بسم الله الرحمن الرحيم
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : حرمة المسلم
***********
8- [ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم ].
هذا حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين وقد روى هذا الحديث أنس وقال: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ) . وجاء في حديث مسلم من رواية أبي هريرة: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) وذلك موافقة لرواية ابن عمر في المعنى.
وأما معاني هذا الحديث فقال العلماء بالسير: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعده، وكفرمن كفر من العرب عزم أبو بكر على قتالهم، وكان منهم من منع الزكاة ولم يكفر وتأول في ذلك، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قالوا لا إله إلا الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) إلى آخر الحديث فقال الصديق إن الزكاة حق المال، وقال: والله لو منعوني عناقاً وفي رواية عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتالهم على منعه فتابعه عمر على قتال القوم.
قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) . قال الخطابي وغيره: المراد بهذا أهل الأوثان ومشركو العرب ومن لا يؤمن دون أهل الكتاب، ومن يقر بالتوحيد فلا يكفي في عصمته بقوله: لا إله إلا الله إن كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده، وكذلك جاء في الحديث الآخر ( وإني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) . وقال الشيخ محيي الدين النووي ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) .
ومعنى قوله: ( وحسابهم على الله ) أي فيما يسترونه ويخفونه دون ما يخلون به في الظاهر من الأحكام الواجبة، ذكر ذلك الخطابي قال: وفيه أن من أظهر الإسلام وأسر الكفر يقبل إسلامه في الظاهر وهذا قول أكثر أهل العلم. وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل وهي رواية عن الإمام أحمد.
وفي قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف أن الإنسان إذا اعتقد دين الإسلام اعتقاداً جازماً لا تردد فيه كفاه ذلك ولا يجب عليه تعلم أدلة المتكلمين ومعرفة الله بها، خلافاً لمن أوجب ذلك وجعله شرطاً في نحو أهل القبلة وهذا خطأ ظاهر فإن المراد التصديق الجازم وقد حصل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل وقد تظاهرت بهذا أحاديث في الصحيح، يحصل بمجموعها التواتر بأصلها والعلم القطعي والله أعلم.
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : حرمة المسلم
***********
8- [ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم ].
هذا حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين وقد روى هذا الحديث أنس وقال: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ) . وجاء في حديث مسلم من رواية أبي هريرة: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) وذلك موافقة لرواية ابن عمر في المعنى.
وأما معاني هذا الحديث فقال العلماء بالسير: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعده، وكفرمن كفر من العرب عزم أبو بكر على قتالهم، وكان منهم من منع الزكاة ولم يكفر وتأول في ذلك، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قالوا لا إله إلا الله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) إلى آخر الحديث فقال الصديق إن الزكاة حق المال، وقال: والله لو منعوني عناقاً وفي رواية عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتالهم على منعه فتابعه عمر على قتال القوم.
قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) . قال الخطابي وغيره: المراد بهذا أهل الأوثان ومشركو العرب ومن لا يؤمن دون أهل الكتاب، ومن يقر بالتوحيد فلا يكفي في عصمته بقوله: لا إله إلا الله إن كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده، وكذلك جاء في الحديث الآخر ( وإني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) . وقال الشيخ محيي الدين النووي ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة: ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) .
ومعنى قوله: ( وحسابهم على الله ) أي فيما يسترونه ويخفونه دون ما يخلون به في الظاهر من الأحكام الواجبة، ذكر ذلك الخطابي قال: وفيه أن من أظهر الإسلام وأسر الكفر يقبل إسلامه في الظاهر وهذا قول أكثر أهل العلم. وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل وهي رواية عن الإمام أحمد.
وفي قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ) دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف أن الإنسان إذا اعتقد دين الإسلام اعتقاداً جازماً لا تردد فيه كفاه ذلك ولا يجب عليه تعلم أدلة المتكلمين ومعرفة الله بها، خلافاً لمن أوجب ذلك وجعله شرطاً في نحو أهل القبلة وهذا خطأ ظاهر فإن المراد التصديق الجازم وقد حصل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل وقد تظاهرت بهذا أحاديث في الصحيح، يحصل بمجموعها التواتر بأصلها والعلم القطعي والله أعلم.