من طرف اسرة التحرير الأحد أبريل 13, 2014 2:39 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
المقامات للزمخشري
من مقامة الدعاء إلى مقامة الفرقان
● [ مقامة الدعاء ] ●
يا أبا القاسم حَسُبك ما أسلفتَ من الصَّبَواتِ فأمسِك. واحرِصِ أن يكونَ يَومُكَ وغَدُكَ خيراً مِن أمسِك. جنِاياتُك على نفسِكَ تَترى. والأمورُ الألهيّةُ كما تسمعُ وترَى. عزْمٌ لا لينَ ولا هَوادة. وجَدٌ لا هزْلَ ولا مَكادَه. وبطشَهُ جبّارٍ لا تُطاق وسطوَةُ مُقتدرٍ يضيقُ عنها النِّطاق. فما هذهِ الجسارَةُ ولا جِسرَ إلى النّجاةِ إلا أن تجني. ومَن غَرَسَ القتادَ لم يجنِ منهُ الثمَرَ ولن يجني. هاتِ سُلطانكَ فيما ارتكبت. وهلُمَّ بُرهانَكَ فيما احتقبتْ هيهاتَ لا سُلطان. إلا أنك أطعتَ الشَيطان وكَلاَّ ولا بُرهان إلاَّ أنّك أخذتَ العاجِلَ بما عَزَّ وهان. ولا معذرَةَ إلاَّ أنَكَ ذُقتَ طعمَ الإترافِ فاستطبْتَه. ودعاكَ داعي الإسرافِ فاستجبتَه هذه براهينُ السامدينَ اللاَّهين. واللّهُ الصَّمَدُ لا يقبَلُ هذهِ البراهين وهذهِ عِللُ المبطلينَ معاذِرُهم. وبمثلها لا تؤمَنُ أفزاعُهم ومحاذِرُهم. اعطفْ على سيِّئات قدَّمْتَها فندَّمَكَ تقديمُها بحسناتٍ تُدمنُ إقامتَها وتُديمُها. إنَّ الحسنَةَ لتَسحَقُ السَّيئَةَ عن صاحبِها وتَسحُوها. وتمحَقُ آثارَها وتمحوها. كما تَسحو المِبراةُ الرَّصيفةُ الحِبرَ عنِ الطَّرْس. وكما يمحو الماءُ الطُهورُ أثَرَ الرَّجْس وابسُطْ يديكَ إلى ذي المنةِ والطّوْل. وابرَأ إليهِ منَ القوَّةِ والحوْل. وقُل وجناحُكَ منَ الخُشوعِ خفيض. ودمعُكَ على الخدَّيْنِ يفيض. وحلقُكَ بالبُكاءِ شرِق. وجبينُكَ مِنَ الحياءِ عرِق. وصوتُكَ لا يكادُ يسمعُ وَجلا. ولِسانُكَ لا يكادُ ينطِق خجلاً. يا ربِّ قد فضحْتُ نفسي بينَك وبيني. وقدِ اطَلعتُ على عيبي وشَيني. ولم يخفَ عليكَ دِخلَتي وسِري الخبيث. وعرَفتَ قِصَّتي وحديثي وبِئسَ القصَّةِ والحديث. وكفَتْني فضيحةً ألُفُّ لها رأسي مِنَ التشوُّر. وألفِّعُ وجهي منَ التخَفُّر على أنكَ دونَ قناعَ كلِّ متقنِّعْ ووراءَ لثامِ كلِّ متلفِّعْ. فلا تفضحْني بينَ خلقِكَ يومَ تُبلى السرائِر، ويُنعى على المجرمينَ بالجرائمِ والجرائر. فاعطِف بكرمِكَ على عبدِك فلا خيرَ عندَهُ إلاَّ مِن عندِك فالمَوْلى الكريمُ يصفَحُ عن جُرْمِ العبدِ وذنبهِ. إن عرَفَ منهُ النَّدَمَ على ما فرَّط في جنبهِ.
● [ مقامة التصدق ] ●
يا أبا القاسم ضُروبُ السخاءِ جمةٌ دَثْرَة. ولا تكادُ تحصيها كثرَة، وليسَ السخاءُ كلُّ السخاءِ أن يُتلقى الضيف بكوْسِ العقيرِ وكاسِ العُقار. وأن تُوقَرَ ركائبهُ يومَ ظعنهِ بالأوقار. وأن يُقرى الطَّارِق في الجَفنةِ الغّرَّاءْ وتُسبقُ البَدرَة بين جماعةٍ منَ الشعراء ويُجاز زِيادٌ بالبريّاتِ منَ الصَّدَفِ النعمانية أو يحشى فمُ فُلانٍ ببناتِ الصَّدَفِ العُمانيّة. وأن يُفعلَ ما يُحكى عن أبناءِ بَرْمَكَ وابنِ الفُرات. وما طمَّ مِن رِفدِهِم على الرَّافدين دَجلةَ والفُرات.إنَّ مَن أنزلتَ بهِ أملَكْ. فتسخى عليكَ بما ملك. فما تَرَكَ كرَماً إلاَّ أدركَه. ولا أدرَكَ لؤماً إلاَّ تركَه. وإن أخفى عورتَكَ بخُريقةٍ تكتَسيها. أو أطفأ سورَتكَ بمُريقةٍ تحتسيها. فإن ضاقتْ عن ذلكَ طاقتُه وفاقتِ المفاقِرَ كلها فاقَتهُ فتلقّاكَ ببشرٍ يؤنِسُ وخُلُقٍ يونِقُ وتحيّةٍ تعْلو وكلمة تحْلو فللهِ دَرُّهُ مِن قِرى غيرِ عاتم ويالَهُ مِن جودٍ يُمثّلُ بجودِ حاتم. فلا تدَعْ أجدَبَ ما تغدُو رَحلا. وأصعبَ ما تَرَوحُ مَحْلا. وأضيقَ ما يكونُ يَدا. وأقَلَّ ما تصير جَدا. أن تجعلَ الصَّدقَة على بالكْ. وللنّحْلةِ حظّاً مِن مالِك. إنَّ اللّهَ قدْ أملكَكَ عققيلَةَ ما يُملَك. فَسُق إليهِ الصَّدُقة والصَّدقَةَ لا أبَ لك. هيَ الصَّدَقةُ تُصيبُ بها عبادهُ الّذينَ إنما استقرَضَكَ من أجلهِم ونبهكَ بذلكَ على نباهةِ فضلهِم. وتعمدَ بها المتعفِّفين. ولا ترزأ نصيبَ المتكففين. لا تمنع خيرَكَ لأنّهُ نَذرْ ولا دَرَّكَ لأنّهُ مَزْر فرُبما تناولتَ المُعْترَّ بالحفنة وأنتَ أفضلُ مِن القاري في الجْفنة ورُبّما رضَختَ اليتيمَ بالقيراطِ وأطعمتَهُ الفِدرَه وأنتَ أكرَمُ ممّن عقَرَ وممّن سبقَ البدْرَه المتصدِّقُ لوجهِ اللّه بقِطمير فوقَ المتخرِّقِ لأعينِ الناسِ بقناطير. وعجَّلْ ما تَهبُ فإنَّ ما عجلتَ وإن قَل. خيرٌ مما أجلْتَ وإن جَل.
● [ مقامة الشكر ] ●
يا أبا القاسم نِعَمُ اللّهِ عليكَ لا تُحصَرُ ولا تُحصى. ومَن يقدِرُ على حصرِ الرَّملِ وإحصاء الحَصى . وإن أخذتَ في أصغرِها حَجماً وأخصرها. وأضيقها باعاً وأقصرِها بَرَدَ فَهمُك الوَقّادُ وخَصِر. ووقفَ لِسانُك الوَقاعُ وحصر على أنَّ وصفَ شيءٍ منها بالصِّغرِ كُنود. واستقلالهُ انحرافٌ عنِ الواجبِ وعُنود فكِّر في النفسِ الواحدِ وبلةِ اللهاةِ بالرِّيق. تعرِفِ الخطأ في صفتهِ بالقلةِ والضّيق. رَقاكَ عَزَّت قدرتهُ إلى صُلبٍ طاهر. وترائبِ أم لم تكنْ بعاهر ثمَّ حطكَ إلى رحمٍ نقيه. وأجنكَ في بطنِ أم تقية ثمَّ أطلعكَ حيواناً سوِيَّ الأطراف. وإنساناً سليمَ الجوارحِ والأعطاف. ذا سمعٍ وبصرٍ وفؤاد ذا نورٍ بصّاصٍ في سَواد وهو نورُ البصرِ في سوادِ ناظرَيك. ونورُ البصيرةِ في سوادِ أحدِ أصغرَيك وأنزلكَ في سعةِ المضطرَبِ بعدَ الأرهاق. وأعَدّ لكَ قبلَ ذاكَ أهناءَ الأنزال والأرزاق. وقَيضَ لكَ على حينِ ضَعفكَ وقرْبِ عهدِكَ. واستلقائكَ عاجزَ النهض على مَهدِك رَطبَ العِظامِ رِخْوَ المفاصلِ. كأنّكَ أزيْغبُ من حُمْرِ الحَواصِل. مُهيمنةً ترْأفُ بكَ وترحمُكَ. وترَفرِفُ عليكَ وترأمُك. وتظأرُكَ وتحضُنُك وتصونُكَ ممّا يؤذيكَ وتحَصِّنُكَ. تضعُكَ على لَبانها. وتُرْضِعكَ بلِبانها. وتؤنِسُكَ بالمُناغاةِ إذا استوحَشتَ وتصَمِّتُك بالتّعليلِ إذا أجهَشت. ولمّا طفِقَ يُرَشِّحُكَ لإصابةِ الطيِّباتِ التي يرْزُقُك. وأنشأ يُنشئكَ للتوصلِ إلى غرائبِ حِكمٍ يُسددُكَ لها ويوفقُك. جعلَ أسنانكَ في مغارزِها مُركبه. وصيرَها على مراتبِ الحكمةِ مُرتبة. ودبرَ في فيكَ للأصواتِ مَدارج وللحروف المبسوطةِ مخارج وأطلقَ لسانَكَ فتكلمت وعلمَكَ طرُقَ البيانِ فتعلمْت. ولقنكَ الشّهادتَين. وحفظكَ ما بين الدفتَين. وهَداكَ النجدَين. وألقى إليكَ الصِّفَتين فوصفَ لكَ ما تؤدِّي منهُما إلى النّجاة مسالكُه. وعرَّفَ لكَ ما لا تؤمَنُ بَوائقهُ ومهالكهُ. لئلاَّ تقعَ في أعقالِ الباطلِ ومجاهله. ولتنصَبَّ إلى شرائعِ الحقِّ ومناهلهِ. ثمَّ خوَّلكَ من جزالةِ الفضلِ ما حلقَ على هامِ أمانيك. ولم تطمَحْ إليهَ ظُنونُ عشيرَتكَ وأدانيك. ورفعَ لكَ في ذلكَ صيتاً صيّتا. وحُسنَ ذكرٍ يضمنُ لكَ الحياةَ ميِّتا ثمَّ أوسعكَ تقلباً في الجنابِ الأخضر. وافتراشاً للمِهادِ الأوثر. منَ العيشِ الرَّافغِ والبالِ الفارغ والمشربِ الرَّافهِ. والمركبِ الفاره والمنظر المرموق والمسكنِ الموموق والدَّارِ ذاتِ الزَّخارفِ والزَّفارِف. والحديقةِ ذاتِ الأكلِ والظلِّ الوارِف والقنيةِ المُغنيةِ والغنيةِ المُقنيه. إنما أولاكَ ما أولاكَ لتنظُرَ في وجوهِ نعمائهِ مفكِّرا. وتتوفرَ على محامدهِ متشكِّرا. فخالفتَ عمّا أرادكَ عليه. ونبذتَ ما أهاب بك إليه مخلداً إلى الشيطانِ ونزَغاته، مُقبلاً على الشّبابِ ونزَقاته. مائِلاً على الطّيشِ ونزَواته مُوغِلاً في التّصابي ونشواتهِ. تسُدُّ مسامعِكَ دونَ من ينتصَّح. وتوّدُّ لو رُميَ بعيٍّ فلا يتفصَّح يكادُ يزيدُك على الشرِّ إغراء. وعلى ارتكابهِ إضراء. ولقد فعلتَ ما فعلتَ ممّا هوَ الخبيرُ بخباياه. والمطلعُ على خفاياه. وهوَ يُرْخي على مَعايبِكَ سِتراً لا يشف جافياً ويُسبِلُ على مثالبِكَ ذَيلاً لا يصِفُ ضافياً. ويحامي عليكَ ممّا يُشوِّرُ بكَ ويفضحُك. ويُشوِّهُكَ عندَ النّاسِ ويُقبِّحُك. كلما ازدَدْتَ بلؤمِكَ غمصاً لأياديهِ وكفرانا. زادَكَ بكرمهِ الواسعِ طَوْلاً وإحسانا. هذا إلى أن بلغتَ الأربعينَ أو نيفْتَ عليها وهي الثنيةُ التي على الأريبِ العاقلِ إذا شارَفها أن يرعوِي. وعلى اللّبيبِ الفاضلِ إذا أنافَ عليها أن يَستوي. فكانَ أقربَ شيءٍ منكَ التِواؤك. وأبعدَ شيءٍ عنكَ استِواؤك. فلم يشأ لكرمهِ خِذلانَك. وأن يُخلِّيكَ وشانَك. بل شاءَ أن يَسوقَ نحوك النِّعمةَ بكمالها وتمامِها. وأن يحدوَها ويهديها إليكَ من خلفِها وأمامِها. فأذاقَك مِن بلائهِ مَسةً خفيفةً إلاَّ أنها طحنَت يا مسكينُ مَتنَكَ وصُلبَك. وكبسَتْ شدائدُها صدرَكَ وقلبك. وداستكَ وعرَكتكَ بالرِّجلِ واليَد ووطِئتكَ وطأ المقيد فكانت لعمري زَجرَةً أعقبتكَ من رُقادِ الغفلةِ يقظَه. وصبتْ في أذنيكَ أنفعَ نصيحةٍ وأنجعَ موعِظه. وقذفَتْ في قلبكَ روعةً خَفَقَتْ منها أحشاؤك. وكادَ ينقطعُ أبهرُكَ وتنشَق مُرَيطاؤك. فلم يكن لكَ بُدٌ من أن تعوذَ بحقوَيِ الإنابةِ والأرعواء. وأن تلوذَ برُكنيِ الإلتجاءِ إليهِ والإنضواء. فأفرَغَ عليكَ ذُنوباً من رحمتهِ. وأعفاكَ منَ التّعريضِ لمُغافصَةِ نقمَته. ومَنَّ عليكَ بمسحةٍ لضُرِّك. وأحظاكَ بفُسحةٍ في أمرِك. وبصرَكَ ما حقيقةُ شأنكَ وفهمَك. وأخطرَ ببالكَ ما يصلحِكَ وألهمك. وأخذ إلى المراشدِ بيدِك. وجرَّكَ حاثّاً لكَ من مِقوَدِك. وتابعَ عليكَ ألطافَهُ الزَّائدةِ في إيقانك. الشادَّةِ لأعضادِ إيمانك. فبشكرِ أيةِ نعمةٍ تنهضُ أيها العبدُ العاجز. هيهاتَ قد حجزَتْ دونَ ذلكَ الحواجز. أبهرُكَ وتنشَق مُرَيطاؤك. فلم يكن لكَ بُدٌ من أن تعوذَ بحقوَيِ الإنابةِ والأرعواء. وأن تلوذَ برُكنيِ الإلتجاءِ إليهِ والإنضواء. فأفرَغَ عليكَ ذُنوباً من رحمتهِ. وأعفاكَ منَ التّعريضِ لمُغافصَةِ نقمَته. ومَنَّ عليكَ بمسحةٍ لضُرِّك. وأحظاكَ بفُسحةٍ في أمرِك. وبصرَكَ ما حقيقةُ شأنكَ وفهمَك. وأخطرَ ببالكَ ما يصلحِكَ وألهمك. وأخذ إلى المراشدِ بيدِك. وجرَّكَ حاثّاً لكَ من مِقوَدِك. وتابعَ عليكَ ألطافَهُ الزَّائدةِ في إيقانك. الشادَّةِ لأعضادِ إيمانك. فبشكرِ أيةِ نعمةٍ تنهضُ أيها العبدُ العاجز. هيهاتَ قد حجزَتْ دونَ ذلكَ الحواجز.
● [ مقامة الاسوة ] ●
يا أبا القاسم للّهِ عبادٌ رَهنوا بحقِّ اللّه ذِمَمِهُم. وعقدوا بابتغاءِ رِضوانهِ هِمَمِهُم. وصيروا نُفوسَهُم حُبُساً على المُجاهدةِ بها في سبيلِه. وسيروها ذُللاً في أزمةِ التقوى على آثارِ دليله. لها مِن يقينِهم هادٍ لا يَضل ومِن جدِّهم حادٍ لا يُمل. شِدَّةُ مِراسهِم في ذاتِ اللّهِ تَقضِبُ الأمراس. وصَلابةُ معاجمهِم في الدِّينِ تُنبي الأضراس. هَينونَ ليْنون غيرَ أن لا هَوادةَ في الحقِّ ولا إدهان. بُلهٌ سِوى أنَّ غوْصَهم على الحقائقِ يعمر الألبابَ والأذهان. مستمرونَ على وتيرةٍ لا تُخافُ حُراناتُهم ثِقاةٌ لا تعرِفُ النكثَ عهودهُم وأماناتُهم. كلما تبرَّجتْ لهُم الدنيا وتزينتْ بأبهجِ زينتِها. وتحلت بأبهى حِليتِها. مفتخرةً بوَشيها مُتبخترَةً في مشيِها. خطارةً بيديها متثنيِّة بأمِّ السرورِ متكنيِّه. غضُّوا دونَ رؤيتِها أجفانُهم وضربوا على اللباتِ أذقانُهم. لم يذهب عليهم أنها أمُّ الغُرور لا أمُّ السرور. وأنها إذا تبخترت حيرت. وإذا خطَرت أخطرَت ومتى برزَت متُبرِّجة. تركتِ الأحشاءَ متضرَّجة. ومتى تزينتْ وتحلت. تبينت شرورُها وتجلت. وعاذُوا باللهِ من لَبسِها المخشي. تحتَ لُبسها المَوشي. فإن خاطبتُهم بكلمةٍ في مَعناها استبشعوها. ومرُّوا عليها مُتصاميّن كأنْ لم يسمعوها. وذهبوا عن حديثِها وهرَبوا. وهضَبوا في حديثِ الآخرةِ فأسهبَوا. ورأيتَ عُيونُهم عندَ ذلكَ مُغْرَوْرِقةْ وأناسيها في فيضِ شُؤنِهم غَرِقة. تصوُّراً لأهوالها كأنَّ المُتوقعَ منها واقع. وكأنَّ أجلَها ثابتٌ لديِهم ناقِع. تكادُ تقرَأ من سحَناتِهم. أنُهم نسّاؤنَ لحسناتِهم مُلقونَ بينَ أعينهِم السِّيئاتِ وجزاءَها لا تبرَحُ ممثلةً لها ماثلةً إزاءَها لأنفسِهم يَمهدونَ فيسهدَون ولمنجاتِهم يجتهدونَ فيتهجدون. بينَ جُنوبهم أنفسُ السعداء وفي صُدورِهم تنفسُ الصُّعداء أولئكَ الذّينَ منَ تشبه بهم فقد فازَ وسُعِد. وفَرَعَ ذؤابةَ العِزِّ وصَعِد. فاستوفِقِ اللّهَ يهدِكَ لذلكَ الطريق. ويجعلكَ رفيقَ ذلكَ الفريق.
● [ مقامة النصح ] ●
يا أبا القاسم العَجبُ منكَ تعملُ أعمالَ الأشرار. وتأملُ آمالَ الأبرار. هكذا أهلُ الغَفلةِ وأحوالُهم المُتشاخِسة وأفعالُهم المُتشاكسة. حقكَ لو فطنتَ لما أنتَ عليهِ أيها الجامدُ البائس. والقنوط اليائِس. ستعلمُ عندَ معايرةِ الأعمالِ ومثاقيلِها. والموازنةِ بينَ خفيفِها وثقيلِها. أنَّ عملكَ منَ الخافيةِ في مهبِّ الريحِ أخف. ومِن لا شيءَ في العددِ أطف. أطمعُ مِن أشعبَ. وأحمقُ مِن تيس أشعَب مَن يعمل مل يوجبُ عُقوبةَ قارون. لم يأمُل مَثوبةَ موسى وهارون، لَو تأملتَ حقَّ تأملِّ لقلِّ تأميلُك. ولم يكثر تحامُلك على نفسكَ وتحميلُك. لا تزالُ تتحامَلُ عليها وتحمِّلُها ثِقالَ الخطيئاتِ والأوْزار. إلا أنّكَ إذا اسُتحمِلتَ الطّاعةَ قُلتَ ضعيفٌ لا يقوى على هذهِ الأوقار. فأنتَ عاصياً أقوى قوةً مِنَ الفيل. ومحمولاً على الطّاعةِ أضعفُ مِن رأيِ الفيل. وإن سبقَتْ منكَ صالحةٌ في النّدرةِ شيّعتها بما يُحبطُها وإن صعدَت لكَ كلمةٌ طيّبةٌ أبرَدت وراءَها ما يُهبطُها فأنتَ بمنزلةِ مَن يلدِ ثمَّ يئِد وبمثابةِ من يصلِ ثمِ يستأصِل كم مِن نصيحة نُصحتَ بها فلم يوجد لكَ قلبٌ واع. ولا سمعٌ راع. كأنَّ أذُنكَ بعضُ الأقماع. وليست من جنسِ الأسماع وكم مِن عظةٍ ضرِبَ بها وجهُك فوجدتُها أبرَدَ مِن جَمد ووجدتكَ أقسى من جَلمَد لم تُعتصر من جبيِنك رشحةٌ من حياء. ولا مِن وجنتكَ قطرةٌ من ماء على أن الحجرَ الصَّلدَ قد يِبض والصَّخرةَ الصَّماءَ رُبما تنِض لا حيا اللّهُ مثلَ هذا الوجهِ الصَّفيق الخِذلانُ أحق بحاملهِ مِنَ التوفيق.
● [ مقامة المراقبة ] ●
يا أبا القاسم ما أنتَ وإن خلَوْتَ وحدَكَ بفريد. معكَ مَن هوَ أقربُ إليكَ من حبلِ الوريد. وجنابتَيك حفيظانِ يتلقيان لا يغفُلانِ ولا ينتقيان. وما يُدريكَ ما لم تنظُرْ بعينيِ الفِطنةِ والعقل أنكَ رُميتَ بخصمٍ ألدَّ وشاهدَي عَدلْ. إستكفِ لصحةِ إيمانكَ ومُعتقدِك. وطُمأنينةُ اليقينِ في خلَدِك. وما أوتيتَ مِن فضلٍ مُبين. ورأيٍ ليسَ بغبين وبصيرةٍ كالكوكبِ الثاقِب في الغَيْهَبِ الواقب وهمةٍ عليةِ المرقى قصيةِ المَرمى وعزَّةِ نفسٍ لا تستخذي للحملِ على الدَّنيه. وإن افترشت ذراعيها على صدرِها المنية. أن تُراقبَ عند مقارنةِ الرّيبةِ أقلَّ الناسِ وأدْونهم وأذل الخلقِ وأهونُهم. وأعجزهُم عنِ التمرس بكَ وأبعدَهم عنِ التعرضِ لك وآمنهم جاشاً أن ينم بسرك أو يهُمَّ بهتكِ سترِك وإن كانَ صبيّاً في حدِّ الطفولةِ دارِجا أو مصاباً عن حيِّز التّمييزِ خارجاً ما بكَ إلا الحياءُ والتشوُّرُ من محضرِه. واسِتقباحُ مُواقعةِ المحظورِ أمامَ نظرِه فأنتَ تبالغُ في الاحتجابِ منهُ والاحتجاز ولا تبالغُ في الاحتراسِ والاحتراز ولا تألو مبالاةً بتظنّيهِ أن يتسلقَ إلى عوارِك ومحاذرةً من حدسهِ أن يتجانفَ للاطّلاعِ على شوارِك ثمَّ لا تراقبُ اللّهَ ومعقبّاته. وما أعد للمجرمينَ من مُعاقباته. أليسَ الملكُ الحافظُ أحق يتحفظِك والملكانِ الحفيظان لتنفسِك وتلفظِك. وهَبْ أنَّ أحداً من الملائكةِ والثَقلَيَن لا يراك وأنَّ اللّهَ قد غطاكَ منهمّ بسترهِ ووراك. أليسَ هوَ وحدهَ أجلَّ منَ الخلائقِ وأعلى . واخلقَ بأن يُستحيْي منهُ وأوْلى ما كل ما خلقَ إلَّا حَفنةُُ مَن حفنَاته وأرزاقهُم في أصغرِ جفنةٍ مِن جَفناته. فمَن هٌم إن تبصرتَ يا غافلُ جلالتَهُ التّي البصائرُ دوُنها حيرَى. وكبرياءهُ التّي الأذهانُ عن كنُنها حَسرى ويحَك أيها الخاسِرُ الباِئر. الذي انقضت ظهرَهُ الكبائر تُب إليه ولا تٌبال إلَّا به وبعظمةِ شانه. ولا تهب إلا عزَّتهُ وجلالَة سلطانه فهو الكبيرُ وما خلاهُ إليهِ حقير. وهوَ الغني وكلهم إليه فقير.
إذا كنتَ فَرداً لا بمرأى ومَسمَع ... منَ الناسِ فاحذرْ منشئُ السمعِ والبصرْ.
ولا ترتكب ما لو دارهُ ابنُ آدمٍ ... لبَرقعَ خَديِّكَ التشوُّرُ والخفرْ.
مساويكَ تُخفيها حِذاراً منَ الوَرَى ... أليسَ إلهُ الخلقِ أخلقَ بالحذَرْ.
بلى فَتَصَوَّن في خَلائكَ فوقَ ما ... تصوَّنتَ قدماً بينَ ظهراني البشَرْ.
وكنْ رجلاً ما سَرَّ ما هوَ مُعلنٌ ... منَ الخيرِ إلا دونَ ما سَرَّ ما اسَرْ.
فما قصبات المخلصينَ مُحوزةٌ ... بمثلِ خفيّاتٍ يُصغِّرنَ ما ظهَرْ.
● [ مقامة الموت ] ●
يا أبا القاسم لقد صحبتَ طويلاً رِجالاتِ قَومِك. وكأنّك رأيتَ خيالاتٍ في نومِك تلقطهُم أيدي المَنونِ فُرادى ومَثنى وكأنّهم لم يتديروا داراً ولم يغْنوا بمغنى خرِبَت أعمارُهم بعدَما عمِروا عُمّارا. وأصبحوا أسماراً بعدَما كانوا سُمارا. أينَ جَدُّكَ بعدما حَلَبَ أشطُرَ الزَّمان. وجمَعَ هُنيدَة نصرِ بنِ دَهمان وكلُّ من نُفِّسَ لهُ وعُمِّر أدركهُ سِنانُ الموتِ فدُمِّر لا فصلَ إذا احتُضر بينهُ وبينَ منِ اختُضر سيانَ عندَ الموتِ شيخُ القومِ وشرْخُها وشكلانِ عندَهُ قشعَمُ الطيرِ وفرخُها لا يتخطى مُحدِّثاً ليعرِّج على مُعمر. ولا يحترِمُ مُحدثاً فيخترِمَ دونهُ المُغمر بل يسوقُهُما بسوطٍ واحدٍ إلى مدى ويسبقُ بهما معاً إلى قصبةِ الرَّدى كأنكَ لم تتقلب في حجرهِ تقلباُ ولم تتخذ منكبِهُ مركَبا. ولا عُهدتَ على لبانهِ تلعَب. ولا شُهِدْت أمامهُ تلعب ولا اتفقَ لكَ إلى مجلسهِ روَاحٌ ولا غُدُو. ولا بينَ يديهِ للاستفادةِ جُثُو. وأينَ مَنِ انتُضيتَ مِن صُلبه ثمَّ أغمدكَ الهوى في قلبه فكنُتَ أخَصَّ بِفؤاده منْ سوَاده لِفرط مقته لكَ وَوداده أباكَ وأبي إلا كُلَّ خير لكَ وفيك. وَرَبّاكَ وحَبَاكَ ما قَدَرَ عليه منْ مَبَاغيك ورشْحكَ لِما أصْلحَكَ ترشيحاً ورقّحَ لكَ ما عِشتَ به تَرْقيحاً. ونَقّحَ عُودَكَ منَ العُقَد تنَقيحاً ولقّحَ ذهنك بالعلِم والأدب تَلقيحاً. اختلسَهُ الحِمامُ قبلَ أنْ يُخلِسَ عارضُهْ وهُيِّجَ قبلَ أن يَهيجَ بأرضُهْ وأينَ منْ عشيرِتَكَ كُل مُعَمِّ مُخوَلْ قُلّبٍ حُوَّلْ مخِلَطٍ مِزْيَلْ. مُبرِمٍ نَقّاضٍ عندَ مزاولةِ الخطوبِ خَفّاقِ القَدَمِ إذا سعى في كشفِ الكُروبْ. ليَنِ العِطفِ للِخُلصانِ مِنَ الخُلانْ أشوَسِ الطّرْفِ على أولي المقتِ والشنَئانْ مَزُورِ البيتِ غيرِ زَوَّارْ مُزْوَرٍ عن الفحشاءِ عَف الإزَارْ تَقَدَّمُوكَ فُرَّاطاً إلى وِرْدٍ لا يَصْدُرُ عنهُ وَارِدهْ ولا يرُش الأكبادَ بارِدُهْ. منْ وَرَدَهُ يبِسَ منَ الغُلّةِ بليَلُه ويَئِسَ منَ البِلّةِ غلّيلُه. ما هوَ إلا العطشُ القاتلُ دونَ الريَ وإنْ تطايرَ إليهِ الوُرَّادُ كالقَطا الكُدْريْ. وهَا أنتَ لأعقابِهِم وَاطْ وعَلى آثارِهِمْ خَاطْ وَكأنْ قدْ لحِقتَ بِهِمْ فألقيتَ رِشاءَكَ مع أرْشيِتهِمْ ومَلأتَ سِقاءَكَ مَعَ أسقَيتهِمْ.
● [ مقامة الفرقان ] ●
يا أبا القاسم اجعَلْ كتابَ اللّهِ نَجيّكَ فَنِعمَ النّجِي. وإنّكَ لَحَريٌ بمُناجاتِهِ حَجي. إنْ شئِتَ أنْ يُخاصرِكَ إلى مَنجاتك فلا يَخلُونَّ ساعةً مِنْ مُناجاتِك وهوَ حبلُ اللّهِ المتينْ وصرِاطُهُ المُستبينْ بهِ أحيَى رُسُومَ الشّرْعِ الطّامِسَه وجَلّى ظُلُماتِ الشِّركِ الدّامسة نُورٌ مُستَصْبَحٌ بهِ في ليالي الشّكْ سيفٌ سَقّاطٌ وراءَ ضرائِبِ الشِّركْ جَبَلٌ يَعصمُ مَن اعتصمَ بمعاقِلهِ وَيَقصِمُ ظَهرَ العادلِ عنهُ بجنادلِهِ. بحرٌ لُجِيٌ لا تزلُ تزْخَرُ لُجَجُه. ذُو عُبابٍ يُرّوِّعُ التِطامُهُ وتموجُه لا يبلُغُ عابرٌ عَبرَه. ولا غائِصٌ قعرَه عَذْبٌ فُرَاتٌ إلا أنّه مُليءَ بكُلِّ لُؤلُؤةٍ يتيمَة قذّافٌ لِكُلِّ جَوْهَرَةٍ كَرِيَمهْ. أينَ مِنها ما غَالى بهِ الأكاسِرَةُ منَ الفرائدْ. وما رَصَّعُوا بهِ تيجانَهُم مِنْ وسائطِ القلائِدْ. كُلُّ دُرَّةٍ في تقاصيرِ بناتِ القصورْ مُقرِةٌ بالتقصيرِ عنها والقصورْ. إنْ عُدَّتْ عجائبُ البحارِ لم تُعَدَّ عجائُبه وإنْ حُدَّتْ غرائبُ الأسمارِ لم تُحدَّ غرائُبهْ كُلّما ذهبتَ بفكرِكَ في بلاغتهِ التي حَصِرتْ دونَها البُلغاءْ حتى سَخَرتْ مِنْ فَصَاحتهم البَبغاءْ ونَظَرْتَ في سَلامَةِ سَبكِهِ المستغرَبْ. وسلاسَةِ مائهِ المُستعذَبْ. ورَصانَةِ نظمهِ المُرَصَّفْ ومتانَةِ نسجِهِ المُفَوَّفْ. وغرابَة كنايِتهِ ومجازِهْ ونَدْرَةِ إشباعهِ وإيجَازهِ وروْعَةِ إظهارِهِ وإضْمارِهْ وبَهجَةِ َحْذْفِهِ وتكرَارِهْ. وإصابَةِ تعريفِهِ وتنكيرِهْ وإفادَةَ تقديمهِ وتأخيرِهْ ودلالةِ إيضاحِهِ وتصرِيحهْ. ودقّةِ تعريضه وتَلِويحِهِ وطُلاوَةِ مبَاديِهِ ومقَاطِعِهِ وفصولِهِ ووصولِه وما تِناصَرَ فيهِ من فروعِ البيان وأصولِهْ. إرْتَدَّ فَهمُكَ وغرَارُ كَهَام ومِدّرَارُهُ جهامْ. حَيرَةً في أسلوبِهِ الذي يكادُ يسلُب بُحسنِهِ العاقِلَ فِطنَتَهُ وهوَ يزيدُهُ فِطنَهْ. وافتنانِهِ الذي يكادُ يفتنُ الناظرَ فيهِ وهوَ يميطُ عنهُ الفتنَهْ. لم يمشِ إليكَ وعدُهُ المرَغّبْ إلا واطِئاً عِقبَهُ وَعِيدُهُ المُرهّبْ قدْ شُفِعَ هذَا بذَاكَ إرَادَة تنشيطِكَ لِكسبِ ما يُزْلِفْ. وتَثبيطِكَ عنِ اكتِسابِ ما يُتلِفْ مَعَ اقْتصاصِ ما أجْرَى إليهِ عُصاةُ القُرُونْ وما جَرَى عليْهِم منْ فظائِعِ الشؤُونْ ومَا رَكبَ أعْدَاءُ اللّهِ منْ أوْليائِهْ. غَيْرَ مُكْترِثينَ لِعُتُوِّهمْ بكبرِيِائِهْ. رَدَعوهُمْ عنِ المناكيرْ فَقَطّعُوهُمْ بالمنَاشيرْ وَدَعَوهُمْ إلى أعْمالِ الأبْرَارْ فعرَضُوهُمْ على السّيفِ وحَرَّقُوهُمْ بالنارْ ثمَّ اصْطَبِرُوا لِوَجْهِ اللّهِ وثبتُوا ومَا اسْتكانُوا لهُمْ ولا أخْبَتُوا حَتّى اشترَوُا النعيمَ الخالِدَ في جَنّاتِ عَدْنْ بِبؤْسٍ وَطنّوا عليهِ أنْفُسَهُمْ طَرْفةَ عَيْنْ لِيُريَكَ سُوءَ مُنْقَلَبِ المُعْتَديِنْ وَيُبَصِّرَكَ حُسْنَ عَوَاقبِ المُهتدينْ فحادثْ لسانَكَ بدراستِهِ حتى تَرِقَّ عذَبَتُهْ وَمَرِّنْهُ على تلاوَتَهِ حتى لا تَطُوعَ لغَيْرِهِ أسلَتُهْ وَتَعَمّدهُ بِمَتْلُوِّهِ مِنَ اللسُنِ ما سَاعَدَتْكَ عليهِ المُكْنَهْ وتَرَفَعْ لهُ بمَخارِجِ الحُرُوفِ عنِ ارْتِضاخِ اللكْنَةْ وَاقْرَأْهُ مُرَتّلاً كالتّرْتيلِ في بعْضِ الأسْنانْ والتّفْليِجِ في نَوْرِ الأُقحُوَانْ وَاجْتَنَبْ ما لا يُؤْمَنُ في الهِذّ والهَذْرَمَهْ. مِنَ اللّحْنِ وَالحَضْرَمَه وْاجْتَهِدْ أنْ لا تَقْرَأ إلا وضَمِيرُكَ مُقاوِدٌ للِسانِكْ وَتَبَينُكَ مُساوِقٌ لِبَيانِكْ لا تَمُرَّ على جُمْلَةٍ إلا عاقِداً بمِعْناها تأملَكَ وتَفَكُّرَكْ عاكِفاً على مُؤَادَّها تَفَهُمَكَ وتَبَصُرَكْ. مُجِيلاً في حقيقتِها بَصيرَتَكَ ونظرَكْ. مُمْتاحاً منها مَواعِظَكَ وَعِبَرَكْ وإلا كانَتْ قِراءتُكَ رَاعِدَةَ صَلِفَةً لَيْسَ لهَا دَرَرْ وَصَدَفَةً فارِغةً ما في جَوْفِها دُرَرْ. وَأكْرِمْ نَجيّكَ هذَا فإنّهُ كَرِيمٌ يَسْتوْجِب غايةَ الإكرَامْ وعظيمٌ يَسْتدْعِي قُصارَى الإعظامْ. فلا تَمَسّ لَهُ إلا على طُهْرِكَ مَسْطُورَاً وَاحْتَطْ أنْ لا تَفْرُقَ بين أنْ يكونَ مَكشوفاً أوْ مستوراً واحفَظْ فيهِ حَقَّ مَنْ إلَيْهِ انتِمَاؤُهْ وَإلى اسْمِهِ إضافَتُهُ تَبَاركَتْ أسْماؤُهء.
كتاب : المقامات
المؤلف : أبو القاسمِ محمودُ بنُ عُمَرَ الزَّمخشريُّ
منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة