منتدى ميراث الرسول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى

    avatar
    اسرة التحرير
    Admin


    عدد المساهمات : 3695
    تاريخ التسجيل : 23/01/2014

    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى Empty حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير الثلاثاء مارس 11, 2014 1:56 pm

    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى Albary10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    فتح البارى ـ صحيح البخارى
    باب : كيف كان بدء الوحى
    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى 1410
    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى
    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال َ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحْيَانًا يَأْتِينِى مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَى فَيُفْصَمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَال َ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِى الْمَلَكُ رَجُلًا، فَيُكَلِّمُنِى فَأَعِى مَا يَقُولُ ). قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا : وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْى فِى الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
    الشرح
    قوله: (حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسى، كان نزل تنيس من عمل مصر، وأصله دمشقى، وهو من أتقن الناس فى الموطأ، كذا وصفه يحيى بن معين.
    قوله: (أم المؤمنين) هو مأخوذ من قوله تعالى: (وأزواجه أمهاتهم) أى: فى الاحترام وتحريم نكاحهن لا فى غير ذلك مما اختلف فيه على الراجح، وإنما قيل للواحدة منهن أم المؤمنين للتغليب ، وإلا فلا مانع من أن يقال لها أم المؤمنات على الراجح.
    قوله: (أن الحارث بن هشام) هو المخزومى، أخو أبى جهل شقيقه، أسلم يوم الفتح، وكان من فضلاء الصحابة، واستشهد فى فتوح الشام.
    قوله: (سأل) هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن عروة، فيحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك، وعلى هذا اعتمد أصحاب الأطراف فأخرجوه فى مسند عائشة. ويحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك بعد فيكون من مرسل الصحابة، وهو محكوم بوصله عند الجمهور. وقد جاء ما يؤيد الثانى، ففى مسند أحمد ومعجم البغوى وغيرهما من طريق عامر بن صالح الزبيرى عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحارث ابن هشام قال: سألت. وعامر فيه ضعف، لكن وجدت له متابعا عند ابن منده، والمشهور الأول.
    قوله: (كيف يأتيك الوحى) يحتمل أن يكون المسؤول عنه صفة الوحى نفسه، ويحتمل أن يكون صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك، وعلى كل تقدير فإسناد الإتيان إلى الوحى مجاز، لأن الإتيان حقيقة من وصف حامله. واعترض الإسماعيلى فقال: هذا الحديث لا يصلح لهذه الترجمة، وإنما المناسب لكيف بدء الوحى الحديث الذى بعده، وأما هذا فهو لكيفية إتيان الوحى لا لبدء الوحى ا ه. قال الكرمانى: لعل المراد منه السؤال عن كيفية ابتداء الوحى، أو عن كيفية ظهور الوحى، فيوافق ترجمة الباب. قلت: سياقه يشعر بخلاف ذلك لإتيانه بصيغة المستقبل دون الماضى، لكن يمكن أن يقال إن المناسبة تظهر من الجواب، لأن فيه إشارة إلى انحصار صفة الوحى أو صفة حامله فى الأمرين فيشمل حالة الابتداء، وأيضا فلا أثر للتقديم والتأخير هنا ولو لم تظهر المناسبة، فضلا عن
    أنا قدمنا أنه أراد البداءة بالتحديث عن إمامى الحجاز فبدأ بمكة ثم ثنى بالمدينة. وأيضا فلا يلزم أن تتعلق جميع أحاديث الباب ببدء الوحى، بل يكفى أن يتعلق بذلك وبما يتعلق به وبما يتعلق بالآية أيضا، وذلك أن أحاديث الباب تتعلق بلفظ الترجمة وبما اشتملت عليه، ولما كان فى الآية أن الوحى إليه نظير الوحى إلى الأنبياء قبله، ناسب تقديم ما يتعلق بها، وهو صفة الوحى وصفة حامله إشارة إلى أن الوحى إلى الأنبياء لا تباين فيه، فحسن إيراد هذا الحديث عقب حديث الأعمال، الذى تقدم التقدير بأن تعلقه بالآية الكريمة أقوى تعلق، والله سبحانه وتعالى أعلم.
    قوله: (أحيانا) جمع حين، يطلق على كثير الوقت وقليله، والمراد به هنا مجرد الوقت، فكأنه قال: أوقاتا يأتينى، وانتصب على الظرفية، وعامله"يأتينى" مؤخر عنه. وللمصنف من وجه آخر عن هشام فى بدء الخلق قال: كل ذلك يأتى الملك، أى كل ذلك حالتان فذكرهما. وروى ابن سعد من طريق أبى سلمة الماجشون، أنه بلغه أن النبى -صلى الله عليه وسلم -كان يقول:"كان الوحى يأتينى على نحوين: يأتينى به جبريل فيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل، فذاك ينفلت منى. ويأتينى فى بيتى مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبى، فذاك الذى لا ينفلت منى"وهذا مرسل مع ثقة رجاله، فإن صح فهو محمول على ما كان قبل نزول قوله تعالى: (لا تحرك به لسانك) كما سيأتى، فإن الملك قد تمثل رجلا فى صور كثيرة، ولم ينفلت منه ما أتاه به، كما فى قصة مجيئه فى صورة دحية وفى صورة أعرابى، وغير ذلك وكلها فى الصحيح. وأورد على ما اقتضاه الحديث - وهو أن الوحى منحصر فى الحالتين - حالات أخرى: إما من صفة الوحى كمجيئه كدوى النحل، والنفث فى الروع ، والإلهام، والرؤيا الصالحة، والتكليم ليلة الإسراء بلا واسطة . وإما من صفة حامل الوحى ، كمجيئه فى صورته التى خلق عليها له ستمائة جناح، ورؤيته على كرسى بين السماء والأرض وقد سد الأفق. والجواب: منع الحصر فى الحالتين المقدم ذكرهما وحملهما على الغالب، أو حمل ما يغايرهما على أنه وقع بعد السؤال، أو لم يتعرض لصفتى الملك المذكورتين لندورهما، فقد ثبت عن عائشة أنه لم يره كذلك إلا مرتين، أو لم يأته فى تلك الحالة بوحى، أو أتاه به فكان على مثل صلصلة الجرس، فإنه بين بها صفة الوحى لا صفة حامله. وأما فنون الوحى، فدوى النحل لا يعارض صلصلة الجرس، لأن سماع الدوى بالنسبة إلى الحاضرين - كما فى حديث عمر - يسمع عنده كدوى النحل، والصلصلة بالنسبة إلى النبى -صلى الله عليه وسلم-، فشبهه عمر بدوى النحل بالنسبة إلى السامعين، وشبهه هو - صلى الله عليه وسلم -بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه. وأما النفث فى الروع، فيحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين، فإذا أتاه الملك فى مثل صلصلة الجرس نفس حينئذ فى روعه. وأما الإلهام فلم يقع السؤال عنه، لأن السؤال وقع عن صفة الوحى الذى يأتى بحامل، وكذا التكليم ليلة الإسراء.
    (1/ 20) وأما الرؤيا الصالحة فقال ابن بطال: لا ترد، لأن السؤال وقع عما ينفرد به عن الناس، لأن الرؤيا قد يشركه فيها غيره ا ه. والرؤيا الصادقة وإن كانت جزءا من النبوة فهى باعتبار صدقها لا غير، وإلا لساغ لصاحبها أن يسمى نبيا وليس كذلك، ويحتمل أن يكون السؤال وقع عما فى اليقظة، أو لكون حال المنام لا يخفى على السائل، فاقتصر على ما يخفى عليه، أو كان ظهور ذلك له -صلى الله عليه وسلم -فى المنام أيضا على الوجهين المذكورين لا غير، قاله الكرمانى: وفيه نظر. وقد ذكر الحليمى أن الوحى كان يأتيه على ستة وأربعين نوعا - فذكرها - وغالبها من صفات حامل الوحى، ومجموعها يدخل فيما ذكر، وحديث:"أن روح القدس نفث فى روعى"، أخرجه ابن أبى الدنيا فى القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود.
    قوله: (مثل صلصلة الجرس) فى رواية مسلم " فى مثل صلصلة الجرس"والصلصلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة: فى الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل: هو صوت متدارك لا يدرك فى أول وهلة، والجرس الجلجل الذى يعلق فى رءوس الدواب، واشتقاقه من الجرس بإسكان الراء وهو الحس. وقال الكرمانى: الجرس ناقوس صغير أو سطل فى داخله قطعة نحاس يعلق منكوسا على البعير، فإذا تحرك تحركت النحاسة فأصابت السطل فحصلت الصلصلة. ا ه. وهو تطويل للتعريف بما لا طائل تحته.
    وقوله: قطعة نحاس، معترض لا يختص به، وكذا البعير، وكذا قوله منكوسا، لأن تعليقه على تلك الصورة هو وضعه المستقيم له. فإن قيل: المحمود لا يشبه بالمذموم، إذ حقيقة التشبيه إلحاق ناقص بكامل، والمشبه الوحى وهو محمود، والمشبه به صوت الجرس وهو مذموم لصحة النهى عنه والتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه، والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟ والجواب: أنه لا يلزم فى التشبيه تساوى المشبه بالمشبه به فى الصفات كلها، بل ولا فى أخص وصف له، بل يكفى اشتراكهما فى صفة ما. فالمقصود هنا بيان الجنس، فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم. والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة وجهة طنين، فمن حيث القوة وقع التشبيه به، ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه وعلل بكونه مزمار الشيطان، ويحتمل أن يكون النهى عنه وقع بعد السؤال المذكور وفيه نظر. قيل: والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحى، قال الخطابى: يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يتبينه أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد، وقيل: بل هو صوت حفيف أجنحة الملك 0 والحكمة فى تقدمه أن يقرع سمعه الوحى فلا يبقى فيه مكان لغيره، ولما كان الجرس لا تحصل صلصلته إلا متداركة وقع التشبيه به دون غيره من الآلات، وسيأتى كلام ابن بطال فى هذا المقام فى الكلام على حديث ابن عباس:"إذا قضى الله الأمر فى السماء ضربت الملائكة بأجنحتها"الحديث عند تفسير قوله: (حتى إذا فزع عن قلوبهم) فى تفسير سورة سبأ إن شاء الله تعالى.
    قوله: (وهو أشده على) يفهم منه أن الوحى كله شديد، ولكن هذه الصفة أشدها، وهو واضح، لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة أشكل من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود، والحكمة فيه أن العادة جرت بالمناسبة بين القائل والسامع، وهى هنا إما باتصاف السامع بوصف القائل بغلبة الروحانية وهو النوع الأول، وإما باتصاف القائل بوصف السامع وهو البشرية وهو النوع الثانى، والأول أشد بلا شك. وقال شيخنا شيخ الإسلام البلقينى: سبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به كما سيأتى فى حديث ابن عباس:"كان يعالج من التنزيل شدة" قال وقال بعضهم: وإنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع. ا ه. وقيل: إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد، وهذا فيه نظر، والظاهر أنه لا يختص بالقرآن كما سيأتى بيانه فى حديث يعلى بن أمية فى قصة لابس الجبة المتضمخ بالطيب فى الحج، فإن فيه أنه:"رآه -صلى الله عليه وسلم -حال نزول الوحى عليه وإنه ليغط"، وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى، والدرجات. قوله: (فيفصم) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أى: يقلع ويتجلى ما يغشانى، ويروى بضم أوله من الرباعى.
    (1 /21) وفى رواية لأبى ذر بضم أوله وفتح الصاد على البناء للمجهول، وأصل الفصم القطع، ومنه قوله تعالى: (لا انفصام لها) ، وقيل الفصم بالفاء: القطع بلا إبانة، وبالقاف: القطع بإبانة، فذكر بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود، والجامع بينهما بقاء العلقة.
    قوله: (وقد وعيت عنه ما قال) أى: القول الذى جاء به، وفيه إسناد الوحى إلى قول الملك، ولا معارضة بينه وبين قوله تعالى حكاية عمن قال من الكفار: (إن هذا إلا قول البشر) لأنهم كانوا ينكرون الوحى، وينكرون مجيء الملك به.
    قوله: (يتمثل لى الملك رجلا) التمثل مشتق من المثل، أى: يتصور. واللام فى الملك للعهد وهو: جبريل، وقد وقع التصريح به فى رواية ابن سعد المقدم ذكرها. وفيه دليل على أن الملك يتشكل بشكل البشر. قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أى شكل أرادوا، وزعم بعض الفلاسفة أنها جواهر روحانية، و"رجلا" منصوب بالمصدرية، أى: يتمثل مثل رجل، أو بالتمييز، أو بالحال والتقدير هيئة رجل. قال إمام الحرمين: تمثل جبريل معناه أن الله أفنى الزائد من خلقه أو أزاله عنه، ثم يعيده إليه بعد. وجزم ابن عبد السلام بالإزالة دون الفناء، وقرر ذلك بأنه لا يلزم أن يكون انتقالها موجبا لموته، بل يجوز أن يبقى الجسد حيا، لأن موت الجسد بمفارقة الروح ليس بواجب عقلا، بل بعادة أجراها الله تعالى فى بعض خلقه. ونظيره انتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طيور خضر تسرح فى الجنة. وقال شيخنا شيخ الإسلام: ما ذكره إمام الحرمين لا ينحصر الحال فيه، بل يجوز أن يكون الآتى هو جبريل بشكله الأصلى، إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته، ومثال ذلك القطن إذا جمع بعد أن كان منتفشا فإنه بالنفش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير. وهذا على سبيل التقريب، والحق أن تمثل الملك رجلا، ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه. والظاهر أيضا أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائى فقط. والله أعلم.
    قوله: (فيكلمنى) كذا للأكثر، ووقع فى رواية البيهقى من طريق القعنبى عن مالك " فيعلمنى"بالعين بدل الكاف، والظاهر أنه تصحيف، فقد وقع فى الموطأ رواية القعنبى بالكاف، وكذا للدار قطنى فى حديث مالك من طريق القعنبى وغيره.
    قوله: (فأعى ما يقول) زاد أبو عوانة فى صحيحه"وهو أهونه على". وقد وقع التغاير فى الحالتين حيث قال فى الأول:"وقد وعيت"بلفظ الماضى، وهنا " فأعى"بلفظ الاستقبال
    ، لأن الوعى حصل فى الأول قبل الفصم، وفى الثانى حصل حال المكالمة، أو أنه كان فى الأول قد تلبس بالصفات الملكية فإذا عاد إلى حالته الجبلية، كان حافظا لما قيل له فعبر عنه بالماضى، بخلاف الثانى فإنه على حالته المعهودة.
    قوله: (قالت عائشة) هو بالإسناد الذى قبله، وإن كان بغير حرف العطف كما يستعمل المصنف وغيره كثيرا، وحيث يريد التعليق يأتى بحرف العطف. وقد أخرجه الدارقطنى فى حديث مالك من طريق عتيق بن يعقوب عن مالك مفصولا عن الحديث الأول، وكذا فصلهما مسلم من طريق أبى أسامة عن هشام. ونكتة هذا الاقتطاع هنا اختلاف التحمل، لأنها فى الأول أخبرت عن مسألة الحارث، وفى الثانى أخبرت عما شاهدت تأييدا للخبر الأول. قوله: (ليتفصد) بالفاء وتشديد المهملة، مأخوذ من الفصد وهو: قطع العرق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة فى كثرة العرق. وفى قولها:"فى اليوم الشديد البرد"دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحى، لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق فى شدة البرد، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية. وقوله:"عرقا"بالنصب على التمييز، زاد ابن أبى الزناد عن هشام بهذا الإسناد عند البيهقى فى الدلائل:"وإن كان ليوحى إليه وهو على ناقته فيضرب حزامها من ثقل ما يوحى إليه".
    (تنبيه): حكى العسكرى فى التصحيف عن بعض شيوخه أنه قرأ"ليتقصد"بالقاف، ثم قال العسكرى: إن ثبت فهو من قولهم: تقصد الشيء إذا تكسر وتقطع، ولا يخفى بعده انتهى. وقد وقع فى هذا التصحيف أبو الفضل بن طاهر، فرده عليه المؤتمن الساجى بالفاء، قال: فأصر على القاف، وذكر الذهبى فى ترجمة ابن طاهر عن ابن ناصر أنه رد على ابن طاهر لما قرأها بالقاف، قال: فكابرنى.
    (1/ 22) قلت: ولعل ابن طاهر وجهها بما أشار إليه العسكرى. والله أعلم. وفى حديث الباب من الفوائد - غير ما تقدم - إن السؤال عن الكيفية لطلب الطمأنينة لا يقدح فى اليقين، وجواز السؤال عن أحوال الأنبياء من الوحى وغيره، وأن المسؤول عنه إذا كان ذا أقسام يذكر المجيب فى أول جوابه ما يقتضى التفصيل. والله أعلم.
    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى Fasel10
    فتح البارى، شرح صحيح البخارى، للإمام ابن حجر العسقلانى
    حديث يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْى Fasel10


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 3:14 am