بسم الله الرحمن الرحيم
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : البر حسن الخلق
**************
27- [ عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم ، وعن وابضة بن معبد رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( جئت تسأل عن البر ) قلت : نعم. قال : ( استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن ].
قوله : ( البر حسن الخلق ) يعني أن حسن الخلق أعظم خصال البر كما قال : ( الحج عرفة ) . أما البر فهو الذي يبر فاعله ويلحق بالأبرار وهم المطيعون لله عز وجل. والمراد بحسن الخلق الإنصاف في المعاملة والرفق في المحاولة والعدل في الأحكام والبذل في الإحسان وغير ذلك من صفات المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى فقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) إلى قوله : ( أولئك هم المؤمنون حقا ً) ، وقال تعالى : ( التائبون العابدون الحامدون ) إلى قوله : ( وبشر المؤمنين ) وقال : ( قد أفلح المؤمنون ) إلى قوله : ( أولئك هم الوارثون ) ، ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) إلى آخر السورة فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات فوجود جميعها علامة حسن الخلق وفقد جميعها علامة على سوء الخلق ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض فليشتغل بحفظ ما وجده وتحصيل ما فقده.
ولا يظن ظان أن حسن الخلق عبارة عن لين الجانب وترك الفواحش والمعاصي فقط وإن من فعل ذلك فقد هذب خلقه بل حسن الخلق ما ذكرناه من صفات المؤمنين والتخلق بأخلاقهم.
ومن حسن الخلق احتمال الأذى فقد ورد في الصحيحين : ( أن أعرابياً جذب بردى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثرت حاشيته على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك وأمر له بعطاء ).
وقوله : ( الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) يعني هو الشيء الذي يورث نفرة في القلب وهذا أصل يتمسك به لمعرفة الإثم من البر : أن الإثم ما يحيك في الصدر ويكره صاحبه أن يطلع عليه الناس، والمراد بالناس والله أعلم أماثلهم ووجوههم، لا غوغاؤهم، فهذا هو الإثم فيتركه والله أعلم.
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : البر حسن الخلق
**************
27- [ عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم ، وعن وابضة بن معبد رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( جئت تسأل عن البر ) قلت : نعم. قال : ( استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن ].
قوله : ( البر حسن الخلق ) يعني أن حسن الخلق أعظم خصال البر كما قال : ( الحج عرفة ) . أما البر فهو الذي يبر فاعله ويلحق بالأبرار وهم المطيعون لله عز وجل. والمراد بحسن الخلق الإنصاف في المعاملة والرفق في المحاولة والعدل في الأحكام والبذل في الإحسان وغير ذلك من صفات المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى فقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) إلى قوله : ( أولئك هم المؤمنون حقا ً) ، وقال تعالى : ( التائبون العابدون الحامدون ) إلى قوله : ( وبشر المؤمنين ) وقال : ( قد أفلح المؤمنون ) إلى قوله : ( أولئك هم الوارثون ) ، ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) إلى آخر السورة فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات فوجود جميعها علامة حسن الخلق وفقد جميعها علامة على سوء الخلق ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض فليشتغل بحفظ ما وجده وتحصيل ما فقده.
ولا يظن ظان أن حسن الخلق عبارة عن لين الجانب وترك الفواحش والمعاصي فقط وإن من فعل ذلك فقد هذب خلقه بل حسن الخلق ما ذكرناه من صفات المؤمنين والتخلق بأخلاقهم.
ومن حسن الخلق احتمال الأذى فقد ورد في الصحيحين : ( أن أعرابياً جذب بردى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثرت حاشيته على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك وأمر له بعطاء ).
وقوله : ( الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) يعني هو الشيء الذي يورث نفرة في القلب وهذا أصل يتمسك به لمعرفة الإثم من البر : أن الإثم ما يحيك في الصدر ويكره صاحبه أن يطلع عليه الناس، والمراد بالناس والله أعلم أماثلهم ووجوههم، لا غوغاؤهم، فهذا هو الإثم فيتركه والله أعلم.