منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع Empty القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الأربعاء مارس 08, 2017 5:46 am

    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع Ashba10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة العلوم الشرعية
    الأشباه والنظائر للسيوطي
    الكتاب الأول في شرح القواعد الخمس
    تابع القاعدة الأولى
    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع 1410
    ● [ المبحث السادس ] ●
    في شروط النية

    الشرط الأول: الإسلام
    ومن ثم لم تصح العبادت من الكافر وقيل يصح غسله دون وضوئه وتيممه وقيل يصح الوضوء أيضا وقيل يصح التيمم أيضا ومحل الخلاف في الأصلي أما المرتد فلا يصح منه غسل ولا غيره كذا قال الرافعي لكن في شرح المهذب أن جماعة أجروا الخلاف في المرتد وخرج من ذلك صور.
    الأولى: الكتابية تحت المسلم يصح غسلها عن الحيض ليحل وطؤها بلا خلاف للضرورة ويشترط نيتها كما قطع به المتولي والرافعي في باب الوضوء وصححه في التحقيق كما لا يجزي الكافر العتق عن الكفارة إلا بينة العتق وادعى في المهمات أن المجزوم به في الروضة وأصلها في النكاح عدم الاشتراط وما ادعاه باطل سببه سوء الفهم فإن عبارة الروضة هناك إذا طهرت الذمية من الحيض والنفاس ألزمها الزوج الاغتسال فإن امتنعت أجبرها عليه واستباحها وإن لم تنو للضرورة كما يجبر المسلمة المجنونة فقوله وإن لم تنو بالتاء الفوقية عائد إلى مسئلة الامتناع لا إلى أصل غسل الذمية وحينئذ لا شك في أن نيتها لا تشترط كالمسلمة المجنونة وأما عدم اشتراط نية الزوج عند الامتناع والمجنون أو عدم اشتراط نيتها في غير حال الإجبار فلا تعرض له في الكلام لا نفيا ولا إثباتا بل في قوله في مسألة الامتناع استباحها وإن لم تنو للضرورة ما يشعر بوجوب النية في غير حال الامتناع وعجبت للأسنوي كيف غفل عن هذا وكيف حكاه متابعوه عنه ساكتين عليه والفهم من خير ما أوتي العبد.
    الثانية: الكفارة تصح من الكافر ويشترط منه نيتها لأن المغلب فيها جانب الغرامات والنية فيها للتمييز لا للقربة وهي بالديون أشبه وبهذا يعرف الفرق بين عدم وجوب إعداتها بعد الإسلام ووجوب إعادة الغسل بعده.
    الثالثة: إذا أخرج المرتد الزكاة في حال الردة تصح وتجزيه.
    الرابعة: ذكر قاضي القضاءة جلال الدين البلقيني أنه يصح صوم الكافر في صورة وذلك إذا أسلم مع طلوع الفجر ثم إن وافق آخر إسلامه الطلوع فهو مسلم حقيقة ويصح منه النفل مطلقا قال ونظيرها من المنقول صورة المجامع يحس وهو مجامع بالفجر فينزع بحيث يوافق آخر نزعه الطلوع وإن وافق أول إسلامه الطلوع فهذا إذا نوى النفل صح على الأرجح ولا أثر لما وجد من موافقة أول الإسلام الطلوع كما ذكره الأصحاب في صورة أن يطلع وهو مجامع ويعلم بالطلوع في أوله فينزع في الحال أنه لا يبطل الصوم فيها على الأصح فحينئذ تلك اللحظة التي كانت وقت الطلوع هي المرادة بالتصوير وذلك قبل الحكم بالإسلام والأخذ في الإسلام ليس بقاء على الكفر كما أن النزع ليس بقاء على الجماع ولا يصح منه صوم الفرض والحالة هذه لأن التبييت شرط فإن بيت وهو كافر ثم أسلم كما صورنا قال فهل لهذه النية أثر لم أر من تعرض لذلك ويجوز أن يقال الشروط لا تعتبر وقت النية كما قالوا في الحائض تنوي من الليل قبل انقطاع دمها ثم ينقطع الأكثر أو العادة فلا يحتاج إلى التجديد ويجوز أن يقال يعتبر شرط الإسلام وقت النية لأن المعتادة على يقين من الانقطاع لأكثر الحيض وعلى ظن قوي للعادة بظهورها وليس في إسلام الكافر يقين ولا ظاهر فكان متردد حال النية فيبطل الجزم كما إذا لم يكن لها عادة أو لها عادة مختلفة ولو اتفق الطهر بالليل لعدم الجزم قال ومما يناظر ذلك ما إذا نوى سفر القصر وهو كافر فإنه تعتبر نيته فإذا أسلم في أثناء المسافة قصر على الأرجح.
    الشرط الثاني: التمييز
    فلا تصح عبادة صبي لا يميز ولا مجنون وخرج عن ذلك الطفل يوضئه الولي للطواف حيث يحرم عنه والمجنونة يغسلها الزوج عن الحيض وينوي على الأصح ومن فروع هذا الشرط مسألة عمدها في الجنايات هل هو عمد أو لا لأنه لا يتصور منهما القصد وصححوا أن عمدهما عمد وخص الأئمة الخلاف بمن له نوع تمييز فغير المميز منهما عمده خطأ قطعا ونظير ذلك السكران لا يقضى عليه بالحديث حتى يستغرق دون أول النشوة وكذا حكم صلاته وسائر أفعاله.
    الشرط الثالث: العلم بالمنوي
    قال البغوي وغيره فمن جهل فرضية الوضوء أو الصلاة لم يصح منه فعلها وكذا لو علم أن بعض الصلاة فرض ولم يعلم فرضية التي شرع فيها وإن علم الفرضية وجهل الأركان فإن اعتقد الكل سنة أو البعض فرضا والبعض سنة ولم يميزها لم تصح قطعا أو الكل فرضا فوجهان أصحهما الصحة لأنه ليس فيه أكثر من أنه أدى سنة باعتقاد الفرض وذلك لا يؤثر وقال الغزالي الذي لا يميز الفرائض من السنن تصح عبادته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض فإن قصده لم يعتد به وإن غفل عن التفصيل فنية الجملة كافية واختاره في الروضة قال الأسنوي وغير الوضوء والصلاة في معناهما وقال في الخادم الظاهر أن لا يشترط ذلك في الحج ويفارق الصلاة فإنه لا يشترط فيه تعيين المنوي بل ينعقد مطلقا ويصرفه بخلاف الصلاة ويمكن تعلم الأحكام بعد الإحرام بخلاف الصلاة ولا يشترط العلم بالفرضية لأنه لو نوى النفل انصرف إلى الفرض ومن فروع هذا الشرط ما لو نطق بكلمة الطلاق بلغة لا يعرفها وقال قصدت بها معناها بالعربية فإنه لا يقع الطلاق في الأصح وكذا لو قال لم أعلم معناها ولكن نويت بها الطلاق وقطع النكاح فإنه لا يقع كما لو خاطبها بكلمة لا معنى لها وقال أردت الطلاق ونظير ذلك لو قال أنت طالق طلقة في طلقتين وقال أردت معناه عند أهل الحساب فإن عرفه وقع طلقتان وإن جهله فواحدة في الأصح لأن ما لا يعلم معناه لا يصح قصده ونظيره أيضا أن يقول طلقتك مثل ما طلق زيد وهو لا يدري كم طلق زيد وكذا لو نوى عدد طلاق زيد ولم يتلفظ ونظير أنت طالق طلقة في طلقتين قول المقر له على درهم في عشرة فإنه إن قصد الحساب يلزمه عشرة كذا أطلقه الشيخان هنا وقيده في الكفاية بأن يعرفه قال فإن لم يعرفه فيشبه لزوم درهم فقط وإن قال أردت ما يريده الحساب على قياس ما في الطلاق انتهى وقد جزم به في الحاوي الصغير ونظير طلقتك مثل ما طلق زيد بعتك بمثل ما باع به فلان فرسه وهو لا يعلم قدره فإن البيع لا يصح الشرط الرابع أن لا يأتي بمناف فلو ارتد في أثناء الصلاة أو الصوم أو الحج أو التيمم بطل أو الوضوء أو الغسل لم يبطلا لأن أفعالهما غير مرتبطة ببعضها ولكن لا يحسب المغسول في زمن الردة ولو ارتد بعد الفراغ فالأصح أنه لا يبطل الوضوء والغسل ويبطل التيمم لضعفه ولو وقع ذلك بعد فراغ الصلاة أو الصوم أو الحج أو أداء الزكاة لم يجب عليه الإعادة وأما الأجر فإن لم يعد إلى الإسلام فلا يحصل له لأن الردة تحبط العمل وإن عاد فظاهر النص أنها تحبط أيضا والذي في كلام الرافعي أنها إنما تحبط إذا اتصلت بالموت بل في الأساليب لو مات مرتدا فحجه وعبادته باقية وتفيده المنع من العقاب فإنه لو لم يؤدها لعوقب على تركها ولكن لا تفيده ثوابا لأن دار الثواب الجنة وهو لا يدخلها وحكى الواحدي في تفسير سورة النساء خلافا في الكافر يؤمن ثم يرتد أنه يكون مطالبا بجميع كفره وأن الردة تحبط الإيمان السابق قال وهو غلط لأنه صار بالإيمان كمن لم يكفر فلا يؤاخذ به بعد أن ارتفع حكمه قال وهو نظير الخلاف في أن من تاب من المعصية ثم عاود الذنب هل يقدح في صحة التوبة الماضية والمشهور لا، قلت ليس بنظيره بل بينهما بون عظيم لفحش أمر الردة فقد نص الله تعالى على أنها تحبط العمل بخلاف الذنب فإنه لا يحبط عملا وقد صح في الحديث في الكافر يسلم أنه إن أساء أوخذ بالأول والآخر ومن نظائر ذلك أن من صحب النبي ثم ارتد ومات على الردة كابن خطل لا يطلق عليه اسم الصحابي وأما من ارتد بعده ثم أسلم ومات مسلما كالأشعث بن قيس فقال الحافظ أبو الفضل العراقي في دخوله في الصحابة نظر فقد نص الشافعي وأبو حنيفة على أن الردة محبطة للعمل قال والظاهر أنها محبطة للصحبة السابقة قال أما من رجع إلى الإسلام في حياته كعبدالله بن أبي سرح فلا مانع من دخوله في الصحبة انتهى،
    وفي البحر لو اعتقد صبي أبواه مسلمان الكفر وهو في الصلاة بطلت قال والذي كنت أقول صلاته صحيحة لأن ردته لم تصح ثم ظهر لي الآن بطلانها لأن اعتقاد الكفر إبطال لها فلو وقع ذلك في وضوء أو صوم فوجهان مبنيان على نية الخروج أو في حج أو عمرة لم يضر لأنه لا يبطل بنية الإبطال انتهى كلام صاحب البحر.
    فصل ومن المنافي نية القطع وفي ذلك فروع نوى قطع الإيمان والعياذ بالله تعالى صار مرتدا في الحال نوى قطع الصلاة بعد الفراغ منها لم تبطل بالإجماع وكذا سائر العبادات وفي الطهارة وجه لأن حكمها باق بعد الفراغ نوى قطع الصلاة أثناءها بطلت بلا خلاف لأنها شبيهة بالإيمان نوى قطع الطهارة أثناءها لم يبطل ما مضى في الأصح لكن يجب تجديد النية لما بقي نوى قطع الصوم والاعتكاف لم يبطلا في الأصح لأن الصلاة مخصوصة من بين سائر العبادات بوجوه من الربط ومناجاة العبد ربه نوى الأكل أو الجماع في الصوم لم يضره نوى فعل مناف في الصلاة كالأكل والفعل الكثير لم تبكل قبل فعله نوى الصوم من الليل ثم قطع النية قبل الفجر سقط حكمها لأن ترك النية ضد النية بخلاف ما لو أكل بعدها لا تبطل لأن الأكل ليس ضدها نوى قطع الحج والعمرة لم يبطلا بلا خلاف لأنه لا يخرج منهما بالإفساد نوى قطع الجماعة بطلت ثم في الصلاة قولان إذا لم يكن عذر أصحهما لا تبطل وأما ثواب الجماعة لما سبق فيسقط كما صرح به الشيخ أبو إسحاق الشيرازي واعتمده خاتمة المحققين الشيخ جلال الدين المحلي، وأما الثواب في الصلاة والوضوء ونحوه إذا قلنا ببطلانه ففي شرح المهذب عن البحر لو نوى نية صحيحة وغسل بعض أعضائه ثم بطل في أثنائه بحدث أو غيره فهل له ثواب المفعول منه كالصلاة إذا بطلت في أثنائها أو لا لأنه مراد لغيره بخلاف الصلاة أو إن بطل بغير اختياره فله وإلا فلا احتمالات وظاهره أن الحصول في الصلاة متفق عليه، نوى فطع الفاتحة فإن كان مع سكوت يسير بطلت القراءة في الأصح وإلا فلا نوى قطع السفر والإقامة فإن كان سائرا لم يؤثر لأن السير يكذبها كما في شرح المهذب وإن كان نازلا انقطع وكذا لو كان في مفازة لا تصلح للإقامة على الأظهر نوى الإتمام في أثناء الصلاة امتنع عليه القصر نوى بمال التجارة القنية انقطع حول التجارة ولو نوى بمال القنية التجارة لم يؤثر في الأصح نوى بالحلي المحرم استعمالا مباحا بطل الحول نوى بالمباح محرما أو كنزا ابتدأ حول الزكاة نوى الخيانة في الوديعة لم يضمن على الصحيح إلا أن يتصل به نقل من الحرز كما في قطع القراءة مع السكوت نوى أن لا يردها وقد طلبها المالك فيه الوجهان نوى الخيانة في اللقطة فيه الوجهان فرع ويقرب من نية القطع نية القلب قال في شرح المهذب قال الماوردي نقل الصلاة إلى أخرى أقسام أحدها نقل فرض إلى فرض فلا يحصل واحد منهما.
    الثاني نقل نفل راتب إلى نفل راتب كوتر إلى سنة الفجر فلا يحصل واحد منهما.
    الثالث نقل نفل إلى فرض فلا يحصل واحد منهما الرابع نقل فرض إلى نفل فهذا نوعان نقل حكم كمن أحرم بالظهر قبل الزوال جاهلا فيقع نفلا ونقل نية بأن ينوي قبله نفلا عامدا فتبطل صلاته ولا ينقلب نفلا على الصحيح فإن كان لعذر كأن أحرم بفرض منفردا ثم أقيمت جماعة فسلم من ركعتين ليدركها صحت نفلا في الأصح فصل ومن المنافي عدم القدرة على المنوي إما عقلا وإما شرعا وإما عادة فمن الأول نوى بوضوئه أن يصلي صلاة وأن لا يصليها لم يصح لتناقضه ومن الثاني نوى به الصلاة في مكان نجس قال في شرح المهذب عن البحر ينبغي أن لا يصح ومن الثالث نوى به صلاة العيد وهو في أول السنة أو الطواف وهو بالشأم ففي صحته خلاف حكاه في الأول الروياني وفي الثاني بعض المصنفين وقربه من الخلاف فيمن أحرم بالظهر قبل الزوال، قلت لكن الأصح الصحة كما جزم به في التحقيق وحكاه في شرح المهذب عن البحر وأقره نوى العبد أو الزوجة أو الجندي مسافة القصر وهم مع مالك أمرهم ولا يعرفون مقصده لم يقصر العبد ولا الزوجة لأنهما لا يقدران على ذلك إذ هما تحت قهر السيد والزوج بخلاف الجندي لأنه ليس تحت يد الأمير وقهره.
    فصل ومن المنافي التردد وعدم الجزم وفيه فروع تردد هل يقطع الصلاة أو لا أو علق إبطالها على شيء بطلت وكذا في الإيمان تردد في أنه نوى القصر أولا وهل يتم أو لا لم يقصر تيقن الطهارة وشك في الحديث فاحتاط وتطهر ثم بان أنه محدث لم يصح وعليه الإعادة في الأصح بخلاف ا لو شك في الطهارة وقد تيقن الحدث لأن معه أصلا وبخلاف ما لو شك في نجاسة فغسلها لأنها لا تحتاج إلى نية نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه فكان منه لم يقع عنه بخلاف ما لو وقع ذلك ليلة الثلاثين من رمضان لاستصحاب الأصل عليه فائتة فشك هل قضاها أو لا فقضاها ثم تيقنها لم تجزئه هجم فتوضأ بأحد الإناءين لم يصح وضوؤه وإن بان أنه توضأ بالطاهر شك في جواز المسح على الخف فمسح ثم بان جوازه وجب إعادة المسح وقضى ما صلى به تيمم أو صلى أو صام شاكا في دخول الوقت فبان في الوقت لم تصح تيمم بلا طلب للماء ثم بان أن لا ماء لم يصح تيمم لفائتة ظنها عليه أو لفائتة الظهر فبانت العصر لم يصح صلى إلى جهة شاكا أنها القبلة فإذا هي هي لم تصح قصر شاكا في جواز القصر لم يصح وإن بان جوازه صلى على غائب ميت شاكا أنه من أهل الصلاة عليه فبان أنه من أهلها لم يصح صلى خلف خنثى فبان رجلا لم يسقط القضاء في الأظهر بخلاف ما لو عقد به النكاح فبان رجلا مضى على الصحة في الأظهر لأن المقصود فيه الحضور ولا نية يقع فيها التردد قال هذه زكاة أو صدقة لم تقع زكاة للتردد هذا عن مالي الغائب إن كان سالما وإلا فعن الحاضر أو صدقة فبان سالما أجزأه وإلا لم يجزه عن الحاضر للترديد فيه بخلاف ما سيأتي،
    قال إن كان مورثي مات وورثت ماله فهذه زكاته فبان لم يجزه بلا خلاف لأنه لم يستند إلى أصل بخلاف مسألة الغائب لأن الأصل بقاؤه وبخلاف البيع فإنه لا يحتاج إلى نية عقب النية بالمشيئة فإن نوى التعليق بطلت أو التبرك فلا أو أطلق قال في الشافي تبطل لأن اللفظ موضوع للتعليق قال أصوم غدا إن شاء زيد لم يصح وإن شاء زيد أو إن نشطت فكذلك لعدم الجزم بخلاف ما لو قال ما كنت صحيحا مقيما فإنه يجزئه
    ذكر صور صحت فيها النية مع تردد أو تعليق
    اشتبه عليه ماء وماء ورد لا يجتهد بل يتوضأ بكل مرة ويغتفر التردد في النية للضرورة قال الأسنوي ويندفع التردد بأن يأخذ غرفة من هذا وغرفة من هذا ويغسل شقي وجهه وينوي حينئذ ثم يعكس المأخوذ والمغسول عليه صلاة من الخمس فنسيها فصلى الخمس ثم تذكرها قال في شرح المهذب لم أر فيه نقلا ويحتمل أن يكون على الوجهين فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث ويحتمل أن يقطع بأن لا تجب الإعادة لأنا أوجبناها عليه ففعلها بينة الواجب ولا نوجبها ثانيا بخلاف مسألة الوضوء فإنه تبرع به ولا يسقط به الفرض قال وهذا الاحتمال أظهر قلت صرح بالثاني في البحر ونظيره من صلى منفردا ثم أعاد مع جماعة ونوى الفرضية كما هو المشهور ثم بان فساد الأولى فإن الثانية تجزيه ولا يلزم الإعادة صرح به الغزالي في فتاويه عليه صوم واجب لا يدرى هل هو من رمضان أو نذر أو كفارة فنوى صوما واجبا أجزأه كمن نسى صلاة من الخمس ويعذر في عدم جزم النية للضرورة نقله في شرح المهذب عن الصيمري وصاحب البيان وأقرهما وأما التعليق ففيه صور منها الحج بأن يقول مريد الإحرام إن كان زيد محرما فقد أحرمت فإن كان زيد محرما انعقد إحرامه وإلا فلا ولو علقه بمستقبل كقوله إذا أحرم زيد أو جاء رأس الشهر فقد أحرمت فالذي نقله البغوي وآخرون أنه لا يصح وذكر ابن القطان والدارمي والشاشي فيه وجهين أصحهما لا ينعقد قال الرافعي وقياس تجويز تعليق أصل الإحرام بإحرام الغير تجويز هذا لأن التعليق موجود في الحالين إلا أن هذا تعليق بمستقبل وذاك تعليق بحاضر وما يقبل التعليق من العقود يقبلهما جميعا، قلت ويؤيد ما ذكره القاضي أبو حامد أنه لو قال في إحرامه إن شاء الله انعقد سواء قصد التعليق أم لا فقيل له أليس وقال لعبده أنت حر إن شاء الله صح استثناؤه فيه فقال الفرق أن الاستثناء يؤثر في النطق ولا يؤثر في النيات والعتق ينعقد بالنطق فلذلك أثر الاستثناء فيه والإحرام ينعقد بالنية فلم يؤثر الاستنثاء فيه فقيل له أليس لو قال لزوجته أنت خلية إن شاء الله ونوى الطلاق أثر الاستثناء فيه فقال الفرق أن الكناية مع النية في الطلاق كالصريح فلهذا صح الاستثناء قال في شرح المهذب والصواب أن الحكم فيه كسائر العبادات إن نوى التبرك انعقد وإلا فلا ومن صور التعليق في الحج لو أحرم يوم الثلاثين من رمضان وهو شاك فقال إن كان من رمضان فإحرامي بعمرة أو من شوال فحج فكان شوالا كان حجا صحيحا نقله في شرح المهذب عن الدارمي وأقره ونظيره في الطهارة إن شك في الحدث فنوى الوضوء إن كان محدثا وإلا فتجديد صح نقله في شرح المهذب عن البغوي وأقره أو ينوي بوضوئه القراءة إن صح الوضوء لها وإلا فالصلاة صح نقله في شرح المهذب عن البحر وفي الصلاة شك في قصر إمامه فقال إن قصر قصرت وإلا أتممت فبان قاصرا قصر جزم به الأصحاب اختلط مسلمون بكفار أو شهداء بغيرهم صلى على كل واحد بنية الصلاة عليه إن كان مسلما أو غير شهيد عليه فائتة وشك في أدائها فقال أصلي عنها إن كانت وإلا فنافلة فبانت أجزأه نقله في شرح المهذب عن الدارمي قال بخلاف ما لو شك في دخول وقت الصلاة فنوى إن كانت دخلت فعنها وإلا فنافلة أو فائتة فإنه لا يجزيه بالاتفاق وبخلاف ما لو قال فائتة أو نافلة للترديد وفي الزكاة نوى زكاة ماله الغائب إن كان باقيا وإلا فعن الحاضر فبان باقيا أجزأه عنه أو تالفا أجزأه عن الحاضر قال إن كان سالما فعنه وإلا فتطوع فبان سالما أجزأه بالاتفاق وفي الصوم نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد إن كان من رمضان فهو فرض وإن لم يكن فتطوع صحح السبكي والأسنوي أنه يصح ويجزيه ولا يضر هذا التعليق قلت وهو المختار والمرجح في أصل الروضة خلافه وفي الجمعة أحرم بالصلاة في آخر وقتها فقال إن كان الوقت باقيا فجمعة وإلا فظهر فبان بقاؤه ففي صحة الجمعة وجهان في شرح المهذب بلا ترجيح.

    ● [ المبحث السابع ] ●
    في أمور متفرقة

    اختلف الأصحاب هل النية ركن في العبادات أو شرط فاختار الأكثر أنها ركن لأنها داخل العبادة وذلك شأن الأركان والشرط ما يتقدم عليها ويجب استمراره فيها واختار القاضي أبو الطيب وابن الصباغ أنها شرط وإلا لافتقرت إلى نية أخرى تندرج فيه كما في أجزاء العبادات فوجب أن تكون شرطا خارجا عنها والأولون انفصلوا عن ذلك بلزوم التسلسل واختلف كلام الغزالي في ذلك فعدها في الصوم ركنا وقال في الصلاة هي بالشروط أشبه ووقع العكس من ذلك في كلام الشيخين فإنهما عداها في الصلاة ركنا وقالا في الصوم النية شرط الصوم وهذا يمكن أن يكون له وجه من جهة أنها في الصوم متقدمة عليه وقال العلائي يمكن أن يقال ما كانت النية معتبرة في صحته فهي ركن فيه وما يصح بدونها ولكن يتوقف حصول الثواب عليها كالمباحات والكف عن المعاصي فنية التقرب شرط في الثواب تنبيه قال ابن دقيق العيد كان الشيخ عز الدين بن عبدالسلام يستشكل معرفة حقيقة الإحرام جدا ويبحث فيه كثيرا فإذا قيل له إنه النية اعترض عليه بأن النية شرط في الحج الذي الإحرام ركنه وشرط الشيء غيره وإذا قيل له إنه التلبية اعترض عليه بأنها ليست بركن وعبارته في القواعد ومن المشكل قولهم إن الحج والعمرة ينعقدان بمجرد نية الإحرام من غير قول ولا فعل فإن أريد بالإحرام أفعال الحج لم يصح لأنه لم يتلبس بشيء منها وقت النية وإن أريد الانكفاف عن المحظورات لم يصح لأنه لو نوى الإحرام مع ملابسة المحظورات صح ولأنه لو كان كذلك لما صح إحرام من جهل وجوب الكف لأن الجهل به يمنع توجه النية إليه إذ لا يصح قصد ما يجهل حقيقته وفي التلقين لابن سراقة الإحرام النية بالحج والعزم على فعله وقال ابن عبدان الإحرام أن ينوي أنه قد أحرم وغلط بعض أصحابنا فجعل النية غير الإحرام وأشار به إلى ابن سريج حيث قال لا يتم الحج إلا بالنية للإحرام والإحرام وعبارة التنبيه وينوي الإحرام بقلبه وهو يدل على أن النية غير الإحرام وذلك هو التحقيق فإنه لو أحرم إحراما مطلقا فله صرفه إلى ما شاء فالنية غير المنوي وقال النووي الإحرام نية الدخول في الحج أو العمرة قال ابن الرفعة وهذا التفسير يخرج الإحرام المطلق فالوجه أن يقال هو نية حج أو عمرة أو هما أو ما يصلح لأحدهما وهو المطلق تنبيه آخر أجروا النية مجرى الشروط في مسألة وهي ما لو شك بعد الصلاة في تركها أو ترك الطهارة فإنه يجب الإعادة بخلاف ما لو شك في ترك ركن قال في شرح المهذب والفرق أن الشك في الأركان يكثر لكثرتها بخلاف الشروط وقال في الروضة وشرح المهذب في الصوم لو شك الصائم في النية بعد الغروب فلا أثر له قاعدة قال الرافعي وتبعه في الروضة النية في اليمين تخصص اللفظ العام ولا تعمم الخاص مثال الأول أن يقول والله لا أكلم أحدا وينوي زيدا ومثال الثاني أن يمن عليه رجل ما نال منه فيقول والله لا أشرب منه ماء من عطش فإن اليمين تنعقد على الماء من عطش خاصة ولا يحنث بطعامه وثيابه ولو نوى أن لا ينتفع بشيء منه ولو كانت المنازعة تقتضي ذلك لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ ما نوى بجهة يتجوز بها قال الأسنوي وفي ذلك نظر لأن فيه جهة صحيحة وهي إطلاق اسم البعض على الكل قاعدة مقاصد اللفظ على نية اللافظ إلا في موضع واحد وهو اليمين عند القاضي فإنها على نية القاضي دون الحالف إن كان موافقا له في الاعتقاد فإن خالفه كحنفي استحلف شافيا في شفعة الجوار ففيمن تعتبر نيته وجهان أصحهما القاضي أيضا وهذه فروع منثورة مع نظير فأكثر لكل فرع فرع فرع أدخل الجنب يده في الإناء بعد النية أو المحدث بعد غسل الوجه فإن نوى رفع الحدث صار مستعملا أو الاغتراف فلا أو أطلق فوجهان أصحهما يصير وله نظائر منها إذا عقب النية بالمشيئة فإن نوى التعليق بطلت أو التبرك فلا أو أطلق فوجهان أصحهما تبطل ومنها لو كان اسمها طالق أو حرة فقال يا طالق أو يا حرة فإن قصد الطلاق أو العتق حصلا أو النداء فلا وإن أطلق فوجهان لكن الأصح هنا عدم الحصول ومنها لو كرر لفظ الطلاق بلا عطف فإن قصد الاستئناف وقع الثلاث أو التأكيد فواحدة أو أطلق فقولان الأصح ثلاث ومنها قال أنت طالق طلقة في طلقتين فإن قصد الظرف فواحدة أو الحساب فثنتان أو أطلق فقولان أصحهما واحدة وكذا في الإقرار ومنها لو قال أنت طالق وطالق وطالق وقصد الاستئناف أو تأكيد الأول بالثاني أو بالثالث فثلاث أو تأكيد الثاني بالثالث فثنتان أو أطلق فقولان أصحهما ثلاث وكذا في الإقرار.
    ومنها لو قال والله لا أجامع واحدة منكن فإن قصد الامتناع عن كل واحدة فمول من الكل أو واحدة فقط فمول منها أو أطلق فوجهان أصحهما الحمل على التعميم ومنها لو قال أنت علي كعين أمي فإن قصد الظهار فمظاهر أو الكرامة فلا أو أطلق فوجهان أصحهما لا شيء ومنها لو قال لعلوي لست ابن علي وقال أردت لست من صلبه بل بينك وبينه آباء فلا حد أو قصد القذف حد وإن أطلق وقال لم أرد به شيئا لم يحد جزم به في زوائد الروضة ومنها إذا اتخذ الحلي بقصد استعماله في مباح لم تجب فيه الزكاة أو بقصد كنزه وجبت أو لم يقصد استعمالا ولا كنزا فوجهان أصحهما في أصل الروضة لا زكاة ومنها لو انكسر الحلي المباح بحيث يمنع الاستعمال لكن لا يحتاج إلى صوغ ويقبل الإصلاح بالإلحام فإن قصد جعله تبرا أو دراهم أو كنزه انعقد الحول عليه من يوم الانكسار وإن قصد إصلاحه فلا زكاة وإن تمادت عليه أحوال وإن لم يقصد هذا ولا ذاك فوجهان أرجحهما الوجوب ومنها مسح على الجرموق ووصل البلل إلى الأسفل فإن كان يقصد الأسفل صح أو الأعلى فقط فلا أو أطلق فوجهان الأصح الصحة وله حالة رابعة أن يقصدهما والحكم الصحة وله في ذلك نظيران أحدهما إذا نطق في الصلاة بنظم القرآن ولم يقصد سواه فواضح وإن قصد به التفهيم فقط بطلت وإن قصدهما معا لم تبطل وإن أطلق فوجهان الأصح البطلان الثاني إذا تلفظ الجنب أذكار القرآن ونحوها فإن قصد القراءة فقط حرم أو الذكر فقط فلا وإن قصدهما حرم أو أطلق حرم أيضا بلا خلاف ويقرب من ذلك حمل المصحف في أمتعة فإنه إن كان هو المقصود بالحمل حرم وإن كان المقصود الأمتعة فقط أو هما فلا فرع إذا اقترنت نية الوضوء بالمضمضة أو الاستنشاق لم تصح إلا أن ينغسل معهما شيء من الوجه فتصح النية لكن لا يجزئ المغسول عن الوجه على الأصح لأنه لم يغسله بقصد أداء الفرض فتجب إعادته كذا في الروضة من زوائده وادعى في المهمات أن القول بالصحة وعدم إجزاء المغسول عن الفرض غير معقول قلت وجدت له نظيرا وهو ما إذا أحرم بالحج في غير أشهره فإنه ينعقد عمرة على الصحيح ولا تجزيه عن عمرة الإسلام على قول وعلى هذا فقد صححنا نية أصل الإحرام ولم نعتد بالمفعول عن الواجب وهذا نظير حسن لم أر من تفطن له ومن هنا انجر بنا القول إلى تأدي الفرض بنية النفل والأصل عدم إجزائه وفيه فروع أتى بالصلاة معتقدا أن جميع أفعالها سنة عطس فقال الحمد لله وبنى عليه الفاتحة سلم الأولى على نية الثانية ثم بان خلافه لم تحسب ولا خلاف في كل ذلك توضأ الشاك احتياطا ثم تيقن الحدث لم يجزئه في الأصح ترك لمعة ثم جدد الوضوء فانغسلت فيه لم تجزئه في الأصح اغتسل بنية الجمعة لا تجزيه عن الجنابة في الأصح ترك سجدة ثم سجد سجدة للتلاوة لا تجزئ عن الفرض في الأصح ذكر صور خرجت عن هذا الأصل فتأدى فيها الفرض بنية النفل قال النووي في شرح الوسيط ضابطها أن تسبق نية تشمل الفرض والنفل جميعا ثم يأتي بشيء من تلك العبادات ينوي به النفل ويصادف بقاء الفرض عليه قلت هذا الضابط منتقص طردا وعكسا كما يعرف من الأمثلة السابقة والآتية من ذلك جلس للتشهد الأخير وهو يظنه الأول ثم تذكر أجزأه نوى الحج أو العمرة أو الطواف تطوعا وعليه الفرض انصرف إليه بلا خلاف تذكر في القيام ترك سجدة وكان جلس بنية الاستراحة كفاه عن جلوس الركن في الأصح أغفل المتطهر لمعة وانغسلت بنية التكرار في الثانية والثالثة أجزأه في الأصح بخلاف ما لو انغسلت في التجديد لأن التجديد طهارة مستقلة لم ينو فيه رفع الحديث أصلا والثلاث طهارة واحدة وقد تقدمت فيه نية الفرض والنفل جميعا ومقتضى نيته أن لا يقع شيء عن النفل حتى يرتفع الحدث بالفرض قام في الصلاة الرباعية إلى ثالثة ثم ظن في نفسه أنه سلم وأن الذي يأتي به الآن صلاة نفل ثم تذكر الحال قال العلائي لم أر هذه المسئلة بعينها والظاهر أن ذلك يجزيه عن الفرض كما في مسئلة التشهد قال والمسئلة منقولة عن المالكية وفيها عندهم قولان وكذلك لو سلم من ركعتين سهوا ثم قام فصلى ركعتين بنية النفل هل تتم الصلاة الأولى بذلك وفيها عندهم قولان قال ولا شك أن الإجزاء في هذه أبعد من الأولى قلت المسئلة الثانية منقولة في الروضة وغيرها قال في الروضة من زيادته لو سلم من صلاة وأحرم بأخرى ثم تيقن أنه ترك ركنا من الأولى لم تنعقد الثانية وأما الولى فإن قصر الفصل بنى عليها وإن طال وجب استئنافها وكذا في شرح المهذب ومن الفروع ما قاله القاضي الحسين ونقله القمولي في الجواهر أنه لو قنت في سنة الصبح ظانا أنه الصبح فسلم وبان قال القاضي يبطل لشكه في النية وإتيان أفعال الصلاة على الشك يقتضي البطلان قلت ولا يخلو ذلك من نظر ثم رأيت صاحب الكافي توقف فيه قال فإن غايته أنه أخطأ وسها والخطأ في الصلاة لا يفسدها فرع لو دخل المسجد وقت الكراهة بقصد أن يصلي التحية كرهت له في الأصح ونظيره فيما ذكره النووي بحثا أن يقرأ آية السجدة في الصلاة بقصد أن يسجد فعلى هذا إذا سجد بطلت الصلاة ونازع في ذلك البلقيني وقال لا ينهى في قراءة آية السجدة في الصلاة ليسجد وذكر القاضي حسين أنه لا يستحب جمع آيات السجود وقراءتها دفعة واحدة من أجل السجود وذلك يقتضي جوازه ومنعه الشيخ عز الدين بن عبدالسلام وأفتى ببطلان الصلاة ونظيره أيضا ما لو أخر الفائتة ليصليها في وقت الكراهة فإنه يرحم وقاس عليه في المهمات أن يؤخر قضاء الصوم ليوقعه يوم الشك ونظيره أيضا من سلك الطريق الأبعد بقصد القصر لا غير لا يقصر في الأصح ولو أحرم مع الإمام فلما قام إلى الثانية نوى مفارقته واقتدى آخر قد ركع بقصد إسقاط الفاتحة قال الزركشي فيحتمل أن لا تصح القدوة لذلك قال وليس هذا كمن سافر لقصد القصر والفطر فإن هذا قاصد أصل السفر وذاك قاصد في أثناء السفر ونظير هذا أن يقصد بأصل الاقتداء تحمل الفاتحة وسجود السهو فإنه يحصل له ذلك وقد قال النووي وابن الصلاح فيمن حلف ليطأن زوجته في نهار رمضان الجواب فيها ما قاله أبو حنيفة لسائل سأله عن ذلك أنه يسافر فرع المنقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها إذا كانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها كما اختاره في الكفاية ونقله عن التلخيص للروياني قال في المهمات ونقله في البحر عن القفال وارتضاه وجزم به الماوردي في الحاوي والغزالي في الخلاصة وهو الحق انتهى واختار السبكي أن معتاد الجماعة إذا تركها لعذر يحصل له أجرها قال ابنه في التوشيح هذا أبلغ من قول الروياني من وجه ودونه من وجه فأبلغ من وجهة أنه لم يشترط فيه القصد بل اكتفى بالعادة السابقة ودونه من جهة أنه اشترط فيه العادة وممن اختار ذلك البلقيني أيضا والمصحح في شرح المهذب أنه لا يحصل له الأجر ولكن المختار الأول والأحاديث الصحيحة تدل لذلك ونظيره المعذور في ترك المبيت بمنى لا يلزمه دم ولولا أنه نزل منزلة الحاضر لزمه الدم ويلزم من ذلك حصول الأجر له بلا شك وخرج البلقيني من ذلك أن الواقف لو شرط المبيت في خانقاه مثلا فبات من شرط مبيته خارجها لعذر من خوف على نفس أو زوجة أو مال أو نحوها لا يسقط من معلومه شيء ذكره في فتاويه قال وهو من القياس الحسن لم أسبق إليه ومن نظائر ذلك من حضر الوقعة وهو صحيح فعرض له مرض لم يبطل حقه من الإسهام له سواء كان مرجو الزوال أم لا على الأصح ومن تحيز إلى فئة قريبة ليستنجد بها يشارك الجيش فيما غنموه بعد مفارقته فرع ذكر الرافعي في الطلاق أنه إذا وطئ امرأتين واغتسل عن الجنابة وحلف أنه لم يغتسل عن الثانية لم يحنث ونظير ذلك ما ذكره في الأوائل أنه لو قال والله لا أغتسل عنك سألناه فإن قال أردت لا أجامعك فمول وإن قال أردت الامتناع من الغسل أو أني أقدم على وطئها وطء غيرها فيكون الغسل عن الأولى بحصول الجنابة بها قبل ولا يكون موليا وفي شرح التلخيص للسنجي لو أجنبت المرأة ثم حاضت واغتسلت وكانت حلفت أنها لا تغتسل عن الجنابة فالعبرة عندنا بالنية فإن نوت الاغتسال عنهما تكون مغتسلة عنهما وتحنث وإن نوت عن الحيض وحده لم تحنث لأنها لم تغتسل عن الجنابة وإن كانت غسلها مجزيا عنهما معا فرع تقدم أن الأصح أن الطواف والسعي لا يشترط فيهما القصد وإنما يشترط عدم قصد غيرهما ولذلك نظائر منها هل يشترط قصد المشتري بقوله اشتريت الجواب أو الشرط أن لا يقصد الابتداء فيه وجهان أصحهما الثاني ومنها الخمر المحترمة هي التي عصرت بقصد الخلية أو لا بقصد الخمرية عبارتان للرافعي ذكر الأولى في الرهن والثانية في الغصب فلو عصرت بلا قصد فمحترمة على الثانية دون الأولى ومنها هل يشترط في الوضوء الترتيب أو الشرط عدم التنكيس وجهان الأصح الأول فلو غسل أربعة أعضاء معا صح على الثاني دون الأول ومنها هل يشترط الترتيب بين حجة الإسلام والنذر أو الشرط عدم تقديم النذر خلاف الأصح الثاني فلو استناب المعضوب رجلين فحجا في عام واحد صح على الثاني دون الأول.
    ومنها هل يشترط في الوقف ظهور القربة أو الشرط انتفاء المعصية وجهان أصحهما الثاني فيصح على الأغنياء وأهل الذمة والفسقة على الثاني دون الأول وجزم في الوصية بالثاني ومنها هل يشترط في الوقف القبول أو الشرط عدم الرد وجهان صحح الرافعي الأول ووافقه النووي في كتاب الوقف وصحح في السرقة من زوائد الروضة الثاني ويجريان في الإبراء والأصح فيه الثاني على قول التمليك أما على قول الإسقاط فلا يشترط جزما ومنها إذا ضربت القرعة بين مستحقي القصاص فخرجت لواحد لم يجز له الاستيفاء إلا بإذن جديد وهل الإذن شرط أو الشرط عدم المنع وجهان أصحهما الأول ومنها المتصرف عن الغير شرطه أن يتصرف بالمصلحة أو الشرط عدم المفسدة وجهان أصحهما الأول فإذا استوت المصلحة والمفسدة لم يتصرف على الأول ويتصرف على الثاني ومنها المكره على الصلاق هل يشترط قصد غيره بالتورية أو الشرط أن لا يقصده وجهان أصحهما الثاني وأجراهما الماوردي وغيره في الإكراه على كلمة الكفر ومنها من أقر لغيره بشيء هل يشترط تصديقه أو الشرط عدم تكذيبه وجهان والأصح في الروضة الثاني لطيفة هذه النظائر نظائر في العربية ويحضرني منها مسئلة في باب ما لا ينصرف وهو أن فعلان الوصف هل يشترط في منع صرفه وجود فعلى أو الشرط انتفاء فعلانة قولان أصحهما الثاني فعلى الأول يصرف نحو رحمن ولحيان وعلى الثاني لا تنبيه اشتملت قاعدة الأمور بمقاصدها على عدة قواعد كما تبين ذلك مشروحا وقد أتينا على عيون مسائلها وإلا فمسائلها لا تحصى وفروعها لا تستقصى.

    ● [ خاتمة ] ●

    تجري قاعدة الأمور بمقاصدها في علم العربية أيضا فالأول ما اعتبر ذلك في الكلام فقال سيبويه والجمهور باشتراط القصد فيه فلا يسمى كلاما ما نطق به النائم والساهي وما تحكيه الحيوانات المعلمة وخالفه بعضهم فلم يشترطه وسمى كل ذلك كلاما واختاره أبو حيان وفرع على ذلك من الفقه ما إذا حلف لا يكلمه فكلمه نائما أو مغمى عليه فإنه لا يحنث كما جزم به الرافعي قال وإن كلمه مجنونا ففيه خلاف والظاهر تخريجه على الجاهل ونحوه وإن كان سكرانا حنث في الأصح إلا إذا انتهى إلى السكر الطافح هذه عبارته ولو قرأ حيوان آية سجدة قال الأسنوي فكلام الأصحاب مشعر بعدم استحباب السجود لقراءته ولقراءة النائم والساهي أيضا ومن ذلك المنادى النكرة إن قصد نداء واحد بعينه تعرف ووجب بناؤه على الضمن وإن لم يقصد لم يتعرف وأعرب بالنصب ومن ذلك أن المنادى المنون للضرورة يجوز تنوينه بالنصب والضم فإن نون بالضم جاز ضم نعته ونصبه أو بالنصب تعين نصبه لأنه تابع لمنصوب لفظا ومحلا فإن نون مقصور نحو يا فتى بني النعت على ما نوى في المنادى فإن نوى فيه الضم جاز الأمران أو النصب تعين ذكر هذه المسئلة أبو حيان في كتابيه الارتشاف وشرح التسهيل ومن ذلك قالوا ما جاز إعرابه بيانا جاز إعرابه بدلا وقد استشكل بأن البدل في نية سقوط الأول والبيان بخلافه فكيف تجتمع نية سقوطه وتركها في تركيب واحد فأجاب رضي الدين الشاطبي بأن المراد أنه مبني على قصد المتكلم فإن قصد سقوطه وإحلال التابع محله أعرب بدلا وإن لم يقصد ذلك أعرب بيانا ومن ذلك العلم المنقول من صفة إن قصد به لمح الصفة المنقول منها أدخل فيه أل وإلا فلا وفروع ذلك كثيرة بل أكثر مسائل علم النحو مبنية على القصد وتجري أيضا هذه القاعدة في العروض فإن الشعر عند أهله كلام موزون مقصود به ذلك أما ما يقع موزونا اتفاقا لا عن قصد من المتكلم فإنه لا يسمى شعرا وعلى ذلك خرج ما وقع في كلام الله تعالى كقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون أو رسول الله كقوله هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت.

    ● [ تمت القاعدة الأولى من الكتاب الأول ] ●

    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع Fasel10

    الأشباه والنظائر
    تأليف : السيوطي
    منتديات الرسالة الخاتمة . البوابة

    القاعدة الأولى: المبحث السادس والمبحث السابع E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 6:01 am