من طرف اسرة التحرير الخميس أبريل 03, 2014 9:34 am
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الزكاة وما يتعلق بها.
رقم الفتوى ( 1150 )
الموضوع :
بيان بنك ناصر فى الزكاة ورأى دار الافتاء فيه.[المجموعة الثانية]
المفتى:
فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 18 صفر 1402 هجرية.
المبادئ :
15- تخصم الديون والنفقات من ناتج الأرض الزراعية، وما بقى تجب زكاته بواقع العشر متى بلغ نصابا.
16- الخراج ( الضريبة العقارية على الأرض ) يخصم من الناتج وما بقى تجب زكاته.
17- زكاة الزرع فى الأرض المؤجرة على المستأجر بعد خصم أجرتها.
18- لا زكاة فى قيمة العقارات المبنية ذات الإيراد، ولكن تجب الزكاة فى إيرادها الصافى بعد الصيانة والضرائب، وذلك بعد ضمه إلى باقى أوعية الممول إن كانت له أموال أخرى ويخرج عن الجميع ربع العشر.
19- زكاة الماشية فى السوائم منها لا المعلوفة ولا يعتد بالصغار منها وحدها فى النصاب إلا إذا كان معها كبار متى بلغت نصابا.
20- لا تنقل الزكاة من بلد إلى آخر إلا إذا لم يوجد فى بلدها مستحق لها من الأصناف الثمانية.
21- لولى الأمر فى فقه الإمام مالك نقل الزكاة من مكان إلى آخر إذا رأى أن فى ذلك مصلحة للمسلمين، وذلك بعد أخذ رأى أهل الشورى فى ذلك.
سُئل :
بكتاب مجلة منبر الإسلام، وقد جاء معه موجز فى التطبيق المعاصر لزكاة المال الصادر عن الإدارة العامة للزكاة ببنك ناصر الاجتماعى. وقد جاء فى هذا الموجز ما يلى :
سادسا - زكاة الزروع والثمار -.
تجب الزكاة فى كل ما تخرجه الأرض، ويستنبته الإنسان من المحاصيل الزراعية المختلفة متى بلغت نصابا. وتجب زكاة الزروع والثمار بسعر 10 % فى المائة من الناتج الصافى بعد خصم جميع النفقات، والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل. وتخصم الأموال الأميرية من الناتج المجمل قبل احتساب الزكاة. ومن استأجر أرضا فزرعها يوزع عبء الزكاة بينه وبين المالك فيؤدى المستأجر زكاة الزرع بعد خصم قيمة الإيجار. ويؤدى المالك زكاة الزرع عن قيمة الإيجار، وبذلك لا يضيع شىء من زكاة
الزروع والثمار. ويجوز الأداء النقدى لزكاة الزروع والثمار.
سابعا - زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد -.
لا تجب الزكاة فى الدور والمبانى المعدة للسكن الخاص. العقارات المبنية ذات الإيراد يبتغى بها مالكها الاستثمار، يتحقق فيها السبب الذى تجب من أجله الزكاة فى المال وهو النماء، لذلك. يتعين إخضاعها لزكاة المال، وإذا كانت الزكاة لم تؤخذ عن الدور فى صدر الإسلام، فذلك لأن هذه الدور كانت مخصصة للسكنى، أما الآن فإن تثمير الأموال ابتغاء نمائها فى قطاع التشييد والإسكان للغير أصبح من أهم أنواع الاستثمارات المجزية. وتؤدى زكاة العقارات المبنية بسعر 10 % فى المائة من صافى الإيراد قياسا على زكاة الزروع والثمار، فكلاهما إيراد من أموال عقارية.
ثامنا - زكاة الماشية -.
تجب الزكاة فى الإبل والبقر والغنم المعدة للتربية والنسل والنماء بشرط حولان الحول - الذى يكتمل فيه النسل - على النصاب ، وهو خمس من الإبل، أو ثلاثون من البقر، أو أربعون من الغنم ، وإن كانت معلوفة حيث إن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها. والخيل التى تتخذ للتربية والنسل والنماء تخضع لزكاة الماشية تشبيها لها. ولا زكاة فى الإبل والبقر العوامل، كدواب الحمل والركوب، لاقتنائها للاستعمال لا للنماء. واختلاف أسنان الماشية لا يؤثر فى مقادير الزكاة، والزكاة واجبة على صغارها كوجوبها على كبارها. ولا ازدواج فى الزكاة، ولا تجتمع فى الماشية المعدة للتجارة زكاة التجارة وزكاة الماشية، إنما تخضع لزكاة التجارة كسائر أموال التجارة. ويجوز الأداء النقدى لزكاة الماشية.
تاسعا - مصارف الزكاة -.
لا يجوز بالإجماع صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى فى مصارفها الشرعية الثمانية { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة 60 ، وإن أعطيت الزكاة فى صنف واحد أجزأت. وأهل كل بلد أولى بزكاتهم، حتى يستغنوا عنها، ولا تحمل من أهل بلد إلى غيره، إلا أن تكون فضلا عن حاجتهم، أو فى سبيل الله. ولا تحل الزكاة للقوى القادر على الاكتساب، إلا إذا لم يعطه المجتمع فرصة عمل كافية تحقق له دخلا يغطى حد الكفاية ويسد حاجاته الأساسية للحياة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سأل من غير فقر فإنما يأكل الجمر ). وقال صلوات الله وسلامه عليه ( لا تحل الصدقة لغنى ولا لقوى مكتسب ).
وكانت الاعتراضات الواردة على هذا الموجز كما يلى :
رابعا - جعل ( هذا الموجز ) زكاة المحاصيل الزراعية المختلفة بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والأموال الأميرية والإيجارات وهذا غير دقيق، لأن النصوص فرقت بين المحاصيل التى لا يتكلف لها فقدرت زكاتها بالعشر والتى يتكلف لها كثيرا فقدرت زكاتها بنصف العشر.
وقد طلبت مجلة منبر الإسلام إيضاح ما إذا كانت هذه الاعتراضات صوابا. أم لا. وبيان الرأى الشرعى فيما جاء بهذا الموجز الصادر عن بنك ناصر الاجتماعى. الإدارة العامة للزكاة.
أجاب :
خامسا - عن البند سادسا ويقابله فى الملاحظات البند رابعا -. وهما فيما يتعلق بزكاة المحاصيل الزراعية بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج. على الوجه المبين فى السؤال وما أثير ليس موجها إلى مقدار الزكاة الواجبة فى الزروع، وإلى نوع ما يجب فيه الزكاة بقدر ما هو موجه إلى أن قدر الزكاة يحتسب من جملة الناتج أو من صافيه بعد المصاريف والأموال والإيجار. وإذا تبين أن الموجز المعروض قد جاء به - تجب الزكاة فى كل ما تخرجه الأرض ويستنبته الإنسان من المحاصيل الزراعية المختلفة متى بلغت نصابا. كان هذا القدر من الحكم جاريا على قول جمهور الفقهاء ( المغنى لابن قدامة ج - 2 ص 695، والمحلى لابن حزم ج - 5 ص 112 و 113 ) أما ما جاء به من أن الزكاة تجب بواقع 10 % فى المائة أى العشر من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل. فقد اختلفت كلمة الفقهاء فى ذلك حسبما قال ابن العربى فى شرحه على الترمذى قال اختلفت كلمة علمائنا هل تحط المؤنة من المال المزكى، وحينئذ تجب الزكاة فى الصافى فقط، أو تكون مؤنة المال وخدمته، حتى يصير حاصلا فى حصة رب المال وتؤخذ الزكاة من الرأس، أى من إجمالى الناتج، وقد ذهب ابن العربى إلى أن تحط وترفع من المحاصيل، وأن الباقى يؤخذ عشره، واستدل لذلك بحديث النبى صلى الله عليه وسلم ( دعوا الثلث أو الربع ). ( شرح الترمذى ج - 3 ص 143 ) كما ثار الخلاف فيما إذا كان على رب الزرع والثمر ديون، قد تكون لأجل الإنفاق على الزرع، كالاستدانة لثمن البذور والسماد وأجرة العمال ونحو ذلك، وقد تكون ديونا على رب الزرع استنفدها على نفسه وأهله، فهل يخصم النوعان من الزرع. أو أحدهما. أولا تخصم الديون من الزرع. روى أبو عبيد فى الأموال ( ص 509 ) عن جابر بن زيد قال فى الرجل يستدين فينفق على أهله وأرضه. قال قال ابن عباس يقضى ما أنفق على أرضه وقال ابن عمر يقضى ما أنفق على أرضه وأهله، وروى مثله يحيى بن آدم فى كتابه الخراج. وفى المغنى عن الإمام أحمد روايتان إحداهما أن من استدان ما أنفق على زرعه، واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله، لأنه من مؤنة الزرع. والرواية الأخرى أن الدين كله يمنع الزكاة، كزكاة الأموال الباطنة، وعلى هذه الرواية يحسب الزارع كل دين عليه، ثم يخرج العشر مما بقى إن بلغ نصابا، فإن لم يبلغ الباقى نصابا فلا عشر فيه ( المغنى ج - 2 ص 591 و 592 مع الشرح الكبير طبعة أولى سنة 1345 هجرية ). أما الخراج وهو مقابل الضريبة العقارية المفروضة على الأرض الزراعية فهل يخرج مقداره من الناتج المجمل ثم يزكى الباقى. إلى هذا ذهب عمر بن عبد العزيز، وإلى نحوه ذهب الإمام أحمد ( المرجع السابق والأموال لأبى عبيد ص 88 والخراج ليحيى بن آدم ص 163 ) ويمكن أن يقاس على مسألة الخراج مسألة أجرة الأرض المستأجرة، وقد نقل ذلك أيضا يحيى بن آدم فى كتابه الخراج قال سألت شريكا عن الرجل يستأجر أرضا بيضاء من أرض العشر، بطعام مسمى، فزرعها طعاما. قال يعزل ما عليه من الطعام ثم يزكى ما بقى العشر أو نصف العشر. ثم قال كما يعزل الرجل ما عليه من الدين، ثم يزكى ما بقى من ماله ( المرجع الأخير السابق ص 161 ) وهل إذا لم تكن النفقة على الزرع دينا ولا خراجا، كأن أنفق من ماله هو على البذور والحرث والرى والسماد والتنقية والحصاد، هل ترفع هذه النفقات من جملة الناتج ثم يزكى الباقى قال ابن حزم لا يجوز رفع هذه النفقات وإسقاطها من الزكاة سواء استدان فى ذلك أو لم يستدن، أتت النفقات على جميع قيمة المزروع أو الثمر أو لم تأت، وهذا مكان قد اختلف السلف فيه، ثم نقل ابن حزم بسنده عن ابن عباس وابن عمر فى الرجل ينفق على ثمرته فقال أحدهما يزكيها. وقال الآخر يرفع النفقة ويزكى الباقى، وعن عطاء أنه يسقط مما أصاب النفقة. فإن بقى مقدار ما فيه الزكاة زكى، وإلا فلا ( المحلى ج - 5 ص 258 ) وقد رد ابن حزم على هذه القول بأنه لا يجوز إسقاط حق أوجبه الله تعالى بغير نص قرآنى ولا سنة ثابتة ثم قال وهذا قول مالك والشافعى وأبى حنيفة وأصحابنا. كما رد على هذا الرأى أيضا الكمال بن الهمام الحنفى بأن الشارع حكم بتفاوت الواجب، لتفاوت المؤنة، فلو رفعت المؤنة كان الواجب واحدا وهو العشر دائما فى الباقى، لكن الواجب قد تفاوت شرعا مرة العشر ومرة نصفه بسبب المؤنة، فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج، وهو القدر المساوى للمؤنة أصلا. ( فتح القدير ج - 2 ص 8 و 9 ) وهل زكاة الزرع فى الأرض المستأجرة على المستأجر أو على المالك. قال الرافعى فى الشرح الكبير إنه لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والأرض المكتراه فى وجوب العشر، ويجتمع على المكترى العشر والأجرة كما لو اكترى حانوتا للتجارة، يجب عليه الأجرة وزكاة التجارة جميعا. وبمثل هذا قال ابن قدامة فى المغنى وقالا إن هذا القول لمالك والثورى وشريك وابن المبارك والشافعى وابن المنذر - وقال أبو حنيفة هو على مالك الأرض لأنه من مؤنتها أشبه الخراج. وفى المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى قال الشافعى والأصحاب رحمهم الله يجب العشر فى الثمر والحب المستخرج من أرض مستأجرة أو من أرض عليها خراج، فيجب على المستأجر العشر مع الأجرة، وكذا مع الخراج فى أرض الخراج ( ج - 2 ص 574 مع المغنى لابن قدامة ص 592، والمجموع للنووى ج - 5 ص 533 - 535 مع فتح العزيز للرافعى ) وأميل هنا للفتوى بما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما من أن الزكاة تجب بمقدار العشر أو نصفه بعد قضاء الدين على الأرض ، الذى استدانه الزارع كثمن البذور والسماد والعمالة الزائدة لا العمالة العادية التى يقوم بها الزارع عادة، وكذلك قيمة أجرة الأرض تدخل فى هذا، وهو ما قال به القاضى ابن العربى فى الموضع السابق وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد. ( شرح الترمذى ج - 3 ص 143، والمغنى لابن قدامة ج - 2 ص 591 و 592 ) ومن ثم ينبغى تقييد الحكم المطلق الوارد فى هذا الموجز بأن ما يخصم هو الديون التى استدينت للزرع ومنها أجرة الأرض، ولا تدخل فيه النفقات العادية التى يجريها الزارع بنفسه أو أهله، لأن مقابل ذلك قد قدره الشارع وأدخله فى الاعتبار عندما أوجب العشر فيما يروى دون تكلفة، ونصف العشر فيما يروى بتكلفة، وبمعنى آخر يستبعد من جملة المحصول قبل التزكية كل ما قضت الضرورة باستدانته، من بذور وسماد وأجرة عمال، أما ما جرت به العادة والعرف من أن الزراع يعملون بأنفسهم كما يحتفظون بالبذور من زراعة سابقة فلا يستبعد مما تجب عليه الزكاة.
سادسا - عن البند سابعا زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد -. ذهب الموجز المعروض - إلى أن العقارات المبنية للاستثمار تؤدى الزكاة عن صافى إيرادها بسعر 10 % فى المائة قياسا على زكاة الزروع والثمار، باعتبار أن كلا منهما إيراد من أموال عقارية. وهذا القياس فى واقعه وجملته وما انبنى عليه غير مسلم به من أهل العلم بفقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى ورواية عن الإمام أحمد، إذ هؤلاء لم يقروا جعل زكاة الزرع العشر بعد رفع المصاريف والديون ومنها الإيجار. والذى أميل إليه أن العقارات المبنية يضم إيرادها الصافى بعد نفقات الصيانة والضرائب، إلى حصيلة باقى وعاء الزكاة للممول إن كانت له أموال أخرى تجب فيها الزكاة، وتعتبر مالا مستفادا خلال الحول وتخرج عنه الزكاة بواقع ربع العشر ( 2.5 % فى المائة ). وهو ما أميل إليه أيضا فى شأن إيجار الأرض الزراعية نقدا، ذلك لأنه لا يوجد فى النصوص الشرعية، من القرآن والسنة فى الزكاة، ما يساعد على ما ذهب إليه الموجز فى حكم الزكاة على إيراد العقارات المبنية وقياسها على الأراضى الزراعية بإيجاب عشر الصافى، لأن هذا فى الأراضى الزراعية غير مسلم به بإطلاق، وإنما تعتبر هذه العقارات كالأراضى الزراعية من حيث وجوب الزكاة فى غلتها، ولما كانت غلتها نقودا فى الأعم الأغلب فإنه تجرى عليها زكاة النقود، فإذا كان لدى صاحبها نصاب الزكاة نقودا ضمت إليه وأخذت حكمه. وهذا هو المنقول عن بعض الأئمة المجتهدين، فقد روى عن الإمام أحمد ابن حنبل فيمن أجر داره وقبض كراها، أن عليه زكاته إذا قبضه ( المغنى ج - 2 ص 497 فى المال المستفاد و ص 639 فى زكاة الديون ) وفى فقه المالكية خلاف فى حكم زكاة الأشياء التى تتخذ للانتفاع بغلتها كالدور المعدة للكراء، والغنم للصوف، والبساتين للغلة، فقد ذهب هذا الفقه إلى قولين فى زكاة هذه الأشياء أحدهما أنه يزكى عند قبضة ( الرسالة وشرحها للعلامة زروق ج - 1 ص 329 المطبوع مع شرح العلامة قاسم التنوخى بمطبعة الجمالية سنة 1332 هجرية - 1914 م ) هذا والمال المستفاد قد اختلف الفقهاء فى زكاته اختلافا بينا، وقد أشار إلى أقوالهم ابن قدامة فى المغنى، وقال إن المال المستفاد ثلاثة أقسام ثم قال القسم الثالث أن يستفيد مالا من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل، مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول، فيشترى أو يتهب مائة، فهذا لا تجب فيه زكاة حتى يمضى عليه حول أيضا وبهذا قال الشافعى، وقال أبو حنيفة بضمه إلى ما عنده فى الحول فيزكيهما جميعا عند تمام حول المال الذى كان عنده إلا أن يكون عوضا عن مال مزكى، لأنه يضم إلى جنسه فى النصاب فوجب ضمه إليه فى الحول كالنتاج، ولأنه إذا ضم فى النصاب وهو سبب فضمه إليه فى الحول الذى شرط أولى. ثم ساق أدلة الرأيين. ( ج - 2 ص 496 - 498 مع الشرح الكبير ) وعلى مقتضى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة فى المال المستفاد من ( الدر المختار وحاشيته رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 50 ) جنس نصاب قائم تجرى الزكاة فى الدور والعقارات المستغلة بالإيجار كما تقدم - فيضم صافى إيرادها إلى ما لدى مالكها من نصاب النقود الذى وجبت فيه الزكاة، ويزكى معه جريا على قواعد التلفيق فى الأحكام أو التخير من أحكام المذاهب فى العبادات وغيرها، وقد ارتضى هذه الطريقة فى الاتباع للمذاهب جمهور علماء الفقه وأصوله. ( جمع الجوامع للسبكى فى أصول الفقه بشرح الجلال المحلى وحاشية البنانى ج - 2 ص 356 الطبعة الأولى بالمطبعة الخيرية بالقاهرة سنة 1308 هجرية وبحوث المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية شوال 1383 هجرية - مارس 1964 م بحث التلفيق بين أحكام المذاهب للمرحوم الشيخ محمد أحمد فرج السنهورى ص 67 وما بعدها وبحث التلفيق بين أقوال المذاهب لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الفلهود ص 91 وما بعدها ) سابعا - عن البند ثامنا زكاة الماشية -. ويلاحظ على هذا البند أمران أولهما ما جاء فى الموجز المعروض من أن الزكاة تجب فى هذه الماشية وإن كانت معلوفة حيث إن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها. ثانيهما ما جاء فيه من أن اختلاف أسنان الماشية لا يؤثر فى مقادير الزكاة، والزكاة واجبة على صغارها كوجوبها على كبارها. عن الأمر الأول إن من شروط وجوب الزكاة فى الماشية أن تكون سائمة، بأن ترعى فى المباح أكثر العام، ومقصود منها الدر والنسل والزيادة والسمن، ويقابلها المعلوفة وهى التى يتكلف صاحبها علفها. والحكمة فى اشتراط السوم أن الزكاة إنما وجبت فيما يسهل على النفوس إخراجه، وهو العفو الزائد كما قال الله سبحانه { خذ العفو } الأعراف 199 ، وقوله { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } البقرة 219 ، وذلك إنما يكون فيما قلت مؤنته وكثر نماؤه، وهذا إنما يتفق ويوجد فى السائمة وليس فى المعلوفة. ودليل هذا الشرط ما رواه النسائى وأحمد وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى كل إبل سائمة فى كل أربعين ابنة لبون ) ووصف السائمة يدل مفهومه على أن المعلوفة لا زكاة فيها. وروى البخارى فى صحيحه وغيره من حديث أنس ( وفى صدقة الغنم فى سائمتها إذا كانت أربعين فيها شاة ). وما ورد من أحاديث مطلقة عن وصف السوم تحمل على هذه الأحاديث المقيدة بهذا الوصف ( الروض النضير ج - 2 ص 399 و 400 ) هذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وإن خالف هذا ربيعة ومالك والليث عملا بالأحاديث المطلقة وأوجبوا الزكاة فى المعلوفة كالسائمة ( الروض النضير ج - 2 ص 399 ، 400 ) ولا شك أن الأخذ بقول الجمهور أولى لأن الملموس فى عصرنا ارتفاع تكاليف الأعلاف، وبالتالى قد ارتفعت أسعار اللحوم والألبان ومنتجاتها. وما تزال فى صعود، فإيجاب الزكاة فى الماشية المعلوفة كما جاء فى هذا الموجز وإن وافق رأى الإمام مالك لكنه خلاف الأولى، ولا يوافق الواقع فيما ادعاه من أن علفها فى الوقت الحاضر لا يستغرق أكثر نمائها. وعن الأمر الثانى فإن احتساب صغار الماشية فيما يجب عليه الزكاة ذهب إليه بعض الفقهاء مستندين لبعض الآثار المروية عن عمر ( الموطأ ج - 1 ص 265 ونيل الاوطار للشوكانى ج - 4 ص 134 ) وذهب فريق آخر إلى عدم الاعتداد بالصغار لخبر رواه أحمد والنسائى وأبو داود ( المرجع السابق ج - 4 ص 133 ) وفريق ثالث لم يوجب الزكاة فى الصغار إذا كانت وحدها توفيقا بين الرأيين السابقين، ويعتد بها فى النصاب إذا كانت
معها أمهاتها. وقد اشترط فريق آخر أن تبلغ الأمهات نصابا، فما زاد عن النصاب من الصغار اعتد به، وهذا قول أبى حنيفة والشافعى وابن حزم وآخرين لحديث سويد بن غفلة قال ( أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه فسمعته يقول إن فى عهدى ألا آخذ من راضع لبن ) قال ابن حزم لما منع من أخذ الزكاة من راضع لبن - وراضع لبن اسم للجنس - صح بذلك ألا تعد الرواضع فيما تؤخذ منه الزكاة ) ( المحلى ج - 5 ص 274 إلى 279 ) وهذا القول هو الأحق والأولى بالاعتبار والأخذ به. فما جاء فى الموجز وإن وافق بعض الأقوال، إلا أن الأوفق الاعتداد بقول الإمامين أبى حنيفة والشافعى ومن وافقهما، فلا يعتد بالصغار من الماشية نصابا إلا إذا كان معها كبار بلغت نصابا. ثامنا - عن البند تاسعا فى مصارف الزكاة - ونقلها، والتحذير لغير المستحق من طلبها والاستيلاء عليها. الأصل فى الإسلام أن تؤخذ الزكاة من الأغنياء وترد على الفقراء ومقتضى النصوص الواردة فى هذا ألا تنقل أموال الزكاة من المحل الذى أخذت منه، بل توزع فيه ( الأموال لأبى عبيد ص 595 ، 596 ) أما إذا كان أهل البلد قد استغنوا عن الزكاة، بمعنى أنه لم يوجد فيهم مستحق لها من الأصناف الثمانية، جاز نقلها إلى المستحقين فى بلد آخر إجماعا ( الأموال لأبى عبيد ص 595 ، 596 ) أما نقل الزكاة عند عدم استغناء أهل البلد فقد اختلف فيه الفقهاء ففى الفقه الحنفى يكره نقل الزكاة، إلا أن ينقلها إلى قرابته المحتاجين لما فى ذلك من صلة الرحم، أو إلى فرد أو جماعة أحوج إليها من أهل بلده أو كان نقلها أصلح للمسلمين، أو من دار الإسلام. وهناك صور أخرى قالوا فيها بجواز النقل إلى غير البلد التى وجبت فيها الزكاة ( الدر المختار وحاشية ابن عابدين ج - 2 ص 93 ، 94 ) وفى الفقه المالكى يجب تفرقة الزكاة بموضع وجوبها أو قربة وهو ما دون مسافة القصر، فإن لم يوجد بمحل الوجوب أو قربه مستحق فإنها تنقل كلها وجوبا إلى محل فيه مستحق، وفصلوا فى ذلك بما يراجع فى موضعه من كتبهم ( حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج - 1 ص 501، ومواهب الجليل للحطاب والتاج والأكليل للمواقى ج - 2 ص 357 ، 358 ) وفى الفقه الشافعى أنه لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره ويجب صرفها فى البلد الذى فيه المال، إلا إذا فقد فيه من يستحق الزكاة وعندئذ توجه إلى غيره ،بتفصيل جاء فى كتب فقه المذهب ( الأحكام السلطانية للماوردى ص 119 و 120، المجموع للنووى ج - 6 - ص 219 - 225 ) وفى الفقه الحنبلى مثل قول الفقه الشافعى، وفيه أيضا فإذا نقلها مع وجود المستحق لها فى موضع الوجوب أثم وأجزأته باعتبار أنه دفع الحق إلى مستحقه، وقال بعضهم لا تجزئه لمخالفة النص ( المغنى لابن قدامة ج - 6 ص 531 ، 532 ) وأجاز مالك لولى الأمر نقل الزكاة إذا رأى مصلحة فى ذلك للمسلمين بعد مشورة أهل الشورى ( المدونة ج - 2 ص 46 ، 47 طبع دار السعادة أولى سنة 1323 هجرية ) وبهذا قال الفقه الشافعى أيضا ( المجموع للنووى ج - 6 ص 173 ، 175 ) ومن أقوال الفقه الحنفى والمالكى تؤخذ الإجازة للأفراد فى نقل زكواتهم إلى غير بلد الوجوب لمصلحة معتبرة مماثلة لما قال به فقهاء المذهبين. - يخلص مما تقدم - أن موجز أحكام الزكاة المعروض قد خالف الفقه والنصوص الشرعية فيما يلى :
1 - فى البندين الأول والثانى حيث قدر النصاب من الذهب على أساس أن الدينار الشرعى يقدر وزنه ب- 4.46 جرام ذهب، وهذا غير دقيق. وينبغى العمل بالتقدير 4.25 جراما للدينار أو المثقال وبذلك تكون جملة وزن النصاب من الذهب 85 جراما لا غير.
2- فى البند الثالث الخاص بزكاة الحلى. من أنه لا تجب فى المعد منها للاستعمال والزينة واللباس زكاة إلا فيما زاد على 500 جنيه أو 1000 جنيه على اختلاف بين النسختين المعروضتين. وهو قول غير صحيح فى الجملة ولا يستند لدليل شرعى.
3- فى البند الرابع بشأن زكاة الأسهم والسندات وشهادات الاستثمار حيث قاسها فيما يبدو على زكاة الزروع فى بعض صورها وهذا لاسند له ولا أصل يخرج عليه تخريجا صحيحا، فهى تعتبر رؤوس أموال تجارية وتخضع لأحكام زكاة عروض التجارة بالنسبة لمن يتجر فيها.
4- ما جاء فى البند السادس وهو الخاص بزكاة الزروع والثمار. من أن الزكاة تجب بواقع 10 % فى المائة ( العشر ) من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والتكاليف المختلفة من الناتج المجمل، وهذا حكم مطلق يجب تقييده بأن ما يستبعد من جملة المحصول قبل التزكية هو كل ما قضت الضرورة باستدانته. أما ما جرت به العادة والعرف من عمل الزارع بنفسه واحتفاظه بالبذور من زراعته السابقة فلا يستبعد مما يجب عليه، لأن الشارع أدخلها فى الاعتبار عندما أوجب العشر فيما ليس فيه تكلفة ونصف العشر فيما فيه تكلفة.
5- ما جاء فى البند السابع من أداء زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد عن صافى إيرادها بواقع 10 % فى المائة قياسا على زكاة الزروع. هو قياس فى واقعه وجملته وما انبنى عليه غير مسلم به من أهل العلم بفقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى ورواية عن الإمام أحمد، والذى يقتضيه فقد هذه المذاهب. أن العقارات المبنية يضم إيرادها الصافى بعد نفقات الصيانة والضرائب إلى حصيلة باقى وعاء الزكاة للممول إن كانت له أموال أخرى تجب فيها الزكاة. وتعتبر مالا مستفادا خلال الحول وتخرج عنه الزكاة بواقع ربع العشر ( 2.5% فى المائة ).
6 - ما جاء فى البند الثامن من أن الزكاة تجب فى الماشية المعلوفة. مخالف لما ذهب إليه جمهور الفقهاء. من أن المعلوفة لا زكاة فيها طبقا للأحاديث الصريحة الواردة فى ذلك. إذ لا اجتهاد من النص. حيث حملت الأحاديث المطلقة عن قيد السائمة على الأحاديث التى جاء بها هذا القيد. وما جاء به من أن الزكاة واجبة على صغار الماشية كوجوبها على كبارها فهو وإن وافق بعض الأقوال، إلا أن الأوفق الاعتداد بقول الإمامين أبى حنيفة والشافعى ومن وافقهما، من أنه لا يعتد بالصغار نصابا إلا إذا كان معها كبار بلغت نصابا للخبر الذى أورده ابن حزم فى هذا الموضع على نحو ما سبق. 7- وما جاء فى البندين الخامس الخاص بزكاة التجارة والصناعة - والتاسع الخاص بمصاريف الزكاة. هو فى نطاق ما قال به جمهور الفقهاء فى الجملة. أما الاعتراضات على موجز أحكام الزكاة فهى كما يلى :
8 - الاعتراض الأول على أن نقصان النصاب فى خلال العام لا يضر إن كمل فى طرفيه - لا محل له فى تخطئة الحكم الذى جاء به الموجز لاتباعه مذهبا صحيحا هو مذهب الإمام أبى حنيفة فى مسألة هى محل اجتهاد ولم يرد فيها دليل. وفى الأخذ بمذهب أبى حنيفة احتياط ويسر فى حساب الزكاة.
9 - الاعتراض الثانى على الحكم الذى تغيا به الموجز حدا أعلى للحلى المعفى من الزكاة اعتراض صحيح.
10 - الاعتراض الثالث على قياس الموجز لزكاة الأوراق المالية على زكاة الزروع فى بعض صورها اعتراض وجيه. إذ ليس لهذا القياس سند شرعى ولا نص فقهى يتخرج عليه.
11- الاعتراض الرابع وهو جعل الموجز زكاة المحاصيل الزراعية المختلفة بواقع 10 % فى المائة من صافى الناتج بعد خصم جميع النفقات والأموال الأميرية والإيجارات بإطلاق اعتراض صحيح، ويؤخذ فى هذا الموضع بما بينته الفتوى. والله سبحانه وتعالى أعلم.