منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون Empty الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الإثنين مايو 22, 2017 9:20 am

    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون Game10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الحديث الشريف
    جامع العلوم والحكم
    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون
    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون 1410
    ● [ الحديث الحادي والأربعون ] ●

    عَنْ عبدِ الله بن عَمرو بنِ العاص رضي الله عنهما ، قال : قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يُؤمِنُ أَحدُكُم حتّى يكونَ هَواهُ تَبَعاً لِما جِئتُ بِهِ ).
    قال الشيخ رحمه الله : حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ ، رَويناهُ في كِتابِ " الحُجَّة " بإسنادٍ صحيح.
    يريد بصاحب كتاب " الحجة " الشيخ أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق، وكتابه هذا هو كتاب " الحجة على تارك المحجة " يتضمن ذكرَ أصولِ الدين على قواعدِ أهل الحديث والسُّنة .
    وقد خرَّج هذا الحديث الحافظ أبو نعيم في كتاب " الأربعين " وشرط في أوَّلها أنْ تكونَ من صحاح الأخبار وجياد الآثار مما أجمع الناقلون على عدالة ناقليه ، وخرَّجته الأئمة في مسانيدهم ، ثم خرَّجه عن الطبراني : حدثنا أبو زيد عبد الرحمان ابن حاتم المرادي ، حدثنا نُعيم بن حمادٍ ، حدثنا عبد الوهَّاب الثقفي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عُقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرٍو ، قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يُؤمِنُ أَحدكم حتّى يكونَ هواه تبعاً لما جئتُ به لا يزيغُ عنه ) . ورواه الحافظ أبو بكر بن عاصم الأصبهاني عن ابنِ واره ، عن نُعيم بن حماد ، حدثنا عبدُ الوهَّاب الثقفي حدثنا بعضُ مشيختنا هشامٌ أو غيره عن ابن سيرين ، فذكره . وليس عنده ( لا يزيغ عنه ) ، قال الحافظ أبو موسى المديني : هذا الحديث مُختلفٌ فيه على نعيم ، وقيل فيه : حدثنا بعضُ مشيختنا ، حدثنا هشام أو غيره.
    قلت : تصحيحُ هذا الحديث بعيدٌ جداً من وجوه ، منها : أنَّه حديثٌ يتفرد به نُعيمُ بنُ حماد المروزي ، ونُعيم هذا وإنْ كان وثَّقه جماعةٌ مِنَ الأئمة ، وخرَّج له البخاري ، فإنَّ أئمةَ الحديث كانوا يُحسنون به الظنَّ ، لِصلابته في السُّنة ، وتشدُّده في الرَّدِّ على أهل الأهواء ، وكانوا ينسبونه إلى أنَّه يَهِمُ ، ويُشبّه عليه في بعض الأحاديث ، فلمَّا كُثرَ عثورُهم على مناكيره ، حكموا عليه بالضَّعف ، فروى صالح ابن محمد الحافظ عن ابن معين أنَّه سئل عنه فقال : ليس بشيء ولكنَّه صاحب سنة ، قال صالح : وكان يُحدِّث من حفظه ، وعنده مناكير كثيرة لا يُتابع عليها . وقال أبو داود : عند نعيم نحوُ عشرين حديثاً عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليس لها أصل، وقال النَّسائي : ضعيف. وقال مَرَّةً : ليس بثقة . وقال مرة : قد كثر تفرُّدُه عن الأئمة المعروفين في أحاديث كثيرةٍ ، فصار في حدِّ مَنْ لا يُحتجُّ به . وقال أبو زرعة الدمشقي : يَصِلُ أحاديث يُوقِفُها الناسُ، يعني : أنَّه يرفع الموقوفات ، وقال أبو عروبة الحراني : هو مظلمُ الأمر ، وقال أبو سعيد بن يونس : روى أحاديث مناكير عن الثقات ، ونسبه آخرون إلى أنّه كان يضعُ الحديثَ ، وأين كان أصحاب عبد الوهَّاب الثقفي ، وأصحاب هشام بن حَسّان ، وأصحاب ابن سيرين عن هذا الحديث حتى يتفرَّد به نعيم ؟.
    ومنها : أنَّه قد اختلف على نُعيم في إسناده ، فروي عنه ، عن الثقفي ، عن هشام ، ورُوي عنه عن الثقفي ، حدَّثنا بعضُ مشيختنا هشام أو غيره ، وعلى هذه الرواية ، فيكون شيخ الثَّقفيِّ غيرَ معروف عينه ، ورُوي عنه عن الثقفي ، حدّثنا بعض مشيختنا ، حدَّثنا هشام أو غيره ، فعلى هذه الرواية ، فالثقفيُّ رواه عن شيخٍ مجهولٍ ، وشيخه رواه عن غير مُعَيَّن ، فتزدادُ الجهالةُ في إسناده.
    ومنها : أنَّ في إسناده عُقبةَ بن أوس السَّدوسي البصري ، ويقال فيه : يعقوب ابن أوس أيضاً، وقد خرَّج له أبو داود والنَّسائي وابن ماجه حديثاً عن عبد الله ابن عمرو ، ويقال : عبد الله بن عمر ، وقد اضطرب في إسناده ، وقد وثقه العجلي ، وابن سعد ، وابن حبان، وقال ابنُ خزيمة : روى عنه ابن سيرين مع جلالته ، وقال ابنُ عبد البرِّ : هو مجهول.
    وقال الغلابي في " تاريخه " : يزعمون أنَّه لم يسمع من عبد الله بن عمرو ، وإنَّما يقول : قال عبد الله بن عمرو ، فعلى هذا تكون رواياتُه عن عبد الله بن عمرو منقطعة ، والله أعلم.
    وأما معنى الحديث ، فهو أنَّ الإنسان لا يكون مؤمناً كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعةً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأوامر والنَّواهي وغيرها ، فيحبُّ ما أمر به ، ويكره ما نهى عنه .
    وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع . قال تعالى : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً }.
    وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }.
    وذمَّ سبحانه من كره ما أحبَّه الله ، أو أحبَّ ما كرهه الله ، قال : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }، وقال تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }.
    فالواجب على كلِّ مؤمن أنْ يُحِبَّ ما أحبَّه الله محبةً توجِبُ له الإتيان بما وجب عليه منه ، فإنْ زادت المحبَّةُ ، حتّى أتى بما ندب إليه منه ، كان ذلك فضلاً ، وأنْ يكره ما كرهه الله تعالى كراهةً توجِبُ له الكفَّ عمَّا حرَّم عليه منه ، فإنْ زادت الكراهةُ حتَّى أوجبت الكفَّ عما كرهه تنْزيهاً ، كان ذلك فضلاً . وقد ثبت في " الصحيحين " عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال : ( لا يؤمن أحدُكُم حتّى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه وولده وأهله والنّاس أجمعين ) فلا يكون المؤمن مؤمناً حتى يُقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق ، ومحبة الرسول تابعة لمحبة مرسله.
    والمحبة الصحيحةُ تقتضي المتابعةَ والموافقةَ في حبِّ المحبوبات وبغضِ المكروهات ، قال - عز وجل - : { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ }.
    وقال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } قال الحسن: قال أصحابُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، إنّا نُحبُّ ربنا حبّاً شديداً ، فأحبَّ الله أنْ يجعل لحبه علماً ، فأنزل الله هذه الآية.
    وفي " الصحيحين " عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجدَ حلاوةَ الإيمان : أنْ يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما ، وأنْ يُحبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا لله ، وأنْ يكره أنْ يَرجِعَ إلى الكُفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أنْ يُلقى في النار ).
    فمن أحبَّ الله ورسوله محبةً صادقة من قلبه ، أوجب له ذلك أنْ يُحبَّ بقلبه ما يُحبُّه الله ورسولُه ، ويكره ما يكرهه الله ورسوله ، ويرضى بما يرضى الله ورسوله ، ويَسخط ما يَسْخَطُهُ الله ورسوله ، وأنْ يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحبِّ والبغض ، فإنْ عمل بجوارحه شيئاً يُخالِفُ ذلك ، فإن ارتكبَ بعضَ ما يكرهه الله ورسولُه ، أو ترك بعضَ ما يُحبه الله ورسوله ، مع وجوبه والقدرة عليه ، دلَّ ذلك على نقص محبَّته الواجبة ، فعليه أنْ يتوبَ من ذلك ، ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة.
    قال أبو يعقوب النَّهْرُجُوريُّ : كلُّ مَنِ ادَّعى محبة الله - عز وجل - ، ولم يوافِقِ الله في أمره ، فدعواه باطلة ، وكلُّ محبٍّ ليس يخاف الله ، فهو مغرورٌ.
    وقال يحيى بنُ معاذ : ليس بصادقٍ من ادّعى محبَّة الله - عز وجل - ولم يحفظ حدودَه.
    وسئل رُويم عن المحبة ، فقال : الموافقة في جميع الأحوال ، وأنشد:
    ولو قُلتَ لي مُتْ مِتُّ سَمعاً وطاعةً ● وقُلتُ لداعِي الموتِ أهلاً ومرحبا
    ولبعض المتقدمين :
    تَعصِي الإله وأنت تَزعُمُ حُبَّه ● هذا لعمري في القِياس شَنيعُ
    لَو كان حُبُّك صادِقاً لأطعتَه ● إنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحبُّ مُطيعُ
    فجميعُ المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله ، وقد وصف اللهُ المشركين باتِّباع الهوى في مواضع من كتابه ، وقال تعالى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ }.
    وكذلك البدعُ ، إنَّما تنشأ من تقديم الهوى على الشَّرع ، ولهذا يُسمى أهلُها أهل الأهواء.
    وكذلك المعاصي ، إنَّما تقعُ من تقديم الهوى على محبة الله ومحبة ما يُحبه.
    وكذلك حبُّ الأشخاص : الواجب فيه أنْ يكون تَبعاً لما جاء به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - . فيجبُ على المؤمن محبةُ الله ومحبةُ من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموماً ، ولهذا كان مِنْ علامات وجود حلاوة الإيمان أنْ يُحِبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا لله ، ويُحرمُ موالاةُ أعداءِ الله . ومن يكرهه الله عموماً ، وقد سبق ذلك في موضع آخر ، وبهذا يكونُ الدِّينُ كلُّه لله . و ( من أحبَّ لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان )، ومن كان حُبُّه وبُغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه ، كان ذلك نقصاً في إيمانه الواجب ، فيجب عليه التَّوبةُ من ذلك ، والرُّجوع إلى اتِّباع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تقديم محبة الله ورسوله ، وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفوس ومراداتها كلها.
    قال وُهيب بنُ الورد: بلغنا - والله أعلم - أنَّ موسى - عليه السلام - ، قال : يا ربِّ أوصني ؟ قال : أوصيك بي ، قالها ثلاثاً حتى قال في الآخرة : أوصيك بي أن لا يعرض لك أمرٌ إلا آثرت فيه محبتي على ما سواها ، فمن لم يفعل ذلك لم أُزكِّه ولم أرحمه.
    والمعروف في استعمال الهوى عند الإطلاق : أنَّه الميلُ إلى خلاف الحقِّ ، كما في قوله - عز وجل - : { وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ }، وقال : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }.
    وقد يُطلق الهوى بمعنى المحبة والميل مطلقاً ، فيدخل فيه الميل إلى الحقِّ وغيره ، وربما استُعمِل بمعنى محبة الحقِّ خاصة والانقياد إليه ، وسئل صفوانُ بن عسّال : هل سمعتَ منَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يذكر الهوى ، فقال : سأله أعرابيٌّ عن الرجل يُحبُّ القومَ ولم يلحق بهم ، فقال : ( المرءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ). ولمَّا نزل قوله - عز وجل - : { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ }، قالت عائشة للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ما أرى ربَّك إلا يُسارعُ في هواك. وقال عمر في قصة المشاورة في أسارى بدر : فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ، ولم يهوَ ما قلتُ، وهذا الحديثُ مما جاء استعمال الهوى فيهِ بمعنى المحبة المحمودة ، وقد وقع مثلُ ذلك في الآثار الإسرائيلية كثيراً ، وكلامُ مشايخ القوم وإشاراتُهم نظماً ونثراً يكثُر في هذا الاستعمال ، ومما يُناسبُ معنى الحديثِ من ذلك قولُ بعضهم:
    إنَّ هواكَ الَّذي بقلبي ● صَيَّرني سامعاً مُطيعا
    أخذت قلبي وغَمضَ عيني ● سَلَبتني النَّومَ والهُجوعا
    فَذَرْ فؤادي وخُذ رُقادي ● فقال : لا بل هُما جميعا

    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون Fasel10
    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون Game10

    ● [ الحديث الثاني والأربعون ] ●

    عَنْ أَنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ : ( قالَ اللهُ تَعالى : يا ابنَ آدَمَ ، إنَّكَ ما دَعَوتَني ورَجَوتَني غَفَرتُ لك على ما كانَ مِنكَ ولا أُبالي ، يا ابن آدمُ لَوَ بَلَغَتْ ذُنُوبُك عَنانَ السَّماءِ ، ثمَّ استَغفَرتَني ، غَفَرْتُ لكَ ، يا ابنَ آدم إنَّك لو أَتَيتَني بِقُرابِ الأرضِ خَطايا ، ثمَّ لَقِيتَني لا تُشركُ بي شَيئاً ، لأتيتُكَ بِقُرابها مغفرةً ) . رواهُ التِّرمذيُّ وقالَ : حديثٌ حَسَن .
    هذا الحديثُ تفرَّد به الترمذيُّ خرّجه من طريق كثير بن فائد ، حدَّثنا سعيدُ ابن عبيد ، سمعتُ بكر بن عبد الله المزني يقولُ : حدثنا أنسٌ ، فذكره ، وقال : حسنٌ غريبٌ ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه . انتهى.
    وإسناده لا بأس به ، وسعيدُ بنُ عبيد هو الهُنائي ، قال أبو حاتم : شيخ . وذكره ابن حبان في " الثقات "، ومن زعم أنَّه غيرُ الهنائي ، فقد وهِمَ ، وقال الدارقطني : تفرَّد به كثيرُ بن فائد ، عن سعيد مرفوعاً ، ورواهُ سَلْم بنُ قتيبة ، عن سعيد بن عبيد ، فوقفه على أنس.
    قلت : قد روي عنه مرفوعاً وموقوفاً ، وتابعه على رفعه أيضاً أبو سعيد مولى بني هاشم ، فرواه عن سعيد بن عُبيد مرفوعاً أيضاً ، وقد روي أيضاً من حديث ثابت ، عن أنس مرفوعاً ، ولكن قال أبو حاتم : هو منكر.
    وقد رُوي أيضاً من حديث أبي ذَرٍّ خرَّجه الإمامُ أحمد من رواية شهر بنِ حوشب ، عن معد يكرب ، عن أبي ذرٍّ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرويه عن ربه - عز وجل - فذكره بمعناه ، ورواه بعضُهم عن شهر ، عن عبد الرحمان بن غَنْم، عن أبي ذرّ، وقيل : عن شهر ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يصحُّ هذا القول.
    ورُوي من حديث ابن عباس خرَّجه الطبراني من رواية قيس بن الربيع ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابنِ عباس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
    ورُوي بعضه من وجوهٍ أُخر ، فخرَّج مسلم في " صحيحه " من حديث المعرور بن سُويد ، عن أبي ذرٍّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( يقول الله تعالى : مَن تقرَّب منِّي شبراً تقرَّبت منه ذراعاً ، ومن تقرَّب منِّي ذراعاً تقرَّبت منه باعاً ، ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة ، ومن لقِيَني بقُرابِ الأرض خطيئةً لا يُشرِكُ بي شيئاً لقيتُه بقُرابها مغفرةً ).
    وخرَّج الإمام أحمد من رواية أخشن السَّدوسي ، قال : دخلتُ على أنس ، فقال : سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( والَّذي نفسي بيده ، لو أخطأتم حتّى تملأ خطاياكُم ما بَيْنَ السماءِ والأرض ، ثم استغفرتُمُ الله ، لغَفَرَ لكُم ).
    فقد تضمن حديث أنس المبدوء بذكره أنَّ هذه الأسباب الثلاثة يحصل بها المغفرة:
    أحدها : الدعاءُ مع الرجاء ، فإنَّ الدعاء مأمورٌ به ، وموعودٌ عليه بالإجابة ، كما قال تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }.
    وفي " السنن الأربعة " عن النعمان بن بشير ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الدُّعاء هو العبادة ) ثم تلا هذه الآية.
    وفي حديث آخر خرَّجه الطبراني مرفوعاً : ( مَنْ أُعطي الدُّعاء ، أُعطي الإجابة ؛ لأنَّ الله تعالى يقول : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ).
    وفي حديث آخر : ( ما كان الله لِيفتَحَ على عبدٍ بابَ الدُّعاء ، ويُغلقَ عنه بابَ الإجابة ).
    لكن الدعاء سببٌ مقتضٍ للإجابة معَ استكمال شرائطه ، وانتفاء موانعه ، وقد تتخلَّف إجابته ، لانتفاءِ بعض شروطه ، أو وجود بعض موانعه ، وقد سبق ذكرُ بعض شرائطه وموانعه وآدابه في شرح الحديث العاشر.
    ومن أعظم شرائطه : حضور القلب ، ورجاءُ الإجابة من الله تعالى ، كما خرَّجه الترمذي من حديث أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنَّ الله لا يَقبلُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ ).
    وفي " المسند " عن عبد الله بن عمرو ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ هذه القلوب أوعيةٌ ، فبعضُها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله ، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنَّ الله لا يستجيبُ لعبدٍ دعاءً من ظهرِ قلبٍ غافلٍ ).
    ولهذا نهي العبد أنْ يقول في دعائه : اللهمَّ اغفر لي إنْ شئت ، ولكنْ لِيَعزِم المسأَلَة ، فإنَّ الله لا مُكرهَ له.
    ونُهي أنْ يستعجل ، ويتركَ الدعاء لاستبطاء الإجابة، وجعل ذلك من موانع الإجابة حتّى لا يقطع العبدُ رجاءه من إجابة دُعائه ولو طالت المدة ، فإنَّه سبحانه يُحبُّ المُلحِّين في الدعاء . ونص الحديث عن عائشة مرفوعاً: ( إن الله - تبارك وتعالى - يحب الملحين في الدعاء ) ، " وهو حديث باطل لا يصح ".
    وجاء في الآثار : إنَّ العبد إذا دعا ربَّه وهو يحبُّه ، قال : يا جبريلُ ، لا تَعْجَلْ بقضاءِ حاجة عبدي ، فإنِّي أُحبُّ أن أسمعَ صوتَه، وقال تعالى : { وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } فما دام العبدُ يُلحُّ في الدُّعاء ، ويَطمعُ في الإجابة من غير قطع الرّجاء ، فهو قريبٌ من الإجابة ، ومَنْ أَدمن قرعَ الباب ، يُوشك أنْ يُفتح له ، وفي " صحيح الحاكم " عن أنسٍ مرفوعاً : ( لا تَعجزوا عن الدُّعاء ، فإنَّه لن يَهلِكَ مع الدُّعاء أَحدٌ ).
    ومن أهمِّ ما يسألُ العبد ربَّه مغفرةُ ذنوبه ، أو ما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ، ودخول الجنة ، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ( حولَها نُدنْدِن ) يعني : حول سؤال الجنة والنجاة من النار. وقال أبو مسلم الخَولاني : ما عَرَضت لي دعوةٌ فذكرتُ النار إلا صرفتُها إلى الاستعاذة منها.
    ومن رحمة الله تعالى بعبده أنَّ العبدَ يدعوه بحاجةٍ من الدنيا ، فيصرفها عنه ، ويعوِّضه خيراً منها ، إما أنْ يَصرِفَ عنه بذلك سوءاً ، أو أنْ يدَّخِرَها له في الآخرة ، أو يَغفِر له بها ذنباً ، كما في " المسند " و" الترمذى " من حديث جابر ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما مِنْ أَحَدٍ يَدعُو بدُعاءٍ إلا آتاه الله ما سألَ أو كَفَّ عنه من السُّوء مثلَه ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ).
    وفي " المسند " و" صحيح الحاكم " عن أبي سعيدٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما مِنْ مُسلمٍ يَدعو بدعوةٍ ليس له فيها إثمٌ أو قطيعةُ رحمٍ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ : إما أنْ يُعجِّلَ له دعوته ، وإما أنْ يدَّخرها له في الآخرة ، وإما أنْ يكشِفَ عنه من السُّوءِ مثلها ) ، قالوا : إذاً نُكثر ؟ قال : ( الله أكثرُ ).
    وخرَّجه الطبراني، وعنده ( أو يغفِرَ له بها ذنباً قد سَلَف ) بدل قوله : ( أو يكشف عنه من السوء مثلها ) .
    وخرَّج الترمذي من حديث عبادة مرفوعاً نحوَ حديث أبي سعيد أيضاً.
    وبكلِّ حالٍ ، فالإلحاحُ بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى موجبٌ للمغفرة ، والله تعالى يقول : ( أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، فليظنَّ بي ما شاء ) وفي رواية : ( فلا تظنُّوا بالله إلا خيراً ).
    ويُروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعاً : ( يأتي الله تعالى بالمؤمن يومَ القيامة ، فيُقرِّبُه حتى يجعلَه في حجابه من جميع الخلق ، فيقول له : اقرأ صحيفتك ، فيُعرِّفُه ذنباً ذنباً : أتعرفُ أتعرفُ ؟ فيقول : نعمْ نعمْ ، ثم يلتفتُ العبدُ يمنة ويسرة ، فيقول الله تعالى : لا بأسَ عليك ، يا عبدي أنت في ستري من جميع خلقي ، ليس بيني وبينك اليومَ أحدٌ يطَّلعُ على ذنوبك غيري ، اذهب فقد غفرتُها لك بحرفٍ واحدٍ من جميع ما أتيتني به ، قال : ما هو يا ربِّ ؟ قال : كنت لا ترجو العفو من أحدٍ غيري ).
    فمن أعظم أسباب المغفرة أنَّ العبد إذا أذنب ذنباً لم يرج مغفرته من غير ربِّه ، ويعلم أنه لا يغفر الذنوبَ ويأخذ بها غيرُه ، وقد سبق ذكرُ ذلك في شرح حديث أبي ذرٍّ : ( يا عبادي إنِّي حرَّمت الظُّلم على نفسي ) الحديث.
    وقوله : ( إنَّك ما دعوتني ورجوتني ، غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي ) يعني : على كثرة ذنوبك وخطاياك ، ولا يتعاظمني ذلك ، ولا أستكثره ، وفي " الصحيح " عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إذا دعا أَحدُكم فليُعظِم الرَّغبَةَ ، فإنَّ الله لا يَتعاظَمهُ شيءٌ ).
    فذنوب العباد وإنْ عظُمَت فإنَّ عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم ، فهي صغيرةٌ في جنب عفوِ الله ومغفرته .
    وفي " صحيح الحاكم " عن جابر أنَّ رجلاً جاء إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : واذنوباه واذنوباه مرَّتين أو ثلاثاً ، فقال له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ( قل : اللهمَّ مغفرتُك أوسَعُ من ذنوبي ، ورحمتُك أرجى عندي من عملي ) ، فقالها ، ثم قال له : ( عُدْ ) ، فعاد ، ثم قال له : ( عُدْ ) ، فعاد ، فقال له : ( قُمْ ، فقد غفر الله لك ) . وفي هذا يقول بعضهم:
    يا كَبير الذَّنب عفوُ الـ ● ـلَّه مِن ذنبك أكبرُ
    أعظَمُ الأشياء في ● جَنب عفوِ الله يَصغُرُ
    وقال آخر :
    يا ربِّ إن عَظُمَت ذُنوني كَثرةً ● فلقَد علِمتُ بأنَّ عَفوكَ أعظَمُ
    إن كان لا يرجوك إلا مُحسنٌ ● فمَن الذي يَرجو ويدعُو المُجرمُ
    مالي إليك وسيلةٌ إلاَّ الرجا ● وجَميلُ عفوك ثم إنِّي مُسلِمُ
    وقال آخر :
    ولما قسى قلبي وضاقتْ مذاهبي ● جعلتُ رجائي نحو عفوك سُلماً
    تعاظمني ذنبي فلما قرنتُهُ ● بعفوكَ ربي كانَ عفوك أعضما
    السبب الثاني للمغفرة : الاستغفار ، ولو عظُمت الذُّنوب ، وبلغت الكثرة عَنان السماء ، وهو السَّحاب . وقيل : ما انتهى إليه البصر منها ، وفي الرواية الأخرى : ( لو أخطأتُم حتَّى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ، ثم استغفرتم الله لَغفر لكم )، والاستغفارُ : طلبُ المغفرة ، والمغفرة : هي وقاية شرِّ الذنوب مع سترها.
    وقد كثر في القرآن ذكرُ الاستغفار ، فتارةً يؤمر به ، كقوله تعالى : { وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، وقوله : { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ }.
    وتارةً يمدحُ أهلَه ، كقوله : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ }، وقوله : { وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }، وقوله : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ }.
    وتارةً يذكر أن الله يغفر لمن استغفره ، كقوله تعالى : { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً }.
    وكثيراً ما يُقرن الاستغفارُ بذكر التوبة ، فيكون الاستغفارُ حينئذٍ عبارةً عن طلب المغفرة باللسان ، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح.
    وتارة يفرد الاستغفار ، ويُرتب عليه المغفرة ، كما ذكر في هذا الحديث وما أشبهه ، فقد قيل : إنَّه أريد به الاستغفارُ المقترن بالتوبة ، وقيل : إنَّ نصوص الاستغفار المفردة كلّها مطلقة تُقيَّدُ بما ذكر في آية ( آل عمران ) من عدم الإصرار ؛ فإنَّ الله وعد فيها المغفرة لمن استغفره من ذنوبه ولم يُصر على فعله ، فتُحْمَلُ النُّصوص المطلقة في الاستغفار كلّها على هذا المقيد ، ومجرَّدُ قولِ القائل : اللهمَّ اغفر لي ، طلبٌ منه للمغفرة ودعاءٌ بها ، فيكون حكمه حكمَ سائرِ الدعاء ، فإنْ شاء الله أجابه وغفر لصاحبه ، لاسيما إذا خرج عن قلبٍ منكسرٍ بالذنب أو صادف ساعةً من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات.
    ويُروى عن لُقمان - عليه السلام - أنَّه قال لابنه : يا بنيَّ عَوِّدْ لسانك : اللهمَّ اغفر لي ، فإنَّ لله ساعاتٍ لا يرُدُّ فيها سائلاً.
    وقال الحسن : أكثِروا من الاستغفار في بيوتكم ، وعلى موائدكم ، وفي طُرقكم ، وفي أسواقكم ، وفي مجالسكم أينما كُنتم ، فإنَّكم ما تدرون متى تنْزل المغفرة.
    وخرَّج ابنُ أبي الدنيا في كتاب " حسن الظن " من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( بينما رجلٌ مستلقٍ إذ نظر إلى السَّماء وإلى النجوم ، فقال : إني لأعلم أنَّ لك رباً خالقاً ، اللهمَّ اغفر لي ، فغفر له ).
    وعن مورِّق قال : كان رجل يعملُ السَّيئات ، فخرج إلى البرية ، فجمع تراباً ، فاضطجع عليه مستلقياً ، فقال : ربِّ اغفر لي ذنوبي ، فقال : إنَّ هذا ليعرِفُ أنَّ له رباً يغفِرُ ويُعذِّب ، فغفر له.
    وعن مُغيث بن سُميٍّ ، قال : بينما رجلٌ خبيثٌ ، فتذكر يوماً ، فقال : اللهمَّ غُفرانَك ، اللهمَّ غُفرانك ، اللهمَّ غُفرانك ، ثم مات فغُفِر له.
    ويشهد لهذا ما في " الصحيحين " عن أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ عبداً أذنب ذنباً ، فقال : ربِّ أذنبتُ ذنباً فاغفر لي ، قال الله تعالى : عَلِمَ عبدي أنَّ له رباً يغفر الذنب ، ويأخذُ به ، غفرتُ لعبدي ، ثمَّ مكث ما شاء الله ، ثم أذنب ذنباً آخر ، فذكر مثل الأوَّل مرتين أخريين ) وفي رواية لمسلم: أنَّه قال في الثالثة : ( قد غفرتُ لعبدي ، فليعمل ما شاء ) . والمعنى : ما دام على هذا الحال كلَّما أذنب استغفر . والظاهر أنَّ مرادهُ الاستغفارُ المقرون بعدم الإصرار ، ولهذا في حديث أبي بكر الصديق ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( ما أصرَّ من استغفر وإنْ عاد في اليوم سبعين مرةً ) خرَّجه أبو داود والترمذي.
    وأمّا استغفارُ اللسان مع إصرار القلب على الذنب ، فهو دُعاء مجرَّد إنْ شاء الله أجابه ، وإنْ شاء ردَّه.
    وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة ، وفي " المسند " من حديث عبد الله ابن عمرو مرفوعاً : ( ويلٌ للذينَ يُصرُّون على ما فعلوا وهُم يَعلَمون ).
    وخرَّج ابنُ أبي الدنيا من حديث ابن عباس مرفوعاً : ( التائبُ مِنَ الذَّنب كمن لا ذنب له ، والمستغفر من ذنب وهو مقيمٌ عليه كالمستهزيء بربِّه ) ورفعُه منكرٌ ، ولعلَّه موقوف.
    قال الضحاك : ثلاثةٌ لا يُستجابُ لهم ، فذكر منهم : رجل مقيم على امرأة زنى كلما قضى شهوته ، قال : ربِّ اغفر لي ما أصبتُ من فلانة ، فيقول الربُّ : تحوَّل عنها ، وأغفر لك ، فأما ما دمت مقيماً عليها ، فإنِّي لا أغفر لك ، ورجلٌ عنده مالُ قوم يرى أهله ، فيقول : ربِّ اغفر لي ما آكل من مال فلان ، فيقول تعالى : ردَّ إليهم مالهم ، وأغفر لك ، وأما ما لم تردَّ إليهم ، فلا أغفر لك.
    وقول القائل : أستغفر الله ، معناه : أطلبُ مغفرته ، فهو كقوله : اللهمَّ اغفر لي ، فالاستغفارُ التامُّ الموجبُ للمغفرة : هو ما قارن عدمَ الإصرار ، كما مدح الله أهله ، ووعدهم المغفرة ، قال بعض العارفين : من لم يكن ثمرةُ استغفاره تصحيح توبته ، فهو كاذب في استغفاره ، وكان بعضُهم يقول : استغفارُنا هذا يحتاج إلى استغفارٍ كثير ، وفي ذلك يقولُ بعضهم:
    أستغْفِرُ الله مِنْ أستغفرُ الله ● من لَفظةٍ بَدَرَتْ خالفْتُ معناها
    وكيفَ أرجو إجاباتِ الدُّعاء وقد ● سَدَدْتُ بالذَّنب عندَ الله مَجراها
    فأفضل الاستغفار ما اقترن به تركُ الإصرار ، وهو حينئذ توبةٌ نصوح ، وإنْ قال بلسانه : أستغفر الله وهو غيرُ مقلع بقلبه ، فهو داعٍ لله بالمغفرة ، كما يقول : اللهمَّ اغفر لي ، وهو حسن وقد يُرجى له الإجابة ، وأما من قال: توبةُ الكذابين ، فمرادُه أنَّه ليس بتوبة ، كما يعتقده بعضُ الناس ، وهذا حقٌّ ، فإنَّ التَّوبةَ لا تكون مَعَ الإصرار .
    وإن قال : أستغفر الله وأتوبُ إليه فله حالتان:
    إحداهما : أن يكونَ مصرّاً بقلبه على المعصية ، فهذا كاذب في قوله : ( وأتوب إليه ) لأنَّه غيرُ تائبٍ ، فلا يجوزُ له أن يخبر عن نفسه بأنَّه تائبٌ وهو غير تائب.
    والثانية : أنْ يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه ، فاختلف الناس في جوازِ قوله : وأتوب إليه ، فكرهه طائفةٌ من السَّلف ، وهو قولُ أصحاب أبي حنيفة حكاه عنهم الطحاوي ، وقال الربيع بن خثيم : يكونُ قولُه : ( وأتوب إليه ) كذبةً وذنباً ، ولكن ليقل : اللهمَّ تُبْ عليَّ ، أو يقول : اللهمَّ إنِّي أستغفرك فتُب عليَّ ، وهذا قد يُحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحاله أشبه . وكان محمد بن سوقة يقول في استغفاره : استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأسأله توبة نصوحاً.
    ورُوي عن حذيفة أنَّه قال : بحسب المرءِ من الكذب أنْ يقول : أستغفر الله ، ثم يعود . وسمع مطرِّفٌ رجلاً يقول : أستغفر الله وأتوب إليه ، فتغيظ عليه ، وقال : لعلك لا تفعل.
    وهذا ظاهره يدلُّ على أنَّه إنَّما كره أنْ يقول : وأتوب إليه ؛ لأنَّ التوبة النصوحَ أنْ لا يعودَ إلى الذنب أبداً ، فمتى عاد إليه ، كان كاذباً في قوله : ( أتوب إليه ).
    وكذلك سُئِل محمدُ بن كعب القُرظِيُّ عمَّن عاهد الله أنْ لا يعود إلى معصية أبداً ، فقال : من أعظم منه إثماً يتألَّي على الله أنْ لا ينفذ فيه قضاؤه ، ورجَّح قوله في هذا أبو الفرج ابنُ الجوزي ، ورُوي عن سُفيان بن عُيينة نحو ذلك.
    وجمهورُ العلماء على جواز أنْ يقول التائب : أتوبُ إلى الله ، وأنْ يُعاهِدَ العبدُ ربَّه على أنْ لا يعود إلى المعصية ، فإنَّ العزم على ذلك واجبٌ عليه ، فهو مخبر بما عزم عليه في الحال ، لهذا قال : ( ما أصرَّ من استغفر ، ولو عاد في اليوم سبعين مرة ). وقال في المعاود للذنب : ( قد غفرتُ لعبدي ، فليعمل ما شاء ). وفي حديث كفارة المجلس : ( أستغفرك اللهمَّ وأتوب إليك )، وقطع النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سارقاً ، ثم قال له : ( استغفر الله وتُب إليه ) ، فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : ( اللهمَّ تُب عليه ) خرَّجه أبو داود.
    واستحبَّ جماعة من السَّلف الزيادة على قوله : ( أستغفر الله وأتوب إليه ) فرُوي عن عمر أنَّه سمع رجلاً يقول : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال له : يا حُميق ، قل : توبة من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً.
    وسئل الأوزاعيُّ عن الاستغفار : أيقول : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوبُ إليه ، فقال : إنَّ هذا لحسن ، ولكن يقول : ربِّ اغفر لي حتى يتمَّ الاستغفار.
    وأفضل أنواع الاستغفار : أنْ يبدأ العبدُ بالثَّناء على ربِّه ، ثم يثني بالاعتراف بذنبه ، ثم يسأل الله المغفرة كما في حديث شدَّاد بن أوس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( سيِّدُ الاستغفار أنْ يقول العبدُ : اللهمَّ أنت ربِّي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ، أبوءُ لك بنعمتك عليَّ ، وأبوءُ بذنبي ، فاغفر لي ، فإنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلاَّ أنتَ ) خرَّجه البخاري.
    وفي " الصحيحين " عن عبد الله بن عمرو أنَّ أبا بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - قال : يا رسولَ الله ، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ، قال : ( قل : اللهمَّ إنِّي ظلمتُ نفسي ظُلماً كثيراً ، ولا يغفرُ الذُّنوب إلاَّ أنتَ ، فاغفر لي مغفرةً من عندك ، وارحمني إنَّك أنت الغفورُ الرحيم ).
    ومن أنواع الاستغفار أنْ يقولَ العبدُ : ( أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيُّوم وأتوب إليه ) . وقد رُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من قاله ، غُفِر له وإنْ كان فرَّ من الزَّحف ؛ خرجه أبو داود والترمذي.
    وفي كتاب " اليوم والليلة " للنسائي ، عن خَبَّاب بن الأرتِّ ، قال : قلت يا رسول الله ، كيف نستغفر ؟ قال : ( قل : اللهمَّ اغفر لنا وارحمنا وتُبْ علينا ، إنك أنت التَّوابُ الرحيم ) ، وفيه عن أبي هريرة ، قال : ما رأيت أحداً أكثر أنْ يقولَ : أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    وفي " السنن الأربعة " عن ابن عمر ، قال : إنْ كنَّا لنَعُدُّ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد مئة مرَّة يقول : ( ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ ، إنَّك أنتَ التوَّابُ الغفور ).
    وفي " صحيح البخاري " عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( واللهِ إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ).
    وفي " صحيح مسلم " عن الأغرِّ المزني ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّه لَيُغانُ على قلبي ، وإنِّي لأستغفرُ الله في اليوم مئة مرة ).
    وفي " المسند " عن حُذيفة قال : قلتُ : يا رسول الله إنِّي ذَرِبُ اللسان وإنَّ عامة ذلك على أهلي ، فقال : ( أين أنتَ مِن الاستغفار ؛ إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مئة مرة ).
    وفي " سنن أبي داود " عن ابن عباس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من أكثرَ من الاستغفارِ جعل الله له من كلِّ همٍّ فرجاً ، ومن كلِّ ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسبُ ).
    قال أبو هريرة : إنِّي لأستغفرُ الله وأتوب إليه كلَّ يوم ألف مرَّة ، وذلك على قدر ديتي.
    وقالت عائشة : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.
    قال أبو المِنهال : ما جاور عبدٌ في قبره من جارٍ أحبَّ إليه من استغفار كثير.
    وبالجملة فدواءُ الذنوب الاستغفارُ ، وروينا من حديث أبي ذرٍّ مرفوعاً : ( إنَّ لكلِّ داء دواءً ، وإنَّ دواء الذنوب الاستغفار ).
    قال قتادة : إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم ، فأما داؤكم : فالذُّنوب ، وأما دواؤكم : فالاستغفار. قال بعضهم : إنَّما مُعوَّلُ المذنبين البكاء والاستغفار ، فمن أهمته ذنوبه ، أكثر لها من الاستغفار.
    قال رياح القيسي : لي نيِّفٌ وأربعون ذنباً ، قد استغفرتُ الله لكلِّ ذنب مئة ألف مرّة.
    وحاسب بعضهم نفسه من وقت بلوغه ، فإذا زلاتُه لا تُجاوز ستاً وثلاثين زلةً ، فاستغفر الله لكل زلةٍ مئة ألف مرّة ، وصلَّى لكلِّ زلَّة ألف ركعة ، ختم في كلِّ ركعة منها ختمة ، قال : ومع ذلك ، فإنّي غير آمن سطوة ربي أنْ يأخذني بها ، وأنا على خطرٍ من قَبولِ التوبة.
    ومن زاد اهتمامُه بذنوبه ، فربما تعلَّق بأذيالِ من قَلَّت ذنوبُه ، فالتمس منه الاستغفار . وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار ، ويقول : إنَّكم لم تُذنبوا ، وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكُتّاب : قولوا اللهمَّ اغفر لأبي هُريرة ، فيؤمن على دعائهم.
    قال بكرٌ المزني : لو كان رجلٌ يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول : استغفروا لي ، لكان نوله أنْ يفعل.
    ومن كَثُرت ذنوبه وسيئاته حتى فاتت العدَّ والإحصاء، فليستغفر الله مما علم الله ، فإنَّ الله قد علم كل شيءٍ وأحصاه ، كما قال تعالى : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ }، وفي حديث شداد بن أوسٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( أسأَلُكَ من خيرِ ما تَعلَمُ . وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّ ما تعلمُ ، وأستغفركُ لما تعلم ، إنَّك أنت علاّمُ الغيوب ). وفي هذا يقول بعضهم:
    أستغفِرُ الله ممّا يَعلمُ الله ● إنَّ الشَّقيَّ لَمَن لا يَرحَمُ الله
    ما أحلمَ الله عمن لا يُراقبُه ● كُلٌّ مُسيءٌ ولكن يَحلمُ الله
    فاسْتَغفِرُ الله مما كان من زَللٍ ● طُوبى لمن كَفَّ عما يَكرهُ الله
    طُوبى لمَن حَسُنَت فيه سَريرتُه ● طُوبى لمَن يَنتهي عمَّا نهى الله
    السبب الثالث من أسباب المغفرة : التوحيدُ ، وهو السببُ الأعظم ، فمن فقده ، فَقَدَ المغفرة ، ومن جاء به ، فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة ، قال تعالى : { إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } فمن جاء مع التوحيد بقُراب الأرض - وهو ملؤها أو ما يُقارب ملأها - خطايا ، لقيه الله بقُرابها مغفرة ، لكنَّ هذا مع مشيئة الله - عز وجل - ، فإنْ شاء غَفَرَ له ، وإنْ شاء أخذه بذنوبه ، ثم كان عاقبته أنْ لا يُخلَّد في النار ، بل يخرج منها ، ثم يدخل الجنَّة.
    قال بعضُهم : الموحِّد لا يُلقى في النار كما يُلقى الكفار ، ولا يَلقى فيها ما يَلقى الكفار ، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار ، فإنْ كمُلَ توحيدُ العبد وإخلاصُه لله فيه ، وقام بشروطه كلِّها بقلبه ولسانه وجوارحه ، أو بقلبه ولسانه عندَ الموت ، أوجبَ ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلِّها ، ومنعه من دخول النَّار بالكلية.
    فمن تحقَّق بكلمة التوحيد قَلبُه ، أخرجت منه كلَّ ما سوى الله محبةً وتعظيماً وإجلالاً ومهابةً ، وخشيةً ، ورجاءً وتوكُّلاً ، وحينئذ تُحْرَقُ ذنوبه وخطاياه كلُّها ولو كانت مِثلَ زبد البحر ، وربما قلبتها حسناتٍ ، كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات ، فإنَّ هذا التوحيدَ هو الإكسيرُ الأعظمُ ، فلو وضع ذرَّة منها على جبالِ الذنوب والخطايا ، لقلبها حسناتٍ كما في " المسند " وغيره ، عن أم هانئ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لا إله إلا الله لا تترُك ذنباً ، ولا يسبِقها عمل ).
    وفي " المسند " عن شدَّاد بن أوس ، وعبادة بن الصامت : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : ( ارفعُوا أيدِيَكم ، وقولوا : لا إله إلا الله ) ، فرفعنا أيدينا ساعة ، ثم وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ، ثم قال : ( الحمدُ لله ، اللهمَّ بعثتني بهذه الكلمة ، وأمرتني بها ، ووعدتني الجنَّة عليها ، وإنَّك لا تُخلِفُ الميعاد ) ، ثم قال : ( أبشروا ، فإنَّ الله قد غفر لكم ).
    قال الشِّبلي : من ركن إلى الدنيا أحرقته بنارها ، فصار رماداً تذروه الرياحُ ، ومن ركن إلى الآخرة أحرقته بنورها ، فصار ذهباً أحمر يُنتفع به ، ومن ركن إلى الله ، أحرقه نورُ التوحيد ، فصار جوهراً لا قيمة له .
    إذا علِقت نارُ المحبة بالقلب أحرقت منه كلَّ ما سوى الربِّ - عز وجل - ، فطهُرَ القلبُ حينئذ من الأغيار ، وصلح عرشاً للتوحيد : ( ما وسعني سمائي ولا أرضي ، ولكن وسعني قلبُ عبدي المؤمن ).
    غصَّنِي الشوقُ إليهم بريقي ● فَوَا حَريقي في الهوى وا حريقي
    قَد رماني الحُبُّ في لُجِّ بَحرٍ ● فخُذوا باللهِ كفَّ الغريق
    حلَّ عندي حُبُّكم في شِغافي ● حلَّ مِنِّي كُلَّ عَقدٍ وَثِيقِ
    فهذا آخر ما ذكره الشيخ رحمه الله من الأحاديث في هذا الكتاب ، ونحن بعون الله ومشيئته نذكر تتمة الخمسين حديثاً من الأحاديث الجامعة لأنواع العلومِ والحكم والآداب الموعود بها في أوّل الكتاب ، والله الموفق للصواب.

    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون Fasel10

    جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي
    منتدى ميراث الرسول
    صلى الله عليه وسلم
    الحديث الحادي والأربعون والحديث الثاني والأربعون E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 1:15 pm