منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد Empty القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الأربعاء فبراير 10, 2021 4:38 am

    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد Fekyh_10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقه الإسلامي
    الفوائد في اختصار المقاصد
    القسم الأول من الكتاب
    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد 1410
    ● [ المقدمة ] ●

    بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر بخير
    أخبرني الشيخ الإمام الفاضل عثمان بن بلبان المعالمي في شهر رمضان سنة عشرة قال أخبرني الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة مفتي المسلمين أبو عبد الله محمد بن محمد بن بهرام الشافعي أثابه الله الجنة بقراءتي عليه يوم الأحد السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبع مئة بحلب المحروسة قلت له أخبرك الشيخ العلامة شيخ الإسلام مفتي الفرق أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم الشافعي بقراءتك عليه قال نعم قلت له قلت ( الحمد لله ذي الجود والإحسان والفضل والإمتنان وصلى الله على نبيه المبعوث بالأمر والعدل والإحسان وبالنهي عن الفساد والطغيان فلم يترك صلى الله عليه وسلم شيئا يقرب من الجنان ويبعد من النيران إلا أمر به ولم يدع شيئا يقرب من النيران ويباعد من الجنان إلا نهى عنه )
    ● [ فصل في بيان المصالح والمفاسد ] ●

    أما بعد فإن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لإقامة مصالح الدنيا والآخرة ودفع مفاسدهما
    والمصلحة لذة أو سببها أو فرحة أو سببها
    والمفسدة ألم أو سببه أو غم أو سببه
    ولم يفرق الشرع بين دقها وجلها وقليلهما وكثيرهما كحبة خردل وشق تمرة وزنة برة ومثقال ذرة { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } الزلزلة 99 / 8 - 7
    ● [ فصل في بيان الإحسان المأمور به ] ●

    كتب الله سبحانه الإحسان على كل شيء وأخبر أنه يأمر به على الدوام والاستمرار بقوله { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } النحل 16 / 90 ورغب فيه بقوله { إن الله يحب المحسنين } البقرة 2 / 195 وإن أمرا يكون سببا لحب الله سبحانه لجدير بأن يحرص عليه ويتنافس فيه ويبادر إليه ولا يتقيد ذلك الإحسان بالإنسان بل يجري في حق الملائكة عليهم السلام فإنهم يتأذون مما يتأذى منه الناس بل يجري في حق الحيوان المحترم بل في غير المحترم لقوله صلى الله عليه وسلم إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته وقد جعل لمن قتل الوزغ في الضربة الأولي مئة حسنة وفي الثانية سبعين لأن قتله بضربة واحدة أهون عليه من قتله بضربتين
    والإحسان منحصر في جلب المصالح ودرء المفاسد وهو غاية الورع أعلاها إحسان العبادات وهو أن تعبد الله عز وجل كأنك تراه فإن لم تكن تراه فقدر أنه يراك وأفضلهما أن تعبد الله عز وجل مقدرا أنك تراه فإنك إذا قدرت في عبادتك ترى المعبود فإنك تعظمه غاية التعظيم وتجله أعظم الإجلال واعتبر ذلك لها صورة الأكابر والملوك فإن من نظر إلى ملك بنظر إليه فإنه يعظمه أبلغ التعظيم ويهابه أتم المهابة ويتقرب إليه بغاية ما يقدر عليه وهذا محكوم بالعادات فإن عزفت عن تقدير رؤيتك إياه فقد ترى أنه يراك وينظر إليك فإنك تستحي منه وتأتي بعبادته على أتم الوجوه
    النوع الثاني الإحسان إلى الخلائق وذلك إما بجلب المنافع أو بدفع المضار أو بهما ولا فرق بين قليله وكثيره وجليله وحقيره فإن { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } الزلزلة 99 / 7 { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } الأنبياء 21 / 47 وفي الحديث كل معروف صدقة ولو أن تلقى أخاك وأنت منبسط إليه وجهك وفي الحديث لا تحقرن جارة لجارتها ولا فرسن شاة وفي الحديث تصدقوا ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة وعلى الجملة فالإحسان مكتوب على كل شيء وكل معروف صدقة كالكلمة الطيبة وطلاقة الوجه وتبسمه وانبساطه وهداية الطريق
    النوع الثالث إحسان المرء إلى نفسه بجلب ما أمر الله بجلبه من المصالح الواجبة والمندوبة ودرء ما أمر الله بدرئه عنها من المفاسد المحرمة والمكروهة ولا فرق بين قليله وكثيره وجليله وحقيره { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } الزلزلة 99 / 8 - 7 و { من يعمل سوءا يجز به } النساء 4 / 123 { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها } الأنبياء 21 / 47
    ● [ فصل في بيان الإساءة المنهي عنها ] ●

    الإساءة منحصرة في جلب المفاسد ودرء المصالح وهي متعلقة بالعبادات وبنفس المكلف وغيره من الأناس والحيوانات والمحترمات وعلى الجملة فلا يرجع بشيء من جلب المصالح ودرء المفاسد وأسبابهما إلى الديان لاستغنائه به عن الأكوان وإنما يعود نفعهما وضرهما على الانسان ومن أحسن فلنفسه سعى ومن أساء فعلى نفسه جنى
    وإحسان المرء إلى نفسه أو إلى غيره إما بجلب مصلحة دنيوية أو أخروية أو بهما وإما بدرء مفسدة دنيوية أو أخروية أو بهما
    وإساءته إلى نفسه وإلى غيره إما بجلب مفسدة دنيوية أو أخروية أو بهما أو بدرء مصلحة دنيوية أو أخروية أو بهما ولكل من أحسن إلى نفسه كان أجره مقصورا عليه وكل من أحسن إلى غيره كان محسنا إلى نفسه وإلى غيره وكل من أساء إلى نفسه كان وزره مقصورا عليه وكل من أساء إلى غيره فقد بدأ بالإساءة إلى نفسه وإذا اتحد نوع الإساءة والإحسان كان عامهما أفضل من خاصهما وليس من يصلح بين جماعة كمن أصلح بين اثنين وليس من أفسد بين جماعة كمن أفسد بين اثنين وليسن من تصدق على جماعة أو علم جماعة أو ستر جماعة أو أنقذ جماعة من الهلاك كمن اقتصر على واحد أو اثنين

    ●●● فائدة في الحث على تحصيل المصالح ودرء المفاسد
    وقد حث الرب سبحانه على تحصيل مصالح الآخرة بمدحها ومدح فاعليها وبما رتب عليها من ثواب الدنيا والآخرة وكرامتهما وزجر سبحانه عن ارتكاب المفاسد بذمها وذم فاعليها وبما رتبه عليها من عقاب الدنيا والآخرة وإهانتهما
    ويعبر عن المصالح والمفاسد بالمحبوب والمكروه والحسنات والسيئات والعرف والنكر والخير والشر والنفع والضر والحسن والقبح
    والأدب أن لا يعبر عن مشاق العبادات ومكارهها بشيء من ألفاظ المفاسد وأن لا يعبر عن لذات المعاصي وأفراحها بشيء من ألفاظ المصالح وإن كانت الجنة قد حفت بالمكاره و حفت النار بالشهوات
    وجلب المصالح ودرء المفاسد أقسام
    أحدها ضروري
    والثاني حاجي
    والثالث تكميلي
    فالضروري الأخروي في الطاعات هو فعل الواجبات وترك المحرمات والحاجي هو السنن المؤكدات والشعائر الظاهرات والتكميلي ما عدا الشعائر من المندوبات والضروريات الدنيوية كالمآكل والمشارب والملابس والمناكح
    والتكميلي منها كأكل الطيبات وشرب اللذيذات وسكنى المساكن العاليات والغرف الرفيعات والقاعات الواسعات
    والحاجي منها ما توسط بين الضرورات والتكميلات
    ● [ فصل في تفاوت رتب المصالح والمفاسد ] ●

    ثم تنقسم المصالح إلى الحسن والأحسن والفاضل والأفضل كما تنقسم المفاسد إلى القبيح والأقبح والرذيل والأرذل ولكل واحد منها رتب عاليات ودانيات ومتوسطات متساويات وغير متساويات
    ولا نسبة لمصالح الدنيا إلى مصالح الآخرة لأنها خير منها وأبقى ولا نسبة لمفاسد الدنيا إلى مفاسد الآخرة لأنها شر منها وأبقى
    ومصالح الإيجاب أفضل من مصالح الندب ومصالح الندب أفضل من مصالح الإباحة كما أن مفاسد التحريم أرذل من مفاسد الكراهة
    ● [ فصل في بيان مصالح الدارين ومفاسدهما ] ●

    مصالح الآخرة ثواب الجنان ورضا الديان والنظر إليه والأنس بجواره والتلذذ بقربه وخطابه وتسليمه وتكليمه
    ومفاسدها عذاب النيران وسخط الديان والحجب عن الرحمن وتوبيخه ولعنه وطرده وإبعاده وخسؤه وإهانته
    ولا تقع أسباب مصالح الآخرة ومفاسدها إلا في الدنيا إلا الشفاعة
    ولا قطع بحصول مصالح الآخرة ومفاسدهما إلا عند الموت فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا باع أو ذراع فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقي بينه وبينها إلا باع أو ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة
    وأما مصالح الدنيا ومفاسدها فتنقسم إلى مقطوع ومظنون وموهوم أمثلة ذلك الجوع والشبع والري والعطش والعري والاكتساء والسلامة والعطب والعافية والأسقام والأوجاع والعز والذل والأفراح والأحزان والخوف والأمن والفقر والغنى ولذات المآكل والمشارب والمناكح والملابس والمساكن والمراكب والربح والخسران وسائر المصائب والنوائب
    ولا يعرف مصالح الآخرة ومفاسدها إلا بالشرع ويعرف مصالح الدنيا ومفاسدها بالتجارب والعادات
    ● [ فصل فيما يبنى عليه المصالح والمفاسد ] ●

    من المصالح والمفاسد ما يبنى على العرفان
    ومنها ما يبنى على الاعتقاد في حق العوام وأكثرها يبنى على الظن والحسبان لإعواز اليقين والعرفان
    وأقلها مبني على الشكوك والأوهاوم كما في إلحاق النسب في بعض الأحيان
    ومعظم الورع مبني على الأوهام
    فمن المصالح ما لا يتعلق به مفسدة ولا يجده إلا واجبا أو مندوبا أو مباحا
    ومن المفاسد ما لا يتعلق به مصلحة ولا يجده إلا مكروها أو حراما وكل كسب خلا عن المصلحة والمفسدة ولم يكن في نفسه مصلحة ولا مفسدة فحكمه حكم الأفعال قبل ورود الشرع
    وللمصالح تعلق بالقلوب والحواس والأعضاء والأبدان والأموال والأماكن والأزمان والذمم والأعيان أو بالذمم والأعيان
    ● [ فصل في الوسائل ] ●

    للمصالح والمفاسد أسباب ووسائل وللوسائل أحكام المقاصد من الندب والإيجاب والتحريم والكراهة والإباحة
    ورب وسيلة أفضل من مقصودها كالمعارف والأحوال وبعض الطاعات فإنها أفضل من ثوابها
    والإعانة على المباح أفضل من المباح لأن الإعانة عليه موجبة لثواب الآخرة وهو خير وأبقى من منافع المباح
    ويتفاوت الثواب والعقاب والزواجر العاجلة والآجلة بتفاوت المصالح والمفاسد في الغالب
    واعلم أن فضل الوسائل مترتب على فضل المقاصد والأمر بالمعروف وسيلة إلى تحصيل ذلك المعروف والنهي عن المنكر وسيلة إلى دفع مفسدة ذلك المنكر فالأمر بالإيمان أفضل من كل أمر والنهي عن الكفر أفضل من كل نهي والنهي عن الكبائر أفضل من النهي عن الصغائر والنهي عن كل كبيرة أفضل من النهي عما دونها وكذلك الأمر بما تركه كبيرة أفضل من الأمر بما تركه صغيرة ثم تترتب فضائل الأمر والنهي على رتب المصالح والمفاسد وتترتب رتب الشهادات على رتب المشهود به من جلب المصالح ودرء المفاسد وكذلك الفتاوى وكذلك يترتب رتب المعونات والمساعدات على البر والتقوى على رتب مصالحهما كما يترتب المعاونة على الإثم والعدوان على ترتيبهما في المفاسد
    وبالجملة فالولايات كلها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحمل الشهادات وأداؤها وسماعها والحكم بها كل ذلك وسيلة إلى جلب مصلحته المبنية عليه أو درء المفسدة الناشئة عنه وكذلك التصرفات الشرعية وسائل إلى تحصيل مفاسدهما سواء كانت معاوضة أو غير معاوضة وكذلك إلى جميع الطاعات والعبادات وإلى المعاصي والمخالفات وإثم وسائل المفاسد دون إثم المفاسد كما أن أجر وسائل المصالح دون أجر المصالح وقد يتوصل بالقول الواحد والعمل الواحد إلى ألف مصلحة وألف مفسدة
    ● [ فصل في اجتماع المصالح ] ●

    إذا اجتمعت مصالح أخروية فإن أمكن تحصيلها حصلناها وإن تعذر تحصيلها قإن تساوت تخيرنا بينها وقد يقرع فيما نقدم منها وإن تفاوتت قدمنا الأصلح فالأصلح ولا نبالي بفوات الصالح ولا يخرج بتقويته عن كونه صالحا
    وإن اجتمعت مصالح المباح اقتصرنا في حق أنفسنا على الكفاف ولا ننافس في تحصيل الأصلح
    وتقدم الأصلح فالأصلح في حق كل من لنا عليه ولاية عامة أو خاصة إن أمكن فلا نفرط في حق المولى عليه في شق تمرة ولا في زنة برة ولا مثقال ذرة ويكون أجر السعي في ذلك
    ● [ فصل في اجتماع المفاسد ] ●

    إذا اجتمعت المفاسد فإن أمكن درؤها درأناها وإن تعذر درؤها فإن تساوت رتبها تخيرنا وقد يقرع وإن تفاوتت درأنا الأفسد فالأفسد ولا يخرج الفاسد بارتكابه عن كونه مفسدة كما في قطع اليد المتآكلة وقلع السن الوجعة وقتل الصائل على درهم وقطع السارق في ربع دينار
    ● [ فصل في اجتماع المصالح والمفاسد ] ●

    إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن دفع المفاسد وتحصيل المصالح فعلنا ذلك وإن تعذر الجمع فإن رجحت المصالح حصلناها ولا نبالي بارتكاب المفاسد وإن رجحت المفاسد دفعناها ولا نبالي بقوات المصالح
    وقد تنشأ المصلحة عن المفسدة والمفسدة عن المصلحة
    وقد تنشأ المفسدة عن المفسدة والمصلحة عن المصلحة
    وقد تقترن المصلحة بالمفسدة ولا تنشأ إحداهما عن الأخرى
    وإذا ظهرت المصلحة أو المفسدة بني على كل واحدة منهما حكمها وإن جهلنا استدل عليهما بما يرشد إليهما
    وإذا توهمنا المصلحة المجردة عن المفسدة الخالصة أو الراجحة احتطنا لتحصيلها
    وإن توهمنا المفسدة المجردة عن المصلحة الخالصة أو الراجحة احتطنا لدفعها
    ولا فرق بين مصالح الدنيا والآخرة في ذاك
    وأسباب مصالح الآخرة العرفان والطاعة والإيمان
    وأسباب مفاسدها الكفر والفسوق والعصيان
    والاحتياط للأسباب والوسائل كالاحتياط للمسببات والمقاصد
    ومصالح الدنيا لذات المباحات ونفعها
    ولا ننافس لأنفسنا إلا في مصالح الآخرة
    وننافس في مصالح الدارين لكل من لنا عليه ولاية
    فصل في انقسام المصالح إلى دنيوي وأخروي ومركب منهما
    الإحسان إلى الناس إما بجلب مصلحة أو درء مفسدة أو بهما وكذلك إحسانك إلى نفسك
    والإساءة إلى الناس إما بجلب مفسدة أو دفع مصلحة أبو بهما وكذلك إساءتك إلى نفسك
    ولا فرق في ذلك بين الرعاة والرعايا
    وكذلك نهى عن الولايات من لا يقوم بإتمامها من جلب المصالح ودفع المفاسد وإنما نهي عن الولايات في حق الضعفة مع ما فيها من الإحسان بجلب المصالح ودرء المفاسد لما تشتمل عليه من مفاسد الإعجاب والكبر والتحامل على الأعداء والبغضاء والنظر للأولياء والأصدقاء والأقرباء
    ● [ فصل في تبيان حقيقة المصالح والمفاسد ] ●

    كل مصلحة أوجبها الله عز وجل فتركها مفسدة محرمة
    وكل مفسدة حرمها الله تعالى فتركها مصلحة واجبة
    وفي كل مفسدة كرهها الله فتركها مفسدة غير محرمة
    وكل مصلحة ندب الله سبحانه إليها فتركها قد يكون مفسدة مكروهة وقد لا يكون مكروهة
    وكل مصلحة خالصة عن المفاسد فهي واجبة أو مندوبة أو ما دونه
    وكل مفسدة خالصة من المصالح فهي محرمة أو مكروهة
    وكل مصلحتين متساويتين يمكن الجمع بينهما جمع بينهما
    وكل مصلحتين متساويتين يتعذر الجمع بينهما فإنه يتخير بينهما
    وكل مفسدتين متساويتين يمكن درؤهما فإنه يتخير بينهما
    وكل مصلحتين إحداهما راجحة على الأخرى لا يمكن الجمع بينهما تعين أرجحهما
    وكل مفسدتين أحدهما أقبح من الأخرى لا يمكن درؤهما تعين دفع أقبحهما
    وكل مصلحة رجحت على مفسدة التزمت المصلحة مع ارتكاب المفسدة
    وكل مفسدة رجحت على مصلحة دفعت المفسدة بتفويت المصلحة
    وكل ما غم وآلم فهي مفسدة
    وكل ما كان وسيلة إلى غم أو إلى ألم دنيوي أو أخروى فهو مفسدة لكونه سببا للمفسدة سواء كان في عينه مصلحة أو مفسدة
    وكل الدواء فرح فهو مصلحة
    وكل ما كان وسيلة إلى فرح أو لذة عاجلة أو آجلة فهو مصلحة
    وكل ما كان وسيلة إلى فرح أو لذة عاجلة أو آجلة فهو مصلحة وإن اقترنت به مفسدة
    وكل ما أوجبه الله من حقوقه أو حقوق عباده فتركه مفسدة محرمة إلا أن يقترن بتركه مصلحة تقتضي جواز تركه أو إيجابه أو الندب إلى تركه
    وكل ما حرمه الله سبحانه مما يتعلق به أو بعباده ففعله مفسدة إلا أن تقترن به مصلحة تقتضي جواز فعله أو إيجابه أو الندب إليه
    وإذا اجتمعت مصالح بعضها أفضل من بعض قدم الأفضل فالأفضل وقد يخير بالقرع بينهما كالتخيير بين الظهر والجمعة في حق المعذورين وكالتخيير بين الانفراد والجماعات في حق المعدودين وكالتخيير بين خصال الكفارات بين الفاضل والأفضل والصالح والأصلح في حق المعذور وغيره
    فالحمد لله الذي دعانا إلى ما فيه صلاحنا في أولانا وأخرانا ونهانا عما فيه فسادنا في دنيانا وأخرانا وأمرنا بكل حسن واجب أو مندوب ونهانا عن كل قبيح محرم أو مكروه وأمرنا أن ندعوه بمثل ذلك عطفا علينا وإحسانا إلينا والسعيد من أطاعه واتقاه والشقي من خالفه وعصاه سبقت الأقدار بذلك وجفت به الأقلام
    ومن رحمته سبحانه أن طلب منا القيام بجلب مصالح الدنيا والآخرة ومصالحهما الأفراح واللذات
    ومن رحمته سبحانه أن طلب منا القيام بدرء مفاسد الدنيا والآخرة ومن مفاسدها الغموم والآلام ولكنه أمرنا بالتنافس في المصالح الأخروية ونهى عن التنافس في المصالح الدنيوية التي تتعلق بأنفسنا وندبنا إلى الاقتصاد والاقتصار على الكفاف منها وأذن لنا في كل مصلحة مباحة رفقا بنا وإحسانا إلينا

    ●●● فائدة في بيان أن الشريعة جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد
    من مارس الشريعة وفهم مقاصد الكتاب والسنة علم أن جميع ما أمر به لجلب مصلحة أو مصالح أو لدرء مفسدة أو مفاسد أو للأمرين وأن جميع ما نهي عنه إنما نهي عنه لدفع مفسدة أو مفاسد أو جلب مصلحة أو مصالح أو للأمرين
    والشريعة طافحة بذلك وقد خفا بعض المصالح وبعض المفاسد على كثير من الناس فليبحثوا عن ذلك بطرقه الموصلة إليه
    وكذلك قد يخفى ترجيح بعض المصالح على بعض وترجيح بعض المفاسد على بعض
    وقد يخفى مساواة بعض المصالح لبعض ومساواة بعض المفاسد لبعض
    وكذلك يخفى التفاوت بين المفاسد والمصالح فيجب البحث عن ذلك بطرقه الموصلة إليه والدالة عليه ومن أصاب ذلك فقد فاز بقصده وبما ظفر به ومن أخطأ أثيب على قصده وعفي عن خطئه رحمة من الله سبحانه ورفقا بعباده
    ● [ فصل في الناجز والمتوقع من المصالح والمفاسد ] ●

    المصالح والمفاسد ضربان أحدهما ناجز والثاني متوقع
    فقتل المؤذيات عند صيالها مفسدة للصائل فآخره مصلحة للمصول عليه ناجزة ولو لم يصل لكان قتلها مفسدة ناجزة لها درءا لمفسدة متوقعة منها والتداوي من الأمراض دفع لمفسدة ناجزة أو تحصيل لمصلحة ناجزة وشرب الأدوية المرة تحصيل لمصلحة ناجزة أو درء لمفسدة ناجزة وقتال الكفار والبغاة والممتنعين من أداء الحقوق درء لمفسدة ناجزة والأمر بالمعروف تارة يكون لمصلحة كالأمر بالواجبات على الفور وتارة يكون لمصلحة متوقعة أكثر من الناجزة والإمامة العظمى وسيلة إلى جلب المصالح الناجزة والمتوقعة وإلى دفع المفاسد الناجزة والمتوقعة وكذلك القضاء والشهادة وإعانة الأئمة والحكام على ما يتولونه من ذلك ومصالح الأئمة منها أخروية ومصالح المتولي عليهم تنقسم إلى دنيوية وأخروية وكذلك الولايات في الأمور الخاصة كقلع عين الناظر إلى الحرم في البيوت دفعا لمفسدة النظر إلى الحرم بمفسدة قلع العين
    والعقوبات الشرعية كلها مفسدة ناجزة في حق العاقب لأنها عامة له موطئة مصلحة لزجره وزجر أمثاله في الاستقبال والغالب تفاوت العقوبات بتفاوت المفاسد والنفقات مصلحة للمنفق عليه عاجلة وللمنفق آجلة والإعتاق مصلحة ناجزة للمعتق آجلة للعتق ويتوقع منه مصلحة الولايات بالإرث وملك جارية الابن بإحبال الأب مفسدة في حق الابن مصلحة للأب لا أعرف شاهدا لها بالاعتبار
    وأبواب المعروف ضروب الإحسان كلها دقها وجلها مصالح دنيوية أو أخروية في حق المبذول له أخروية في حق باذلها يختلف آخرها باختلاف فضلها وشرفها فأدناها مثقال ذرة من الخير
    والمنهيات كلها دقها وجلها من مثقال ذرة فما فوقها مفاسد في حق مرتكبيها إما عاجلة أو آجلة ووزرها متفاوت بتفاوت قبحها وأدناها مثقال ذرة
    والإساءة إلى الناس دقها وجلها مفاسد في حق المساء إليه في العاجل مكفرة لذنوبه في الآجل موجبة للأخذ من ثواب حسنات المسيء وهاتان مصلحتان عظيمتان فإن رضي المصاب بذلك أو جبر عليه حصل على أجر الصابرين والراضين ولذلك فرح الأكابر بالبلاء كما يفرحون بالرخاء
    والنذر مصلحة للناذر في الآجل يتفاوت أجرها بتفاوت شرفها فإن كان المنذور مختصا بالناذر كالأذكار والحج والعمرة والطواف والاعتكاف كان مصلحة آجلة فإن تعدى نفعه إلى غيره فقد يكون في دين المبذول له وقد يكون في دنياه وقد يكون فيهما وإن كان في أخراه كان مصلحتهما أخرويتين ويتفاوت أجر ذلك بتفاوت ما يجلبه من مصلحة أو يدرؤه من مفسدة
    والكفارات إحسان جائز لما فات من المصالح بارتكاب مهماتها فكفارات الحج بالأسباب الجائزة إذ الواجبة جائزة لما فات من تكميل الحج ومصلحتها آجلة للمكفرات إن كانت بالقيام وإن كانت بالمال فهي آجلة لباذلها عاجلة لمن تبذل له وكفارة اليمين الواجب منها أو المباح أو المندوب جائزة لإخلاف الحلف وهي مفسدة مقتضية للتحريم لكن الشرع أباحها لمسيس الحاجة إلى الإخلاف بمجبر ذلك الإخلاف بالكفارة وإن كان في الكفارة أجر فالجبر أغلب ولذلك يجب مع انتفاء المأثم كما تجب الزكوات وأبدال العبادات
    والحجر مفسدة في حق البالغ العاقل لكنه جائز في حق العبد والمريض والمفلس تقديما لمصلحة السيد والورثة وغرماء المفلس على مصلحة المحجور عليه وهو في حق السفيه لمصلحته
    وحجر الصبي والمجنون مصلحة لا يقترن بها مفسدة وسقوط القضاء عن الأصول وفروع الفروع مصلحة لهم مفسدة في حق الفروع
    وقتل المسلم بالكافر والحر بالعبد مفاسد يأنف منها العاقل بخلاف قتل الرجل بالنساء والصلح مع الكفار فيه مصلحة حفظ حقوق المسلمين وحقن دمائهم وفيه مفسدة الكفر فيجوز في أربعة أشهر ولا يجوز في أكثر من سنة لكثرة المفسدة وفيما بينهما خلاف لتردده بينهما ويجوز عند ضرورة المسلمين وخوفهم عشر سنين لفرط مصلحة وعظم المفسدة في تركه وعقوبات الشرع كلها مفاسد للمعاقب لأجل إيلامها لكن رجحت مصالح الزجر في حقه وحق غيره فأحلت وهي مصالح لها من جهة أنها روادع وكفارات وكذا قتال الكفار والبغاة والممتنعين من أداء الحقوق بالقتال درءا لمفسدة
    والحوالة مصلحة للمحيل ببراءة ذمته فإن كان المحال عليه أحسن قضاء كان ذلك مصلحة للمحتال وإن كان سيء القضاء فإن ذلك مفسدة جائزة التحمل
    والوقف مصلحة أخروية فإن شرط النظر لنفسه أثبت على الوقف وعلى النظر وإن وصى به إلى أقوم به وأفضل وقفه يتفاوت أجر مصارفه وقد تكون مصالح مصارفه دنيوية وأخروية والوقف المتصل أفضل من المنقطع عند من صحح المنقطع
    وفي الوصايا مصلحتان أحدهما للموصي في الآجل وهي مختلفة باختلاف رتب الموصى به البائنة للموصى له وهي ضربان أحدهما ما لم يوقف على شرط فمصلحته إلا أن يصرفه الموصى له في شيء من القربات فتكون مصلحته آجلة الضرب الثاني ما تعلق استحقاقه على قربة كالوصية للحجاج والغزاة والفقهاء والقراء فيكون مصلحة الموصى له عاجلة وآجلة والدعاء مصلحة يترتب عليها مصلحة الإجابة وهو متوقع والإجابة بجلب مصالح أو بدرء مفاسد أو بهما
    وإفشاء السلام مصلحة يترتب عليها مصالح المحبة
    وإطابة الكلام مصلحة يترتب عليها مصالح تأليف القلوب
    وعيادة المرضى مصلحة يترتب عليها جبر المريض وإثابة العائد والعمل والتكفير
    والحمل والدفن مصالح يترتب عليها إكرام الميت وجبر قلوب أهله وإثابة فاعل ذلك
    والصلاة على الميت مصلحة آجلة للمصلي والمصلى عليه أما للمصلي فبالثواب وأما للمصلي عليه فبجلب مصالح الآخرة ودرء مفاسدها لقوله عليه الصلاة والسلام اللهم عافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله ففي قوله عافه وأكرم نزله ووسع مدخله جلب لمصالح الآخرة والتعزية مصلحتها للمعزي أجر الآخرة لأن من عزى مصابا فله مثل أجره ولأهل الميت بالتسلية بحسن الصبر أو الرضا بالقضاء
    والصبر على البلاء وما يرجى من إجابة الدعاء وإطعام أهل الميت وبذل الأموال كلها والمنافع بأسرها إذا أريد بها وجه الله تعالى فيها مصلحتان إحداهما للباذل أخروية فإن كان يرتاح إلى العطاء فطوبى له وإن كان ممن يشح بنفسه فجاهد نفسه حتى بذلها فله أجران إحداهما على جهاد نفسه والثاني على بذلها المصلحة الماسة للمبذولة وهي مصلحة عاجلة ولذلك كانت اليد العليا خيرا من اليد السفلى لأن مصلحتها أخروية دائمة ومصلحة اليد السفلى دنيوية منقطعة
    وفي الصلح فائدة أخروية للمسامح ودنيوية للمسامح وللمتوسط بينهما أجر المسبب إلى المصلحتين
    ومن توكل تبرعا كانت مصلحته أخروية ومصلحة الموكل دنيوية وإن توكل بجعل كانت المصلحتان دنيويتين إلا أن سامح ببعضها ومن توكل في طاعة كالحج والعمرة فإن تبرع كانت المصلحة أخروية ومصلحة الوكيل دنيوية وإن شرط عوض المثل وسامح في العوض كانت مصلحته دنيوية وأخروية
    والعارية مصلحة أخروية للمعير إذا قصد بذلك وجه الله سبحانه دنيوية للمستعير وقد تكون أخروية من الطرفين كاستعارة سلاح الجهاد وجننه وجمله واستعارة المصاحف وكتب العلم والحديث
    وكذلك القرض مصلحة أخروية للمقرض إذا قصد به وجه الله عز وجل دنيوية للمقرض إن صرفه في مصالح دنياه وإن صرفه في مصالح أخراه صارت مصلحة القرض أخروية من الطرفين
    والإباحات والضيافات مصالحها لباذلها أخروية إذا قصد بها وجه الله ولقابليها دنيوية
    وأما إطعام المضطرين ودفع الصوال عن الضعفاء وإنقاذ الغرقى وتخليص كل مشرف على الهلاك كلها أخروية لمن قصد بها وجه الله عز وجل ودنيوية للمنقذ من ذلك الضرب وأجور هذه الوسائل أفضل من مقاصدها دنيوية فائتة وأجور وسائلها أخروية باقية
    وأما الشفاعات فمصالحها للشافعين أخروية إذا قصدوا بذلك وجه الله عز وجل
    وأما المشفوع لهم فإن كانت الشفاعة في أمر دنيوي فهي دنيوية وسيلتها خير منها وإن كانت أخروية كمن يشفع تعليم علم أو إعانة على عبادة من العبادات كالجهاد والحج فهي للمشفوع له أخروية وأجر المشفوع إليه أفضل من أجر الشافع لأن الشافع مسبب والمشفوع إليه مباشر والمقاصد أفضل من الوسائل
    ● [ فصل في بيان الحقوق ] ●

    والحقوق أربعة
    حق الله تعالى على العباد
    وحق لكل عبد على نفسه
    وحق لبعض العباد على بعض
    وحق للبهائم على العباد
    وهي منقسمة إلى
    فرض عين
    وفرض كفاية
    وسنة عين
    وسنة كفاية
    وليس في حق العبد على نفسه فرض كفاية ولا سنة كفاية
    فمن الحقوق ما يكون أخرويا محضا كالعرفان والإيمان والنسكين والطواف والاعتكاف
    ومنها ما يكون دنيويا محضا كلذات المآكل والمشارب والملابس والمناكح
    ومنها ما يكون أخرويا لباذليه دنيويا لقابليه كالإحسان بدفع المباح أو بالإعانة عليه
    ● [ فصل في كذب الظن في المصالح والمفاسد ] ●

    كذب الظنون نادر وصدقها غالب ولذلك يبنى جلب مصالح الدارين ودفع مفاسدهما على ظنون غالبة متفاوتة في القوة والضعف والتوسط بينهما على قدر حرمة المصلحة والمفسدة ومسيس الحاجة
    فمن بنى على ظنه في المصالح والمفاسد ثم ظهر صدق ظنه واستمر ظنه بذلك فقد أدى ما عليه
    وعلى الجملة فالزكوات والكفارات والعمرى والرقبى والأوقاف والوصايا والهبات والعواري وجميع ما ينفع الناس من أصناف التبرعات والمندوبات والواجبات يختلف شرف ذلك باختلاف شرف المبذول وفضله
    ومن أتى مصلحة يظنها أو يعتقدها مفسدة كبيرة ثم بان كذب ظنه فقد فسق وانعزل عن الشهادات والروايات والولايات ولا يحد عليها لأنه لم يتحقق المفسدة وكذلك لا يعاقب عليها في الآخرة عقاب من حقق المفسدة
    ومن أتى مفسدة يعتقدها أو يظنها مصلحة واجبة أو مندوبة أو مباحة فلا إثم عليه لظنه وترتب على تلك المفسدة أحكامها اللائقة بها من تغريم وغيره
    ● [ فصل فيما يترك من مصالح الندب والإيجاب ] ●
    لما يتعلق به من عذر أو مفسدة

    فمن ذلك الصلاة نهى عنها في الأوقات الخمسة والأماكن السبعة ويجب تركها بالإكراه بالقتل
    ومنها الأذان وقراءة القرآن وإغاثة اللهفان وكسوة العريان وسقي الظمآن وإطعام الجوعان وإكرام الضيفان وإرفاق الجيران وإرشاد الحيران يترك جميعها بالأعذار ويجب تركها بالإكراه بالقتل
    وكذلك تأخير الصلاة عن الأوقات وتأخير الصيام يجوزان بالأعذار كالأمراض والأسفار ويجب تركهما بالإكراه بالقتل
    وكذلك الجهاد يترك بالأعذار ويجب تركه بالإكراه بالقتل وإذا علم الغازي أنه يقتل من غير نكاية في الكفار وجب الانهزام
    ومن ذلك تأخير الزكاة إذا وجبت والشهادة إذا طلبت والفتيا إذا أفتيت والحكم إذا سئل يجوز تأخيرها بالأعذار ويجب تركها بالإكراه بالقتل وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتركان بالأعذار ولا يحرمان عند الإكراه بالقتل إذا كان المأمور به والمنهي عنه تافها
    وكذلك يحرم الصدق الضار كما يجب الكذب النافع في بعض الأطوار
    ● [ فصل فيما يرتكب من المفاسد ] ●
    إذا تعلقت به مصلحة إباحة أو ندب أو إيجاب

    إذا اقترن بالمفاسد المحرمة مصلحة ندب إو إباحة أو إيجاب زال تحريمها إلى الندب أو الإباحة أو الإيجاب ولا تخرج بذلك عن كونها مفاسد
    كما أن ما يترك من المصالح وجوبا أو ندبا أو جوازا لأرجح منه أو لما يتعلق به من مفسدة أو مفاسد لا يخرج عن كونه مصلحة
    فمن ذلك الكفر القولي والفعلي يباحان بالإكراه مع طمأنينة القلب بالإيمان
    وكذلك القتل يجب بالكفر البغي والصيال على النفوس والأبضاع ويجوز الصيال على الأموال
    وكذلك الجرح والقطع يجوزان بالقصاص ويجبان بالسرقة والمحاربة وفي واجب القتال
    وكذلك هتك الأستار وإفشاء الأسرار يجب بالجرح في الشهادات والروايات والولايات وكشف العورات وإظهار السوءات للاستمتاع والتطبب ويجب كشف السوءات لأجل الختان
    وكذلك تخريب الديار وتحريق الأشجار وشق الأنهار جائز في حق الكفار
    وكذلك التولي يوم الزحف جائز بالأعذار
    وكذلك قتل النساء والصبيان إذا قاتلوا أو تترس بهم الكفار
    وكذلك الإرقاق والإحراق والإغراق في حق الكفار
    وكذلك الإقتار والإملاق لوفاء ديون الغرماء
    وكذلك التولي يوم الزحف جائز بالأعذار
    وكذلك الحبس جائز في الديون والتعزيرات ويجب إذا طلب الغرماء من الحكام
    وكذلك يجب حبس الجناة إذا غاب المستحق أو كان مجنونا أو صغيرا
    وكذلك يجب النفي في زنا البكر ويجوز التعزير
    وكذلك يجب الرجم بزنا المحصن ويجوز بالقصاص
    وكذلك يجب التحريق والتغريق في القتال الواجب ويجوز في القتال الجائز كالصيال
    وكذلك يجوز الكذب للإصلاح ويجب حفظا للدماء والأمانات والأبضاع
    وكذلك شهادة الزور والحكم بغير حق يجبان بالإكراه بالقتل إذا لم يكن المشهود به من الدماء والأبضاع
    وكذلك القذف يجوز للزوج إذا رأى امرأته تزني ويجب إذا علم أن الولد الملحق به ليس منه
    وكذلك السرقة تجوز بالضرورة وفي الظفر بجنس الحق وبغير جنسه
    وكذلك أكل مال اليتيم يجوز للضرورة بل يجب بها وبالإكراه بالقتل
    وكذلك السحر يجب بالإكراه إذا لم يوجب هلاكا في نفس ولا طرف
    وكذلك النهب والغصب يجبان بالضرورة والإكراه
    وكذلك إفساد الأموال يجوز للحاجات والضرورات ويجب بالإكراه
    وكذلك العقوق يجوز بإكراه خفيف ويجب بالإكراه بالقتل
    والشريعة طافحة بهذا وأمثاله
    ● [ فصل فيما لا يتعلق به الطلب ] ●
    والتكليف من المصالح والمفاسد

    وإنما يتعلق التكليف والطلب بآثار بعضه
    أما المصالح فكحسن الصور وكمال العقول ووفور الحواس وشدة القوى والرقة والشفقة والرحمة والغيرة والحلم والأناة والكرم والشجاعة فلا يتعلق الأمر باكتسابها إذ لا قدرة على اكتسابها ويتعلق الأمر بآثار أكثرها فمن أطاعها فقد أصاب ومن عصاها فقد خاب
    وأما المفاسد فكقبح الصور وسخافة العقول أو فقدها واختلال الحواس والقوى أو فقدهما والغلظة والطيش والعجلة والجبن والبخل وفقد الغيرة وضعفها فهذه مفاسد لا يتعلق التكليف بدفعها لعدم القدرة على دفعها وإنما يتعلق التحريم بما يدعو إليه من المفاسد فمن أطاعها فقد خاب ومن عصاها فقد أصاب
    ● [ فصل في تفاوت الثواب والعقاب ] ●
    بتفاوت المصالح والمفاسد

    الثواب والعقاب يتفاوت في الغالب بتفاوت المصالح والمفاسد دون الأفعال المشتملة عليها فمن أحيا ألف نفس مؤمنة بفعل واحد أو قول واحد أو أمر بألف معروف بقول واحد أو شق نهرا فأغرق به ألف كافر أجر بألف أجر مضاعف على كل واحد من هذه المصالح
    ولو أهلك ألف نفس مؤمنة بفعل واحد أو أمر بألف منكر بقول واحد أو حرق أموالا أو رجالا بفعل واحد وزر ألف وزر على كل قول من هذه الأقوال وفعل من هذه الأفعال ومن زنا بأمه في جوف الكعبة في رمضان وهو صائم معتكف محرم أثم ستة آثام ولزمه العتق والبدنة ويحد للزنا ويعزر لقطع رحمه ولانتهاك حرمه الكعبة
    ● [ فصل في تفاوت الأجر مع تساوي المصلحة ] ●

    قد تتساوى المصالح من كل وجه ويكون الأجر على مفروضها أفضل من الأجر على مندوبها فمن زكى بشاة أو درهم أو بقرة أو بعير أو نقد أو قوت معشر ثم تصدق بنظيره فإن الزكاة أفضل وإن كانت مصالحها الدنيوية متساوية من كل وجه بل لو كان المتصدق به أكمل من كل وجه لكان درهم الزكاة وماشيتها وأعشارها أفضل مع نقص مصالحها

    ●●● فائدة في مصالح العباد
    مصالح العباد قسمان
    أحدهما أخروي محض كالعرفان والإيمان والأحوال والأذكار والنسكين والطواف والاعتكاف
    الثاني دنيوي لقابليه أخروي لباذليه كالزكوات والصدقات والهدايا والضحايا والوصايا والهبات والأوقاف وكذلك جميع أنواع الإحسان إلى الناس والحيوان بالإرفاق العاجلة دون الإحسان في الأديان فإن مصلحته أخرويتان
    ● [ فصل فيما يعرف به ترجيح المصالح والمفاسد ] ●

    إذا اتحد نوع المصلحة والمفسدة كان التفاوت بالقلة والكثرة كالصدقة بدرهم ودرهمين وثوب وثوبين وشاة وشاتين وكغصب درهم ودرهمين وصاع وصاعين
    وإن كان أحد النوعين أشرف قدم عند تساوي المقدارين بالشرف كالدرهم بالنسبة إلى زنته من الذهب أو الجوهر وكثوب حرير وثوب كتان وثوب صوف وثوب قطن فإن تفاوت المقدار فقد يكون النوع الأدنى مقدما على النوع الأعلى بالكثرة فيقدم قنطار الفضة على دينار من ذهب أو جوهر ويقدم ألف ثوب من قطن على ثوب حرير فحرمة الدماء آكد من حرمة الأبضاع وحرمة الأبضاع آكد من حرمة الأموال وحرمة الأقارب آكد من حرمة الأجانب وحرمة الآباء والأمهات آكد من حرمة جميع القرابات وحرمة الأحرار آكد من حرمة الأرقاء وحرمة الأبرار آكد من حرمة الفجار وحرمة الأنبياء آكد من حرمة الأولياء وحرمة الرسل آكد من حرمة الأنبياء وحرمة العلماء آكد من حرمة الجهال وحرمة الرعاة آكد من حرمة الرعايا
    ● [ للكتاب بقية فتابعها ] ●

    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد Fasel10

    كتاب : الفوائد في اختصار المقاصد
    المؤلف : عبد العزيز بن عبد السلام السلمي
    منتدى صبايا مصرية - البوابة
    القسم الأول من كتاب الفوائد في اختصار المقاصد E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 2:07 am