من طرف اسرة التحرير الجمعة نوفمبر 13, 2015 10:51 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
الأصول في النحو
● [ باب الظرف الذي يتمكن ] ●
وهو الخامس من المبنيات
وذلك نحو الآنَ ومُذْ ومنذُ فأما الآن فقال أبو العباس رحمه الله : إنما بني لأنه وقع معرفةً وهو مما وقعت معرفته قبل نكرته لأنك إذا قلت : الآنَ فإنما تعني به الوقت الذي أنت فيه من الزمان فليس له ما يشركه ليس هو آنٌ وآنٌ فتدخل عليه الألف واللام للمعرفة وإنما وقع معرفةً لِما أنت فيه من الوقت
وأما ( مُنذ ) فإذا استعملت اسماً أن يقع ما بعدها مرفوع أو جملة نحو : ما رأيته منذ يومان وإن المعنى : بيني وبينَ رؤيته يومانِ وقد فسرت ذلك فيما تقدم وهي مبنيةٌ على الضم وإنما حركت لذلك لأن قبلها ساكناً وبنيت على الضم لأنها غاية عند سيبويه واتبعوا الضَّم الضَّم وقد يستعمل حرفاً يجر وأما ( مذ ) فمحذوفةٌ من ( مُنْذُ ) والأغلب على ( مُذْ ) أن تستعمل اسماً ولو سميت إنساناً بمذ لقلت مُنيذُ إذا صغرته فرددت ما ذهب وصار ( مُذْ ) أغلب على الأسماءِ لأنها منقوصة ولَدن ومِنْ عَلُ
كما قال الشاعر :
( وهي تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشاً مِن علا ... )
وأما الأفعال فنحو : خذْ وكُلْ وع كلامي وشِ ثَوباً وأما الحروف فلا يلحقها ذلك وكانت مذ ومنذ أغلب على الحروف فكل واحدٍ منهما يصلحُ في مكانِ أُختِها وإنما ذكرنا منذُ ومذْ في الظروف لأنهما مستعملان في الزمان
● [ الباب السادس من المبنيات ] ●
المفردة وهو الصوت المحكى
وذلك نحو : غاق وهي حكاية صوت الغراب وماء وهو حكاية صوت الشاةِ وعاءٍ وحاءٍ زجرٌ ومن ذلك حروف الهجاء نحو ألفٍ باء تاء ثاء وجميع حروف المعجم إذا تهيجت مقصورة موقوفة وكذلك كاف ميم موقوفة في التهجي أما زاي فيقال : زاي وزي والعدد مثله إذا أردت العدد فقط وقال سيبويه تقول : واحد اثنانِ فتشم الواحد لأنه اسمٌ ليس كالصوتِ ومنهم من يقول : ثلاثة أربعة فيطرحُ حركة الهمزة على الهاء ويفتحها ولم يحولها تاءً لأنه جعلها ساكنة والساكن لا يغير في الإِدراج فإذا لم ترد التهجي بهذه الحروف ولم تردْ أن تعد بأسماء العدد فررت منها جرت مجرى الأسماء ومددت المقصور في الهجاء فقلت : هذه الباء أحسن من هذه الباءِ وتقول : هذه الميم أحسن من هذه الميمِ وكذلك إذا عطفت بعضها على بعضٍ أعربت لأنها قد خرجت من باب الحكاية وذلك نحو قولك : ميمٌ وباءٌ وثلاثةٌ وأربعةٌ إنما مددت المقصور من حروف الهجاء إذا جعلته اسماً وأعربته لأن الأسماء لا يكون منها شيءٌ على حرفين أحدهما حرف علةٍ
● [ ذكر الضرب الثاني من المبنيات ] ●
وهو الكلم المركب
هذه الأسماء على ضربين : فضربٌ منها يبنى فيه الإسم مع غيره وكان الأصل أن يكون كل واحدٍ منهما منفرداً من صاحبه والضرب الثاني : أن يكون أصلُ الإسم الإِضافة فيحذف المضافُ إليه وهو في النية
[ الضرب الأول ]
فالضرب الأول على ستة أقسم : اسمٌ مبني مع اسمٍ واسمٌ مبني مع فعلٍ واسم مبني مع حرفٍ واسم مع صوتٍ وحرف بنيَ مع فعلٍ وصوت مع صوتٍ فأما الإسم الذي بني مع الإسم فخمسةَ عشر وستَة عشَر
وكل كلمتين من هذا الضرب من العدد فهما مبنيان على الفتح
وكان الأصلُ خمسةٌ وعشرةٌ
فحذفت الواو وبني أحدهما مع الآخر اختصاراً وجعُلا كاسمٍ واحدٍ وكذلك حادي عشَرَ وثالث عشر إلى تاسعَ عشَر والعرب تدع خمسة عشر في الإِضافة والألف واللام على حالها ومنهم من يقول : خمسةَ عشَركَ وهي رديئة ومن ذلك : حيصَ بيص بنيا على الفتح وهي تقال عند اختلاط الأمر وذهب شغَرَ بغَرَ وأيادي سبأ ومعناه الإفتراق وقَالى قَلا بمنزلة خمسَةَ عشَر ولكنهم كرهوا الفتح في الياء والألف لا يمكن تحريكها
ومن ذلك : خَازِ بَازَ وهو ذباب عند بعضهم وعند بعضهم داءٌ ومنهم من يكسر فيقول خاز باز وبعضُ يقول : الخازَ بازَ كحضرموتَ ومنهم من يقول : خاز بازٍ فيضيفُ وينون ومن ذلك قولهم : بيتَ بيتَ وبينَ بينَ ومنهم من يبني هذا ومنهم من يضيف ويبني صباحَ مساءَ ويومَ يومٍ ومنهم من يضيف جميع هذا ومن ذلك لقيته كفةَ كفةَ وكفةً كفةً
واعلم : أنهم لا يجعلون شيئاً من هذه الأسماء بمنزلة اسم واحدٍ إلا إذا أرادا الحالَ والظرفَ والأصل والقياسُ الإِضافة فإذا سميت بشيءٍ من ذا أضفته فإذا قلت : أنت تأتينا في كل صباح ومساءٍ أضفت لا غير لأنه قد زال الظرف وصار اسماً خالصاً فمعنى قولهم : هُوَ جاري بيتَ بيتَ أي ملاصقاً ووقع بينَ بينَ أي وسطاً وأما قَالى قَلا فبمنزلة : حضرموتَ لأنه اسم بلدٍ وليسَ بظرفٍ ولا حالٍ
وأسماء الزمان إذا أضيفت إلى اسمٍ مبني جاز أن تعربَها وجاز أن تبنيَها وذاك نحو : ( يومئذ ) تقول : سيرَ عليهِ يومئْذٍ ويومئذِ والتنوين ها هنا مقتطع ليعلم أنه ليس يراد به الإِضافة والكسر في الذال من أجل سكون النون فتقرأ على هذا إن شئت : من عذابٍ يومئذِ ومن عذابٍ يومئذٍ ومذهب أبي العباس رحمه الله في دخول التنوين هنا أنه عوض من حذف المضاف إليه
الثاني اسم بني مع فعل : وهو قولهم : حبذا هندٌ وحبذا زيدٌ بنيَ حَبَّ وهو فعلٌ مع ذا وهو اسم
ومن العرب من يقول في أحبَّ حَبَّ وقولهم : محبوب إنما جاء على حَبَّ ولو كان على أحبَّ لكان محبُ فإذا بنوا أحَبَّ مع ذا اجتمعوا على طرح الألف والدليل على أن حبذا بمنزلة اسم أنك لا تقول حبذهِ وأنه لا يجوز أن تقول حبذا وتقف حتى تقول : زيدٌ أو هندٌ فتأتي بخبرٍ فحبَذا مبتدأٌ وهند وزيد خبرٌ ومما يدل على أن حَبَّ مع ذَا بمنزلة اسم أنه لا يجوز لك أن تقول : حَبَّ في الدار ذَا زيدٌ فلا يجوز أن تفصل بينهما وبين ( ذَا ) كما تفصل في باب نِعْمَ
الثالث اسم بني مع حرف : وذلك قولك : لا رجل ولا غلامَ ويدلك على أن ( لا ) مع رجلٍ بمنزلة اسم واحدٍ أنه لا يجوز لك أن تفصل رجلاً من ( لا ) لا تقول : لا فيها رحلٌ لكَ يجوز القول : لا ماءَ ماءَ بارداً ولا رجلَ رجل صالحاً عندكَ فبني ( ماءٌ مع ماءٍ ورجلاً مع رجلٍ ) قال أبو بكر : وقد استقصيتُ ذكر ذَا في بابه ومن ذلك قولهم : يا زيداه ويا أيها الرجلُ فأي اسمٌ وهاءُ حرفٌ وهو غير مفارقٍ لأيٍّ في النداء وقد بينا ذَا في باب النداء
الرابع اسم بني مع صوت : وذلك نحو سيبويه وعمرويه تقول : هذا سيبويه يا هذا وهذا عمرويهِ يا فلانُ وهو مبنيٌ على الكسرِ وإن قلت : مررتُ بعمرويهِ وعمرويهٍ آخر نونت الثاني لأنه نكرةٌ
الخامس : الحرف الذي بني مع الفعل : وذلك : هَلمَّ مبنياً على الفتح وهو اسمٌ للفعل ومعناه : تعالَ ويدل على أنه حرفٌ بني مع فعلٍ قول من قال من العرب : هلما للإثنينِ وهلموا للجماعة وصرفوه تصريف لَمَّ بكذا والمعنى يدلُّ على ذلكَ
السادس الصوت الذي بني مع الصوت : وذلك قولهم : حَيَّ هَلَ الثريدَ ومعناه : إيتوا الثريدَ وحكى سيبويه : عن أبي الخطاب أّن بعض العرب يقول : حَيَّهلَ الصلاةَ
[ الضرب الثاني ]
الضرب الثاني : من القسمة الأولى وهو ما أصله الإِضافة إلى اسم فحذف المضاف إليه :
فهذه المضافات على قسمين : قسم حذف المضاف إليه البتة وضربٌ منع الإِضافة إلى الواحد وأُضيف إلى جملة فأما ما حذف المضاف إليه فيجيء على ضربين : منهما ما بني على الضمة وهي التي يسميها النحويون الغاياتِ فمصروفة عن وجهها قبلُ وغيرُ وحسبُ فجميع هذه كانَ أصلها الإِضافة تقول : جئت من قبل هذا ومن بعد هذا وكنت أول هذا أو فوقَ وغيرَ هذا وهذا حسبُك أي كافيكَ فلما حذف ما أُضيفت إليه بنيت وإنما بنيت على الحركة ولم تبنَ على السكون وفي بعضها ما قبل لامه متحرك لأنها أسماءٌ أصلها التمكن وتكون نكراتٍ معرباتٍ فلما بنيتْ تجنب إسكانها وزادوها فضيلة على ما لا أصل له في التمكن فهذه علة بنائها على الحركة وأما بناؤها على الضم خاصةً فلأنَّ أكثر أحوالِ هذه الظروف أن تكون منصوبةً وذلك الغالب عليها فأخرجت إلى الضم ولم تخرج إلى الكسر لأن الكسر أخو النصب وجعلوا ذلك علامة للغاية لأن الكسر حقه أن يكون لإلتقاء الساكنين فتجنبوه ها هنا لأنه موضع تحرك لغير التقاء الساكنين
الثاني : ما بني وليس بغاية من ذلك أمس مبنية على الكسر وكسرت لإلتقاء الساكنين وإنما بني لأنه يقال لليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه وهو ملازم لكل يوم من أيام الجمعة ووقع في أول أحواله معرفة فمعرفته قبل نكرته فمتى نكرته أعربته وغدٌ ليس كذلك لأنه غير معلوم لأنه مستقبلٌ لا تعرفه فإذا أضفت أمسِ نكرته ثم أضفته فيصير معرفة بالإِضافة كما تقول : زيدكَ إذا جعلتَهُ من أمةٍ كُلها زيدٌ وعرفته بالإِضافة وزالت المعرفة الأولى
وقال أبو العباس رحمه الله في قول الشاعر :
( طَلبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوَانٍ ... فَأَجَبْنَا أنْ لَيْسَ حِينَ بقاءِ )
كان ( أوان ) مما لا يستعمل إلا مضافاً فلما حذف ما يضاف إليه بنوه على الكسر لإلتقاء الساكنين كما فُعِلَ بأمسِ وأُدخل التنوين عوضاً لحذف ما يُضاف إليه ( أوانَ ) ألا ترى أنهم لا يكادون يقولون : أوان صدقٍ كما يقولون في الوقت والزمن
ولكن يدخلون الألف واللام فيقولون : كانَ ذلكَ في هذا الأوانِ فيكونان عوضاً
الضرب الثاني ما منع الإِضافة إلى الواحد وأُضيف إلى جملة :
وذلك : حيثُ وإذْ وإذا فأما ( حيثُ ) فإن من العرب من يبنيها على الضم ومنهم من يبنيها على الفتح ولم تجىء إلا مضافةً إلى جملةٍ نحو قولك : أقومُ حيثُ يقوم زيدٌ وأصلي حيثُ يصلي فالحركة التي في الثاء لإلتقاء الساكنين فَمنْ فتح فَمِنْ أجل الياء التي قبلها وفتح استثقالاً للكسر ومن ضمَّ فلشبهها بالغايات إذ كانت لا تضاف إلى واحدٍ ومعناها الإِضافةُ وكان الأصل فيها أن تقول : قمتُ حيثُ زيدٌ كما تقولُ : قمتُ مكانَ زيدٍ وأما إذْ فمبنية على السكون
وتضاف إلى الجمل أيضاً نحو قولك : إذْ قامَ زيدٌ وهي تدل على ما مضى من الزمان ويستقبحون جئتُكَ إذْ زيدٌ قامَ إذا كان الفعلُ ماضياً لم يحسن أن نفرق بينه وبين إذْ لأن معناهما في المضي واحدٌ
وتقول : جئتُكَ إذْ زيدٌ قام وإذ زيدٌ يقوم فحقها أن تجيء مضافة إلى جملة فإذا لم تضف نونته قال أبو ذؤيب :
( نَهيتُك عِنْ طِلابِكَ أُمَّ عَمْروٍ ... بِعَاقِبةٍ وأَنْتَ إذٍ صَحِيح )
وأما ( إذا ) فقلما تأتي من الزمان وهي مضافة إلى الجملة تقول : أجيئُكَ إذا أحمَر البسرُ وإذا قدَم فلانٌ ويدلك على أنها اسم أنها تقع موقع قولك : آتيكَ يوم الجمعةِ وآتيكَ زمَن كَذا ووقتَ كذا وهي لما يستأنف من الزمان ولم تستعمل إلا مضافةً إلى جملة
فأما ( لَدُنْ ) فجاءت مضافةً ومن العرب من يحذف النون فيقول : لدُ كذا وقد جعل حذف النون بعضهم أن قال : لَدُن غدوةً فنصب غدوةً لأنه توهم أن هذه النون زائدةٌ تقوم مقام التنوين فنصب كما تقول : قائمٌ غدوةً ولم يعملوا ( لَدن ) إلا في غدوةً خاصةً قال أبو بكر : قد ذكرنا الأسماء المعربة والأسماء المبنية وقد كنا قلنا : أن الكلام اسم وفعلٌ وحرفٌ ونحن نتبع الأسماء والأفعال ونذكر إعرابها وبناءها إن شاء الله
● [ باب إعراب الأفعال وبنائها ] ●
الأفعال تقسم قسمين : مبنيٌ ومعرب
فالمبني ينقسم قسمين : مبنيٌ على حركةٍ ومبنيٌ على سكونٍ فأما المبني على حركةٍ فالفعل الماضي بجميع أبنيته نحو : قام واستقام وضربَ واضطربَ ودحرجَ وتدحرجَ وأحمرَ واحمارَّ وما أشبه ذلك وإنما بني على الحركة لأنه ضارعَ الفعل المضارع في بعض المواضع نحو قولك : إنْ قامَ قمتُ فوقع في موضعٍ : إنْ تَقم ويقولون مررتَ برجلٍ ضَرَبَ كما تقول : مررتُ برجلٍ يضربُ فبنيَ على الحركة كما بني ( أولُ وعلُ ) في بابه على الحركة وجعل له فضيلة على ما ليس بمضارع المضارعِ عما حصل ( لأول وعل ) أو من قبل ومن بعد فضيلة على المبنيات وأما المبني على السكون فما أمرت به وليس فيه حرف من حروف المضارعة وحروف المضارعة الألف والتاءُ والنون والياءُ وذلك نحو قولك : قُم واقعدْ واضربْ فلما لم يكن مضارعاً للإسم ولا مضارعاً للمضارع ترك على سكونه لأن أصل الأفعال السكونُ والبناءُ وإنما أعربوا منها ما أشبه الأسماء وضارعها وبنوا منها على الحركة ما ضارع المضارع وما خلا من ذلك أسكنوهُ وهذه الألف في قولك : اقعد ألفُ وصلٍ إنما تنطق بها إذا ابتدأت لأنه لا يجوز أن تبتدىء بساكنٍ وما بعد حروف المضارعة ساكن فلما خلا الفعل منها واحتيج إلى النطق به أدخلت ألف الوصل وحق ألف الوصل أن تدخل على الأفعال المبنية فقط ولا تدخل على الأفعال المضارعة لأنها لا تدخل على الأسماء إلا على ابنٍ وأخواته وهو قليل العدد وإنما بني فعلُ التعجب الذي يجيء على لفظ الأمر بنيَ على السكونِ نحو قولك : أكرمْ بزيدٍ وأسمعْ بهم وأبصرْ
وقد مضى ذكر ذا في باب التعجب
وأما الفعل المعرب فقد بينا أنه الذي يكون في أوله الحروف الزوائد التي تسمى حروف المضارعة وهذا الفعل إنما أُعرب لمضارعته الأسماءَ وشبهه بها والإِعراب في الأصل للأسماء وما أشبهها من الأفعال أُعرب كما أنه إنما أعرب من أسماء الفاعلين ما جرى على الأفعال المضارعة وأشباهها ألا ترى أنك إنما تُعمِلُ ( ضارباً ) إذا كان بمعنى يفعلُ فتقول : هذا ضاربٌ زيداً فإن كان بمعنى ( ضرب ) لم تعمله فمنعت هذا العمل كما منعت ذلك الإِعراب واعلم أنه إنما يدخله من الإِعراب الذي يكون في الأسماء : الرفعُ والنصب ولا جرَّ فيه وفيه الجزم وهو نظير الخفض في الأسماء لأن الجَرَّ يخص الأسماء والجزم يخص الأفعال ونحن نذكرها نوعاً نوعاً بعونِ الله
[ الأفعال المرفوعة ]
الفعل يرتفع بموقعهِ موقَع الأسماءِ كانت تلك الأسماء مرفوعةً أو مخفوضةً أو منصوبةً فمتى كان الفعل لا يجوز أن يقع موقعه اسمٌ لم يجزْ رفعه وذلك نحو قولك : يقومُ زيدٌ ويقعدُ عمروٌ وكذلك عمروٌ يقولُ وبكرٌ ينظرُ ومررتُ برجلٍ يقومُ ورأيت رجلاً يقولُ ذاكَ ألا تَرى أنك إذا قلت : يقومُ زيدٌ جاز أن تجعل زيداً موضع ( يقومُ ) فتقول : زيدٌ يفعلُ كَذا وكذلك إذا قلت : عمروٌ ينطلق فإنما ارتفع ( ينطلقُ ) لأنه وقع موقع ( أخوكَ ) إذا قلت : زيدٌ أخوكَ فمتى وقع الفعل المضارع في موضع لا تقع فيه الأسماء فلا يجوزُ رفعه
وذلك نحو قولك : لم يقمْ زيدٌ لا يجوز أن ترفعه لأنه لا يجوز أن تقول : لم زيدٌ فافهَم هذا
واعلم : أن الفعل إنما أعُرب ما أُعرب منه لمشابهته الأسماء فأما الرفع خاصةً فإنما هو لموقعه موقع الأسماء فالمعنى الذي رفعت به غير المعنى الذي أعربتَ بهِ
[ الأفعال المنصوبة ]
وهي تنقسم على ثلاثة أقسام : فعلٌ ينصبُ بحرفٍ ظاهرٍ ولا يجوز إضمارهُ وفعلٌ ينتصبُ بحرفٍ يجوز أن يُضمَر وفعلٌ ينتصب بحرفٍ لا يجوزُ إظهارهُ والحروفُ التي تنصبُ : أنْ ولَن وكي وإذن
الأول : ما انتصب بحرف ظاهر لا يجوز إضماره وذلك ما انتصب بلن وكي تقول : لن يقومَ زيدٌ ولن يجلسَ فقولك : لن يفعلَ يعني : سَيفعلُ يقول القائل : سيقومُ عمروٌ فتقول : لَن يقومَ عمروٌ وكان الخليل يقول : أصلها لا أَنْ فألزمه سيبويه : أن يكون يقدم ما في صلة ( أن ) في قوله : زيداً لَنْ أضربَ وليس يمتنع أحد من نصب هذا وتقديمه فإن كان على تقديره فقد قدم ما في الصلة على الموصول
وأما ( كي ) فجواب لقولك : لِمه إذا قال القائل : لِمَ فعلت كذا فتقول : كي يكون كذا ولِمَ جئتني فتقول : كي تعطيَني فهو مقارب لمعنى اللام إذا قلت : فعلتُ ذلك لِكذا فأما قول من قال : كيمه في الإستفهام فإنه جعلها مثل لِمَه فقياس ذلك أن يُضمر ( أنْ ) بعد ( كي ) إذا قال : كي يفعل لأنه قد أدخلها على الأسماء
وكذا قول سيبويه : والذي عندي أنه إنما قيل : كيمه لَما تشبيهاً
وقد يشبهون الشيء بالشيءِ وإن كان بعيداً منه
وأما إذِنٍ فتعمل إذا كانت جواباً وكانت مبتدأة ولم يكن الفعل الذي بعدها معتمداً على ما قبلها وكان فعلاً مستقبلاً فإنما يعمل بجميع هذه الشرائط وذلك أن يقول القائل : أنا أكرمكَ فتقول : إذن أجيئَك إذن أحسنَ إليكَ إذن آتيَكَ
فإن اعتمدت بالفعل على شيءٍ قبل ( إذنْ ) نحو قولك : أنا إذنْ آتيكَ رفعت وألغيتَ كما تلغى ظننتُ وحسبتُ وليس بشيءٍ من أخواتها التي تعمل في الفعل يُلغى غيرها فهي في الحروف نظير أرى في الأفعال ومن ذلك إن تأتني إذن آتك لأن الفعل جواب : إنْ تأتني فإن تم الكلام دونها جاز أن تستأنف بها وتنصب ويكون جواباً وذلك نحو قول ابن عَنَمة :
( أرْدُدْ حِمَارَكَ لا تُنْزَع سَوِيَّتُهُ ... إذنْ يُردَّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ )
فهذا نصبٌ لأن ما قبله من الكلام قد استغنى وتمَّ ألا ترى أنَّ قوله : اردد حمارَك لا تُنزعْ سويَتُه كلام قد تمَّ ثم استأنف كأنه أجاب من قال : لا أفعلُ ذاكَ فقال :
( إذنْ يُردَّ وقَيْدُ العيرِ مكروبُ ... )
فإن كان الفعل الذي دخلت عليه ( إذنْ ) فعلاً حاضراً لم يجز أن تعمل فيه لأن أخواتها لا يدخلن إلا على المستقبل وذلك إذا حدثت بحديثٍ فقلت : إذنْ أظنه فاعلاً وإذن أخالكَ كاذباً وذلك لأنك تخبر عن الحال التي أنت فيها في وقت كلامك فلا تعمل ( إذن ) لأنه موضع لا تعمل فيه أخواتها فإذا وقعت ( إذن ) بين الفاء والواو وبين الفعل المستقبل فإنك فيها بالخيار : إن شئتَ أعملتها كإعمالك أرى وحسبت إذا كانت واحدةٌ منها بين اسمين وإن شئت ألغيت فأما الإِعمال فقولك : فإذنْ آتيكَ فإذنْ أكرمَكَ قال سيبويه : وبلغنا أن هذا الحرف في بعض المصاحف : ( وإذن لا يلبثوا خلفك إلا قليلا ) وأما الإِلغاء فقولك : فإذن أجيئُكَ وقال عز و جل : ( وإذنْ لا يؤتون الناس نقيرا )
واعلم : أنه لا يجوز أن تفصل بين الفعل وبين ما ينصبه بسوى إذن وهي تُلغى وتقدم وتؤخر تقول : إذنْ والله أجيئكَ فتفصل والإِلغاء قد عرفتك إياهُ وتقول : أنا أفعلُ كذا إذنْ فتؤخرها وهي ملغاة أيضاً وإذا قلت : إذنْ عبدُ اللّه يقولُ ذلكَ فالرفع لا غير لأنه قد وليها المبتدأ فصارت بمنزلة ( هَلْ ) وزعم عيسى : أن ناساً يقولون : إذن أفعلُ في الجواب
الثاني ما انتصب بحرف يجوز إظهاره وإضماره
وهذا يقع على ضربين : أحدهما أن تعطف بالفعل على الإسم والآخر أن تدخل لامَ الجر على الفعل فأما الضرب الأول من هذا وهو أن تعطف الفعل على المصدر فنحو قولك : يعجبني ضربُ زيدٍ وتغضبَ
تريد : وأنْ تغضَب فهذا إظهار ( أنْ ) فيه أحسنُ
ويجوز إضمارها فأنْ مع الفعل بمنزلة المصدر فإذا نصبت فقد عطفت اسماً على أسمٍ ولولا أنك أضمرت ( أنْ ) ما جاز أن تعطف الفعل على الإسم لأن الأسماء لا تُعطف على الأفعالِ ولا تُعطفُ الأفعالُ على الأسماءِ لأن العطف نظير التثنية فكما لا يجتمع الفعل والإسم في التثنية كذلك لا يجتمعان في العطف فمما نصب من الأفعال المضارعة لما عطف على اسمٍ قول الشاعر :
( لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عيني ... أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ )
كأنه قال : للبسُ عباءةٍ وأنْ تقرَّ عيني
وأما الضرب الآخر فما دخلت عليه لامَ الجر وذلك نحو قولك : جئتُكَ لتعطيني ولتقومَ ولتذهبَ وتأويل هذا : جئتُك لأنْ تقومَ جئتُكَ لأنْ تعطيني ولأن تذهبَ وإنْ شئتَ أظهرتَ فقلت ( لأنَّ ) في جميعِ ذلك وإن شئت حذفت ( أنْ ) وأضمرتها ويدلك على أنه لا بدّ من إضمار ( أنْ ) هنا إذا لم تذكرها أن لام الجر لا تدخل على الأفعال وأن جميع الحروف العوامل في الأسماء لا تدخل على الأفعالِ وكذلك عوامل الأفعال لاتدخل على الأسماء وليس لك أن تفعل هذا مع غير اللام لو قلت : هذا لك بتقوم تريد بأن تقوم لم يجز وإنما شاع هذا مع اللام من بين حروف الجر فقط للمقاربة التي بين كي واللام في المعنى
الثالث وهو الفعل الذي ينتصب بحرف لا يجوز إظهاره
وذلك الحرف ( أنْ ) والحروفُ التي تضمر معها ولا يجوز إظهارها أربعة أحرفٍ ( حتى ) إذا كانت بمعنى إلى أنْ والفاء إذا عطفت على معنى الفعل لا على لفظه والواو إذا كانت بمعنى الإجتماع فقط وأو إذا كانت بمعنى إلى ( أنْ )
شرح الأول من ذلك وهو حتى
اعلم : أن ( حتىَ ) إذا وقعت الموقع الذي تخفض فيه الأسماء ووليها فعلٌ مضارع أضمر بعدها ( أنْ ) ونصب الفعلَ وهي تجيء على ضربين : بمعنى ( إلى ) وبمعنى ( كي ) فالضرب الأول قولك : أنا أسيرٌ حتى أدخلَها والمعنى : أسير إلى أن أدخلَها وسرت حتى أدخلهَا كأنه قال : سرت إلى دخولِها فالدخول غايةٌ للسير وليسَ بعلةٍ للسيرٍ وكذلك : أنا أقف حتى تطلعَ الشمسُ وسرتُ حتى تطلَع الشمسُ والضربُ الآخر أن يكون الدخول علة للسيرِ فتكون بمعنى ( كي ) كأنه قال : ( سرتُ كي أدخلَها ) فهذا الوجه يكون السير فيه كان والدخول لم يكن كما تقول : أسلمت حتى أدخلَ الجنةَ وكلمته كي يأمر لي بشيءٍ ( فَحتىَّ ) متى كانت من هذين القسمين اللذين أحدهما يكون غاية الفعل وهي متعلقة به وهي من الجملة التي قبلها فهي ناصبة وإن جاءت بمعنى العطف فقد تقع ما بعدها جملة وارتفاع الفعل بعدها على وجهين : على أن يكون الفعل الذي بعدها متصلاً بالفعل الذي قبلها أو يكون منقطعاً منه ولا بدّ في الجميع من أن يكون الفعلُ الثاني يؤديه الفعل الأول فأما الوجه الأول فنحو قولك : سرتُ حتى أدخلَها ذكرت أن الدخول اتصل بالسير بلا مهلة بينهما كمعنى الفاء إذاعطفت بها فقلت : سرت فأنا أدخلَها
وصلت الدخول بالسير كما قال الشاعر :
( تُرادى عَلَى دِمْنِ الحِيَاضِ فإنْ تَعَفْ ... فإنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرُكُوبُ )
وينشدُ تراد لم يجعل بين الرحلة والركوب مهلةُ ولم يرد أنَّ رحلته فيما مضى وركوبه الآن ولكنه وصل الثاني بالأول ومعنى قولي : إنَّكَ إذا رفعتَ ما بعد حتى فلا بدّ من أن يكون الفعلُ الذي قبلها هو الذي أدى الفعلَ الذي بعدها أن السير به كان الدخول إذا قلت : سرتُ حتى أدخلَها
ولو لمْ يسرْ لَم يدخلْها ولو قلت : سرتُ حتى يدخلُ زيدٌ فرفعت ( يدخلُ ) لمِ تَجر لأن سيرك لا يؤدي زيداً إلى الدخول فإن نصبت وجعلتَها غايةً جازَ فقلت : سرتُ حتى يدخلَ زيدٌ تريدُ إلى أن يدخل زيدٌ وكذلك : سرتُ حتى تطلعَ الشمسُ ولا يجوز أن ترفع ( تَطلعُ ) لأنَّ سيركَ ليس بسببٍ لطلوع الشمسِ وجاز النصب لأن طلوع الشمسِ قد يكون غايةً لسيرك
وأما الوجه الثاني من الرفع : فأن يكون الفعلُ الذي بعد ( حتىَّ ) حاضراً ولا يراد به اتصاله بما قبله ويجوز أن يكون ما قبله منقطعاً ومن ذلك قولك : لقد سرت حتى أدخلها وما أمنع حتى أني أدخلُها الآن أدخلُها كيفَ شئت ومثل قول الرجل : لقد رأى مني عاماً أول شيئاً حتى لا أستطيع أن أكلَمه العامَ بشيءٍ
ولقد مَرِض حتى لا يرجونه إنما يراد أنه الآن لا يرجونه وأن هذه حاله وقت كلامه ( فحتى ) ها هنا كحرفٍ من حروف الإبتداء والرفع في الوجهين جميعاً كالرفع في الإسم لأن حتى ينبغي أن يكون الفعل الأول هو الذي أدى إلى الثاني لأنه لولا سيره لم يدخل ولولا ما رأى منه في العام الأول ما كان لا يستطيع أن يكلمه العام ولولا المرضُ ما كان لا يُرجى وهذا مسألة تبين لك فيما فرق ما بين النصب والرفع تقول : كان سيري حتَى أدخلُها فإذا نصبت كان المعنى : إلى أن أدخلَها فتكون ( حتى ) وما عملت فيه خبرَ كان فإن رفعت ما بعد ( حتى ) لم يجز أن تقول : كان سيري حتَّى أدخلَها لأنك قد تركت ( كانَ ) بغير خبرٍ لأن معنى ( حتى ) معنى الفاء فكأنك قلت : كان سيري فأدخلها فإن زدت في المسألة ما يكون خبراً ( لكانَ ) جاز فقلت : كان سيري سيراً متعباً حتى أدخلَها وعلى ذلك قرىء : ( حتى يقولُ الرسول ) وحتى يقولُ : مَنْ نصبَ جعلَهُ غايةً ومَن رفَع جعلَه حالاً
شرح الثاني : وهو الفاء
اعلم : أن الفاء عاطفة في الفعل كما يعطف في الإسم كما بينت لك فيما تقدم فإذا قلت : زيدٌ يقومُ فيتحدث فقد عطفت فعلاً موجباً على فعلٍ موجبٍ وإذا قلت : ما يقومُ فيتحدث فقد عطفت فعلاً منفياً على منفيّ فمتى جئت بالفاء وخالف ما بعدها ما قبلها لم يجز أن تحمل عليه فحينئذٍ تحمل الأول على معناه وينصب الثاني بإضمار ( أنْ ) وذلك قولك : ما تأتني فتكرمني وما أزورك فتحدثني لَم ترد : ما أزورك وما تحدثني ولو أردت ذلك لرفعت ولكنك لما خالفت في المعنى فصار : ما أزوركَ فكيف تحدثني وما أزوركَ إلاّ لم تحدثني حمل الثاني على مصدر الفعل الأول وأضمر ( أنْ ) كي يعطف اسماً على اسمٍ فصار المعنى ما يكون زيارةٌ مني فحديثٌ منكَ
وكذا كلما كان غير واجب نحو الأمر والنهي والإستفهام فالأمرُ نحو قولك : إئتني فأكرِمَكَ والنهي مثل : لا تأتني فأكرمَكَ والإستفهام مثل : أتأتني فأعطيَك لأنه إنما يستفهم عن الإِتيان ولم يستفهم عن الإِعطاء وإنما تضمر ( أنْ ) إذا خالف الأول الثاني فمتى أشركت الفاء الفعلَ الثاني بالأول فلا تضمر ( أنْ ) وكذلك إذا وقعت موقع الإبتداء أو مبنيٌّ على الإبتداء
شرح الثااث : وهو الواو
الواو تنصب ما بعدها في غير الواجب من حيث انتصب ما بعد الفاء وإنما تكون كذلك إذا لم ترد الإِشراك بين الفعلِ والفعلِ وأردت عطفَ الفعلِ على مصدر الفعلِ الذي قبلَها كما كان في الفاء وأضمرت ( أنْ ) وتكون الواو في جميع هذا بمعنى ( مَع ) فقط وذلك قولك : لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبنَ أي لا تجمعْ بين أكلِ السمكِ وشربِ اللبنِ فإنْ نهاه عن كل واحدٍ منهما على حالٍ قال : ولاَ تشربِ اللبنَ على حالٍ وتقول : لا يسعني شيءٌ ويعجز عنكَ فتنصبُ ولا معنى للرفع في ( يعجزُ ) لأنه ليس يخبر أن الأشياء كلها لا تسعه وأن الأشياء كلها لا تعجز عنه إنما يعني لا يجتمع أن يسعني شيءٌ ويعجز عنك كما قال :
( لاتَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ )
أي لا يجتمع أن تنهي وتأتي ولو جزم كان المعنى فاسداً
ولو قلت بالفاء : لا يسعني شيءٌ فيعجزَ عنكَ كان جيداً لأن معناه : لا يسعني شيءٌ إلا لم يعجزْ عنكَ ولا يسعني شيءٌ عاجزاً عنكَ
فهذا تمثيلٌ كما تمثلُ : ما تأتيني فتحدثني إذا نصبت بما تأتيني إلاّ لم تحدثني وبما تأتيني محدثاً وتنصب مع الواو في كل موضع تنصب فيه مع الفاء وكذلك إذا قلت : زرني فأزوركَ تريدُ ليجتمعَ هذان قال الشاعر :
( أَلم أَكُ جَاَركُمْ ويَكُونَ بَيْنِي ... وَبَيْنَكُم المَوَدَّةُ والإِخَاءُ )
أراد : ألم يجتمعْ هذانِ ولو أراد الإِفراد فيهما لم يكن إلا مجزوماً والآية تقرأ على وجهين ( ولما يعلمِ الله الذينَ جاهدوا منكم ويعلم الصابرينَ ) وإنما وقع النصب في باب الواو والفاء في غير الواجب لأنه لو كان الفعلُ المعطوف عليه واجباً لم يبنِ الخلاف فيصلحُ إضمارُ ( أنْ )
شرح الرابع وهو ( أو )
اعلم : أن الفعل ينتصب بعدها إذا كان المعنى معنى إلا أن تفعلَ تقول : لألزمنَّكَ أو تعطيني كأنه قال : ليكوننَّ اللزومُ والعطيةُ وفي مصحف أُبي ( تقاتلونهم أو يسلموا ) على معنى : إلا أن يُسلموا أو حتى يسلموا وقال امرؤ القيس :
( فَقُلْتُ لَهُ : لا تَبْكِ عَينُكَ إنَّما ... نُحَاوِلُ مُلْكاً أو نَمُوتَ فَنُعْذَرَا )
أي : إلا أن نموت فنعذَرا فكلُ موضعٍ وقعتْ فيهِ أو يصلح فيه إلا أنْ وحتى فالفعل منصوب فإن جاء فعلٌ لا يصلحُ هذا فيهِ رفعت وذلك نحو قولك أتجلس أو تقومُ يا فَتى والمعنى : أيكونَ منكَ أحدُ هذينِ وهل تكلمنا أو تنبسطُ إلينا لا معنى للنصبِ هنا وقال الله عز و جل : ( هل يسمعونكم إذْ تدعونَ أو ينفعونكم أو يضُرُّونَ ) فهذا مرفوع لا يجوز فيه النصب لأن هذا موضع لا يصلحُ فيه ( إلاّ أنْ )
[ الأفعال المجزومة ]
الحروف التي تجزم خمسةٌ : لَمْ ولَمّا ولا في النهي واللام في الأمر وإنْ التي للجزاء وهذه الحروفُ تنقسم قسمين : فأربعة منها لا يقع موقعَها غيرُها ولا تحذف من الكلام إذا أريدت وهي لَمْ وَلمَّا ولا في النهي ولامُ الأمر والقسم الآخر حرف الجزاء قد يحذف ويقعَ موقعه غيره من الأسماء وحذف حرف الجزاء على ضربين : ضربٌ يقومُ مقامه اسمٌ يجازى بهِ وضربٌ يحذفُ البتةَ ويكونُ في الكلامِ دليلٌ عليه والأسماء التي يجازى بها على ضربين : اسمٌ غيرُ ظرفٍ واسم ظرفُ وهو نحو : مَا ومَنْ وأي وأينَ ومَتى وحيثَما ومتهما وإذْ ما
شرح القسم الأول وهو الأحرف الأربعة
لم ولمَّا ولا في النهي ولام الأمر أما لَمْ فتدخلُ على الأفعال المضارعة واللفظُ لفظُ المضارع والمعنى معنى الماضي تقولُ : لَمْ يقمْ زيدٌ أمسِ ولَم يقعدْ خالدٌ وأما ( لَمَّا ) لَمْ ضمتْ إليها ( مَا ) وبنيتْ معها فغيرت حالها كما غيرت لو ( ما ) ونحوها ألا تَرى أنكَ تقول : لمّا ولا يتبعها شيءٌ ولا تقول ذلك في ( لَمْ ) وجوابُ ( لمّا ) قد فَعلَ يقول القائل : لمَّا يفعلْ فيقول : قد فعَلَ ويقول أيضاً للأمر الذي قد وقع لوقوع غيره وتقول : لما جئتَ جئتُ فيصيرُ ظرفاً وأما ( لا في النهي ) فنحو قولِكَ : لا تقمْ ولا تقعدْ ولفظ الدعاء لفظُ النهي كما كان كلفظِ الأمر تقول : لا يقطع اللهُ يدكَ ولا يتعس اللهُ جدك ولا يبعدُ الله غيرَك ولا في النهي بمعنى واحدٍ لأنك إنَّما تأمره أن يكون ذلك الشيء الموجب منفياً ألا ترى أنَّكَ إذا قلت : قُمْ إنّما تأمره بأن يكون منه قيامُ فإذا نهيت فقلت : لا تَقم فقد أردت منه نفي ذلكَ فكما أنَّ الأمر يراد به الإِيجاب فكذلك النهي يراد به النفي وأما لام الأمر فنحو قولك : ليقم زيدٌ وليقعدْ عمروٌ ولتقم يا فلانُ تأمر بها المخاطب كما تأمرُ الغائب وقال عز و جل ( فبذلكَ فلتفرحوا ) ويجوز حذف هذه اللام في الشعر وتعمل مضمرة قال متمم بن نويرة :
( علَى مِثْلِ أَصْحَابِ البَعُوضَةِ فَاخْمِشِي ... لَكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبْكِ مَنْ بَكَى )
أراد : ليبكِ ولا يجوزُ أن تضمر لَمْ وَلا في ضرورة شاعرٍ
ولو أضمرا لالتبس الأمر بالإِيجاب
شرح القسم الثاني وهو حرف الجزاء
اعلَمْ : أنَّ لحرف الجزاء ثلاثة أحوال حالٍ يظهر فيها وحالٍ يقع موقعه اسم يقوم مقامه ولا يجو أن يظهر معه والثالث أن يحذف مع ما عمل فيه ويكون في الكلام دليل عليه
فأما الأول الذي هو حرف الجزاء : فإن الخفيفة ويقال لها : أم الجزاء وذلك قولك : إن تأتني آتِكَ وإنْ تقمْ أقم فقولك : إن تأتني شرط وآتِكَ جوابهُ ولا بُدَّ للشرطِ من جوابٍ وإلا لم يتم الكلام وهو نظيرُ المبتدأ الذي لا بُدَّ له من خبر ألا ترى أنَّك لو قلت : ( زيدٌ ) لم يكن كلاماً يقال فيه صدقٌ ولا كذبٌ فإذا قلت : منطلقٌ تَمَّ الكلام فكذلك إذا قلت : إنْ تأتني لم يكن كلاماً حتى تقولَ : آتِكَ وما أشبه وحَقُّ ( إن ) في الجزاء أن يليها المستقبل من الفعل لأنك إنما تشترط فيما يأتي أنْ يقعَ شيءٌ لوقوع غيره وإنْ وليها فعل ماضٍ أحالت معناه إلى الإستقبال وذلك قولك : إنْ قمتَ قمتُ إنما المعنى : إنْ تَقمْ أقم ( فإنْ ) تجعل الماضي مستقبلاً كما أنَّ ( لَمْ ) إذا وليها المستقبل جعلته ماضياً تقول : لم يقمْ زيدٌ أمسِ والمعنى : ما قام فعلى هذا يجوز أن تقول : إنْ لَم أَقمْ لَم أَقمْ فلا بد لشرط الجزاء من جواب والجواب يكون على ضربين : بالفعل ويكون بالفاء فالفعل ما خبرتُكَ به فأما الفاء فنحو قولك : إنْ تأتني فأنا أكرمُكَ وإنْ تأتِ زيداً فأخوه يحسن إليكَ وإنْ تتّقِ الله فأنتَ كريمٌ فحق الفاء إذا جاءت للجواب أن يُبتدأ بعدها اللام ولا يجوز أن تعمل فيما بعدها شيءٌ مما قبلها وكذلك قولك : إنْ تأتني فلكَ درهمٌ وما أشبه هذا وقد أجازوا للشاعر إذا اضطر أن يحذف الفاء
وأما الثاني : فأن يقع موقع حرف الجزاء اسم والأسماء التي تقع موقعه على ضربين : اسمٌ غير ظرفٍ واسمٌ ظرفٌ
فالأسماء التي هي غير الظروف : مَنْ ومَا وأيّهم تقول : مَنْ تكرمْ أكرمْ وكان الأصل : إنْ تكرمْ زيداً وأشباهَ زيدٍ أكرم فوقعت ( مَنْ ) لما يعقل كما وقعت ( مَنْ ) في الإستفهام مبهمةً لما في ذلك من الحكمة وكذلك : ما تصنعُ أَصنعْ وأّيَّهم تضرب أَضربْ تنصب أيهم بتضرب لأن المعنى : إنْ تضربْ أياً ما منهم أَضربْ ولكن لا يجوز أن تقدم ( تضربْ ) على ( أي ) لأن هذه الأسماء إذا كانت جزاءً أو استفهاماً فلها صدور الكلام كما كان للحروف التي وقعت مواقعها فكذلك مَنْ وما إذا قلت : مَنْ تكرمْ أكرمْ وما تصنعْ أَصنعْ
وموضعها نصب وإذا أردت أن تبين مواضعها من الإِعراب فضع موضعها ( إن ) حتى يتبين لك وإذا قلت : مَنْ يقمْ أَقم إليه فموضع ( مَنْ ) رفعٌ لأنها غير معقولة وكذا ايهم يضرب زيداً أضربه وأيهم يأتني أحسن إليه وأما ( مَهما ) فقال الخليل : هي ( مَا ) أدخلت معها ( ما ) لغواً وأبدلوا الالفَ هاء
قال سيبويه : ويجوز أن تكون كإِذْ ضُمتْ إليها ( مَا ) وأما الظروف التي يجازى بها : فمتى وأينَ وأنَّى وأي حين وحيثُما وإذْ ما لا يجازى بحيثُ وإذْ حتى يُضم إليهما ( مَا ) تصير مع كل واحد منهما بمنزلة حرف واحد
فتقول إذا جازيت بهن : متى تأتني آتِكَ وأينْ تقمْ أَقمْ وأَنى تذهبْ أَذهبْ وأي حين تصلْ أَصلْ ( فأيُّ ) إلى أي شيء أضفتها كانت منه إن أضفتها إلى الزمان فهي زمانٌ
وإن أضفتها إلى المكان فهي مكانٌ وتقول : حيثُما تذهبْ أذهبْ وإذ ما تفعلُ أفعلْ قال الشاعر :
( إِذْ مَا تَرَيْنِي اليَوْمَ مُزْجى ظعينتي ... أُصَعِّدُ سيراً في البلادِ وأَفرَعُ )
( فإِنِّيَ مِنْ قَوْمٍ سِواكُم وإِنَّما ... رِجالي فَهْمٌ بالحِجَازِ وأشجعُ )
قال سيبويه : والمعنى : إما
وإذا لا يجازى بها إلا في الشعر ضرورةً وهي توصل بالفعل كما توصل ( حيثُ ) ويقع بعدها مبتدأٌ وكل الحروف والأسماء التي يجازى بها فلك أن تزيد عليها ( ما ) ملغاةً فإن زدتَ ( مَا ) على ( مَا ) لم يحسن حتى تقول : مهما فيتغيرُ فأمَّا ( حيثما وإذ ما ) لا يجازى بهما إلاّ و ( مَا ) لازمةٌ لهما
واعلم : أن الفعل في الجزاء ليس بعلةٍ لما قبله كما أنه في حروف الإستفهام ليس بعلة لِمَا قبله
واعلم : أن الفعل إذا كان مجزوماً في الجزاء وغيره فإنه يعمل عمله إذا كان مرفوعاً أو منصوباً تقول إنْ تأتني ماشياً أمشِ معكَ وإن جعلت ( تمشي ) موضع ( ماشياً ) جاز فقلت : إنْ تأتني تمشي أمشِ معكَ وإن تأتني تضحكُ أَذهبْ معكَ تريد ( ضاحكاً ) فإن جئتَ بفعلٍ يجوزُ أن يبدل من فعلٍ ولم ترد الحال جزمت فقلت : إنْ تأتني تمشِ أَمشِ معكَ وإنَّما جاز البدل لأن المشيَ ضرب من الإِتيان ولو لَمْ يكن ضرباً منه لم يجز لا يصلح أن تقول : إنْ تأتني تضحكُ أَمشي معكَ فتجزم ( تضحكُ ) وتجعله بدلاً وقد كنت عرفتك أنَّ جميع جواب الجزاء لا يكون إلا بالفعل أو بالفاء وحكى الخليل : أنَّ ( إذا ) تكون جواباً بمنزلة الفاء لأنها في معناها لأن الفاء تصحب الثاني الأول وتتبعه إياه وإذا وقعت لشيءٍ يصحبه وذلك قوله عز و جل : ( وإنْ تُصبهم سيئةٌ بما قدمتْ أَيديهم إذا هُم يقنطون )
والمعنى : إنْ أصابتهُم سيئةٌ قَنطوا ونظيره : ( سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) بمنزلة : أم صمتم ولا يجوز : إنْ تأتني لأفعلنّ
ويجوز : إنْ أتيتني لأكرمنَّك وإنْ لَم تأتني لأغمنك لأنَّ المعنى : لئن أتيتني لأكرمنَّك فما حسن أن تدخل اللام على الشرط فيه حسنُ أن يكون الجواب لأَفعلنَّ وما لم يحسن في الشرط اللام لم يحسنْ في الجواب لأنَّ الجواب تابعٌ فحقه أن يكون على شكل المتبوع ولا يحسن أن تقول : لإِنْ تأتني لأَفعلنَّ فلما قبح دخول اللام في الشرط قَبح في الجواب ولو قلت ذاك أيضاً لكنت قد جزمت ( بإنْ ) الشرط وأتيت بجوابها غير مجزومٍ ويجوز أن تقول : ( آتيكَ إنْ تأتني ) فتستغني عن جواب الجزاء بما تقدم ولا يجوز : إن تأتني آتيكَ إلاّ في ضرورة شاعرٍ على إضمار الفاء وأما ما كان سوى ( إن ) منها فلا يحسن أن يحذف الجواب وسيبويه يجيز : إنْ أتيتني آتِكَ وإنْ لم تأتني أَجزكَ لأنه في موضع الفعل المجزومِ وينبغي أن تعلم أنَّ المواضع التي لا يصلح فيها ( إنْ ) لا يجوز أن يجازى فيها بشيءٍ من هذه الأسماء البتةَ لأن الجزاء في الحقيقة إنما هو بها إذا دخل حرف الجر على الأسماء التي يجازى بها لم يغيرها عن الجزاء تقول : على أي دابةٍ أحمل أَركبه وبِمَنْ تؤخذْ أوْ خذ به وإنما قدم حرف الجرِّ للضرورة لأنه لا يكون متعلقاً بالمفعول
فإن قلت : بمَنْ تَمرُّ بهِ أمرُّ وعلى أيهم تنزل عليه انزلُ رفعت وصارت بمعنى الذي
وصارت الباء الداخلة في ( مَنْ ) لأمرَّ والباء في ( بهِ ) لتَمرَّ وقد يجوز أن تجزم بمَنْ تَمررْ أَمررْ وأنت تريد ( بهِ ) وهو ضعيفٌ وتقول على ذلك : غلامَ مَنْ تضربْ أضربه قدمت الغلام للإِضافة كما قدمت الباء وهو منصوب بالفعل ولكن لا سبيل إلى تقديم الفعل على ( مَنْ ) في الجزاء والإستفهام
وأما الثالث : الذي يحذف فيه حرف الجزاء مع ما عمل فيه وفيما بقي من الكلام دليل عليه وذلك إذا كان الفعل جواباً للأمر والنهي أو الإستفهام أو التمني أو العرض تقول : آتني آتِكَ فالتأويل : ائتني فإِنَّك إنْ تأتني آتِكَ هذا أمرٌ ولا تفعلْ يكنْ خيراً لكَ وهذا نهيٌ والتأويل لا تفعلْ فإِنَّكَ إن لا تفعلْ يكن خيراً لكَ وإلا تأتني أُحدثك وأينَ تكون أزرك وألا ماءَ أشربهُ وليته عندنا يحدثْنَا فهذا تمنٍّ ألا تنزل تُصب خيراً وهذا عرضٌ ففي هذا كلِّه معنى ( إنْ تفعلْ ) فإن كان للإستفهام وجه من التقدير لم تجزم جوابهُ
ولا يجوز : لا تدنُ من الأسدِ فإنَّكَ إن تدنُ مِنَ الأسدِ يأكلكَ فتجعل التباعد من الأسد سبباً لأكلكَ فإذا أدخلت الفاء ونصبت جاز فقلت : لا تدنُ منَ الأسد فيأكلَكَ لأنَّ المعنى لا يكونُ دنوٌ ولا أَكلٌ وتقول : مُرْهُ يحفْرها وقل له : يقل ذاك فتجزم ويجوز أن تقول : مُرْهُ يحفرُها فترفعُ على الإبتداءِ وقال سيبويه : وإن شئتَ على حذف ( أنْ ) كقوله :
( ألا أيُّهَا الزَّاجري احْضرُ الوَغى ... )
وعسينا نفعلُ كذا وهو قليل وقد جاءت أشياءٌ أنزلوها بمنزلة الأمرِ والنهي وذلك قولهم : حسبُكَ ينمُ الناسُ واتقى الله امرؤٌ وفعلَ خيراً يُثَبْ عليهِ
● [ باب إعراب الفعل المعتل اللام ] ●
اعلم : أن إعراب الفعل المعتل الذي لامهُ ياءٌ أو واوٌ أو ألفٌ مخالفٌ للفعل الصحيح والفرق بينهما أن الفعل الذي آخره واوٌ أو ياءٌ نحو : يغزو أو يرمي تقول فيهما : هذا يغزو ويرمي فيستوي هو والفعل الصحيح في الرفع في الوقت كما تقول : هو يقتلُ ويضرب فإن وصلت خالف يقتل ويضرب فقلت : هو يغزوْ عمراً ويرمي بكراً فتسكن الياء والواو ولا يجوز ضمها إلا في ضرورةٍ شَاعرٍ فإن نصبت كان كالصحيح فقلت : لنْ يغزوَ ولَنْ يرميَ وإنما امتنع من ضم الياء والواو لأنها تثقل فيهما فإن دخل الجزم اختلفا في الوقف والوصل فقلت : لم يغزُ ولَم يرمِ فحذفت الياء والواو وكذلك في الوصل تقول : لم يغزُ عمراً ولم يرمِ بكراً وإنما حذفت الياء والواو في الجزم إذا لم تصادف الجازم حركة يحذفها فحذفت الياء والواو لأن الحركة منهما وليكون للجزم دليل . والأمر كالجزم
تقول : ارمِ خالداً واغزُ بكراً فتحذف في الوقف والوصل إلا أنكَ تضم الزايَ من ( يغزو ) وتكسر الميم من ( يرمِي ) إذا وصلتَ
فيدلان على ما ذهبَ للجزمِ والوقفِ وإنما تساوي الوقف في الأمر للجزم لأنهما استويا في اللفظ الصحيح فلما كان ذلك في الصحيح على لفظٍ واحدٍ جعلوا المعتل مثل الصحيح فقالوا : ارمِ واغزُ كما قالوا لم يرمِ ولَم يغزُ وقالوا : اضربا واضربوا كما قالوا : لم يضربا ولم يضربوا
كتاب : الأصول في النحو
المؤلف : أبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي
منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة