من طرف اسرة التحرير الثلاثاء نوفمبر 04, 2014 5:36 am
بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة علوم القرآن أسباب نزول القرآن من سورة السجدة وحتى سورة الجاثية
● [ سورة السجدة ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ) قال مالك بن دينار: سألت أنس بن مالك عن هذه الآية فيمن نزلت، فقال: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون من المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية. أخبرنا أبو إسحاق المقري قال: أخبرني أبو الحسين بن محمد الدينوري قال: أخبرنا موسى بن محمد قال: أخبرنا الحسين بن علوية قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى قال: أخبرنا المسيب، عن سعيد عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: فينا نزلت معاشر الأنصار (تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ) الآية. كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحسن ومجاهد: نزلت في المتهجدين الذين يقومون الليل إلى الصلاة، ويدل على صحة هذا ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا جدي عن الأعمش، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر فتفرق القوم، فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقربهم مني، فقلت: يا رسول الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير، فقال: قلت أجل يا رسول الله، قال: الصوم جنة الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله تعالى، قال: ثم قرأ هذه الآية (تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ). ● قوله تعالى (أَفَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَن كانَ فاسِقاً) الآية: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة. أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ قال: أخبرنا إسحاق بن بيان الأنماطي قال: أخبرنا حبيش بن مبشر الفقيه قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزل (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) قال: يعني بالمؤمن علياً، وبالفاسق الوليد بن عقبة.
● [ سورة الأحزاب ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (يا أَيُّها النَبِيُّ اِتَّقِِ اللهَ وَلا تُطِعِ الكافِرينَ وَالمُنافِقينَ) الآية. نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السلمي قدموا المدينة بعد قتال أحد، فنزلوا على عبد الله بن أبي، وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يكلموه، فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده عمر بن الخطاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومنات، وقل إن لها شفاعة ومنفعة لمن عبدها وندعك وربك، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم قولهم، فقال عمر بن الخطاب: رضي الله عنه ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: إني قد أعطيتهم الأمان، فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجهم من المدينة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية. ● قوله تعالى (مّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلبَينِ في جَوفِهِ) نزلت في جميل بن معمر الفهري، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما سمع، فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان، وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد عليه الصلاة والسلام، فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم يومئذ جميل بن معمر، تلقاه أبو سفيان وهو معلق إحدى نعليه بيده والأخرى في رجله، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس? قال: انهزموا، قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك? قال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، وعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده. ● قوله تعالى (وَما جَعَلَ أَدعِياءَكُم أَبناءُكُم) نزلت في زيد بن حارثة كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه قبل الوحي، فلما تزوج النبي عليه الصلاة والسلام زينب بنت جحش، وكانت تحت زيد بن حارثة، قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمد عليه الصلاة والسلام امرأة ابنه وهو ينهى الناس عنها، فأنزل الله تعالى هذه الآية. أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن نعيم الاشكابي قال أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن مخلد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن سالم عن عبد الله يزعم أنه كان يقول: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيداً بن محمد حتى نزلت في القرآن (اُدعُوهُم لِآبائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللهِ) رواه البخاري، عن معلى بن أسد، عن عبد الرحمن بن المختار، عن موسى بن عقبة. ● قوله تعالى (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عَلَيهِ) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن خالد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم قال: أخبرنا بهز بن أسد قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر وبه سميت أنساً عن قتال بدر، فشق عليه لما قدم وقال: غبت عن أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لئن أشهدني الله سبحانه قتالاً ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون وأعتذر إليك فيما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، ثم مشى بسيفه فلقيه سعد بن معاذ فقال: أي سعد، والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فقاتلهم حتى قتل، قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بضع وثمانون جراحة من بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ورمية بالسهم، وقد مثلوا به، وما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه، ونزلت هذه الآية (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ) قال: وكنا نقول: أنزلت هذه الآية فيه وفي أصحابه. رواه مسلم عن محمد بن حاتم، عن بهز بن أسد. أخبرنا سعد بن أحمد بن جعفر المؤذن قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزيارجي قال: أخبرنا بندار قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي ثمامة، عن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في أنس بن النضر (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عَلَيهِ) رواه البخاري، عن بندار. ● قوله تعالى (فَمِنهُم مَّن قَضى نَحبَهُ) نزلت في طلحة بن عبيد الله ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى أصيبت يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أوجب لطلحة الجنة. أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله التميمي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر الرازي قال: أخبرنا العباس بن إسماعيل الرقي قال: أخبرنا إسماعيل بن يحيى البغدادي، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي قال: قالوا: أخبرنا عن طلحة قال ذلك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله تعالى (فَمِنهُم مَّن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ) طلحة ممن قضى نحبه لا حساب عليه فيما يستقبل. أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: أخبرنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه طلحة فقال: هذا ممن قضى نحبه. ● قوله تعالى (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ) الآية. أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: أخبرني أحمد بن عمرو بن أبي عاصم قال: أخبرنا أبو الربيع الزهراني قال: أخبرني عمار بن محمد الثوري قال: أخبرنا سفيان عن أبي الحجاف، عن عطية، عن أبي سعيد (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً) قال: نزلت في خمسة، في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. أخبرنا أبو سعد النضوي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: أخبرنا ابن نمير قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثني من سمع أم سليم تذكر النبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة، فدخلت بها عليه، فقال لها: ادعي لي زوجك وابنيك، قالت: فجاء علي وحسن وحسين، فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له، وكان تحته كساء حبري، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً) قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يديه فألوى بهما إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قال: فأدخلت رأسي البيت وقلت: أنا معكم يا رسول الله، قال: إنك إلى خير إنك إلى خير. أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عفان قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني، عن صالح بن موسى القرشي، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ). أخبرنا عقيل بن محمد الجرجاني فيما أجاز لي لفظاً قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: أخبرنا ابن حميد قال: أخبرنا يحيى بن واضح قال: أخبرنا الأصبغ، عن علقمة، عن عكرمة في قوله تعالى (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ) قال: ليس الذين يذهبون إليه إنما هي أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، قال: وكان عكرمة ينادي هذا في السوق. ● قوله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ) الآية. قال مقاتل بن حيان: بلغني أن أسماء بنت عميس لما رجعت من الحبشة معها زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن، قلن لا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسارة، قال: ومم ذلك? قالت: لأنهن لا يذكرن في الخير كما يذكر الرجال، فأنزل الله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ) إلى آخرها. وقال قتادة: لما ذكر الله تعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم دخل نساء من المسلمات عليهن فقلن: ذكرتن ولم نذكر، ولو كان فينا خير لذكرنا، فأنزل الله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ). ● قوله تعالى (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ) الآية. قال المفسرون: حين غار بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وآذينه بالغيرة وطلبن زيادة النفقة، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً حتى نزلت آية التخيير، وأمر الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من اختارت الله سبحانه ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبداً، وعلى أن يؤوي إليه من يشاء ويرجي منهن من يشاء، فرضين به قسم لهن أو لم يقسم، أو فضل بعضهن على بعض بالنفقة والقسمة والعشرة، ويكون الأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء، فرضين بذلك كله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما جعل الله تعالى له من التوسعة يسوي بينهن في القسمة. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن ابن يوسف السقطي. قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: أخبرنا عباد بن عباد، عن عاصم الأحول عن معاذة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزلت (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ) يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا، قالت: معاذة: ما كنت تقولين، قالت: كنت أقول: إن كان ذلك إلي لم أوثر أحداً على نفسي. رواه البخاري، عن حيان بن موسى، عن ابن المبارك. ورواه مسلم، عن شريح بن يونس، عن عباد، كلاهما عن عاصم. وقال قوم: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن، فقلن: يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا، فنزلت هذه الآية. أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم قال: محمد بن يعقوب الأخرم قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا محاضر بن المودع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت تقول لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها، فأنزل الله تعالى هذه الآية (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ) فقالت عائشة أرى ربك يسارع لك في هواك، رواه البخاري عن زكريا بن يحيى، ورواه مسلم عن أبي كريب كلاهما عن أبي أسامة عن هشام. ● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ) الآية. قال أكثر المفسرون: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش أولم عليها بتمر وسويق وذبح شاة، قال أنس: وبعثت إليه أمي أم سليم بحيس في تور من حجارة، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدعو أصحابه إلى الطعام، فجعل القوم يجيئون فيأكلون فيخرجون، ثم يجيء القوم فيأكلون فيخرجون، فقلت: يا نبي الله قد دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه فقال: ارفعوا طعامكم، فرفعوا وخرج القوم وبقي ثلاثة أنفار يتحدثون في البيت، فأطالوا المكث، فتأذى منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديد الحياء، فنزلت هذه الآية، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينه ستراً. أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: أخبرنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز، عن أنس بن مالك قال: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون. قال: فأخذ كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام وقام من القوم من قام وقعد ثلاثة وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فدخل فإذا القوم جلوس وأنهم قاموا وانطلقوا، فجئت واخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، قال: فجاء حتى دخل قال: وذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ إِلّا أَن يُؤذَنَ لَكُم إِلى طَعامٍ) الآية إلى قوله (إِنَّ ذَلِكُم كانَ عِندَ اللهِ عَظيماً) رواه البخاري، عن محمد بن عبد الله الرقاشي، ورواه مسلم عن يحيى بن حبيب الحارثي، كلاهما عن المعتمر. أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: أخبرنا الخليل بن موسى قال: أخبرنا عبد الله بن عوف، عن عمرو بن شعيب، عن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ مر على حجرة من حجره فرأى فيها قوماً جلوساً يتحدثون، ثم عاد فدخل الحجرة وأرخى الستر دوني، فجئت أبا طلحة فذكرت ذلك له، فقال: لئن كان ما تقول حقاً لينزلن الله فيه قرآناً، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ) الآية. أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري قال: أخبرنا حاجب بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحيم بن منيب قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حميد عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله تعالى آية الحجاب. رواه البخاري عن مسدد، عن يحيى بن أبي زائدة، عن حميد. أخبرني أبو حكم الجرجاني فيما أجازني لفظاً قال: أخبرنا أبو الفرج القاضي قال: أخبرنا محمد بن جرى قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: هشيم، عن ليث، عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم معه بعض أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت آية الحجاب. ● قوله تعالى (وَلا تَنكِحوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً). قال ابن عباس في رواية عطاء: قال رجل من سادة قريش: لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة، فأنزل الله تعالى ما أنزل. قوله تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلونَ عَلى النَبِيِّ). أخبرنا أبو سعيد عن ابن عمر النيسابوري قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الخلدي قال: أخبرنا المؤمل بن الحسين بن عيسى قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو حذيفة قال: أخبرنا سفيان، عن الزبير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم قد عرفنا السلام عليك وكيف الصلاة عليك، فنزلت (إِِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً). أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشا قال: اخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال: أخبرنا الرياشي، عن الأصمعي قال: سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته، فقال (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً) آثره صلى الله عليه وسلم بها من بين الرسل واختصكم بها من بين الأنام، فقابلوا نعمة الله بالشكر. سمعت الأستاذ أبا عثمان الواعظ يقول: سمعت الإمام سهل بن محمد بن سليمان يقول هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ) أبلغ وأتم من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود له، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي، ثم عن الملائكة بالصلاة عليه، فتشريف صدر عنه عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير جواز أن يكون الله معهم في ذلك، والذي قاله سهل منتزع من قول المهدي، ولعله رآه ونظر إليه، فأخذه منه وشرحه وقابل ذلك بتشريف آدم، وكان أبلغ وأتم منه، وقد ذكر في الصحيح ما أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: أخبرنا إبراهيم بن سفيان قال: أخبرنا مسلم قال: أخبرنا قتيبة وعلي بن حجر قالا: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً. ● قوله تعالى (هُوَ الَّذي يُصَلي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ) قال مجاهد: لما نزلت (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ) الآية قال أبو بكر: ما أعطاك الله تعالى من خير إلا أشركنا فيه، فنزلت (هُوَ الَّذي يُصَلّي عَليكُم وَمَلائِكَتُهُ). ● قوله تعالى (وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ ما اِكتَسَبوا) قال عطاء: عن ابن عباس رأى عمر رضي الله عنه جارية من الأنصار متبرجة فضربها وكره ما رأى من زينتها فذهبت إلى أهلها تشكو عمر، فخرجوا إليه فآذوه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أن أناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه. وقال الضحاك والسدي والكلبي: نزلت، في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها، فمن سكتت اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء، ولكن لم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة إنما يخرجن في درع وخمار، فشكون ذلك إلى أزواجهن، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية الدليل على صحة هذا. ● قوله تعالى (يا أَيُّها النَبِيِّ قُل لِأَزواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤمِنينَ يُدنينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيبِهِنَّ) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: أخبرنا زياد بن أيوب قال: أخبرنا هشيم بن حصين، عن أبي مالك قال: كانت نساء المؤمنين يخرجن بالليل إلى حاجاتهن، وكان المنافقون يتعرضون لهن ويؤذونهن، فنزلت هذه الآية، وقال السدي: كانت المدينة ضيقة المنازل، وكان النساء إذا كان الليل خرجوا، فقضين الحاجة وكان فساق من فساق المدينة يخرجون، فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا هذه حرة فتركوها، وإذا رأوا المرأة بغير قناع قالوا هذه أمة، فكانوا يراودونها، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● [ سورة يس ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (إِنّا نَحنُ نُحيي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) الآية. قال أبو سعيد الخدري: كان بنو سلمة في ناحية من نواحي المدينة، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فنزلت هذه الآية (إِنّا نَحنُ نُحيي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إن آثاركم تكتب فلم تنتقلون?. أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسن الطبري قال: حدثني جدي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن سعد بن الظريف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: شكت بنو سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد، فأنزل الله تعالى (وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم منازلكم فإنما تكتب آثاركم. ● قوله تعالى (قالَ مَن يُحيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ) قال المفسرون: إن أبي بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل، فقال: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رم? فقال: نعم، ويبعثك ويدخلك في النار، فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلقَهُ قالَ مَن يُحيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ). أخبرنا سعيد بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حصين عن أبي مالك، أن أبي بن خلف الجمحي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففتته بين يديه، وقال: يا محمد يبعث الله هذا بعد ما أرم، قال: نعم، يبعث الله هذا ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم، فنزلت هذه الآيات.
● [ سورة ص ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. أخبرنا أبو القاسم بن أبي نصر الخزامي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه قال: أخبرنا أبو بكر بن دارم الحافظ قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا سفيان عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب، فجاءت قريش وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعند رأس أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه من ذلك، فشكوه إلى أبي طالب فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك، قال: يا عم إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم، قال: كلمة واحدة، قال ما هي، قال: لا إله إلا الله، فقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً، قال فنزل فيهم القرآن (ص، وَالقُرآَنِ ذي الذِّكرِ بَل الَّذينَ كَفَروا في عِزَّةٍ وَشِقاقِ) حتى بلغ (إِن هَذا إِلّا اِختِلاقٌ). قال المفسرون: لما أسلم عمر بن الخطاب شق ذلك على قريش وفرح المؤمنون، قال الوليد بن المغيرة لهلاص قريش وهم الصناديد والأشراف: امشوا إلى أبي طالب، فأتوه فقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا قد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك ذا السؤال فلا تمل كل الميل على قومك، قال: وماذا يسألوني، قالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم، فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله، فنفروا من ذلك، فقاموا فقالوا (أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهاً واحِداً) كيف يسع الخلق كلهم إله واحد فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات (كَذَّبت قَبلَهُم قَومُ نُوحٍ).
● [ سورة الزمر ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (أَمَن هُوَ قانِتٌ آَناءَ اللَّيلِ) الآية. قال ابن عباس في رواية عطاء: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقال ابن عمر: نزلت في عثمان بن عفان. وقال مقاتل: نزلت في عمار بن ياسر. ● قوله تعالى (وَالَّذينَ اِجتَنَبوا الطّاغوتَ أن يَعبُدوها) الآية. قال ابن زيد: نزلت في ثلاثة أنفار كانوا في الجاهلية يقولون لا إله إلا الله وهم زيد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي. ● قوله تعالى (فَبَشِّر عِبادِ الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ) قال عطاء، عن ابن عباس: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدقه، فجاء عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص فسألوه، فأخبرهم بإيمانه فآمنوا ونزلت فيهم (فَبَشِّر عِبادِ الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ) قال: يريد من أبي بكر (فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ). ● قوله تعالى (أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ لِلِإسلامِ فَهوَ عَلى نُورٍ مِن رَّبِّهِ) الآية: نزلت في حمزة وعلي وأبي لهب وولده، فعلي وحمزة ممن شرح الله صدره، وأبو لهب وأولاده الذين قست قلوبهم عن ذكر الله، وهو قوله تعالى (فَويلٌ لِلّقاسِيَةِ قُلوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ). ● قوله تعالى (الله نزل أحسن الحديث) الآية. أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي قال: أخبرنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا عمرو بن محمد القرشي قال: أخبرنا خلاد الصفار عن عمرو بن قيس الملائي، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، عن سعد قالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ). ● قوله تعالى (قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللهِ) الآية. قال ابن عباس: نزلت في أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله إلهاً آخر وقتلنا النفس التي حرم الله? فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن عمر: نزلت هذه الآية في عياش بن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا، وكنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفاً ولا عدلاً أبداً، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوا به، فنزلت هذه الآيات، وكان عمر كاتباً، فكتبها إلى عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وأولئك النفر فأسلموا وهاجروا. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الكازروني قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: أخبرنا القاسم بن سلام قال: أخبرنا الحجاج، عن ابن جريج قال: حدثني يعلى بن مسلم أنه سمع سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تدعو إليه لحسن إن تخبرنا لما علمناه كفارة، فنزلت هذه الآية (يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم) رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج. أخبرنا أبو إسحاق المقريء قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن العلاء قال: أخبرنا يونس بن بكير قال: أخبرنا محمد بن إسحاق قال: أخبرنا نافع، عن عمر أنه قال: لما اجتمعنا إلى الهجرة انبعثت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل فقلنا: الميعاد بيننا المناصف ميقات بني غفار، فمن حبس منكم لراياتها فقد حبس فليمض صاحبه، فأصبحن عندها أنا وعياش وحبس عنا هشام وفتن وافتتن، فقدمنا المدينة فكنا نقول: ما الله بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا الله ورسوله ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا، فأنزل الله تعالى (يا عِبادي الَّذينَ أَسرَفوا) إلى قوله (أَلَيسَ في جَهَنَمُ مَثوى لِلمُتَكَبِرينَ) قال عمر: فكتبتها بيدي ثم بعثت بها، فقال هشام: فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى، فقلت: اللهم فهمنيها، فعرفت أنها أنزلت فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويروى أن هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة رحمة الله عليه ورضوانه، وذكرنا ذلك في أخر سورة الفرقان. ● قوله تعالى (وَما قَدَروا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ). أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرني أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا ابن أبي عاصم قال: أخبرنا ابن نمير قال: أخبرنا معاوية عن الأعمش، عن علقمة، عن عبد الله قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم بلغك أن الله يحمل الخلائق على أصبع والأرضين على أصبع والشجر على أصبع والثرى على أصبع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فأنزل الله تعالى (وَما قَدَروا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ) الآية. ومعنى هذا أن الله تعالى يقدر على قبض الأرض وجميع ما فيها من الخلائق والشجر قدرة أحدنا ما يحمله بأصبعه، فخوطبنا بما نتخاطب فيما بيننا لنفهم، ألا ترى أن الله تعالى قال (وَالأَرضُ جَميعاً قَبضَتُهُ يَومَ القِيامَةِ) أي يقبضها بقدرته.
● [ سورة فُصلت ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعَكُم) الآية. أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعد قال: أخبرنا أمية بن بسطام قال: أخبرنا يزيد بن زريع قال: أخبرنا روح بن القاسم، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود في هذه الآية (وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلا أَبصارُكُم) الآية. قال: كان رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش، أو رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف في بيت فقال بعضهم: أترون لله يسمع نجوانا أو حديثنا، فقال بعضهم: قد سمع بعضه ولم يسمع بعضه فقالوا: لئن كان يسمع بعضه لقد سمع كله، فنزلت هذه الآية (وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم) الآية. رواه البخاري، عن الحميدي، ورواه مسلم عن أبي عمر، كلاهما عن سفيان، عن منصور. أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: أخبرنا أبو خيثمة قال: أخبرنا محمد بن حازم قال: أخبرنا الأعمش، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: كنت مستتراً بأستار الكعبة فجاء ثلاثة أنفار كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم قرشي وختناه ثقفيان، أو ثقفي وختناه قرشيان، فتكلموا بكلام لم أفهمه، فقال بعضهم: أترون الله سمع كلامنا هذا، فقال الآخر إذا رفعنا أصواتنا سمع، وإذا لم نرفع لم يسمع. وقال الآخر: إن سمع منه شيئاً سمعه كله. قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزل عليه (وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلا أَبصارُكُم وَلا جُلودُكُم) إلى قوله تعالى (فَأَصبَحتُم مِن الخاسِرينَ). ● قوله تعالى (إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللهُ ثُمَّ اِستَقاموا) الآية. قال عطاء عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي بكر رضي الله عنه، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا الله والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يستقيموا، وقالت اليهود: ربنا الله وعزير ابنه ومحمد عليه الصلاة والسلام ليس بنبي فلم يستقيموا، وقال أبو بكر رضي الله عنه: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله واستقام.
● [ سورة الشورى ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (قُل لا أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلّا المَوَدَّةَ في القُربى) قال ابن عباس: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة، فقال الأنصار: إن هذا الرجل قد هداكم الله تعالى به وهو ابن أختكم وتنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة، فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم، فأتوه به ليعينه على ما ينوبه ففعلوا، ثم أتوا به فقالوا: يا رسول الله إنك ابن أختنا وقد هدانا الله تعالى على يديك وتنوبك نوائب وحقوق، وليس لك عندنا سعة فرأينا أن نجمع لك من أموالنا فنأتيك به فتستعين على ما ينوبك وهو هذا، فنزلت هذه الآية. وقال قتادة: اجتمع المشركون في مجمع لهم، فقال بعضهم لبعض: أترون محمداً عليه الصلاة والسلام يسأل على ما يتعاطاه أجراً، فأنزل الله تعالى هذه الآية. ● قوله تعالى (وَلَو بَسَطَ اللهُ الرِزقَ لِعِبادِهِ لَبَغوا في الأَرضِ) الآية. نزلت في قوم من أهل الصفة تمنوا سعة الدنيا والغنى. قال خباب بن الأرت: فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنا بطرنا إلى أموال قريظة والنضير فتمنيناها، فأنزل الله تبارك تعالى هذه الآية. قال: أخبرنا أبو عثمان المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أبو محمد بن معاذ قال: أخبرنا الحسين بن الحسن بن حرب قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا حيوة قال: أخبرني أبو هانئ الخولاني أنه سمع عمرو بن حريث يقول: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة (وَلَو بَسَطَ اللهُ الرِزقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوا في الأَرضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مّا يَشاءُ) وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا الدنيا، فتمنوا الدنيا. ● قوله تعالى (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِمُهُ اللهَ إِلا وَحياً) الآية. وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلم الله موسى ونظر إليه? فإنا لن نؤمن بك حتى تفعل ذلك، فقال: لم ينظر موسى إلى الله، وأنزلت الآية.
● [ سورة الزخرف ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَلَمّا ضُرِبَ اِبنُ مَريَمَ مَثَلاً) الآية. أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن عاصم بن أبي النجود، عن ابن رزين، عن أبي يحيى مولى ابن عفراء، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقريش: يا معشر قريش لا خير في أحد يعبد من دون الله، قالوا: أليس تزعم أن عيسى كان عبداً نبياً وعبداً صالحاً، فإن كان كما تزعم فهو كآلهتهم، فأنزل الله تعالى (وَلَمّا ضُرِبَ اِبنُ مَريَمَ مَثَلاً) الآية. وذكرنا هذه القصة ومناظرة ابن الزبعري مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر سورة الأنبياء عند قوله تعالى (إِنَكُم وَما تَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ).
● [ سورة الدخان ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ) قال قتادة: نزلت في عدو الله أبي جهل، وذلك أنه قال: أيوعدني محمد والله لأنا أعز من بين جبليها، فأنزل الله تعالى هذه الآية. أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا عبد الله بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا أسباط، عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل فقال أبو جهل: لقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، قال: فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته، ونزل فيه (ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ).
● [ سورة الجاثية ] ●
بسم اللهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (قُل لِّلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لا يَرجونَ أَيّامَ اللهِ) قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد عمر بن الخطاب خاصة، وأراد بالذين لا يرجون أيام الله عبد الله بن أبي، وذلك أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع، فأرسل عبد الله غلامه ليستقي الماء، فأبطأ عليه فلما أتاه قال: ما حبسك، قال: غلام عمر قعد على قف البئر فما ترك أحداً يستقي حتى ملأ قرب النبي وقرب أبي بكر وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك، فبلغ قوله عمر رضي الله عنه، فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي قال: أخبرنا الحسن بن علي أنه قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار قال: حدثنا محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية (مَن ذا الَّذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً) قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص: احتاج رب محمد، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه، فجاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ربك يقول (قُل لِّلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لا يَرجونَ أَيّامَ اللهِ) واعلم أن عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه، فلما جاء قال: يا عمر ضع سيفك، قال: صدقت يا رسول الله أشهد أنك أرسلت بالحق قال: فإن ربك يقول (قُل لِلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لا يَرجونَ أَيّامَ اللهِ) قال: لا جرم والذي بعثك بالحق ولا يرى الغضب في وجهي.
أسباب نزول القرآن . تأليف : الواحدي منتديات الرسالة الخاتمة