من طرف اسرة التحرير الأربعاء سبتمبر 14, 2016 3:27 pm
بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة الحديث الشريف جامع العلوم والحكم الخامس والعشرون والسادس والعشرون
● [ الحديث الخامس والعشرون ] ●
عن أبي ذر رضي الله عنه، أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون، إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر. رواه مسلم. هذا الحديث خرجه مسلم من رواية يحيى بن معمر عن أبي الأسود الديلمي عن أبي ذر رضي الله عنه وقد روي معناه عن أبي ذر من وجوه كثيرة بزيادة ونقصان وسنذكر بعضها فيما بعد إن شاء الله تعالى. وفي الحديث دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة وقوة رغبتهم في الخير كانوا يحزنون على ما يتعذر عليهم فعله من الخير مما يقدر عليه غيرهم فكان الفقراء يحزنون على فوات الصدقة بالأموال التي يقدر عليها الأغنياء ويحزنون على التخلف عن الخروج في الجهاد لعدم القدرة على آلته وقد أخبر الله عنهم بذلك في كتابه فقال ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ) التوبة وفي هذا الحديث " أن الفقراء غبطوا أهل الدثور " والدثور هي الأموال مما يحصل لهم من أجر الصدقة بأموالهم فدلهم النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات يقدرون عليها، " وفي الصحيحين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلي والنعيم المقيم فقال: وما ذاك، قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من قد سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة ـ قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "، وقد روي نحو هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة منهم على وأبو ذر وأبو الدرداء وابن عمر وابن عباس وغيرهم، ومعنى هذا أن الفقراء ظنوا أن لا صدقة إلا بالمال وهم عاجزون عن ذلك فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع أنواع فعل المعروف والإحسان صدقة وفي صحيح مسلم عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل معروف صدقة وخرجه البخاري من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة تطلق على جميع أنواع المعروف والإحسان حتى أن فضل الله الواصل منه إلى عباده صدقة منه عليهم وقد كان بعض السلف ينكر ذلك ويقول إنما الصدقة ممن يطلب جزاءها وأجرها والصحيح خلاف ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: في قصر الصلاة في السفر صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، خرجه مسلم وقال: من كانت له صلاة بليل فغلب عليه نوم فنام عنها كتب الله له أجر صلاته وكان نومه صدقه من الله تصدق بها عليه، خرجه النسائي وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها وخرجه ابن ماجه من حديث أبي الدرداء وفي مسند بقي بن مخلد والبزار من حديث أبي ذر مرفوعا " ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا لله فيها صدقة يمن بها على من يشاء من عباده وما من الله على عبد مثل أن يلهمه ذكره "، وقال خالد بن معدان إن الله يتصدق كل يوم بصدقة وما تصدق الله على أحد من خلقه بشيء خير من أن يتصدق عليه بذكره. ● ● والصدقة بغير المال نوعان: ● أحدهما ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق فتكون صدقة عليهم وربما كان أفضل من الصدقة بالمال وهذا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه دعاء إلى الله طاعة وكف عن معاصيه وذلك خير من النفع بالمال وكذلك تعليم العلم وإقراء القرآن وإزالة الأذى عن الطريق والسعي في جلب النفع للناس ودفع الأذى عنهم وكذلك الدعاء للمسلمين والاستغفار لهم وخرج ابن مردويه بإسناد فيه ضعف عن ابن عمر مرفوعا من كان له مال فليتصدق من ماله ومن كان له قوة فليتصدق من قوته ومن كان له علم فليتصدق من علمه ولعله موقوف وخرج الطبراني بإسناد فيه ضعف عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة صدقة اللسان قيل يا رسول الله وما صدقة اللسان قال الشفاعة تفك بها الأسير وتحقن بها الدم وتجر بها المعروف والإحسان إلى أخيك وتدفع عنه الكريهة، وقال عمرو بن دينار بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من صدقة أحب إلى الله من قول ألم تسمع إلى قوله تعالى ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ) البقرة خرجه ابن أبي حاتم وفي مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت طليق الوجه، خرجه ابن أبي الدنيا وقال معاذ تعليم العلم لمن لا يعلمه صدقة وروي مرفوعا ومن أنواع الصدقة كف الأذى عن الناس " ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله، قلت: فأي الرقاب أفضل، قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا، قلت: فإن لم أفعل قال: تعين صانعا وتصنع لأخرق، قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل، قال: تكف شرك عن الناس فإنها صدقة " وقد روي في حديث أبي ذر زيادات أخرى فخرج الترمذي من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة " وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طعلت فيه الشمس قيل: يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها قال: إن أبواب الجنة لكثيرة التسبيح والتكبير والتحميد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على حاجته وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك " ، " وخرج الإمام أحمد من حديث أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يتصدقون ولا نتصدق قال وأنت فيك صدقة رفعك العظم عن الطريق صدقة وهدايتك الطريق صدقة عونك الضعيف بفضل قوتك صدقة وبيانك عن الأغتم صدقة ومباضعتك امرأتك صدقة قلت يا رسول الله نأتي شهوتنا ونؤجر قال أرأيت لو جعلت ذلك في حرام أكان تأثم قال قلت نعم قال أفتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير "، وفي رواية أخرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيك صدقة كثيرة فذكر فضل سمعك وفضل بصرك وفي رواية أخرى للإمام أحمد قال إن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل الشوكة عن الطريق والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ولك في جماع زوجتك أجر قلت كيف يكون لي أجر في شهوتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به قلت نعم قال فأنت خلقته قلت بل الله خلقه قال أفأنت هديته قلت بل الله هداه قال أفأنت كنت ترزقه قلت بلى الله كان يرزقه قال كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر ظاهر هذا السياق يقتضي أنه يؤجر على جماعه لأهله بنية طلب الولد الذي يترتب الأجر على تربيته وتأديبه في حياته ويحتسبه عند موته وأما إذا لم ينو شيئا بقضاء شهوته فهذا قد تنازع الناس في دخوله في هذا الحديث. وقد صح الحديث بأن نفقة الرجل على أهله صدقة ففي الصحيحين عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نفقة الرجل على أهله صدقة وفي رواية لمسلم وهو يحتسبها وفي لفظ للبخاري وإذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها عند الله كما في حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك، وفي صحيح مسلم عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الدنانير دينار ينفقه الرجل على عياله ودينار ينفقه على فرسه في سبيل الله ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله، قال أبو قلابة عند رواية هذا الحديث بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال له صغار يعفهم الله به ويغنيهم الله به وفيه أيضا عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة وهذا قد ورد مقيدا في الرواية الأخرى بابتغاء وجه الله وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أفضلها الدينار الذي أنفقته على أهلك، " وخرج الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا فقال رجل: عندي دينار فقال: تصدق به على نفسك قال: عندي دينار آخر قال: تصدق به على زوجتك قال عندي دينار آخر: قال: تصدق به على ولدك قال عندي دينار آخر: قال: تصدق به على خادمك قال: عندي دينار آخر قال: أنت أبصر "، وخرج الإمام أحمد من حديث المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة "، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة يطول ذكرها. وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابة إلا كان له صدقة وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة وما أكل السبع منه فهو له صدقة وما أكلت الطيور فهو له صدقة ولا ينقصه أحد إلا كان له صدقة وفي رواية له أيضا فلا يأكل منه إنسان ولا دابة ولا طائر إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة وفي المسند بإسناد ضعيف عن معاذ بن أنس الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى بنيانا في غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غراسا في غير ظلم ولا اعتداء إلا كان له أجر جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن وذكر البخاري في تاريخه من حديث جابر مرفوعا من حفر ماء لم تشرب منه كبد حرا من جن ولا إنس ولا سبع ولا طائر إلا آجره الله يوم القيامة. وظاهر هذه الأحاديث كلها يدل على أن هذه الأشياء تكون صدقة يثاب عليها الزارع والغارس ونحوهما من غير قصد ولا نية وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر، يدل بظاهره على أنه يؤجر في إتيان أهله من غير نية فإن الباضع لأهله كالزارع في الأرض التي يحرث ويبذر فيها، وقد ذهب إلى هذا طائفة من العلماء ومال إليه أبو محمد بن قتيبة في الأكل والشرب والجماع واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن ليؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه، وهذا اللفظ الذي استدل به غير معروف، إنما المعروف قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك. وهو مقيد بإخلاص النية لله فتحمل الأحاديث المطلقة عليه والله أعلم. ويدل عليه أيضا قول الله عز وجل ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) النساء، فجعل ذلك خيرا ولم يرتب عليه الأجر إلا مع نية الإخلاص وأما إذا فعله رياء فإنه يعاقب عليه وإنما يحمل التردد إذا فعله بغير نية صالحة ولا فاسدة، وقد قال أبو سليمان الداراني من عمل عمل خير من غير نية كفاه نية اختياره للإسلام على غيره من الأديان فظاهر هذا أنه يثاب عليه من غير نية بالكلية لأنه بدخوله في الإسلام مختار لأعمال الخير في الجملة فيثاب على كل عمل يعمله منها بتلك النية والله أعلم. وقوله " أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " هذا يسمى عند الأصوليين قياس العكس ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلمة، وقلت أنا أخرى، قال: من مات يشرك بالله شيئا دخل النار، وقلت: من مات لا يشرك بالله دخل الجنة، ● والنوع الثاني من الصدقة التي ليست مالية ما نفعه قاصر على فاعله كأنواع الذكر من التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار وكذلك المشي إلى المساجد صدقة ولم يذكر في شيء من الأحاديث الصلاة والصيام والحج والجهاد أنه صدقة وأكثر هذه الأعمال أفضل من الصدقات المالية لأنه إنما ذكر جوابا لسؤال الفقراء الذين سألوه عما يقاوم تطوع الأغنياء بأموالهم. وأما الفرائض فإنهم قد كانوا كلهم مشتركين فيها وقد تكاثرت النصوص بتفضيل الذكر على الصدقة بالمال وغيره من الأعمال كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله عز وجل "، خرجه الإمام أحمد والترمذي وذكره مالك في الموطأ موقوفا على أبي الدرداء وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير ـ في يوم مائة مرة ـ كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك "، وفيهما أيضا عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل، وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة قال الذاكرون الله كثيرا قلت يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله قال لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة ويروي نحوه من حديث معاذ وجابر مرفوعا والصواب وقفه على معاذ من قوله وخرج الطبراني من حديث أبي الوازع عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله كان الذاكر أفضل قلت الصحيح عن أبي الوازع عن أبي برزة الأسلمي من قوله خرجه جعفر الفريابي وخرج أيضا من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كبر مائة وسبح مائة وهلل مائة كانت خيرا له من عشر رقبات يعتقها ومن سبع بدنات ينحرها وخرج ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي الدرداء أنه قيل له إن رجلا أعتق مائة نسمة فقال إن مائة نسمة من مال رجل كثير وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطبا من ذكر الله عز وجل وعن أبي الدرداء أيضا قال: لأن أقول الله أكبر مائة مرة أحب إلى من أن أتصدق بمائة دينار. وكذلك قال سلمان الفارسي وغيره من الصحابة والتابعين: إن الذكر أفضل من الصدقة بعدده من المال وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: سبحي الله مائة تسبيحة فإنها تعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل واحمدي الله مائة تحميدة فإنها تعدل لك مائة فرس ملجمة مسرجة تحملين عليهن في سبيل الله وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل مائة بدنة مقلدة متقبلة وهللي الله مائة تهليلة لا أحسبه إلا قال: تملأ ما بين السماء والأرض ولا يرفع يومئذ لأحد مثل عملك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت وخرجه أحمد أيضا وابن ماجه وعندهما وقولي لا إله إلا الله مائة مرة لا تذر ذنبا ولا يسبقها العمل وخرجه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وخرج الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا قال: ما من صدقة أفضل من ذكر الله عز وجل، وخرج الفريابي بإسناد فيه نظر عن أبي أمامة مرفوعا ومن فاته الليل أن يكابده ويبخل بماله أن ينفقه وجبن عن العدو أن يقاتله فليكثر من سبحان الله وبحمده فإنها أحب إلى الله عز وجل من جبل ذهب أو جبل فضة ينفقه في سبيل الله عز وجل وخرج البزار بإسناد مقارب من حديث ابن عباس مرفوعا قال في حديثه فليكثر ذكر الله ولم يزد على ذلك وفي المعنى أحاديث أخر متعددة.
● [ الحديث السادس والعشرون ] ●
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة. رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث خرجاه من رواية همام بن منبه عن أبي هريرة وخرجه البزار من رواية أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " للإنسان ثلاثمائة وستون عظما أو ستة وثلاثون سلامي عليه في كل يوم صدقة، قالوا: فمن لم يجد، قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قالوا: فمن لم يستطع، قال: يرفع عظما عن الطريق، قالوا: فمن لم يستطع، قال: فليعن ضعيفا، قالوا: فمن لم يستطع ذلك، قال: فليدع الناس من شره "، وخرج مسلم من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن ذكر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله وعزل حجرا عن طريق المسلمين أو عزل شوكة أو عزل عظما أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر عدد تلك الستين والثلاث المائة السلامي أمسى من يومه وقد زحزح نفسه من النار "، وخرج مسلم أيضا من رواية أبي الأسود الديلمي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يصبح على كل سلامي أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزي من ذلك ركعتا الضحي يركعهما "، وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا عليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة قالوا ومن يطيق ذلك يا نبي الله قال النخاعة في المسجد يدفنها والشيء ينحيه عن الطريق فإن لم يجد فركعتا الضحى يجزئك "، وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " على كل مسلم صدقة قالوا فإن لم يجد قال فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يستطع أو لم يفعل قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يفعل قال فليأمر بالمعروف قالوا فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر فإنه صدقة "، وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " على كل منسم من ابن آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم ومن يطيق هذا قال أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة والحمل على الضعيف صدقة وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة " وخرجه البزار وغيره وفي مسنده رواية " على كل ميسم من الإنسان صدقة كل يوم أو صلاة فقال رجل هذا أشد ما يتشابه فقال إن أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر صلاة أو صدقة وحملك عن الضعيف صلاة إنحاؤك القذر عن الطريق صلاة وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صلاة " وفي رواية البزار : وإماطة الأذى عن الطريق صدقة أو قال صلاة " قال بعضهم يريد بالميسم كل عضو على حدة مأخوذ من الوسم وهو العلامة إذ ما من عظم ولا عرق ولا عصب إلا وعليه أثر صنع الله عز و جل فيجب على العبد الشكر على ذلك والحمد لله على خلقه سويا صحيحا وهذا هو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام كل يوم لأن الصلاة تحتوي على الحمد والشكر والثناء وخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: على كل سلامي أو على كل عضو من بني آدم في كل يوم صدقة ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحي ويروى من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على كل نفس في كل يوم صدقة قيل فإن كان لا يجد شيئا قال أليس بصيرا شهما فصيحا صحيحا قال بلى قال يعطي من قليلة وكثيرة وإن نصرك للمنقوص صدقة وإن سمعك للمنقوص سمعه صدقة. وقد ذكرنا في شرح الحديث الماضي ـ حديث أبي ذر ـ الذي خرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس قيل يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها قال إن أبواب الخير لكثيرة التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على حاجته وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك ". ● فقوله صلى الله عليه وسلم " على كل سلامي من الناس عليه صدقة " قال أبو عبيد السلامي في الأصل عظم يكون في فرسن البعير قال فكأن معنى الحديث على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة يشير أبو عبيد إلى أن السلامي اسم لبعض العظام الصغار التي في الإبل ثم عبر بها عن العظام في الجملة بالنسبة إلى الآدمي و غيره فمعنى الحديث عنده على كل عظم من عظام بني آدم صدقة وقال غيره السلامي عظم في طرف اليد والرجل وكني بذلك عن جميع عظام الجسد والسلامي جمع وقيل هو مفرد وقد ذكر علماء الطب أن جميع عظام البدن مائتان وثمانية وأربعون عظما تسمى السمسمانيات وبعضهم يقول هي ثلاثة مائة وستون عظما يظهر منها للحس مائتان وخمسة وستون عظما والباقية صغار لا تظهر وتسمى السمسمانية وهذه الأحاديث تصدق هذا القول ولعل السلامي عبر بها عن هذه العظام الصغار كما أنها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام ورواية البزار لحديث أبي هريرة يشهد بهذا حيث قال فيها أو ستة وثلاثون سلامي وقد خرجه غير البزار وقال فيه إن في ابن آدم ستمائة وستين عظما وهذه الرواية غلط وفي حديث عائشة وبريدة ذكر ثلاث مائة وستين مفصلا ومعنى الحديث أن تركب هذه العظام وسلامتها من أعظم نعم الله على عبده فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق ابن آدم عنه ليكون ذلك شكرا لهذه النعمة قال الله عز وجل ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) الانفطار وقال عز وجل ( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) الملك وقال ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) النحل وقال ( ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ) البلد، قال مجاهد: هذه نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر وقرأ الفضل هذه الآية ليلة فبكى فسئل عن بكائه فقال هل بت ليلة شاكرا لله أن جعل لك عينين تبصر بهما هل بت ليلة شاكرا لله أن جعل لك لسانا تنطق به وجعل يعدد من هذا الضرب وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمان الفارسي قال إن رجلا بسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه فجعل يحمد الله عز وجل ويثني عليه حتى لم يكن له فراش إلا بوري فجعل يحمد الله ويثني عليه وبسط للآخر من الدنيا فقال لصاحب البوري أرأيتك أنت على ما تحمد الله عز وجل قال أحمد الله على ما لو أعطيت به ما أعطى الخلق لم أعطهم إياه قال وما ذاك قال أرأيت بصرك أرأيت لسانك أرأيت يديك أرأيت رجليك وبإسناده عن أبي الدرداء أنه كان يقول الصحة غناء الجسد وعن يونس بن عبيد أن رجلا شكا إليه ضيق حاله فقال له يونس أيسرك أن لك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم قال الرجل لا قال فبيدك مائة ألف درهم قال لا قال فرجليك قال لا قال فذكره نعم الله عليه فقال يونس أرى عندك مئين ألوفا وأنت تشكو الحاجة وعن وهب بن منبه قال مكتوب في حكمة آل داود العافية الملك الخفي وعن بكر المزني قال يا ابن آدم إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك وفي بعض الآثار كم من نعمة لله في عرق ساكن وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "، فهذه النعم مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة ويطالب بها كما قال تعالى ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) وخرج الترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم فيقال له ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: النعيم الأمن والصحة وروي عنه مرفوعا وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) التكاثر، قال: النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )، وخرج الطبراني من رواية أيوب بن عقبة وفيه ضعف عن عطاء عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله ومن قال سبحان الله وبحمده كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل: كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله، قال: إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته "، وروي ابن أبي الدنيا بإسناد فيه ضعف أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يؤتى بالنعم يوم القيامة وبالحسنات والسيئات فيقول الله لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها "، وبإسناده عن وهب بن منبه قال عبدالله عابد خمسين عاما فأوحى الله عز وجل إني قد غفرت لك قال يا رب وما تغفر لي ولم أذنب فأذن الله عز وجل لعرق في عنقه فضرب عليه فلم ينم ولم يصل ثم سكن وقام فأتاه ملك فشكا إليه ما لقي من ضربات العرق فقال الملك إن ربك عز وجل يقول عبادتك خمسين سنة لم تعدل سكون ذلك العرق، و خرج الحاكم هذا المعنى مرفوعا من رواية سلمان بن هرم الفرشي عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن جبرائيل أخبره أن عابدا عبدالله على رأس جبل في البحر خمسمائة سنة ثم سأل ربه أن يقبضه وهو ساجد قال فنحن نمن عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا ونجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز و جل فيقول الله عز و جل ادخلو عبدي الجنة برحمتي فيقول العبد يا رب بعملي ثلاث مرات ثم يقول الله للملائكة قيسوا عبدي بنعمتي عليه و بعمله فيجدون نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعم الجسد له فيقول أدخلوا عبدي النار فيجر إلى النار فينادي ربه برحمتك أدخلني الجنة برحمتك أدخلني الجنة فيدخله الجنة قال جبرائيل إنما الأشياء برحمة الله يا محمد "، وسلمان بن هرم قال العقيلي هو مجهول وحديثه غير محفوظ وروى الخرائطي بإسناد فيه نظر عن عبدالله بن عمرو مرفوعا " يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز و جل فيقول للملائكة انظروا في عمل عبدي ونعمتي عليه فينظرون فيقولون و لا بقدر نعمة واحدة من نعمك عليه فيقول انظروا في عمله سيئه وصالحه فينظرون فيجدونه كفافا فيقول عبدي قد قبلت حسناتك وغفرت سيئاتك وقد وهبت لك نعمتي فيما بين ذلك " والمقصود أن الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه كما قال تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) إبراهيم والنحل، وطلب منهم الشكر والرضا به منهم، قال سليمان التيمي إن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم حتى رضي منهم من الشكر بالاعتراف بقلوبهم بنعمه وبالحمد بألسنتهم عليها كما خرجه أبو داود والنسائي من حديث عبدالله بن غنام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر ذلك اليوم ومن قالها حين يمسي أدى شكر ليلته "، وفي رواية النسائي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وخرج الحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله شكرها قبل أن يشكرها وما أذنب عبد ذنبا فندم عليه إلا كتب الله له مغفرته قبل أن يستغفره "، وقال أبو عمرو الشيباني قال موسى عليه الصلاة والسلام يوم الطور يا رب إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالتك فمن قبلك فكيف أشكرك قال الآن شكرتني وعن الحسن قال قال موسى عليه السلام يا رب كيف يستطيع ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له فقال يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليه فكان ذلك شكرا لما صنعته وعن أبي الجلد قال قرأت في مسئلة داود عليه السلام أنه قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال فأتاه الوحي أن يا داود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني قال بلى قال فإني أرضى بذلك منك شكرا قال وقرأت في مسئلة موسى عليه السلام قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازى بها عملي كله قال فأتاه الوحي قال يا موسى الآن شكرتني وقال أبو بكر بن عبدالله ما قال عبد قط الحمد لله مرة إلا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله فما جزى تلك النعمة جزاءها أن يقول الحمد لله فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعماء الله وقد روى ابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ " وروينا نحوه من حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعا أيضا وروي هذا عن الحسن البصري من قوله وكتب بعض عمال عمر بن عبدالعزيز إليه إني بأرض قد كثرت فيها النعم حتى لقد أشفقت على أهلها من ضعف الشكر فكتب إليه عمر إني قد كنت أراك أعلم بالله لما أنت إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل قال الله تعالى ( ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) النمل وقال تعالى ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ) إلى قوله ( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ) الزمر، أي نعمة أفضل من دخول الجنة. وقد ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر عن بعض العلماء أنه صوب هذا القول أعني قول من قال إن الحمد أفضل من النعمة وعن ابن عيينة أنه خطأ قائله وقال لا يكون فعل العبد أفضل من فعل الرب عز و جل ولكن الصواب قول من صوبه فإن المراد بالنعم، النعم الدنيوية كالعافية والرزق والصحة ودفع المكروه ونحو ذلك والحمد لله هو من النعم الدينية وكلاهما نعمة من الله لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من النعمة الدنيوية على عبده فإن النعم الدنيوية إن لم يقترن بها الشكر كانت بلية كما قال أبو حازم كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية فإذا وفق الله عبده للشكر على نعمه الدنيوية بالحمد أو غيره من أنواع الشكر كانت هذه النعمة خيرا من تلك النعم و أحب إلى الله عز وجل فإن الله يحب المحامد و يرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها والثناء بالنعم والحمد عليها وشكرها عند أهل الجود والكرم أحب إليهم من أموالهم فهم يبذلونها طلبا للثناء والله عز و جل أكرم الأكرمين و أجود الأجودين فهو يبذل نعمه لعباده ويطلب منهم الثناء بها وذكرها منهم والحمد عليها ويرضى منهم بذلك شكرا عليها وإن كان ذلك كله من فضله عليهم وهو غير محتاج إلى شكرهم لكنه يحب ذلك من عباده حيث كان صلاح العبد وفلاحه وكماله فيه ومن فضله سبحانه أنه نسب الحمد والشكر إليهم وإن كان من أعظم نعمه عليهم وهذا كما أنه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال واستقرض منهم بعضه ومدحهم بإعطائه والكل ملكه ومن فضله ولكن كرمه اقتضى ذلك ومن هنا يعلم معنى الأثر الذي جاء مرفوعا وموقوفا " الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده ". ● ولنرجع الآن إلى تفسير حديث كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعني أن الصدقة على ابن آدم من هذه الأعضاء في كل يوم من أيام الدنيا فإن اليوم قد يعبر به عن مدة أزيد من ذلك كما يقال يوم صفين وكانت مدة أيام وعن مطلق الوقت كما قال تعالى ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم هود وقد يكون ذلك ليلا ونهارا فإذا قيل كل يوم تطلع فيه الشمس علم أن هذه الصدقة على ابن آدم في كل يوم يعيش فيه من أيام الدنيا. وظاهر الحديث يدل على أن هذا الشكر بهذه الصدقة واجب على المسلم كل يوم ولكن الشكر على درجتين إحداهما واجب وهو أن يأتي بالواجبات ويتجنب المحرمات فهذا لا بد منه ويكفي في شكر هذه النعم ويدل على ذلك ما خرجه أبو داود من حديث أبي الأسود الديلي قال كنا عند أبي ذر فقال يصبح على كل سلامي من أحدكم في كل يوم صدقة فله بكل صلاة صدقة وصيام صدقة وحج صدقة وتسبيح صدقة وتكبير وتحميد صدقة فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأعمال الصالحات وقال يجزيء أحدكم من ذلك ركعتا الضحى وقد تقدم في حديث أبي موسى المخرج في الصحيحين فإن لم يفعل فليمسك عن الشر فإنه له صدقة وهذا يدل على أنه يكفيه أن لا يفعل شيئا من الشر و إنما يكون مجتنبا للشر إذا قام بالفرائض واجتنب المحارم فإن أعظم الشر ترك الفرائض ومن هنا قال بعض السلف الشكر ترك المعاصي قال بعضهم الشكر أن لا يستعان بشيء من النعم على معصيته وذكر أبو حازم الزاهد شكر الجوارح كلها أن تكف عن المعاصي وتستعمل في الطاعات ثم قال وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه فلم يلبسه فلم ينفعه ذلك من البرد والحر والثلج والمطر وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم لينظر العبد في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك وليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله عز وجل حق على العبد أن يعمل بالنعمة التي في بدنه لله عز وجل في طاعته ونعمة أخرى في الرزق حق عليه أن يعمل لله عز و جل فيما أنعم عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر وأصله وفرعه ورأى الحسن رجلا يتبختر في مشيه فقال لله في كل عضو منه نعمة اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك الدرجة الثانية من الشكر الشكر المستحب وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات وهذه درجة السابقين المقربين وهي التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي سبق ذكرها. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصلاة ويقوم حتى تنفطر قدماه فإذا قيل لم تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول " أفلا أكون عبدا شكورا "، وقال بعض السلف لما قال الله عز وجل ( اعملوا آل داود شكرا ) سبأ، لم يأت عليهم ساعة من ليل أو نهار إلا وفيهم مصل يصلي وهذا مع أن بعض الأعمال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم واجب، إما على الأعيان كالمشي إلى الصلاة عند من يرى وجوب الصلاة في الجماعات في المساجد، وإما على الكفاية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغاثة اللهفان والعدل بين الناس إما في الحكم بينهم أو في الإصلاح، فقد روي من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصدقة إصلاح ذات البين ". ● وهذه الأنواع التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة منها ما نفعه متعد كالإصلاح وإعانة الرجل على دابته بحمله عليها لرفع متاعه عليها والكلمة الطيبة ويدخل فيها السلام وتشميت العاطس وإزالة الأذى عن الطريق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفن النخاعة في المسجد وإعانة ذي الحاجة الملهوف وإسماع الأصم وتبصير المنقوص بصره وهداية الأعمى أو غيره الطريق وجاء في بعض رواية أبي ذر وبيانك عن الأرتم صدقة يعني من لا يطيق الكلام إما لآفة في لسانه أو لعجمة في لغته فبين عنه ما يحتاج إلى بيانه ومنه ما هو قاصر النفع كالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والمشي إلى الصلاة وصلاة ركعتي الضحى وإنما كانتا مجزئتين عن ذلك كله لأن في الصلاة استعمال الأعضاء كلها في الطاعة والعبادة فتكون كافية في شكر سلامي هذه الأعضاء وبقية كلام هذه الخصال المذكورة أكثرها استعمال لبعض أعضاء البدن خاصة فلا تكمل الصدقة بها حتى يأتي منها بعدد سلامي البدن وهي ثلاثمائة وستون كما في حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبويها وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتدرون أي الصدقة أفضل أو أخير قالوا الله ورسوله أعلم قال المنحة تمنح أخاك الدراهم أو ظهر دابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة "، والمراد بمنحة الدراهم قرضها ومنحة ظهر الدابة إفقارها وهو إعارتها لمن يركبها ومنحة لبن الشاة أو البقرة أن تمنحه بقرة أو شاة يشرب لبنها ثم يعيدها إليه وإذا أطلقت المنيحة لم تنصرف إلا إلى هذا وخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من منح لبن أو ورق أو أهدي زقاقا كان له مثل عتق رقبة، وقال الترمذي معنى قوله " من منح منحة لبن أو ورق " إنما يعني به قرض الدراهم وقوله " وأهدي زقاقا " إنما يعني به هداية الطريق وهو إرشاد السبيل، وخرجه البخاري من حديث حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي قال سمعت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعون خصلة أعلاها منحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها أو تصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة قال حسان بن عطية فعددنا ما دون منحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حق الإبل حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنحتها وحمل عليها في سبيل الله وخرج الإمام أحمد من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل معروف صدقة ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إنائه وخرج الحاكم وغيره بزيادات وهي ما أنفق المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقى به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة أنفقها المؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان وفي المسند عن أبي جري الجهني قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المعروف فقال: " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك بوجه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض ". ومن أنواع الصدقة كف الأذى عن الناس باليد واللسان كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قلت أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال فكف شرك عن الناس فإنها صدقة وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه قال: " قلت يا رسول الله دلني على عمل إذا عمل به العبد دخل به الجنة، قال: يؤمن بالله قال: قلت يا رسول الله إن مع الإيمان عملا، قا:ل يرضخ مما رزقه الله، قلت: فإن كان معدما لا شيء له، قال: يقول قولا معروفا بلسانه، قلت: فإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه، قال: فيعين مغلوبا قلت: فإن كان ضعيفا لا قدرة له قال: فليصنع لأخرق قلت: فإن كان أخرق فالتفت إلى فقال: ما تريد أن تدع في صاحبك شيئا من الخير فليدع الناس من أذاه قلت: يا رسول الله إن هذا كله ليسير قال: والذي نفسي بيده ما من عبد يعمل بخصلة منها يريد ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة "، فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلها إخلاص النية كما في حديث عبدالله بن عمرو الذي فيه ذكر الأربعين خصلة وهذا كما في قوله عز وجل ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) النساء، وقد روي عن الحسن و ابن سيرين أن فعل المعروف يؤجر عليه وإن لم يكن له فيه نية سئل الحسن عن الرجل يسأله آخر حاجة وهو يبغضه فيعطيه حياء هل له فيه أجر فقال إن ذلك لمن المعروف وإن في المعروف لأجرا خرجه حميد بن زنجويه وسئل ابن سيربن عن الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حسبة يتبعها حياء من أهلها أله في ذلك أجر فقال أجر واحد بل له أجران أجر الصلاة على أخيه وأجر لصلته الحي خرجه أبو نعيم في الحلية. ومن أنواع الصدقة أداء حقوق المسلم على المسلم بعضها مذكور في الأحاديث الماضية ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنازة وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وفي رواية لمسلم للمسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله قال إذا لقيته تسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فانبعثه وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع بعيادة المريض وأتباع الجنائز وتشميت العاطس وإبرار القسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام وفي رواية لمسلم وإرشاد الضال بدل إبرار القسم. ومن أنواع الصدقة المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم قال ابن عباس رضي الله عنهما من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ومنها إنظار المعسر وفي المسند وسنن ابن ماجه عن بريدة مرفوعا من أنظر معسرا فله كل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثله صدقة ومنها الإحسان إلى البهائم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن سقيها قال في كل كبد رطبة أجر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم " أن بغيا سقت كلبا يلهث من العطش فغفر لها ". وأما الصدقة القاصرة على نفس العامل فمثل أنواع الذكر من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك تلاوة القرآن والمشي إلى المساجد والجلوس فيها لانتظار الصلاة أو لاستماع الذكر ومن ذلك التواضع في اللباس والمشي والهدي والتبذل في المهنة واكتساب الحلال والتحري فيه ومنها أيضا محاسبة النفس على ما سلف من أعمالها والندم والتوبة من الذنوب السالفة والحزن عليها واحتقار النفس والازدراء بها ومقتها في الله عز و جل والبكاء من خشية الله تعالى والتفكر في ملكوت السموات والأرض وفي أمور الآخرة ومافيها من الوعد والوعيد ونحو ذلك مما يزيد الإيمان في القلب وينشأ عنه كثير من أعمال القلوب كالخشية والمحبة والرجاء والتوكل وغير ذلك وقد قيل إن هذا التفكر أفضل من نوافل الأعمال البدنية روي ذلك عن غير واحد من التابعين منهم سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبدالعزيز وفي كلام الإمام أحمد ما يدل عليه وقال كعب لأن أبكي من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا.
جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي منتدى ميراث الرسول صلى الله عليه وسلم