بسم الله الرحمن الرحيم
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : حرمة دم المسلم وأسباب إهداره
**********************
14- [ عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) رواه البخاري ومسلم].
وفي بعض الروايات المتفق عليها ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث ) فقوله: ( يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ) كالتفسير لقوله ( مسلم ) وكذا قوله: ( المفارق للجماعة ) كالتفسير لقوله: ( التارك لدينه ) وهؤلاء الثلاثة مباحوا الدم بالنص والمراد بالجماعة ( المسلمون ) وإنما فراقهم بالردة عن الدين وهي سبب لإباحة دمه.
وقوله ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام.
قال العلماء ويتناول أيضاً كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما والله أعلم.
والظاهر أن هذا عام يخص منه الصائل ونحوه، فيباح قتله في دفع أذاه، وقد يجاب عن هذا: بأنه داخل في المفارق للجماعة، ويكون المراد لا يحل تعمد قتله قصداً إلا في هؤلاء الثلاثة والله أعلم.
وقد استدل بعضهم على أن تارك الصلاة يقتل لتركها لأن تاركها يسمى من هذه الثلاثة وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء منهم من يكفر تارك الصلاة ومنهم من لا يكفره واستدل بعض من يكفره بالحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) قال فوجه الدليل أنه وقف العصمة على مجموع الشهادتين، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بمجموعها وينتفي بانتفائها وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق وهو قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس ... ) إلخ فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية فقد ذهل وسها لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فإن المقاتل مفاعلة يقتضي الحصول من الجانبين، ولا يلزم من وجوب المقاتلة على الصلاة وجوب القتل عليها إذا تركها من غير أن يقاتلنا والله أعلم.
وقوله: ( الثيب الزاني ) هو المحصن ويدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني الرجم بشروطه المذكورة في أبواب الفقه.
وقوله: ( النفس بالنفس ) موافق لقوله تعالى: ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) ويعني به النفوس المتكافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقتل مسلم بكافر ) وكذلك الحرية شرط من المكافأة عند مالك، والشافعي، وأحمد. وذهب أصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالذمي وأن الحر يقتل بالعبد وقد يستدلون بهذا الحديث، والجمهور على خلاف ذلك.
شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
حديث : حرمة دم المسلم وأسباب إهداره
**********************
14- [ عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) رواه البخاري ومسلم].
وفي بعض الروايات المتفق عليها ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث ) فقوله: ( يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ) كالتفسير لقوله ( مسلم ) وكذا قوله: ( المفارق للجماعة ) كالتفسير لقوله: ( التارك لدينه ) وهؤلاء الثلاثة مباحوا الدم بالنص والمراد بالجماعة ( المسلمون ) وإنما فراقهم بالردة عن الدين وهي سبب لإباحة دمه.
وقوله ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام.
قال العلماء ويتناول أيضاً كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما والله أعلم.
والظاهر أن هذا عام يخص منه الصائل ونحوه، فيباح قتله في دفع أذاه، وقد يجاب عن هذا: بأنه داخل في المفارق للجماعة، ويكون المراد لا يحل تعمد قتله قصداً إلا في هؤلاء الثلاثة والله أعلم.
وقد استدل بعضهم على أن تارك الصلاة يقتل لتركها لأن تاركها يسمى من هذه الثلاثة وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء منهم من يكفر تارك الصلاة ومنهم من لا يكفره واستدل بعض من يكفره بالحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) قال فوجه الدليل أنه وقف العصمة على مجموع الشهادتين، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بمجموعها وينتفي بانتفائها وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق وهو قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس ... ) إلخ فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية فقد ذهل وسها لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فإن المقاتل مفاعلة يقتضي الحصول من الجانبين، ولا يلزم من وجوب المقاتلة على الصلاة وجوب القتل عليها إذا تركها من غير أن يقاتلنا والله أعلم.
وقوله: ( الثيب الزاني ) هو المحصن ويدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني الرجم بشروطه المذكورة في أبواب الفقه.
وقوله: ( النفس بالنفس ) موافق لقوله تعالى: ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) ويعني به النفوس المتكافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقتل مسلم بكافر ) وكذلك الحرية شرط من المكافأة عند مالك، والشافعي، وأحمد. وذهب أصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالذمي وأن الحر يقتل بالعبد وقد يستدلون بهذا الحديث، والجمهور على خلاف ذلك.