجْر فإنه من البيت» .
232 - واستفتاه صلى الله عليه وسلم عُروة بن مضرّس فقال: يا رسول الله جئت من جَبَليْ طيء، أذْلَلْتُ مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، هل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أدرك معنا هذه الصلاة -ـ يعني صلاة الفجر -ـ وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، تمَّ حجه وقضى تَفثَه» .
233 - واستفتاه صلى الله عليه وسلم ناسٌ من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال: «الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر، تمَّ حَجُّه: ومن تأخر فلا إثم عليه، ثم أردف رجلاً خلفه ينادي بهن» .
234 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، فقال: «اذبح ولا حرجَ» وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: «ارْمِ ولا حرج» ، فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدِّم ولا أُخِّرَ إلا قال: «افْعلْ ولا حَرج» وعند أحمد: فما سئل يومئذ عن أمر مما ينسىء المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور على بعض وأشباهها إلا قال: «افعل ولا حرج» . وفي لفظ: حلقت قبل أن أنحر، قال: «اذبح ولا حَرَج» . وسأله صلى الله عليه وسلم آخر قال: حلقت ولم أرْم، قال: «ارم ولا حرج» ، وفي لفظ: أنه سئل عمن ذَبَح قبل أن يحلق أو حلق قبل أن يذبح قال: «لا حرج» . وقال: كان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، وأخرت شيئاً وقدَّمت شيئاً، فكان يقول: «لا حرج إلا على رجل اقترض عِرضَ مسلم، وهو ظالم، فذلك الذي حرج وهلك» .
235 - وأفتى صلى الله عليه وسلم كعب بن عُجْرَةَ أن يحلق رأسه وهو محرم لأذى القمل: «أن ينسك بشاة، أو يُطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام» .
236 - وأفتى صلى الله عليه وسلم «من أهدى بدنة أن يركبها» .
237 - وسأله صلى الله عليه وسلم ناجيةُ الخُزَاعِيُّ: ما يصنع بما عطب من الهدى؟ فقال: «انحرها، واغمس نعلها في دمِها، واضرب به صَفُحَاتها، وخلِّ بينها وبين الناس فيأكلوها، ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته» .
238 - وسأله عمر فقال: إني أهديت نجيباً، فأعطيتُ بها ثلاثمائة دينار، فأبيعها فأشتري بها بُدناً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، انحرها إياها» .
239 - وسأله صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم: ما هي الأضاحي؟ فقال: «سُنَّةُ أبيكم إبراهيم صلاة الله وسلامه عليه» ، قال: فما لنا منها، قال: «بكل شعرة حسنة» قالوا: يا رسول الله فالصوف؟ قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة» .
240 - وسأله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: عن يوم الحج الأكبر؛ فقال: «يوم النحر» وعند أبي داود بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقفَ يوم النحر بين الجَمرات في الحجة التي حَجَّ فيها، فقال: «أي يوم هذا» ؟ قالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحج الأكبر» وقد قال تعالى:{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاَْكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِى?ءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُو?اْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ؛(التوبة: 3) وإنما أذَّنَ المؤذنُ بهذه البراءة يوم النحر، وثبت في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر» .
● [ فتاوى فسخ الحج إلى العمرة ] ●
241 - وأفتى صلى الله عليه وسلم أصحابه بجواز فسخهم الحج إلى العمرة، ثم أفتاهم باستحبابه ، ثم أفتاهم بفعله حتماً، ولم ينسخه شيء بعده، وهو الذي نَدينُ الله به أن القول بوجوبه أقوى وأصح من القول بالمنع منه، وقد صح عنه صحة لا شك فيها أنه قال: «مَن لم يكن أهدى فليهلَّ بعمرة، ومن كان أهدى فليهلَّ بحج مع عمرة» .
242 - وأما ما فعله هو فإنه صحي عنه أنه قَرنَ بين الحج والعمرة من بين بضعة وعشرين وجهاً. رواه عنه ستة عشر نفساً من أصحابه، ففعل القران وأمر بفعله من ساق الهدي، وأمر بفسخه إلى التمتع من لم يَسُقِ الهدي ، وهذا من فعله وقوله كأنه رأي عين، وبالله التوفيق.
243 -ـوسأله صلى الله عليه وسلم رجل: أرأيت إن لم أجد إلا مَنيحة أنثى، أفأضحي بها؟ قال: «لا، ولكن خذ من شعرك وأظفارك، وقُصَّ شاربَكَ، وتحلق عانتك، وذلك تمام أضحيتك عند الله» والمنيحة: الشاة التي أعطاه إياه غيره لينتفع بلبنها، فمنعت من التضحية بها بأنها ليست ملكه، وإن كان قَد منحها هو غيره وقتاً معلوماً لزم الوفاء له بذلك فلا يضحي بها أيضاً.
244 - وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة من أصحابه كانوا معه فأخرج كلُّ واحد منهم درهماً فاشتروا أضحية، فقالوا: يارسول الله لقد أغلينا بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها» فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رَجُل برجْل، ورَجُل بيدٍ، ورَجل بيدٍ، ورجل بقرنٍ، ورجل بقرن، وذبحها السابع، وكبروا عليها جميعاً. نزل هؤلاء النفر منزلة أهل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم، لأنهم كانوا رُفقة واحدة.
245 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن عليَّ بدنة وأنا موسرٌ بها ولا أجِدُها فأشتريها، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع سَبع شياه فيذبحهن.
246 - وسأله صلى الله عليه وسلم زيدُ بن خالد عن جذَع من المعز، فقال: «ضَحِّ به» .
247 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو بُرَدَة بن نِيار عن شاة ذبحها يوم العيد، فقال: «أقبلَ الصلاة؟» قال: نعم، قال: «تلك شاة لحم» ؛ قال: عندي عَناق جَذَعة هي أحب إليَّ من مُسنَّة. قال: «تُجزىء عنك، ولن تجزىء عن أحد بعدك» وهو صحيح صريح في أن الذبح قبل الصلاة لا يجزىء؛ سواء دخل وقتها أو لم يدخل، وهذا الذي ندين الله به قطعاً ولا يجوز غيره.
248 - وفي الصحيحين من حديث جُندُب بن سفيان البَجَلي عنه صلى الله عليه وسلم: «من كان ذبح قبل أن يُصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله» .
249 - وفي الصحيحين من حديث أنس عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ كان ذبح قبل الصلاة فَلْيُعِد» ولا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
250 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو سعيد فقال: اشتريت كبشاً أُضحِّي به، فعدا الذئبُ، فأخذ ألْيَته، فقال: «ضحِّ به» .
● [ فتاوى عن الصلاة في بيت المقدس ] ●
251 - وأفتى صلى الله عليه وسلم من أراد الخروج إلى بيت المقدس للصلاة أن يصلي في مكة.
252 - وسأله صلى الله عليه وسلم آخر يوم فتح مكة، فقال: إني نذرتُ إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: «صَلِّ ها هنا» ، ثم سأله فقال: «شأنَكَ إذاً» .
253 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر: أي مسجدٍ وُضِع في الأرض أولَ؟ قال: «المسجد الحرام» ، قال: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى» ، قال: كم بينهما؟ قال: «أربعون عاماً» .
254 - وسُئل صلى الله عليه وسلم: أيُّ المسجدين أسس على التقوى؟ قال: «مسجدكم هذا» ، يريد مسجد المدينة. وزاد الإمام أحمد: «وفي ذلك خير كثير» يعني: مسجد قباء.
● [ فصل في بيان فضل بعض السور ] ●
255 - وسئل: أي آية في القرآن أعظم فقال: {اللَّهُ لاَ اله إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ } (البقرة: 255).
256 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ضربْت خبائي على قبر، وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا إنسان يقرأ سورة الملْكِ حتى ختمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر» ذكره الترمذي، وقال ابن عبد البر: هو صحيح.
257 - وسأله صلى الله عليه وسلم فقال: أقرئني سورة جامعة، فأقرأه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الاَْرْضُ زِلْزَالَهَا }(الزلزلة: 1) حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبداً، ثم أدبر الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أفلحَ الرُّوَيْجِلُ» مرتين.
258 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أحب سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }(الإخلاص: 1) فقال: «حبكَ إياها أدخلك الجنة» .
259 - وقال له صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر: أقرأ سورة هود، وسورة يوسف؟ فقال: «لن تقرأ شيئاً أبلغَ عند الله من: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }(الفلق: 1) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }(الناس: 1).
كتاب : روض السائلين لفتاوى سيد المرسلين
المؤلف : محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية
منتدى ميراث الرسول - البوابة