من طرف اسرة التحرير الجمعة نوفمبر 13, 2015 8:31 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم مكتبة الثقافة الإسلامية أسباب رفع العقوبة عن العبد
● متابعة الهامش إنه حساب مباشر بين العبد والرب . وصلة مباشرة بين المخلوق والخالق . من أراد الأوبة من الشاردين فليؤب . ومن أراد الإنابة من الضالين , فلينب . ومن أراد الاستسلام من العصاة فليستسلم . وليأت . . ليأت وليدخل فالباب مفتوح . والفيء والظل والندى والرخاء:كله وراء الباب لا حاجب دونه ولا حسيب ! وهيا . هيا قبل فوات الأوان . هيا (من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) . . فما هنالك من نصير . هيا فالوقت غير مضمون . وقد يفصل في الأمر وتغلق الأبواب في أية لحظة من لحظات الليل والنهار . هيا . الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - (ج 1 / ص 4848) قوله تعالى : { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله } وإن شئت حذفت الياء؛ لأن النداء موضع حذف . النحاس : ومن أجلّ ما روي فيه ما رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : لما اجتمعنا على الهجرة ، اتّعدتُ أنا وهشام بن العاصي بن وائل السَّهْمي ، وعَيَّاش بن أبي ربيعة بن عُتْبة ، فقلنا : الموعد أضاة بني غفار ، وقلنا : من تأخر منا فقد حُبِس فليمض صاحبه ، فأصبحت أنا وعياش بن عتبة وحُبس عنا هشام ، وإذا به قد فُتن فافتتن ، فكنا نقول بالمدينة : هؤلاء قد عرفوا الله عز وجل وآمنوا برسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم افتتنوا لبلاءٍ لحقهم لا نرى لهم توبة ، وكانوا هم أيضاً يقولون هذا في أنفسهم ، فأنزل الله عز وجل في كتابه : { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله } إلى قوله تعالى : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } [ الزمر : 60 ] قال عمر : فكتبتها بيدي ثم بعثتها إلى هشام . قال هشام : فلما قدمت عليّ خرجت بها إلى ذي طُوًى فقلت : اللهم فهمنيها فعرفت أنها نزلت فينا ، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان قوم من المشركين قَتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ، فقالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعثوا إليه : إن ما تدعو إليه لحسن أوَ تخبرنا أن لنا توبة؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية : { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ } ذكره البخاري بمعناه . وقد مضى في آخر «الفرقان» . وعن ابن عباس أيضاً نزلت في أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له ، وكيف نهاجر ونُسْلم وقد عبدنا مع الله إلهاً آخر وقتلنا النفس التي حرم الله! فأنزل الله هذه الآية . وقيل : إنها نزلت في قوم من المسلمين أسرفوا على أنفسهم في العبادة ، وخافوا ألاّ يتقبل منهم لذنوب سبقت لهم في الجاهلية . وقال ابن عباس أيضاً وعطاء : نزلت في وحشِيّ قاتل حمزة؛ لأنه ظن أن الله لا يقبل إسلامه : وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : " أتَى وَحْشيّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : يا محمد أتيتك مستجيراً فأجرني حتى أسمع كلام الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قد كنت أحبّ أن أراك على غير جوار فأما إذ أتيتني مستجيراً فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله» قال : فإني أشركت بالله وقتلت النفس التي حرم الله وزنيت ، هل يقبل الله مني توبة؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت : { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ } [ الفرقان : 68 ] إلى آخر الآية فتلاها عليه؛ فقال أرى شرطاً فلعلي لا أعمل صالحاً ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله . فنزلت : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 48 ] فدعا به فتلا عليه؛ قال : فلعلي ممن لا يشاء أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله . فنزلت : { ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله } فقال : نعم الآن لا أرى شرطاً . فأسلم " وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن شَهْر بن حَوْشَب عن أسماء : أنها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ : { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم } . وفي مصحف ابن مسعود { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ يَشَاءُ } . قال أبو جعفر النحاس : وهاتان القراءتان على التفسير ، أي يغفر الله لمن يشاء . وقد عرف الله عز وجل من شاء أن يغفر له ، وهو التائب أو من عمل صغيرة ولم تكن له كبيرة ، ودلّ على أنه يريد التائب ما بعده { وَأَنيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ } فالتائب مغفور له ذنوبه جميعاً ، يدل على ذلك { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ } [ طه : 82 ] فهذا لا إشكال فيه . وقال عليّ بن أبي طالب : ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله } وقد مضى هذا في «سبحان» . وقال عبد الله بن عمر : وهذه أرجى آية في القرآن فردّ عليهم ابن عباس وقال أرجى آية في القرآن قوله تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ } [ الرعد : 6 ] وقد مضى في «الرعد» . وقرىء «وَلاَ تَقْنِطُوا» بكسر النون وفتحها . وقد مضى في «الحجر» بيانه . قوله تعالى : { وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ } أي ارجعوا إليه بالطاعة . لما بين أن من تاب من الشرك يغفر له أمر بالتوبة والرجوع إليه ، والإنابة الرجوع إلى الله بالإخلاص . { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } أي اخضعوا له وأطيعوا { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب } في الدنيا { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } أي لا تمنعون من عذابه . وروي من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من السعادة أن يطيل الله عمر المرء في الطاعة ويرزقه الإنابة ، وإن من الشقاوة أن يعمل المرء ويعجب بعمله "