منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت Empty [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الجمعة مارس 07, 2014 1:04 pm

    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت Gamah10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الأدبية
    جمهرة أشعار العرب
    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت 1410
    ● [ بقية الملحمات ] ●

    [ عبيد الراعي ]
    الكامل
    مَابَالُ دَفِّكَ بالفِراشِ مَذِيلا، ... أَقَذىً بِعَيْنِكَ أَمْ أَرَدْتَ رَحيلا
    لَمّا رأَتْ أَرَقِي، وَطُولَ تَلَدُّدي، ذاتَ العِشاء، وَلَيْليَ الموصولا
    قَالَتْ خُلَيْدَةُ: ما عرَاكَ، وَلَمْ تَكُنْ ... أَبَداً، إذا عَرَتِ الشؤونُ سَؤُولا
    أَخُلَيْدُ إنّ أَبَاكَ ضَافَ وِسَادَه ... هَمّانِ، باتا جَنْبَهُ، وَدَخِيلا
    طرقا، فتِلْكَ هَمَاهِمٌ، أَقْرِيهِما ... قُلُصاً لَواقِحَ كالقسيِّ، وَحُولا
    شُمَّ الحوارك جُنّحاً أَعْضادُها ... صُهْباً تُنَاسِبُ شَدْقماً وَجَديلا
    جَوّابَةً طُوِيَتْ عَلَى زَفَراتِها ... طَيَّ القناطِرِ، قد بَزَلْنَ بُزولا
    بُنِيَتْ مَرافِقُهُنّ فَوْقَ مَزِلّة، ... لا يَسْتَطيعُ بِهَا القُرَادُ مَقِيلا
    كَانَتْ هَجَائِنَ مُنْذِرٍ وَمُحرِّقٍ ... أُماتهُنّ، وَطَرقهُنّ فَحِيلا
    فَكَأَنّ رَيِّضَها، إذا بَاشَرْتَها، ... كَانَتْ مُعَاوِدَةَ الرَّحِيلِ ذَلولا
    قَذَفَ الغُدوِّ، إذا غَدَوْتَ لحاجةٍ، ... دُلُفَ الرَّواح، إذا أَرَدْتَ قُفُولا
    قُوداً تَذَارَعُ غَولَ كُلِّ تَنوفةٍ، ... ذَرْعَ المُوشَّح مُبرماً وَسحيلا
    في مَهْمَهٍ قَلِقَتْ بِهِ هَامَاتُها ... قَلَقَ الفُؤوس، إذا أَرَدْنَ نُصولا
    وإذا تَعَارَضَتِ المَفَاوزُ عَارَضَتْ ... رَبِذاً تَبَغّلَ خَلْفَها تَبْغيلا
    زَجِلَ الحُداءِ، كَأَنَّ في حَيْزُومِهِ، ... قَصَباً، وَمُقْنِعَةَ الحَنين عَجولا
    وإذا تَراحَلَتِ الضُّحى قَذَفَتْ به، ... فَشَأَوْنَ غايتَهُ، فظَلّ ذَمِيلا
    يَتْبَعْنَ مَائِرَةَ اليَدَيْنِ شِمِلّةً، ... أَلْقَتْ بِمُنْخَرِق الرّياحِ سَليلا
    جَاءَتْ بذي رَمَقٍ لِسِتّةِ أَشْهُرٍ ... قَدْ مَاتَ أَوْ حَبّ الحَياةَ قَليلا
    لاَ يَتّخِذْنَ إذا عَلَوْنَ مَفَازَةً ... إلاّ بَيَاضَ الفَرْقَدَينِ دَليلا
    حَتّى وَرَدْنَ لِتمّ خمسٍ بائصٍ ... جُدّاً تُقارِضُهُ السُّقاةُ وَبيلا
    سَدَماً، إذا التمسَ الدِّلاءُ نِطاقَه، ... صَادَفْنَ مُشْرِفَةَ المِتَانِ، زَحولا
    جَمَعُوا قُوىً مما تَضُمّ رِحَالُهم، ... شَتّى النِّجار، ترى بِهِنّ وُصولا
    فَسَقَوا صَواديَ، يسمعونَ عشِيّةً ... للمْاءِ في أَجْوَافِهِنّ صَليِلا
    حتى إذا بَرَدَ السِّجالُ لُهَابَها ... وَجَعَلْنَ خَلْفَ غُروضهنّ ثميلا
    وَأَفَضْنَ بَعْدَ كُظُومِهِنّ بِجِرّةٍ ... مِنْ ذي الأبارِقِ إذْ رَعَيْنَ حَقيلا
    جَلَسوا على أَكْوارِها، فَتَرَادَفَتْ، ... صُخْبَ الصّدى، جُرعَ الرعانِ رحيلا
    مُلسَ الحصىَ بَاتَتْ تَوَجَّسُ فَوْقَهُ ... لَغَطَ القَطا، بالجَلهتين نُزولا
    حدب السراة وأَلْحَقَتْ أَعْجازَها ... رُوحٌ يَكُونُ وُقُوعُها تحليلا
    وَجَرى على حَدْبِ الصُّوَى فَطَرَدْنَه ... طَرْدَ الوَسِيقةِ بالسَّماوةِ طُولا
    أَبْلِغْ أَمِيرَ المُؤمِنينَ رِسالةً، ... تَشْكو إلَيْكَ مَضَلّةً وَعَويلا
    طَالَ التقلّبُ والزّمانُ، وَرَابَهُ ... كَسَلٌ وَيَكرهُ أن يَكُونَ كَسولا
    ضافَ الهُمُومُ وِسادَهُ، وَتَجنّبَت ... رَيّانَ يُصْبِحُ في المَنامِ ثَقيلا
    فَطَوى البلادَ على قَضاء صَريمةٍ، ... بِالجَدّ، واتّخَذَ الزِّماعَ خَلِيلا
    وَعَلا المَشِيبُ لذاته، وخَلَتْ لَهُ ... حُقَبٌ نَقَضْنَ مَرِيرَهُ المَفْتُولا
    فَكَأَنّ أَعْظُمَهُ مَحَاجِنُ نَبْعةٍ ... عُوجٌ قَدمن، فَقَدْ أَرَدْنَ نُجولا
    كَحَديدةِ الهِنْديّ أَمْسىَ جَفْنُهُ ... خَلَقاًن وَلَمْ يَكُ في العِظَامِ نَكولا
    تَعْلُو حَديدَتَهُ وَتَنْكُرُ لَوْنَهُ، ... عَيْنٌ رأَتْهُ في الشبابِ صَقيلا
    إنّي حَلَفْتُ على يَمينٍ بَرّةٍ ... لا أَكْذُبُ اليَوْمَ الخَلِيفَةَ قيلا
    مَا زُرْتُ آلَ أبي خُبَيْبٍ طَائِعاً، ... يَوْماً أُرِيدُ لِبَيْعَتي تَبْديلا
    وَلَمّا أَتيْتُ نُجَيْدَةَ بْنَ عُوَيْمرٍ ... أَبْغي الهُدى، فَيَزِيدني تَضْليلا
    مِنَ نِعْمَةِ الرحمنِ لا مِن حِيلتي ... أني أَعُدّ لَهُ عليّ فُضولا
    وَشَنِئْتُ كلَّ منافقٍ متقلِّبٍ، ... تَرَكَ الزّلازلُ قَلْبَهُ مَدْخُولا
    واهي الأمانَةِ لا تزالُ قَلوصُه ... بَينَ الخوارج، نَهزةً وذَميلا
    مِن كلّهمْ أمسى يَهِمّ بِبَيْعَةٍ، ... مَسحَ الأكفّ تُعاودُ المِنديلا
    أَخَليِفَةَ الرّحْمَنِ! إنّا مَعْشَرٌ ... حُنَفَاءُ، نَسْجُد بُكْرَةً وأصيلا
    عَرَبٌ، نَرَى للَّهِ في أَمْوالِنا ... حَقَّ الزّكَاةِ مُنَزَّلاً تَنْزِيلا
    إنّ السُّعاةَ عَصَوْكَ يَوْمَ أَمَرْتَهُم، ... وَأَتَوا دَواهيَ، لو عَلِمتَ، وَغُولا
    كَتَبُوا الدُّهَيْمَ من العِدا بمُشَرَّفٍ، ... عَادٍ، يُرِيدُ خِيانةً وَغُلولا
    ذُخْرَ الخليفةِ، لو أَحَطْتَ بِخُبرِه، ... لَتَركْتَ مِنْهُ طَابقاً مَفْصُولا
    أَخَذُوا العريفَ، فَقَطّعوا حَيْزُومَه ... بِالأصْبَحيّة، قائماً مَغْلولا
    حَتّى إذا لَمْ يَتْرُكوا لِعِظامِهِ ... لَحْماً، ولا لِفُؤادِهِ مَعْقُولا
    جَاؤوا بِصَكِّهِمُ، وَأَحْدَبَ أَسْأَرَتْ ... مِنْهُ السِّياطُ يَرَاعةً إجفيلا
    نسيَ الأمانَةَ مِنْ مَخافَةِ لُقّحٍ ... شُمسٍ، تركنَ بَضِيعَةُ مَجْدولا
    أَخَذُوا حُمُولَتَهُ، وَأَصْبَحَ قَاعِداً، ... لا يَسْتَطِيعُ عن الدّيَارِ حَويلا
    يَدْعُو أَميرَ المؤمنينَ، وَدُونَهُ ... خِرْقٌ تَجُرّ به الرّياحُ ذُيُولا
    كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرّماةُ جَنَاحَه، ... يَدْعو بِقارِعَةِ الطّريقِ هَديلا
    وَقَعَ الرّبيعُ، وَقَد تَقَاربَ خَطْوُهُ، ... وَرأى بِعَقْوَتِهِ أزلّ نَسُولا
    مُتَوَشِّحَ الأقْرَابِ فِيهِ نَهْمَةٌ، ... نَهِشَ اليدَين، تَخَالُهُ مَشْكولا
    كدُخانِ مُرْتَجِلٍ بِأَعْلى تَلعَةٍ، ... غَرْثَانَ ضَرّمَ عَرْفَجاً مَبْلولا
    أَخَليِفَةَ الرّحْمَنِ! إنّ عَشِيرَتي، ... أمسى سوامُهُمُ عُرِينَ فُلولا
    قَوْمٌ على الإسْلاَمِ لَمْا يَتركوا ... ما عونَهُم، وَيُضَيِّعوا التهليلا
    قَطَعُوا اليمامَةَ يُطْرَدونَ، كَأَنّهم ... قَوْمٌ أصابوا، ظالمين، قَتِيلا
    يَحْدُونَ حُدْباً مَائِلاً أَشْرَافُها، ... في كلّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعيلا
    حَتّى إذا احتبسَتْ تبقّى طُرْقُها، ... وثَنى الرُّعاةُ شكيرها المَنْجولا
    شَهْرَي رَبِيعٍ ما تَذُوقُ لَبُونُهُمْ ... إلاّ حُمُوضاً وَخمةً، وذَبيلا
    وَأَتَاهُمُ يحيَى، فَشَدّ عَلَيْهِمُ ... عِقداً، يَرَاهُ المُسْلِمُونَ ثَقيلا
    كُتُباً تَرَكْنَ غنيَّهم ذا عِيلةٍ، ... بَعْدَ الغِنَى، وَفَقيرَهم مَهْزولا
    فَتَركْتُ قَوْمي يِقْسِمُونَ أُمورَهم ... أَإِلَيْكَ أَمْ يَتَرَبّصُونَ قَليلا
    أَنْتَ الخليفةُ عَدْلُهُ وَنَوالُهُ، ... وإذا أَرَدْتَ لِظَالِمٍ تَنْكِيلا
    فَارْفَعْ مَظَالِمَ عَيّلَتْ أَبْناءنا ... عَنّا، وَأَنْقِذْ شِلْوَنا المأكولا
    فَنَرى عطيّة ذاكَ، إنْ أَعْطَيْتَهُ، ... من ربّنا فَضْلاً، وَمِنْكَ جزيلا
    إنّ الّذينَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعْدِلُوا ... لَمْ يَفْعَلُوا مِمّا أَمَرْتَ فَتِيلا
    أَخَذُوا الكرامَ مِنَ العِشارِ ظُلامةً ... مِنّا، ويُكْتَبُ للأمير أفيلا
    فَلَئِنْ سَلِمْتُ لأدْعُونّ بِطَعْنَةٍ ... تَدَعُ الفَرَائصَ بِالسّديفِ فليلا
    وإذا قُرَيشٌ أُوقِدَتْ نِيرانُها، ... وَبَلَتْ ضَغَائِنَ بَيْنَها وَذُحُولا
    فأَبُوكَ سَيّدُها، وَأَنْتَ أَشدُّها ... وَمِنَ الزّلازِلِ في البلابلِ حولا
    وَأَبُوكَ ضَارَبَ في المدينَةِ وَحْدَهُ ... ضَرْباً ترى مِنْهُ الجُمُوعَ شُلولا
    قَتَلوا ابنَ عَفّانٍ إماماً مُحْرِماً، ... وَدَعا، فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ مَخْذُولا
    فَتَصَدّعَتْ من يَوْم ذاكَ عصاهمُ ... شُقَقاً، وَأَصْبَحَ سَيْفَهُ مَفْلُولا
    حتّى إذا نَزَلَتْ عَمَايَةُ فِتْنَةٍ ... عَمْيَاءَ، كان كِتَابُها مَفْعُولا
    وَزَنَتْ أُميّةُ أَمْرَها، فَدَعَتْ لَهُ ... مَنْ لَمْ يَكُنْ غِمراً ولا مَجْهُولا
    مَرْوَانُ أَحْزَمُهُم، إذا حَلّتْ بِهِ ... حَدَثُ الأمورِ، وَخَيْرُها مسؤولا
    أَيّامَ رَفّعَ في المدينَةِ ذَيْلَهُ ... وَلَقَدْ يرى زرعاً بها ونخيلا
    وَدِيَارُ مَلْكٍ خَرّبَتْها فِتنَةٌ ... وَمَشيَّداً فيها الحَمَامُ ظليلا
    أَيَأمَ قَوْمي، والجماعَةُ كَالّذي ... لَزِمَ الرَّحالَةَ أَنْ تَمِيلَ مُميلا

    [ ذو الرمة ]
    ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ يَنْسَكِبُ ... كَأَنّه من كُلى مَفْرِيّةٍ سَرَبُ
    وَفَراءُ غَرفيّةٌ أَثَأى خَوَارِزُهَا ... مُشَلشَلٌ ضَيّعَته بَيْنَها الكُتَبُ
    أَستحدثَ الركبُ عَنْ أشياعِهِمْ خبراً، ... أَمْ رَاجَعَ القلْبَ من أَطْرَابِهِ طَرَبُ
    مِن دِمْنَةٍ نَسَفت عَنْهَأ الصَّبا سُفَعاً، ... كما يُنَشَّرُ بَعْدَ الطِيَّةِ الكُتُبُ
    سَيْلاً مِنَ الدعْصِ أَغْشَته مَعَارِفَها ... نَكْبَاءُ تَسْحَبُ أَعْلاَهُ فَيَنْسَحِبُ
    لاَ بَلْ هُوَ الشّوْقُ مِنْ دارٍ تَخَوّنَها ... مَرّاً سَحابٌُ، ومَرّاً بَارِحٌ تَرِبُ
    بِبُرْقَةِ الثّوْرُ لم تَطْمِسْ معالِمَها ... دَوارِجُ المُور والأمطارُ والحِقَبُ
    يَبْدُو لِعَيْنَيْكَ منها، وَهِيَ مُزمِنةٌ، ... نُؤيٌ، ومُسْتَوْقَدٌ بالٍن ومُحْتَطَبُ
    إلى لوائحَ من أَطلالِ أَحْوِيةٍ، ... كَأَنّها خِلَلٌ مَوْشِيّةٌ قُشُبُ
    دَارٌ لِمَيّةَ إذْ مَيٌّ تُسَاعِفُنَا، ... ولا يَرَى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ
    عَجْزَاءُ، مَمْكُورَةٌ، خُمْصَانةٌ، قَلِقٌ ... منها الوِشَاحُ، وَتَمّ الجِسْمُ وَالقَصَبُ
    زَينُ الثّيَابِ، وَإنْ أَثْوَابُها اسْتُلِبَتْ ... على الحَشيّةِ يوماً، زانَها السّلَبُ
    بَرّاقَهُ الجِيدِ، وَاللَّبّاتُ واضِحَةٌ، ... كَأَنّها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بِهَا لَبَبُ
    بَيْنَ النهار وبينَ اللّيلِ من عَقَدٍ، ... على جوانِبِهِ الأسباطُ والهَدَبُ
    لَمْيَاءُ في شَفَتَيْها حُوّةٌ لَعَسٌ، ... وَفي اللِّثاتِ، وفي أنيابها شَنَبُ
    كحْلاءُ في دَعَجٍ، صَفْراءُ في بَرَجٍ، ... كَأَنّها فِضّةٌ قد شَابَها ذَهَبُ
    تُريكَ سُنّةَ وَجْهٍ غَيرَ مُقرِفةٍ، ... مَلْساءَ لَيْسَ بها خالٌ ولا نَدَبُ
    تَزْدَادُ في العينِ إبهاجاً إذا سَفَرَتْ، ... وَتَحْرَجُ العينُ فيها حِينَ تَنْتَقِب
    والقِرْطُ في حُرّةِ الذِّفرَى مُعَلَّقَةٌ ... تَبَاعَدَ الحبل فيه، فهو يضْطَرِبُ
    إذا أخو لَذّةِ الدّنْيا تَبَطّنَهَا ... وَالبَيْتُ فَوْقهما باللّيلِ مُحْتَجَبُ
    سافَتْ بطيّبَةِ العِرْنِينِ مارِنُهَا ... بالمِسْكِ وَالعَنْبَرِ الهِنْدِيّ مُخْتَضَبُ
    تِلْكَ الفتاةُ التي عُلّقْتُها عَرَضاً، ... إنّ الكريمَ، وذا الإِسلامِ يُخْتَلَبُ
    لَياليَ الدّهْرُ يَطْبِيني، فأَتْبَعُه، ... كأنّني ضاربٌ في غَمْرَةٍ لَعِبُ
    لا أَحْسَبُ الدهْرَ يُبلي جِدّةً أَبَداً، ... ولا تُقَسِّمُ شَعْباً واحِداً شُعَبُ
    زارَ الخيالُ لِمَيٍّ هاجعاً لَعِبَتْ ... به المَفاوِزُ، والمَهرِيّةُ النُّجُبُ
    مُعرِّساً في بَيَاضِ الصّبْحِ وَقْعَتُهُ ... وَسَائِرُ اللّيْلِ إلاّ ذَاكَ مُنْجَذِبُ
    أَخَا تَنَائِفَ أَغْفى عِنْدَ سَاهِمَةٍ، ... بِأَحْلَقَ الدّفّ من تَصْدِيرِهَا جَلَبُ
    تشكو الخَشاشَ ومجْرى النّسعتَينِ كما ... أنّ المريضَ إلى عُوّادِهِ الوَصَبُ
    كَأَنّها جَمَلٌ وَهْمٌ، وما بَقِيَتْ ... إلاّ النّحيزَةُ والألواحُ والعَصَبُ
    لاَ يَشْتَكي سقطةً منها، وإن رَقَصَتْ ... بِهَا المعاطسُ، حتى ظهْرُها حَدِبُ
    كَأَنّ راكِبَها يَهْوي بِمُنْخَرِقٍ ... مِنَ الجَنُوبِ، إذا ما صَحَبُه شَحَبوا
    تُصْغي إذا شدّهَا بالكُور جانِحَةً، ... حتى إذا ما اسْتَوى في غَرْزِهَا تَثِبُ
    وَثْبَ المُسَحَّجِ، مِنَ عَانَاتِ مَعْقَلةٍ، ... كأنّه مستبانُ الشّكّ، أَوْ جُنُبُ
    يَتْلو نَحَائِصَ أَشْبَاهاً مُحَمْلَجةً، ... وُرْقَ السّرابيلِ في أحشائها قَبَبُ
    لَهُ عَلَيْهِنّ، بِالخَلصاءِ مَرْتَعِهِ، ... فَالفُودجاتِ فَجَنْبَيْ واحِفٍ صَخَبُ
    حتى إذا مَعْمَعانُ الصّيْفِ هَبّ لَهُ ... بِنَأجةٍ نَشّ عَنْهُ الماءُ وَالرُّطُبُ
    وَأَدْرَكَ المُتَبَقّى من ثَمِيلَتِهِ، ... وَمِن ثَمائِلشها، وَاستُنشيء الغَرَب
    وَصَوَّحَ البَقْلَ نَأآجٌ تجيءُ بِهِ، ... هَيْفٌ يمانيةٌ في سيرها نَكَبُ
    تَنَصّبَتْ حَوْلَهُ يوماً تُرَاقِبُهُ ... قَوْدٌ سماحِيجُ، في أَلوانها خَطَبُ
    حتّى إذا اصْفَرّ قَرْنُ الشمس أو كَرَبَتْ، ... أمسى، وقد جدّ في حَوبائهِ القَرَبُ
    والهمُّ عَيْنُ أُثَالٍ ما يُنَازِعُهُ ... في نَفْسِهِ لِسِواها، مورداً، أَرَبُ
    فَرَأحَ مُنْصَلِتاً يَحْدو حَلاَئِلَهُ، ... أَدْنَى تَقَاذُفِه التّقريبُ والخَبَبُ
    كَأَنّهُ مُعَوِلٌ يَشْكو بِلابلَهُ، ... إذا تَنَكّبَ عن أَجْوَازِهَا نَكَبُ
    يغشى الحَزُونَ بها عمداً، وَيَتْبعها ... شِبْهَ الضَّرَاءِ، فَمَا يُزْري بها التَّعبُ
    كَأَنّها إِبلٌ يَنْجو بِهَا نَفَرٌ ... من آخرينَ أغاروا غارةً جَلَبوا
    كَأَنّهُ، كُلّما ارفضّتْ حَزيقتُها، ... بالصُّلْبِ، مِنْ نَهْشِهِ أَكْفَالَها، كَلِبُ
    فَغَلّستْ وعَمُودُ الصّبْحِ مُنْصَدِعٌ ... عَنْهَا، وسائرُهُ باللّيلِ مُحْتَجِبُ
    عَيْناً مُطَحلِبةَ الأرجاءِ، طَاميةً، ... فِيها الضّفَادعُ والحيتانُ تَصْطَخِبُ
    يَسْتَلُّها جَدْوَلٌ كالسّيفِ مُنْصَلِتٌ، ... وسطَ الأشاءِ تَسَامَى فَوْقَه العُسُبُ
    وَبِالشَمَائِلِ من جَلاَّنَ مُقْتنِصٌ ... رثُّ الثيابِ، خَفِيُّالشخص، مُنْزَرِبُ
    يَسْعَى بِزُرْقٍ هَدَتْ قُضْباً مُصَدَّرةً ... مُلسَ البطونِ حَدَاها الرّيشُ والعَقَبُ
    كَانَتْ، إذا وَدَقَتْ أَمْثَالُهنّ له، ... فَبَعْضُهُنّ عَنِ الآلاف مُنْشَعِبُ
    حَتّى إذا لَحِقَتْ أَهْضَامَ مَوْرِدِهَا، ... تَغَيّبَتْ، رَابَها منْ خِيفَةٍ رِيَبُ
    فَعَرّضَتْ طَلَقاً أَعْنَاقَها فَرَقاً، ... ثُمّ اطَّبَاها خَرِيرُ الماءِ يَنْسَكِبُ
    فَأَقْبَلَ الحُقْبُ، والأكبادُ ناشِزَةٌ، ... فَوقَ الشّراسيفِ من أَحشائها تَجبُ
    حَتّى إذا زَلَجَتْ عن كلّ حَنْجَرةٍ ... إلى الغَلِيلِ، وَلَمْ يَقْصَعْنَه، نُغَبُ
    رَمى، فأَخطَأَ، والأقْدَارُ غَالِبَةٌ، ... فَأنْصَعْنَ، والوَيْلُ هِجّيراهُ، والحَرَبُ
    يَقَعْنَ بِالسّفْحِ، مما قد رَأَيْنَ بهِ، ... وَقعاً يَكادُ من الإِلهابِ يَلْتَهِبُ
    كأَنّهُنّ خَوافي أَجْدَلٍ قَرمٍ، ... وَلّى ليسبقَهُ بالأمعَزِ الخَرَبُ
    أَذَاكَ، أَمْ نَمِشٌ بِالوَشي أَكْرُعُهُ، ... مُسَفَّعُ الخدِّ، عارٍ، ناشطٌ، شَبَبُ
    تَقَيّظَ الرّمْلَ، حَتّى هَزَّ خِلْفَتَهُ، ... تَرَوَّحُ البردِ ما في عَيْشِهِ رَتَبُ
    رَبْلاً وَأَرطَى نَفَتْ عَنْهُ ذَوَائِبُهُ ... كَواكِبَ القَيْظِ حتى ماتَتِ الشُّهُبُ
    أَمْسىَ بِوَهْبِينَ مجتازاً لِمَرْتَعِهِ ... مِنْ ذي الفوارِسِ تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّبَبُ
    حتى إذا جَعَلْتَهْ بين أَظْهُرِها، ... مِنْ عُجْمةِ الرملِ، أَثْباجٌ لها خِبَبُ
    ضَمّ الظَّلامُ على الوحشيّ شَمْلَتَهُ، ... ورائحٌ من نِشاصِ الدّلوِ مُنْسَكِبُ
    وَبَاتَ ضَيْفاً إلى أرطاةِ مُرتَكِمٍ ... مِنَ الكَثيبِ لها دَفٌّ، وَمُرْتَقَبُ
    مَيْلاَءَ مِنْ مَعْدِنِ الصِّيرانِ قَاصِيَةٍ ... أَبْعَارُهُنّ على أَهْدافِها كُثَبُ
    وحَائِلٌ مِنْ سَفِيرِ الحَوْلَ حَائِلةٌ، ... حَوْلَ الجراثِيم في أَلْوَانِهِ شَهَبُ
    كَأَنّما نَفَضُ الأحْمَالِ ذَاوِيةٌ ... عَلَى جَوَانِبِها الفِرْصَادُ والعِنَبُ
    كَأَنّها بَيْتُ عَطّارٍ تضَمّنَهُ ... لَطَائِمَ المِسْكِ، يَحْويها، وَيَنْتَهِبُ
    إذا اسْتَهَلّتْ عليهِ غَبيةً أَرِجَتْ ... مرابضُ العين، حتى تَأَرَجَ الخَشَبُ
    وَالوَدَقُ يَسْتَنُّ في أَعْلَى طَرِيقَتِهِ، ... حولَ الجُمَانِ جَرَى في سِلكه النُّقَبُ
    يغشى الكِناسَ بِرَوْقَيْهِ وَيَهْدِمُه ... من هائلِ الرّملِ مُنْقَاضٌ وَمُنْكَثِبُ
    إذا أراد انْكِراساً فيه عَنَّ له ... دونَ الأرومةِ من أَطْنَابِها طُنُبُ
    وَقَدْ تَوَجّسَ رِكزاً مُقْفِرٌ نَدِسٌ، ... بَنَبْأةِ الصّوتِن ما في سَمَعِهِ كَذِبُ
    فَبَاتَ يَشئِزُهُ ثأدٌ، ويُسْهِرُهُ ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ والوَسواسُ وَالهِضَبُ
    حَتى إذا ما انجلى عن وَجْهِهِ فَرَقٌ ... هَادِيهِ في أُخْرياتِ اللّيلِ مُنْتَصِبُ
    أَغْبَاشُ ليلٍ تمامٍ كان طَارِقَه ... تَطخْطُخُ الغَيْبِ حتى ما لَهُ جُوَبُ
    غدا كَأَنّ به جنّاً، تذاؤُبُهُ ... مِنْ كلّ أَقْطَارِهش يُخْشى وَيُرتَقَبُ
    حتى إذا ما لها بالجَدْرِ، واتّخَذَتْ ... شمس الذُّرورِ شُعاعاً بَيْنَهُ قُبَبُ
    وَلاَحَ أَزْهَرُ مَعْروفٌ بِنُقْبَتِهِ، ... كَأَنّه، حين يعلو عاقراً، لَهَبُ
    هَاجَتْ بِهِ جُوَّعٌ زُرْقٌ مُخَصَّةٌ ... شَوازِبُ لاحَها التّقرِيبُ والخَبَبُ
    غُضْفٌ مُهْرّتهُ الأشْدَاقِ ضَارِيَةٌ، ... مِثْلُ السّراحِينِ في أَعْنَاقها العَذَبُ
    وَمُطْعَمُ الصّيدِ هَبّالٌ لبُغْيَتِهِ، ... ألفى أباه لذاكَ الكَسْبِ يكتسب
    مُقَزَّعٌ، أطْلسُ الأمطارِ، ليسَ لَهُ ... إلا الضِّراء، وإلاّ صَيْدَها نَشَبُ
    فانْصَاعَ جَانِبَه الوحشيّ، وانكدَرَتْ ... يَلْحَبنَ، لا يأتلي المطلوبُ والطّلَبُ
    حتى إذا دَوّمَتْ في الأرض راجَعَهُ ... كِبْرٌ، ولو شاءَ نَجّى نَفْسَه الهَرَبُ
    خَزَايَةً أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ ... مِنَ جانبِ الحَبل، مَخْلوَطاً بِهَا غَضَبُ
    فَكَفّ مِنْ غَرْبِهِ والغُضْفُ يَسْمَعُها، ... خَلفَ السَّبيبِ، من الإِجهاد تَنْتَحِبُ
    حتى إذا أَدْركَته، وهو مُنْخَرِقٌ ... أو كادَ يُمكِنُهَا العُرقوبُ والذّنَبُ
    فَكَرّ يَمْشُقُ طَعناً في جَواشِنِها، ... كَأَنَّّه الأجرَ في الأقتالِ يُحْتَسِبُ
    بَلَّتْ بِهِ غَيْرَ طيّاشٍ، ولا رَعِشٍ، ... إذ جُلْنَ في مَعْرَكٍ يُخشى بِهِ العَطَبُ
    فَتَارَةً يَخِضُ الأعْنَاقَ عن عُرُضٍ، ... وَخْضاً وتنتظِمُ الأسْحارُ والحُجُبُ
    يُنْحِي لها حَدَّ مَدْرِيًّ يَجُوفُ بِهِ ... حالاً وَيُصْرُدُ حالاً لَهْذَمٌ سَلِبُ
    حتى إذا كُنَّ مَحْجوزاً بنافذَةٍ، ... وَزَاهِقاً وَكِلا رَوْقَيهِ مُخْتَضِبُ
    ولّى يَهُزُّ انْهِزاماً وَسْطَها، زَعِلاً،جَذْلاَنَ، قد أَفْرَخَتْ عن رُوعِهِ الكُرَبُ
    كَأنّهُ كَوْكَبٌ في إثرِ عِفْريَةٍ، ... مُسَوَّمٌ في سَوَادِ الليلِ مُنْقَضِبُ
    فَهُنّ مِنْ واطيءٍ ثِنْيَي حَوِيَّتِهِ، ... وَنَاشِجٍ وَعَواصي الجَوْفِ تَنْشَخِبُ
    أذاك أَمْ خاضِبٌ بالسِّيّ مَرْتَعُهُ، ... أَبو ثلاثينَ أمسى وهو مُنْقَلِبُ
    شَخْتُ الجُزارةِ مِثْلُ البيتِ سائرهُ، ... مِنْ المُسُوحِ خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبُ
    كَأَنَّ رِجْلَيْهِ مِسماكانِ من عُشَرٍ، ... صَقْبَانِ، لم يتقشّرْ عَنْهُما النَّجَبُ
    أَلْهَاهُ آءٌ وَتَنُّومٌ، وَعُقْبَتُهُ ... من لائحِ المَروِ والمرعى له عُقَبُ
    فَظَلّ مُخْتَضِعاً يَبْدو، فَنُنْكِره ... حيناً وَيَزْمُرُ أحياناً فَيُنْتَسَبُ
    كَأَنّهُ حَبَشيٌّ في خَمَائِلِهِ، ... أَوْ مِنْ مَعَاشِرَ في آذانها الخُرَبُ
    هَجَنّعٌ، راح في سَوداء مُخْمَلَةٍ ... مِنَ القطائِفِ، أَعْلى ثَوْبِهِ الهُدَبُ
    أَوْ مُقْحَمٌ أَضْعَفَ الإِبطانَ حَادِجُهُ ... بِالأمْسِ، واستأَخَرَ العِدلانِ والقَتَبُ
    عَلَيْهِ زادٌ، وَأَهْدامٌ، وأَخْفِيةٌ، ... قَدْ كَادَ يَجْتَرّهَا عَنْ ظَهْرِهِ الحَقَبُ
    أَضَلَّهُ راعيا كَلْبِيّةٍ، غَفَلا ... عَنْ صادرٍ مُطلِبٍ قُطْعَانُهُ عُصَبُ
    فَأَصْبَحَ البَكْرُ فرداً من صَواحِبِهِ، ... يَرْتادُ أَحليِةً، أَعْجَازُها شَذَبُ
    كلٌّ منَ المَنْظَرِ الأعلى لَهُ شَبَهٌ، ... هذا وهذانِ قَدُّ الجِسْمِ وَالنُّقَبُ
    حَتّى إذا الهِيقُ أَمْسى سامَ أَفْرُخَهُ، ... وَهُنّ لا مُؤيِسٌ منه، ولا كَثَبُ
    يَرْقَدُّ في ظلّ عَرَّاصٍ، ويلفحُهُ ... حَفِيفُ نَافِحَةٍ، عُثْنُونُها حَصَبُ
    تبري لَهُ صَعْلَةٌ أَدْماءُ، خَاضِعَةٌ، ... فَالخَرْقُ، بَيْنَ بناتِ القَفْرِ، مُنْتَهَبُ
    كَأَنّه دَلْوُ بِئْرٍ جَدّ مَائِحُها، ... حتى إذا ما رآها، خانَهُ الكَرَبُ
    فَرَوَّحا رَوْحَةً، وَالرِيحُ عَاصِفَةٌ، ... والغَيْثُ مُرْتَجزٌ، واللّيلُ مُرْتَقَبُ
    لاَ يَذْخَران من الإِيغالِ باقيةً، ... حَتى تكادُ تَفَرّى منهما الأَهَبُ
    فَكلّما هَبَطا، في شأوِ شوطِهما، ... مِنَ الأماكنِ مفْعولٌ بِهِ العَجَبُ
    لا يَأمَنانِ سِباعَ اللّيل، أو يَرِدا، ... إن أهبَطا، دون أطلاءٍ لَهَا لَجَبُ
    كَأَنّما فُلِقَتْ عَنْهَا بِبَلْقَعَةٍ ... جَمَاجِمٌ يُبَّسٌ، أَو حَنْظَلٌ خَرِبُ
    مِمّا تَقَيَّضَ عَنْ عُوجٍ مُعَطَّفَةٍ ... كَأَنّها شَامِلٌ أَبْشَارَها جَرَبُ
    جَاءَتْ مِنَ البَيْضِ زُعراً لا لِبَاسَ لها ... إلاّ الدَّهاسُ، وَأُمٌّ بَرَّةٌ وأَبُ
    أَشْدَاقُهَا كَصُدُوع النّبْعِ في قُلَلٍ ... مِثْلِ الدَّحارِيجِ لَمْ يَنْبُتْ لها زَغَبُ
    كَأَنّ أَعْنَاقَها كُرَّاثُ سَائِفَةٍ ... طَارَتْ لَفَائِفُهُ، أَوْ هَيشَرٌ سُلُبُ

    [ الكميت بن زيد الأسدي ]
    الطويل
    أَلاَ لا أَرى الأيّامَ يُقضَى عَجِيبُها ... بِطولٍ، وَلاَ الأحداثَ تُفْنى خُطُوبُها
    وَلاَ عِبَرَ الأيّامِ يَعْرِفُ بَعْضَها ... بِبَعْضٍ مِنَ الأقْوَامِ إلاّ لَبِيبُها
    وَلَمْ أَرَ قَوْلَ المرءِ إلاّ كَنَبْلِهِ ... بهِ وَلَهُ مَحْرُومُهَا وَمُصِيبِها
    وَمَا غَبَنَ الأُقْوَامَ مِثْلُ عُقُولُهمْ، ... ولا مِثْلُها كَسْباً أفَادَ كَسُوبُها
    وَمَا غُبِنَ الأقْوَامُ عن مِثْلِ خُطّةٍ ... تَغَيّبَ عَنْهَا يَوْمَ قِيلَتْ أَرِيبُها
    وَلا عَنْ صَفَاةِ النِّيقِ زَلّتْ بِنَاعِلٍ، ... تَرَامى بِهِ أَطْوَادُها وَلُهُوبُها
    وَتَفْنِيدُ قَوْلِ المَرءِ شَيْنٌ لِرأْيِهِ، ... وَزِينَةُ أَخْلاَقِ الرّجَالِ وَظُوبُها
    وَأَجْهَلُ جَهْلِ القَوْمِ ما في عَدوّهمْ، ... وَأَقْبَحُ أَخْلاَقِ الرّجالِ غَرِيبُها
    رَأَيْتُ ثِيابَ الحِلْمِ وهي مُكِنّةٌ ... لذي الحُلْمِ يَعْرَى وَهُو كاسٍ سَلِيبُها
    وَلَمْ أَرَ بابَ الشّرّ سَهْلاً لأهْلِهِ ... وَلاَ طُرُقَ المَعْرُوفِ وَعثاً كَثيبُها
    وَأَكْثَرُ مأتى المْرءِ مِنْ مُطْمَأَنّهِ، ... وَأَكْثَرُ أَسْبابِ الرّجَالِ ضُرُوبُها
    وَلَمْ أجِدْ العِيدانَ أَذاءَ أَعينٍ، ... وَلَكِنّما أَقذاؤهَا ما يَنُوبُها
    مِنَ الضّيم أَوْ أَن يركبَ القَوْمُ قَوْمَهم ... رِدافاً مَعَ الأعداءِ، إلباً أُلوبُها
    رَمَتني قُرَيشٌ عن قِسيِّ عداوَةٍ، ... وَحِقْدٍ كَأَنْ لم تَدْرِ أنّي قريبُها
    تُوقِّعُ حَوْلي تَارَةً وَتُصيبُني ... بِنَبْلِ الأذى عَفْواً، جَزَاها حَسيبُها
    وَكَانَتْ سِواغاً إن عَثرت بِغُصّةٍ، ... يَضيقُ بها ذَرْعاً سواها طَبِيبُها
    فَلم أَسْعَ مِمّا كَانَ بيني وَبَيْنَها، ... وَلَمْ تَكُ عِنْدَي كَالدَّبُورِ جَنُوبُها
    ولَمْ أجْهلِ الغَيْثَ الذي نَشَأْت بِهِ، ... وَلَمْ أَتَضرّعْ أن يجيءَ غُضُوبُها
    وَأَصْبَحْتُ من أبوابِهم في خَطيطةٍ، ... ولا ذَنْبَ للأبوابِ مَرْتٌ جديبُها
    وللأبعَدِ الأقصى تِلاعٌ مَريعةٌ، ... أَقَامَ بِها مثلَ السّنامِ عَسِيبُها
    رَمتْني بالآفاتِ من كلّ جانبٍ، ... وَبالّرْبياءِ مُرْدُ فِهْرٍ وشِيبُها
    بلا ثَبَتٍ إلاّ أُقاويلُ كاذبٍ ... يُحرِّبُ أُسدَ الغابِ كَفْتاً وُثُوبُها
    لَعَمْرِ أبي الأعداءِ بيني وَبَيْنَها ... لَقَدْ صادفوا آذانَ سَمْعٍ تَجيبُها
    فَلَنْ تَجِدَ الآذانَ إلاّ مُطيعَةً ... لها في الرِّضا، أو ساخطاتٍ قُلُوبُها
    أفي كلّ أرضٍ جئتُها أنا كائنٌ ... لِخَوْفِ بني فِهْرٍ، كأَنّي غريبُها
    وَإنْ كُنْتُ في جِذم العشيرةِ أَقْبَلَتْ ... عليّ وجوهُ القَوْمِ كُرْهاً قُطوبُها
    بَني ابنةِ مُرّ! أينَ مُرَّةُ عنكمُ ... وعنَّا التي شَعباً تصيرُ شُعوبُها
    وأينَ ابنْهُا عنّا وعنكم، وبعلُها ... خُزَيمةُ، والأرحامُ وعثاً جؤوبُها
    إذا نَحْنُ منكم لم نَنَلْ حقَّ إخوَةٍ ... على إخوةٍ، لم يخْشَ غِشّاً جُيوبُها
    فأيّةُ أرحامٍ يُعاذُ بفضْلِها، ... وأيّةُ أرحامٍ يُؤدَّى نصِيبُها
    لنا الرّحِمُ الدُّنيا وللنّاسِ عِنْدكُمْ ... سِجالُ رغِيبَاتِ اللُّهَى وَذَنُوبُها
    مَلأتُم حِياض المُلحِمينَ عَليكُمُ، ... وآثاركُم فِينَا تَصُبّ نُدُوبُها
    سَتَلْقَوْنَ ما أحبَبْتُمُ في عدوّكُمْ ... عليكم، إذا ما الخيل ثار عصوبُها
    فَلَمْ أَرَ فيكم سيرةً غيرَ هذِهِ ... ولا طُعْمَةً إلاّ التي لا أعيبُها
    مَلأتم فِجاجَ الأرْضِ عدلاً ورأفةً ... ويَعْجِزُ عني، غَيْرَ عَجزٍ، رحيبُها
    قَطعْتُم لساني عَن عدوّتِنا، لكُم ... عَقارِبُه تَلداغُها وَدبِيبُها
    فأصْبحتُ فَدْماً مُفحَماً، وضَريبَتي ... مُحالِفُ إفحامٍ وعِيٍ ضَريبُها
    فأرْحامُنا لا تطْلبنْكم، فإنّها ... عَوَائِمُ لم يهْجَعْ بليلٍ طَليبُها
    إذا نَبَتَتْ ساقٌ من الشّرّ بينَنَا، ... قَصَدتُم لها حتى يُجَزّ قَضيبُها
    لَتَتركُنا قُربَى لُؤيّ بن غالبٍ، ... كسامةَ إذ أودَتْ وأودَى عتيبُها
    فأيْنَ بَلاءُ الدّينِ عنّا وعنكمُ ... لكلّ أكفٍ حاقِناتٍ ضريبُها
    ولكنكم لا تستثيبون نِعْمةً، ... وغيرُكمُ من ذي يدٍ يستثيبها
    وإنّ لكم للْفَضْلِ فضْلاً مُبرِّزاً، ... يُقصِّرُ عنكم بالسُّعاة لُغوبُها
    جمعنا نفوساً صادياتٍ إليكمُ، ... وأفْئِدَةً منّا طويلاً وَجِيبُها
    فقائِبَةٌ ما نحنُ يَوْماً، وَأنْتُمُ ... بني عبد شمس، أن تفيئوا، وقُوبُها
    وهل يَعْدُونْ بينَ الحبيبِ فِراقُهُ، ... نَعم، داءُ نفسٍ أن يَبينَ حبيبُها
    ولكنّ صبراً عن أخٍ لكَ ضَائِرٍ، ... عَزاء إذا ما النفسُ حَنّ طَرُوبُها
    رأيْتُ عذابَ الماءِ إن حِيلَ دونَهُ ... كفاكَ لما لا بُدَّ منه شَريبُها
    وَإنْ لم يَكُنْ إلاّ الأسنّةُ مَركبٌ، ... فلا رأيَ للمَحْمولِ إلا رُكوبُها
    يشوبونَ للأقصَين مَعسولَ شِيمةٍ، ... فأَنَّى لَنَا بالصّابِ أنّى مَشوبُها
    كُلوا ما لديكُمْ من سَنامٍ وغَارِبٍ، ... إذا غيَّبتْ دُودانُ عنكم غُيُوبُها
    سَتَذْكرُنا منكُم نُفوسٌ وأَعْيُنْ ... ذَوَارفُ، لم تَضنَن بدمعٍ غروبُها
    إذا وأدَتنا الأرضُ إن هي وأدت ... وأَفْرخَ من بَيْنِ الأمورِ مقُوبُها
    وأُسكِتَ دَرُّ الفحلِ واسترعَفَتْ بِهِ ... حَرَاجِيجُ، لم تَلْقَح كِشافاً سَلُوبُها
    وبادرها دِفْءُ الكنيفِ، ولمْ يُعِنْ ... على الضّيْفِ ذي الصّحن المُسِنّ حَلوبُها

    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت Fasel10

    كتاب : جمهرة أشعار العرب
    المؤلف : أبو زيد القرشي
    منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
    [ الملحمات ] عبيد الراعي وذو الرمة والكميت E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 10:24 am