من طرف اسرة التحرير الإثنين مايو 04, 2020 2:26 pm
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي . المجلد الثانى
● [ كتاب الهبات والصدقات ] ●
تصح الهبه عند مالك واصحابه من كل بالغ غير محجور عليه ولا مريض مثبت العله لكل من استوهبه أو قبل منه هبة وتجب بالقول من الواهب والقبول من الموهوب له وتتم بالقبض وتجوز المطالبه بها لمن استوهبها او طلبها اذا منعه الواهب إياها ويقضى عليه ما كان حيا صحيحا فإن مرض لم يجز له من ذلك الا ما يحمله ثلثه إن أنفذها له في مرضه وإن مات الواهب في الصحة قبل قبض الموهوب بطلت الهبه ولم تخرج من ثلث ولا غيره وكانت ميراثا لورثة الواهب الا ان يقول في مرضه انفذوا له ما وهبته فتكون حينئذ وصية له في ثلثه وقال ابن القاسم ورواه عن مالك ان الهبه في المرض وصية قبضت او لم تقبض قال انفذوها عني بعدي او لم يقل لهبة المريض باب مفرد في هذا الكتاب ان شاء الله وان مات الموهوب فورثته يقومون في قبض الهبة والمطالبه بها مقامه وسيد العبد الموهوب له في ذلك بمنزلة ورثة الحر هذا تحصيل مذهبه والمعمول به في كل مالم يقبضه الموهوب له ولم يجزه حتى مات الواهب انه لورثة الواهب إلا ان يوصي له بها فيجوز من ثلثه كما لو وهبه مريضا وقبض كان ذلك من ثلثه وكذلك لو شهد له بالهبه ولم يشهد له بالحيازه قبل موت الواهب بطلت الهبه وكانت لورثة الواهب ولا تتم الهبه الا بقبض المعطي له اياها قبل موت واهبها وقد روى مالك انه اذا شهد على نفسه بالهبه ومات حكم للموهوب بها كما أنه لو مات الموهوب له بعد ان أشهد الواهب على نفسه حكم لورثة الموهوب بها اذا طلبوها والاول هو المعمول به عند جمهور المالكين ومن وهبت له دار فلم يقبضها حتى باعها للواهب فليس للموهوب له شيء اذا خرجت الهبه من يد الواهب وحيزت عليه هذه رواية أشهب وقوله وخالفه ابن القاسم على ما ذكرنا من قوله ذلك في باب الصدقه ولو ان رجلا أرسل الى رجل بشيء ثم أراد ارتجاعه كان له ذلك مالم يشهد على نفسه فإن كان أشهد على نفسه نفذ ذلك للمرسل اليه ولو مات المرسل اليه كان ذلك لورثته وجائز هبة التمر في رؤؤس النخل والصوف على ظهور الغنم وقبض ذلك كله وحيازته ان يقبض الاصول وتكون بيد الموهوب له ليجز الثمره ويجز الصوف فإن لم يقبض الموهوب له الغنم او الشجر حتى مات الواهب بطلت الهبات وجائز هبة ما في بطون الاناث من الحيوان ولا تتم الا بقبض الموهوب له الامهات من الاماء والبهائم وتضع عنده فإن لم يقبض الامهات حتى مات الواهب فلا شيء للموهوب له فان لم يمت الواهب ولم يقبض الموهوب له ووضعت وهو قائم على الطلب حكم له بها ولورثته ايضا بعده ان مات قبل قبضها في حياة الواهب وجائز هبة المشاع ويقبض بما يقبض به الرهن على ما مضى فى كتاب الرهون والاشهاد فى هبة المشاع ويقبض بما يقبض به الرهن على مضى من ذلك واذا اكراها الموهوب له وكتبها باسمه وقبضها المكتري بما تقبض به تمت ونفذت وجائز هبة المجهول من المواريث وغيرها من الحاضر والغائب وحيازته الاشهاد به وقبول الموهوب له ويحل محل شريكه فيه ومن وهب أقساطا من زيت زيتون بعينه او جلجال بعينه اجبر الواهب على عصره وجائز هبة الدين والوديعه وحوز الدين قبض الوثيقه به والاشهاد بذلك أو الحواله به والاشهاد بذلك ويكفي في الوديعه الاشهاد لمن هي في يديه وان وهبها لغيره أشهد له بحضرة من هي في يديه ولو وهب رجل هبة لرجلين احدهما غائب كان قبض الحاضر حيازة له وللغائب فإن قبلها الغائب اذا قدم والا رجعت حصته الى واهبها ومن وهب لغائب شيئا وأشهد عليه وتخلى منها صحت الهبه وقد قيل لا تصح حتى يخرجها الى من يحوزها للغائب وقبض المعار حيازة للموهوب له وكذلك المخدم قبضه لرقبة العبد حيازة لمن وهبه له سيده ويحتاج هؤلاء الى اللفظ بالقبول والا لم تصح وليس قبض المستأجر بحيازة للموهوب الا ان يقبضه الواهب الاجارة وليس قبض المرتهن ولا قبض الغاصب حيازة للموهوب له اذا وهب البائع بيعا فاسدا ما باعه بغيرالمشتري جاز ذلك اذا كان ذلك قبل تحول سوقه ولا يكون قبض المشتري قبضا للموهوب له وان وهبها بعد ان يحول سوقها لم تجزىء الهبه هذا قول مالك وتحصيل مذهبه في البيع الفاسد وغيره من اهل المدينه وغيرها ولا يجعلون اختلاف الاسواق في هذا ولا في غيره فوتا ما دام الشيء يوجد بعينه ولو استأجر الواهب الهبه من الموهوب له بأثر ما وهبها له فلم تزل في يده الى ان مات فهي باطله
● [ باب هبة المريض ] ●
هبة المريض في مرضه موقوفه ليعلم هل تخرج من ثلثه ام لا الا ان يكون له اموال مأمونه فتكون الهبه اذا علم بخروجها من الثلث نافذه لمن وهبت له اذا قبضها وان قبضت الهبه وصح الواهب كانت في رأس ماله وما تبعه من الهبات في مرضه ثم مات منه كانت في ثلثه قبضت او لم تقبض ان احتملها الثلث والا فما حمله الثلث منها وان صح نفذت كلها من رأس ماله ولو وهبت في صحته فتأخر اقباضه اياها حتى مات او مرض رجعت ميراثا بين ورثته ولم تكن في ثلث ولا في غيره سواء كانت لوارث او لاجنبي
● [ باب هبة الوالد لولده ] ●
وهبته من اموالهم جائز ان يهب الرجل لبعض ولده دون بعض ويكره ان يهب ماله كله لاحد ولده الا ان يكون يسيرا فإذا فعل في صحته نفذ ذلك وهبة الاب لابنه وعطيته ونحلته بمنزلة واحده ان كان كبيرا رشدا فهو والاجنبي سواء على ما مضى من حكم الحيازه وان كان صغيرا فلا حيازه عليه فيما وهب له إلا الاشهاد بالهبة والاعلان بها لانه هو الحائز له وذلك في كل ما يبرز له من العقار والعروض والحيوان والمتاع كله الا العين دون ما سواها فإنه يحتاج فيها اذا وهبها لابنه الصغير ان يخرجها من يده الى من يقبضها لابنه والا لم تصح ان مات وهي بيده وقد قيل انه ان ابرز العين في ظرف مختوم واشهد عليها ووجدت على حالها بعد موته فانها تصح وتنفذ للابن الصغير وكلاهما قول مالك وأما ما عدا العين فحيازة الاب حيازه في كل ما يتصرف به على الصغير من بنيه اذا كان لا يسكن ولا يلبس ولا يستغل شيئا من ذلك لنفسه ولا يركب الدابه التي وهبها لولده الا كما يركبها الاجنبي المستعير فإن ركبها كما كان يركبها بطلت الهبه ويكفيه الاشهاد والاعلان في ذلك كله حتى يبلغ الصغير مبلغ القبض لنفسه فإن سكن اليسير من الدار التي تصدق بها على ابنه الصغير أو عمر من العقار اليسير لحاجته الى ذلك واستغله فإنه لايعد ذلك حيازته له فيما تصدق به عليه واليسير عندهم في ذلك الثلث فما دونه فإذا اسكن اليسير من الحبس والصدقه او الهبه جاز فيما سكن ومالم يسكن واذا سكن أكثر الحبس لم يجز فيما سكن ولا فيما لم يسكن وقد زدنا هذه المسأله بيانا كافيا في كتاب الحبس واذا وهب او تصدق على ابنه واستثنى اليسير من غلة تلك الهبة جاز ولو استثنى لنفسه الاكثر من غلة الهبه النصف او الثلث لم يجز وللأب الرجوع في كل ما وهبه لبنيه الصغار منهم والكبار مال لم ينكح الولد او يتداين دينا او يموت فيصير ذلك الى ورثته وليس له ان يعتصر ما وهبه غيره لولده وليس لأحد ان يرجع في هبته الا الاب وحده لولده وقد قيل انه ليس لاحد ان يرجع ويعتصر شيئا وهبه الا الوالدان جميعا خاصة فإن لهما الرجوع فيما وهباه لولدهما مالم يتداين او يتزوج فإن تداين او تزوج لم يكن للوالدين في الهبه رجعه وهذا اذا كان الاب حيا فإن كان ميتا لم يكن للام الرجوع فيما وهبت لان الهبة لليتيم كالصدقه وليس للاب ان يعتصر هبة وهبها لابنته ولا نحله نحلها اياها اذا نكحت فطلقها زوجها قبل البناء وان تغيرت الهبة عند الولد لم يكن للوالدين فيها رجعة وان باعها واخذ ثمنها لم يكن للوالد اليها سبيل في الثمن ومن وهب لولده دنانير او دراهم او شيئا مما له فخلطه الولد بمثله فليس للوالد فيه رجعة ولا يكون شريكا للولد بقدره والمرأه ان كانت وصيه تحوز لولدها ما تهب فإذا لم تكن وصيه لم تحز لهم ما تعطيهم على اخلاف في ذلك من قول مالك ولا تحوز لهم شيئا في حياة ابيهم وقد قيل انها تحوز ما وهبته لهم وان لم تكن وصيا ولا تحوز لهم شيئا فى حياة أبيهم وان كانت وصيا قياسا على الاب اذا كانوا ايتاما والاول تحصيل المذهب ولايجوز للاب هبة شيء من مال ابنه الصغير في حجرة ولا ان يحابي فيما باع له من مال فإن فعل ضمن في ماله ان كان موسرا ولم يرجع على الموهوب له بشيء وان كان معسرا اتبع الصغير بالقيمه ايهما أيسر اولا وليس له ان أيسر ابوه ان يدعه ويتبع الاخر ولو تزوج الاب بمال ابن له صغير وادرك الابن المال بيد الزوجه لم يكن له اخذه لان ذلك من ابيه عند مالك كبيعه ومعاوضته لابنه الصغير يجوز فيه فعله ويضمن ثمنه وكان له قيمته على ابيه ولو كان الابن بالغا كان له اخذ ذلك من يد زوجة ابيه ولو وهب لابنه الصغير عبدا ثم اعتقه بعد موته فوسع ذلك ثلته عتق عليه في ثلثه والا عتق منه مقدارا ما يحمله الثلث وله ان يعوض ابنه مما وهبه له بما رآه لانه الناظر له ولايتهم في بيعه ولا شرائه له من نفسه وليس كذلك الوكيل ولا الوصي فإن بان في فعله القصد إني مالا يجب رد فعله إن طلب ذلك ابنه
● [ باب الهبة للثواب والعوض ] ●
يجوز عند مالك واصحابه الهبة للثواب ولا تكون الا من فقير لغني او من غني لغني واما من غني لفقير فلا ولا تحتاج الهبة للثواب الى حيازة ولو مات واهبها قبل دفعها كانت صحيحه لازمه والموهوب له بالخيار في قبولها وفي ردها فإن قبلها فهو ايضا بالخيار إن شاء اثاب عليها وان شاء ردها فإن اثاب منها قيمتها لزم الواهب قبول القيمة فيها شاء او ابى وان ردها انفسخت هبتها ولو فاتت عند الموهوب له او تغيرت بناء او بنقصان لزمه قيمتها الا ان يرضى واهبها بدون قيمتها ومن وهب هبة مطلقه ثم ادعى انه وهبها للثواب نظر في ذلك وحمل على العرف فيه فإن كان مثله يطلب الثواب على هبته فالقول قوله مع يمينه وان لم يكن فالقول قول الموهوب له مع يمينه فإن أشكل ذلك واحتمل الوجهين جميعا فالقول قول الواهب مع يمينه ومن وهب لله او لصلة رحم فلا مثوبه في ذلك ولا عوض وان وهب الغني للفقير هبة للثواب لم يحكم له بها وكذلك هبة الدنانير والدراهم لاثواب فيها ولا يحكم لواهبها بالثواب منها الا ان يشترط الثواب في وقت الهبة فإن اشترط واهب العين الثواب حكم له فيها بقيمتها عرضا لا عينا ورقا ولا ذهبا وكذلك في الحلي الا انه يستغني في الحلي عن اشتراط الثواب اذا كانت الهبة لغني ولا يحكم بالثواب في الهبة الا ان يكون شيء له بال ومقدار يثاب على مثله فإن كان ذلك وطلبه الواهب فالموهوب له بالخيار بين ردها وبين أن يثيب بقيمتها يوم وهبت له وسواء زادت او نقصت انما يلزمه قيمتها يوم قبضها الا ان يردها ناميه زائده وليس له ان يردها ناقصه اذا كان قبضها على ذلك وملزمه قيمتها يوم قبضها ولا مقال لربها في ارتجاعها اذا أثيب بقيمتها يوم الهبه ولو اختلفا في قيمة الهبة وقد فاتت بالقول قول الموهوب له وان دخلها نماء او نقصان فهو عندهم كالفوت ويلزمه قيمتها يوم الهبة يجبر الواهب على ذلك ولو فوتها وهو موسر لزمه قيمتها يوم قبضها ولو فوتها وهو معسر لم يكن ذلك له الا ان يكون الواهب عالما بعسرته يوم وهبها له واذا وهب ذو رحم لذي رحم هبة يرى انه قصد بها الثواب مثل ان يهب فقير لغني حكم له بذلك وما اريد به من الهبه وجه الله فلا رجوع فيها وكذلك ما قال فيها لله فلا رجوع فيها وهي كالصدقه
● [ باب الصدقه ] ●
وكل ما تصدق به الانسان الذي يجوز فيه تصرفه في ماله واخرجه على وجه الصدقه عن نفسه فلا رجوع له فيه لأن الصدقه لله وما كان لله فلا يتصرف فيه وسواء كان المتصدق أبا على ابن صغير او كبير او غير الاب من سائر الناس كلهم لا رجعة له فيها ولاثواب عليها الا ان المتصدق عليه لو مات وورثه المتصدق جاز له تملكها وحل له وليس ذلك برجوع في الصدقه ويكره له شراؤها واستهابتها وقبولها ان وهبت له ومن تصدق على ابن له بدنانير او دراهم مقدره غير معينه واشهد عليها جاز اذا أشهد الشهود انها تلك بعينها في ظرفها والخاتم عليها وقد قيل لا تجوز للابن الا ان يخرجها من يده الى يد عدل يحوزها لابنه واذا تصدق الاب بعين ذهب او ورق على ابن له صغير وابرزها عن ماله وأشهد له بها ثم انه استسلفها واستهلكها ومات وهي عليه فلا حق لابنه فيها ولا تباعه في مال ابيه واستسلاف الاب لها بمنزلة الرجوع منه في الهبة عندهم هذه رواية ابن عبد الحكم عن مالك ولو اخرجها عن يده الى عدل يحوزها للابن وجازت له ولو مات الاب اخذت من ماله لابنه الصغير ولو تصدق الرجل على ابنه بصدقه من العين فقبضها الابن ثم اعادها الى ابيه فمات الاب وهي عنده رجعت ميراثا ولا تكون للابن حتى يبرزها له ويجعلها على يدي عدل وهذا لضعف الصدقه من قبل الاب بالعين اذا لم يكن على يدي عدل على احد قوليه فأما العروض والعبيد وما عدا العين فمن تصدق على ابنه الصغير بعرض او أمه واشهد له على ذلك ورغب الاب في الامه فقومها على نفسه بقيمة فمات الاب قبل ان يقبض ثمنها منه فذلك دين للابن في مال ابيه اذا صح ذلك وبانت صحته وكذلك لو تصدق على ابنه الصغير بعدد من رمكه او غنمه او بقره واشهد له على ذلك وعينها وابرزها ووسمها كانت صدقه ماضيه وحيازته لها حيازه فإن لم يكن كذلك فهي ميراث وكذلك اذا ابرز العين وعزلها واشهد بها فحيازته حيازة صحيحه على حد قولين على ما قدمنا في الهبات وحيازة الاب لابنته البكر وولده الصغير سواء يغنيه الاشهاد لانه الناظر لهما وتحتاج الصدقه من الحيازه الى مثل ما ذكرذ نا في الهبة سواء لافرق بينهما في الاجنبي وغيره وما جرى من حيازة الام وغيرها وحياة الاجنبي وغيره وما جرى من حيازة الام وغيرها وحياة الأجنبي في الوديعه وغيرها كل ذلك يستوفيه حكم الهبة والصدقه ومن تصدق على ابنه بجزء مشاع من دار او ارض واشهد على ذلك ففيها قولان المالك احدهما الجواز وبه آخذ اذا كان حقيرا والاخر البطلان وكذلك الهبة واذا حلى الرجل او المرأة ولدا له صغيرا حليا وأشهد له بذلك ومات الاب او الام فالحلي الذي على الصبي له دون سائر الورثه وحيازة الزوجين فيما يهبه او يتصدق به احدهما على صاحبه حيازة صحيحه ولا يحتاج في ذلك بعد الاشهاد الى اكثر من كون الشيء المتصدق به بيد المتصدق عليه وان كانا معا كسائر ما لكل واحد منهما هذا في المتاع كله والعروض كلها وما يكون بين ايديهما في البيت معهما وقد قيل انهما اذا كانا معا لم ينفذ من ذلك الا ما الظاهر فيه الملك للمعطي كالاسكان والاخدام ونحو ذلك ومن تصدق بصدقه او وهب هبة ثم باعها قبل ان يقبضها المتصدق عليه فإن كان قد علم ببيعها فالبيع ماض والثمن للموهوب له وان كان غائبا ولم يعلم بالبيع فالبيع مردود ان كان البائع المتصدق حيا والدار للمتصدق عليه ان طلبها وان مات المتصدق قبل ان يعلم المتصدق عليه وقد تقدم قول أشهب فيها في باب الهبة فالبيع ماض ولا شيء للذي تصدق عليه من ثمن ولا غيره ويكره لمن تصدق بثمره نخل او كرم او مثل ذلك على رجل ان يكلفه فيها سقيا او علاجا قبل ان تظهر الثمرة لانه لايدري ما يكون منها واذا تصدق رجل على رجل بثمره بعد سنين او سكنى دار بعد مدة او بغلة حانوت بعد اعوام او شهور او نحو ذلك منع رب الرقبه من بيعها حتى ينفذ للمتصدق عليه ما قال وان أتت المدة قضي له بها وان مات رب الاصل قبل ذلك بطلت واذا وضعت الصدقه على يد رجل يحوزها للمتصدق عليه بها فلا يضرها موت من مات منهما ومتى طلبها حكم له بها الا ان يكون الرجل اشترط عليه ربها الا يسلمها الا بإذنه فإن كان كذلك فليس يجوز وهي باطله منصرفه الى ورثة المتصدق ومن دفع مالا الى رجل ليفرقه في المساكين او يسلبه في سبيل من سبل الله فمات قبل ان يفرقه المدفوع اليه فإن كان أشهد للمدفوع اليه فإنه يمضيها بعد موته على امره به وان كان لم يشهد رجعت الى الورثه ولكل واحد من الابوين فيما تصدق به على ابنه ان ينتفع بما تصدق به عليه من أكل ثمرة وشرب لبن وركوب ظهر مما لايضر بنسل ولا ينهك جلدا ولا يفسد شيئا ولا يجوز مثل ذلك لاجنبي وجائز ان يتصدق الرجل في صحته بماله كله في سبيل البر والخير وتركه ورثته اغنياء افضل ان شاء الله عز وجل
● ● ● [ كتاب الاحباس ] ● ● ●
الحبس في الصحة من رأس المال وفي المرض من الثلث والحبس ان يتصدق الانسان المالك لأمره بما شاء من ربعه ونخله وكرمه وسائر عقاره لتجري غلات ذلك وخراجه ومنافعه في السبيل الذي سبلها فيه مما يقرب الى الله عز وجل ويكون الاصل موقوفا لا يباع ولا يوهب ولا يورث ابدا ما بقي شيء منه فمن فعل هذا لزمه ولم يجز له الرجوع فيه في حياته ولا يورث عنه إذا حيز وصحت حيازته على حسب ما قدمنا ذكره من وجوه الحيازه في باب الصدقه والهبه ويصح الحبس وقفا مؤبدا بأن يقول في صحته أرض او داري وقف او حبس او صدقه حبس لايباع ولا يوهب وسواء قال محرمه مؤبده او لم يقل وكذلك اذا قال ارضي صدقة على فلان وجعل له مرجعا مؤبدا كل ذلك يوجبها وقفا عند مالك اذا أشهد عليها المحبس وقبضها المحبس عليه او أفردها محبسها بمن يليها لمصالحها وتفرقه غلاتها في سبيلها وقد قيل انها لاتكون وقفا مؤبدا بلفظ الحبس والصدقه خاصة حتى يقول لا تباع ولا توهب ولا تورث وقال من قال داري حبس صدقة وقيل اذا لم يقل صدقه فليس بحبس وكل ذلك قول مالك وقال ربيعه ويحيى بن سعيد وبكير بن الاشح سواء قال حبس صدقه او حبسا فقط وتحصيل مذهب مالك ان لفظ الحبس يوجب التأبيد اذا كان على مجهولين وصفته لا تعدم مثل الفقراء والمساكين او كان على معينين ثم مرجعه الى مجهولين وصفات لا تعدم في سبل البر وما لا ينقطع بانقطاع الناس مثل المساكين والمساجد والمرضى والعميان ونحو ذلك مما لايعدم من الصفات وسواء كان التحبيس على من ينقطع او لم يكن اذا كان مرجعه واخره على ما وصفت لك واذا كان هكذا لم ينقص ولم يبدل ولم يغير عن وجهه أبدا وحرام بيعه وشراؤه اذا كان قد حيز وقبض في حياة المحبس وقال مالك فيمن حبس على بنيه وبناته وشرط أن من تزوج من بناته فالحبس خارج عنها قال أنا اكره هذا ولا ارضاه وقد كان عندنا القضاة يجيزونه ونقضه احب الي قال مالك ولا ينبغي على كتاب مثل هذا وقد كنت اسأله فيأباه ومن حبس على رجل بعينه ولم يقل على ولده ولا على عقبه ولا جعل له مرجعا مؤبدا فقد اختلف في ذلك قول مالك واصحابه على قولين احدهما ان ذلك كالعمري تنصرف الى ربها اذا انقرض المحبس عليه وعلى هذا المدنيون من اصحابه والقول الاخر انها ترجع حبسا على اقرب الناس من المحبس يوم رجوعها والى هذا ذهب المصريون من اصحابه وكذلك من قال مالي حبس في وجه كذا ليس من وجوه التأبيد فعن مالك فيه روايتان احداهما انه يكون في الوجه الذي ذكر فإذا انقرض عاد حبسا على اقرب الناس بالمحبس فإذا انقرضوا كان على الفقراء والمساكين مؤبدا والروايه الثانيه انه اذا انقرض الوجه الذي جعل فيه رجع اليه ملكا في حياته ولورثته بعد كالعمرى ومن حبس حبسا ولم يجعل لوجها جعل في وجوه البر والخير ومن حبس حبسا على ولده وولد ولده على عقبة ولم يجعل له مرجعا لا يعدم مؤبدا فإنه اذا انقرض ولده وولد ولده كان حبسا على اقرب عصبته منه يوم يرجع الحبس لا يباع ولا يوهب ولا يرجع الى المحبس واختلفت الروايه عن مالك واصحابه في دخول النساء في الغله منه وتحصيل مذهبه عند المصرين من اصحابه انهم يدخلون في الغله والسكنى ولو انقرض ولده وولد ولده وهو حي لم يرجع اليه ابدا وكان راجعا على ما وصفنا في اقرب الناس بالمحبس من عصبته او من كان يكون عصبته من لناس لو كان رجلا فإذا انقرض اولئك العصبه فالذين يلونه منهم أبدا ما بقي منهم احد ولا يرجع الى المحبس فإذا انقرض عصبة المحبس كلهم ولم يكن له عصبة رجع المحبس على ما عليه احباس المسلمين باجتهاد الحاكم يضع كراءها وغلتها حيث يرى من سبل الخير وذلك بعد مرمتها ومن حبس حبسا في صحته فهو من رأس ماله وان حبسه في مرضه او اوصى به فهو من ثلثه ولا يصح الحبس على وارث في المرض لانه وصية ولا وصية لوارث وتعود ميراثا بين جميع الورثه ومن حبس حبسا في مرضه على ورثته وعلى اجنبيين معهم صح الحبس من ثلثه وقسم بين الورثه والاجنبيين ما شرطه فإذا انقرض ورثته جعل في الوجه الذي جعله بعد موتهم فيه ولو حبس على بعض ورثته دون بعض وعلى اجنبي مع الوارث قسم الحبس بين الوارث والاجنبي فما اصاب الوارث دخل معه فيه سائر الورثه على فرائضهم فاذا مات الوارث صار الحبس كله للاجنبي وقد قيل لا يرجع منه إلى الاجنبي الا حصته خاصة وحصة الوارث ترجع في الوجه الذي يرجع اليه ذلك الحبس وهو تحصيل المذهب فإذا مات الاجنبي رجع في الوجه الذي سبل فيه وكل حبس حبسه محبس من ربع او نخل او حيوان او رقيق او ثياب او غير ذلك فمات المحبس وذلك في يده لم يخرجه عن يده في الوجه الذي حبسه فيه فهو ميراث بين جميع الورثه ولا يكون حبسا الا ان يقول في مرضه انفذوا من ثلثه ويكون سبيله سبيل الوصايا لا يكون منه شيء للوارث ان لم يجزه الورثه الا ان يكون للحبس مرجع الى غير من يرث فيشترك الورثه اجمعون في ذلك الحبس ويضربون فيه بقدر فرائضهم فمن مات منهم رجع نصيبه الى ورثته ما بقي من الاولاد الاعيان احد فاذا انقرض احد ولد الاعيان رجع الحبس الى من سمى مرجعه اليه من الاباعد والوجوه التي جعل اليها مرجعه فمن ذلك انه يحبس الرجل في مرض موته على ولده وولد ولده ويحمله ثلث ماله وتخلف زوجته وابويه فيقسم الحبس على عدد الولد وولد الولد فما صار للولد الاعيان في حقهم شركتهم فيه الابوان والزوجه يقتسمون على فرائض الله فإن انقرض احد من ولد الاعيان رجع نصيبه على من بقي من الولد والاعيان وولد الولد فما صار للولد الاعيان شركهم فيه الابوان الزوجه او ورثتهم ان كانوا هلكوا يضربون في ذلك بمقدار فرائضهم فإن هلك الابوان او احدهما او هلكت الزوجه صار حظ من هلك منهم لورثته ما بقي من الولد الاعيان احد فإذا انقرض الولد الاعيان كلهم رجع الحبس بأجمعه الى ولد الولد وانقطع حق الابوين والزوجه وأوراثهم ومن حبس سيفا او دابه او ثوبا او عبدا على رجلين حياتهما ثم جعلهما في وجه اخر بعد وفاتهما فمات احد الرجلين رجع نصيبه على الاخر فاذا مات الاخر رجع في الوجه الذي جعله فيه بعدهما وقد قيل يرجع نصيبه على الاخر ولو كان الشيء مما ينقسم وله غلة او ثمره فمات احدهما لم يرجع نصيبه على صاحبه ورجع في الوجه الاخر وان حبس عليهما مسكنا فذلك على وجهين ان حبسه عليهما للسكنى كان كما ذكرنا فى العبد والدابة والسيف وإن كان حبسه عليهما ليستغلاه كان كما ذكرنا فيما يتجزأ وينقسم وشرط المحبس فيما حبسه نافذ مثل ان يحبس على الذكور من ولده دون الاناث منهم او على الإناث دون الذكور او على بعضهم دون بعض او على ان يخرج البنات من حبسه بعد التزويج وما شاء من هذا كله شرطه فيه ماض اذا كان في صحته ويكره له ان يحرم الاناث ويعطي الذكور فإن فعل جاز فعله لانه ماله يفعل فيه في صحته ما احب والاولى به التسويه بين ولده في العطايا كلها كما يسره ان يكونوا له في البر سواء وقد روي عن مالك قال ومن حبس على ذكور ولده واخرج النساء بطل الحبس وعاد ميراثا رواها ابن وهب وغيره وقال ابن وهب اخبرني يزيد بن عياض عن ابي بكر بن حزم ان عمر بن عبدالعزيز مات حين مات وانه ليريد ان يرد صدقات الناس التي اخرجوا منها النساء قال مالك ومن حبس وشرط ان من تزوج من بناته فلا حق لها الا ان يردها راد نقض ذلك حتى يرد الى الصواب قال مالك وفيه اختلاف والقضاة عندنا يجيزونه ونقضه احب الي وجائز لمن حبس عقارا من نخل او ربع او كرم او نحو ذلك على المساكين ان يلي حبسه بنفسه اذا كانت ولاية صحيحه للوجه المحبس عليه لايعلم انه اراد بها الانتفاع حياته ولواخرجها الى يد غيره يتولى ذلك كان اولى هذه رواية المدنيين عن مالك وروى عنه المصريون ان الربع والحوائط والارضين لاينفذ حبسها ولا يتم حوزها حتى يتولاها غير من حبسها واتفقوا عنه فيمن حبس خيلا او سلاحا فكان يحمل عليها ويسلمها الى اهل الغزو غزاه بعد غزاة وينصرف ذلك كله اليه فيقوم عليها للحبس ان ذلك كله حبس نافذ جائز ماض بعد موته وان كان ذلك بيده وحبس المشاع جائز إذا حيز على ما مضى في حيازة الهبة والصدقه ومن حبس حبسا على ولد له صغير فحيازته له حياة اذا لم يتصرف فيه لنفسه وكان تصرفه فيه لولده واذا لم يحز الكبير حبسه قبل موت ابيه فهو باطل وكل من حبس حبسا على اجنبي او غير اجنبي فلم يقبض منه ولم يخرج منه عن يده حتى مات فهو باطل ويرثه عنه ورثته ومن حبس دارا او دورا وحيزت وسكن اكثرها بطل الحبس اجمع وان سكن اليسير منها وهو الثلث فدون نفذ الحبس في جميعها وان كانت دورا عنده فسكن اليسير منها جازت كلها وان سكن الكثير منها بطلت كلها ما سكن منها وما لم يسكن وقال ابن القاسم يبطل ما سكن من الدور قليلا كان او كثيرا ونفذ حبس مالم يسكن منها قليلا كان او كثيرا وهذا فيمن حبس على ولد صغير او سفيه كبير ومقيم في ولايه نظرة فإن حبس على كبير من ولده دورا أو دارا واحدة فيسكن اليسير منها وقبض الكبير اكثر الحبس جاز فيما سكن ومالم يسكن وان سكن الاب المحبس اكثر الحبس وقبض الابن الكبير باقي الحبس جاز الحبس فيما قبض الكبير ولم يجز فيما لم يقبض وقد قيل لايجوز منه ايضا ما قبض اذا كان يسيرا واذا حبس الرجل على ولده وولد ولده او على عقبه وعقب عقبه فلاحق لولد البنات في حبسه ذلك الا ان يسميهم ويدخلهم فيه وانما ذلك لولده وولد ولده الذكور ما تناسلوا هذا مذهب جمهور اهل المدينه والحجه لهم في ذلك ان الله عز وجل : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ } (النساء: من الآية11) فأجمع العلماء انه لايدخل في ذلك ولد البنات وقال بعض شعراء اهل المدينه شعرا في هذا المعنى :
بنونا بنو ابنائنا وبناتنا ... بنوهن ابناء الرجال الاباعد
ومن حبس على ولده وولد ولده او على عقبه وعقب عقبه دخل بناته الاعيان مع ولده ودخل ولد ولده الذكور مع ولده واشترك الولد الاعيان وولد الولد الذكور مع ولده في ذلك ويؤثر اهل الحاجه منهم ابدا على الاغنياء ولا يكون اذا مات البنات الاعيان لولدهن شيء في ذلك ومن حبس دارا على اربعه نفر من ولده دون ولد ولده وشرط في حبسه ان مات منهم فولده على نصيب ابيه من الحبس فما اثنان منهم وتركا اولادا كان اولادهم على انصباء ابائهم فإن مات رجل من الباقين من الولد الاعيان ولم يخلف ولدا فحصته من الحبس راجعة على اخيه الثاني وعلى بني اخوته الهالكين قبله ويؤثر بذلك أهل الحاجه دون الاغنياء ولا يكون فيها قسمة لان الحاجه تنتقل من بعض الى بعض واذا قال الرجل في حبسه على ولدي ثم على ولد ولدي لم يدخل احد من ولد ولد مع الولد الاعيان حتى ينقرضوا واذا قال على ولدي وولد ولدي اشتركوا ويؤثر ابدا أهل الحاجه واذا تصدق الرجل على بناته بصدقه حبسها وشرط انهن اذا انقرضن فهن لذكور ولده فحازت البنات صدقتهن في صحة ابيهن وكانت بأيديهن ثم هلكن ولهن اخوة وبنو اخوه ذكورا دخلوا كلهم في حبس الجد ولم يؤثر بذلك الولد الاعيان دون ابنائهم ولو اشترط في حبسه على بناته انه ما حدث له من بنت فداخلة معهن في الحبس دخل في ذلك كل بنت تولد له وان ولد لولده الذكور بنات دخلن في ذلك مع عماتهن ومن حبس على آل فلان او على بني فلان كالافخاذ والبطون والقبائل فيه القوم وأبناؤهم وابناء ابنائهم ما وجد منهم أحد فإن لم يوجد منهم احد رجعت الى اقرب الناس بالمحبس على ما وصفناه ومن حبس على موالي فلان دخل في ذلك مواليه وموالي ابيه وموالي مواليه ما تناسلوا ويجتهد الحاكم في قسمة ذلك بينهم واذا اقر المحبس والمحبس عليهم وتوزعوا ذلك بوجه يجب لم يثبت الحبس باقرارهم حتى تشهد البينه انهم قد حازوا ومن اشترط في تحبيسه المرمه والاصلاح على المحبس عليه فالشرط باطل ومرمتها من غلتها ومن حبس عقارا فخرب لم يجز بيعه ومن حبس حيوانا فكبر وهرم فلا بأس ببيعه واستبدال مثله وقال عبدالملك بن عبدالعزيز لايجوز بيعه اعتبارا بالعقار وقد روي عن ربيعه انه يجوز بيع ما خرب ولم ترج عمارته من العقار المحبس على ان يجعل ثمنه في مثله وليس عليه العمل وقال مثله عبدالملك فيما يئس من عمارته ولا ينتفع به ان يجعل ثمنه في مثله وقال بقول ربيعه في جواز بيع الاحباس طائفة من المالكين وتحبيس الخيل في سبيل الله جائز واختلف قول مالك في تحبيس غير الخيل من الحيوان فكرهه مرة وجوزه اخرى ومن حبس ماشيه لم يمنع ذلك من زكاتها اذا كانت نصابا وكذلك الثمره ومن حبس خيلا او سلاحا وأشهد على ذلك ولم يغز على الخيل ولا اسلم السلاح الى احد يغزو بها حتى مات وهي في يده فهو باطل وينصرف ميراثا بين ورثته ولو كان قد حمل على الخيل في سبيل الله فكانت ترد إليه للعلف بعد القفل وكذلك السلاح فيقوم بعلف الخيل وصلاح شأنا وشأن السلاح الى ان يحضر الغزو ومات وهي في يده لم يضر ذلك بالحبس وكان حبسا نافذا ماضيا ومن حبس رقيقا في سبيل الله استخدموا في سبيل الله البر والخير ولا يباعون الا ان يعجزوا عن الخدمه فيصنع بهم ما يصنع بالفرس اذا حكم وذلك ان يباع ويشترى بثمنه هجين فإن لم يبلغ فبرذون فإن لم يبلغ أعين بثمنه في ثمن فرس في سبيل الله والثياب المحبسه اذا بلغت مبلغا لا ينتفع بها بيعت وأعين بذلك في سبيل الله ومن جعل شيئا في سبيل الله فأولاه عند مالك الثغور وموضع الرباط وسبل الله كثيره وقد ذكرنا من ذلك وجوها في قسم الصدقات
● [ باب العمرى وما كان مثلها ] ●
العمرى عند مالك واصحابه والسكنى سواء والاعمار والاسكان عندهم شيء واحد ولا يملك بلفظ العمرى عندهم الا المنافع دون الرقاب كالسكنى سواء وهي على ملك صاحبها تنصرف اليه اذا مات الذي يعطاها وسواء قال اعمرتك وعقبتك او اعمرتك فقط اذا انقرض المعمر وانقرض عقبه رجعت إلى ربها ان كان حيا والا الى ورثته لان الرقبه على ملكه موروثه عنه وكأنه عندهم شرط له انه انما ينتفع بذلك عمره او عمر ولده فقط وسواء قال حياتك او عمرك او سنين يسميها والعمرى الذي عندهم من باب المنحه في لبن الناقه والشاه وقد بينا الحجة لهم ومعنى قولهم في كتاب التمهيد والعمرى جائزه في الاصول من العقار كله وفي الرقيق والحيوان كله ولا يجوز للمعمر ان يبيع ما أعمر ولا أن يخرجه عن ملكه حتى تنصرف اليه على شرطه عند موت المعمر او موت ولده او عند انقضاء السنين المذكوره له فإن مات قبل انقضائها فورثته في ذلك بمنزلته وتحتاج العمرى الى القبض فإن مات ربها قبل ان يقبضها المعمر بطلت الا ان يقول في مرضه انفذوها له فتكون في ثلثه وصيه يضرب بها مع غيره وجائز عند مالك لرب الرقبه ان يرضي المعمر من سكناها ويسترجع داره وسواء فى ذلك السنون المسماة أو العمر المجهول لأنه من باب المعروف عندهم لا من باب البيع وسواء عندهم سكنى الدار وخدمة العبد وركوب الدابه ولبن المنحه يشترى ذلك المعطي بما شاء من الذهب والفضه والعروض كلها مأكوله وغير مأكوله نقدا او نسيئه كيف شاء وجائز لمن أعمر أو أسكن أو منح أن يبيع ما كان له من ذلك ممن يقوم مقامه لما يجوز في البيوع وليس عند مالك الرقبى بشيء وهي عند اصحابه كالعاريه ومن اسكن رجلا مسكنا الى اجل فمات الساكن قبل الاجل فذلك لورثته الى تمام اجله وليس ذلك مثل النفقه يوصي بها رجل على رجل مده
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي
تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
منتدى ميراث الرسول - البوابة